هرولة طواغيت العرب نحو التطبيع مع بشار الأسد ونظامه النصيري خطير سياسيا وخطير عقديا؛ إذ يصادم عقيدة الولاء الإسلامي، وما نهى الله عنه من الركون للظالمين.
مقدمة
لقد كان صادما للأمة الإسلامية ـ والأمة السورية خصوصا ـ هذه الخطوات المتسارعة من بعض الأنظمة العربية لتطبيع العلاقات مع نظامٍ مجرمٍ، قتل من شعبه أكثر من ستمائة ألف معظمهم من النساء والأطفال والأبرياء، وشرّد من شعبه ثمانية مليون سوري، واستعمل مئات الأنواع من الأسلحة الروسية حتى السلاح الكيماوي ضد شعبه، ودمرت المدن السورية على من فيها.
إن خطوات التطبيع هذه بمثابة مكافأة لمجرمي الحرب، وستبقى وصمة عار في جبين البشرية والنظام الدولي الحالي.
حكم الله في التطبيع مع النظام النصيري
والذي يهمنا أن نتحدث عنه في هذا المقال هو:
“ماهو حكم الشريعة الإسلامية في مثل هذا التطبيع؟”
ليعلم المسلم الموقف الشرعي من ذلك.
ونحن هنا لن نذكر الجرائم القديمة للنظام السوري الطائفي النصيري، سواء في سوريا أو في لبنان أو ضد الفلسطينيين؛ كما لن نتعرض للأسباب التي يعدّ بها هذا النظام مارقا من الدين، بل ومارقا من القانون الدولي.
لن نتعرض لعقائد هذا النظام الطائفي الباطني الذي يقول بألوهية عليّ، ويقول بتناسخ الأرواح، ولا يعترف بالحج إلى مكة، ولا يعترف بالزكاة الشرعية المعروفة لدينا ـ نحن المسلمين ـ وإنما يدفعون ضريبة إلى مشايخهم زاعمين بأن مقدارها خُمس ما يملكون، ولا تشتمل صلاتهم على سجود.. وغير ذلك من العقائد الكفرية التي تعتقدها طائفة النصيرية.
كما لن نتعرض لتبديل هذا النظام لشريعة الله وحكمهم بالقوانين الوضعية من الاشتراكية وغيرها. كما لن نتعرض لعمالته للكيان الصهيوني وحمايته له، وخيانته للأمة حين سلّم الجولان للصهاينة، ولم يطلق رصاصة واحدة منذ أربعين عام تجاه العدو الصهيوني، بينما هو يبيد المسلمين في الداخل والخارج.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله:
“هؤلاء القوم المسمَّون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى؛ بل وأكفر من كثير من المشركين.
وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم.
هم دائما مع كل عدو للمسلمين؛ فهم مع النصارى ضد المسلمين..
بل ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار..
ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم..”. (1)
لكنننا هنا سنقتصر على جريمة العصر الكبرى التي ارتكبها هذا النظام مع حلفائه في حق الشعب السوري على مرأى ومسمع من العالم المتحضر..
هذه الجريمة التي استبيحت فيها دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، لا لشيء إلا لكي يبقى هذا النظام في السلطة؛ ليحافظ على أمن إسرائيل، ويحافظ على مصالح الدول الكافرة الشرقية والغربية.
حكم موالاة الكافرين والظالمين والمجرمين
وحتى نعرف حكم الله في مثل هذا التطبيع والذي يعني إلغاء حالة العداوة مع هذا النظام بعد جرائمه هذه؛ لا بد من مقدمة يسيرة ومختصرة في حكم موالاة الكافرين والظالمين والمجرمين.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة:51].
قال الشنقيطي:
“ذكر في هذه الآية الكريمة، أن من تولَّى اليهود، والنصارى، مِن المسلمين، فإنه يكون منهم بتوليه إياهم. وبين في موضع أخر أن تولّيَهم موجِب لسخط الله، والخلود في عذابه، وأن متولّيَهم لو كان مؤمناً ما تولاهم، وهو قوله تعالى: ﴿ترى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الذين كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ وَفِي العذاب هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ ولكن كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة:80-81]“. (2)
فمن يتولى اليهود فهو يهودي ـ أي: حكمه حكمهم ـ ومن يتولى النصارى فهو نصرانيّ، ومن يتولى الظالمين فهو ظالم، ومن يتولّى المجرمين فهو مجرم.
فتطبيع العلاقات مع هذا النظام المجرم المرتدّ يدخل في موالاة الكافرين والمجرمين والظالمين.
وإذا كان التطبيع مع الصهاينة هو ردة عن الإسلام، لأنه اصطفاف معهم ضد الفلسطينين، فإن هذا مثله ولا فرق؛ بل هو أشد.
وسواء كانت هذه الموالاة ـ التطبيع ـ عسكرية أو سياسية أو استخباراتية أو مالية، في صورة دعم النظام وتلميعه فإن الشريعة الإسلامية بيّنت حكم ذلك عموما وخصوصا.
معاني الموالاة في الشرع
فالموالاة في اللغة: تعني القرب، ومن ذلك الموالاة في أعضاء الوضوء، ومنه الوليّ وهو القريب.
وأما في الشرع فلها ثلاثة معانٍ رئيسية:
- الأول: النصرة
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:286].
- الثاني: الاتباع
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف:3]، وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ [الحج:3-4].
- الثالث: المحبة
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة:1].
والتطبيع يعني إنهاء حالة العداوة، وعودة الأمور طبيعية، وهذا يدخل في موالاة النصرة والاتباع.
حكم الموالاة العسكرية
ومما ورد في السنة في بيان حكم الموالاة العسكرية خروج “العباس”، رضي الله عنه، في غزوة بدر في صفّ المشركين ـ ولم يُعرف بإسلام حتى ذلك الوقت.
وقال العباس: «يا رسول الله إني كنت مسلما، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «الله أعلم بإسلامك؛ فإن يكن كما تقول فالله يجزيك، فافْدِ نفسك وابني أخويك»(3).
فأنت ترى أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أجرى عليه أحكام الكفر لأن أحكام الدنيا مبناها على الظاهر، وأمَره بدفع الفداء أسوة بسائر الأسرى من الكفار؛ وما ذلك إلا لاصطفافه مع الكافرين في غزوة بدر وخروجه معهم.
وبيّن له أنه لو كان مسلما فعلا، كأنْ يكون خرج كارها أو نحو ذلك؛ فإن هذا إنما ينفعه في الأحكام الأخروية بمعنى أنه لا يكون من أصحاب النار.
حكم الموالاة السياسية
ومما ورد في بيان حكم الموالاة السياسية انخذال “عبد الله بن سلول” بثلث جيش المسلمين من الطريق قبل أن يصل إلى أُحُد، حتى تبعهم الصحابي الجليل “عبد الله بن عمرو بن حرام” والد “جابر بن عبدالله” ـ يقول لهم: “تعالَوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا”. فقال عبدالله بن سلول: لو نعلم أنكم تلقون عدوا ما تخلينا عنكم، وفي هذا يقول تعالى:
“﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ﴾ لما انصرفوا عن القتال، وهم “عبد الله بن أبيّ” وأصحابه ﴿تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه﴾ أعداءه، ﴿أَوِ ادْفَعُوا﴾ عنّا القوم بتكثير سوادكم إن لم تقاتلوا ﴿قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ﴾ أي: لو نعلم أنّا واجدون معكم قتالا، أو لو نعلم مكان قتال، لاتبعناكم ﴿قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ﴾ قال تعالى تكذيبا لهم: ﴿هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ﴾ بما أظهروا من خذلانهم للمؤمنين وكانوا قبل أقرب إلى الإيمان من حيث الظاهر، مع أنهم ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾ ولو علموا لم يـتّبعوكم ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ﴾ من النفاق”. (4)
فهنا نلاحظ أن القرآن حكم على “عبد الله بن سلول” ومن انخذل معه، بأنهم “للكفر أقرب”، مع أنهم لم يصطفّوا مع المشركين بصورة مباشرة، وغاية ما فعلوه أنهم لم يقاتلوا مع المسلمين هذا العدو في وقتٍ حرجٍ، وتذرّعوا بذريعة ظاهرها مقبول، وهو أنهم لن يجدوا عدوا يقاتلونه، أو لا يتوقعون حدوث قتال؛ لكن بالتأكيد كان هذا التصرف “السياسي العسكري” يصبّ في مصلحة العدو ضد المسلمين، ولذلك قال القرآن عنهم: ﴿هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ﴾.
“ولما رجع المسلمون من غزوة أحُد إلى المدينة اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، فقال بعضهم: نقتلهم. وقال آخرون: لا. فنزلت هذه الآية “. (5)
﴿فَمَا لَكُمْ﴾ أي: ما شأنكم صرتم ﴿فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾ فرقتين ﴿وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ﴾ من الكفر والمعاصي ﴿أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾ أي: تعدّوهم من جملة المهتدين، والاستفهام في الموضعين للإنكار ﴿وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ طريقا الى الهدى.
﴿وَدُّوا﴾ تمنّوا لو ﴿تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ﴾ أنتم وهم ﴿سَوَاءً﴾ في الكفر ﴿فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ توالونهم ـ وإن أظهروا الإيمان ـ ﴿حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ هجرةً صحيحةً تحقق إيمانهم، فالهجرة هنا بمعناها العام ـ أي هجرة الكفر والمعاصي ـ ﴿فَإِن تَوَلَّوْا﴾ قال السُدّي: أي: أظهروا كفرهم، وأقاموا على ما هم عليه “. (6) ﴿فَخُذُوهُمْ﴾ بالأسر ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا﴾ توالونه ﴿وَلَا نَصِيرًا﴾ تنتصرون به على عدوكم”
ففي الآية بيان أن المنافقين إذا أظهروا الكفر واستمروا عليه ولم يرجعوا ويتوبوا، فإنهم يعامَلون معاملة المرتدين، كمانعي الزكاة زمن الصديق، فإنهم كانوا يقرّون بالشهادتين والصلاة ويمتنعون عن الزكاة.
وفي الآية من الفوائد: أن المؤمنين ينبغي أن يوحّدوا موقفهم من المنافقين وأمثالهم من العلمانيين، وفيها من الفوائد: أن المنافقين كفار في الباطن.
حكم الموالاة الاستخباراتية
ومما ورد في بيان حكم الموالاة الاستخباراتية قصة حاطب بن أبي بلتعة، رضي الله عنه، وهي بطولها في صحيح البخاري، ونزل فيها مطلع سورة الممتحنة.
وملخصها النبي، صلى الله عليه وسل، أراد غزو مكة؛ فأسرّ بذلك لبعض أصحابه، منهم حاطب، لكن حاطبا أرسل رسالة سرية إلى قريش يخبرهم بمقصد النبي، صلى الله عليه وسلم، فنزل الوحي وأخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، بما فعل حاطب، فاستدعى النبي، صلى الله عليه وسلم، حاطبا وقال له: ماحملك على ماصنعت؟
فقال: «ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله، وما غيّرتُ ولا بدلتُ؛ أردتُ أن تكون لي عند القوم يدٌ يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس من أصحابك هناك إلا وله من يدفع الله به عن أهله وماله، «قال: صدق؛ فلا تقولوا له إلا خيرا» قال: فقال عمر بن الخطاب إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فأضرب عنقه، قال: فقال: «يا عمر، وما يدريك، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة» قال: فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم”. (7) وفي رواية في المستدرك «قال عمر: فاخترطت سيفي وقلت: يا رسول الله أمْكِنِّي منه فإنه قد كفر؛ فأضرب عنقه». (8)
ومع أن هذه واقعة عين ـ مرة واحدة ـ وليست جاسوسية دائمة أو تعاونا استخباراتيا دائما مع الكفار، مع ذلك كان هذا هو حكمه في الشريعة، والنبي، صلى الله عليه وسلم، لم ينكر على عمر أن هذا الفعل شنيع وهو كفر وموجب للقتل، فإنه لم يقل له مثلا: هذا الفعل ليس كفرا ولا يستحق القتل عليه، إنما النبي، صلى الله عليه وسلم، اعتذر لحاطب كشخص معين لا ينطبق عليه هذا الحكم، باعتبار قرائن عديدة ـ تاريخ حاطب، نص الرسالة المرسَلة لقريش، الاعتذار والحوار الذي دار بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، شهوده بدرا ـ فالتأويل هو الذي منع من تكفير حاطب وقتْله، فعذَره النبي صلى الله عليه وسلم بالتأوّل.
ولذا ذهب بعض أصحاب مالك أن الجاسوس المسلم يقتل كالزنديق.
وهذا الحكم هو الذي يقتضيه الاعتبار والنظر الصحيح، إذ كيف يُجري الشارع أحكام الكفر على العباس وهو إنما خرج بنفسه فردا ناصرا للمشركين؛ فكيف بمن يعطي معلومات خطيرة تؤدي إلى قتل الألوف، أو استباحة بيضة الإسلام وانهيار دولته..؟
حكم الموالاة المالية
ومما ورد في بيان حكم الموالاة المالية قوله تعالى: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الممتحنة :8-9]
وجاء في نزولها عن أسماء قالت: أتتني أمي راغبة ـ أي: راغبة في صلتها ـ في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، فسألت النبي، صلى الله عليه وسلم: أأصلها: قال: نعم». (9)
بوَّبه البخاري في صحيحه تحت كتاب الهبة:
“باب الهدية للمشر كين وقول الله تعالى: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ﴾ ومفهوم الآية أن إمداد من قاتلوا المسلمين بالمال هو من الموالاة”.
خاتمة
بناء على ما تقدم فإن إنهاء حالة العداوة وتطبيع العلاقات مع النظام السوري وإعادة تأهيله بأي شكل من الأشكال هو خيانة لله ولرسوله وللمسلمين، وهو من نواقض الإسلام.
وليس غريبا على الأنظمة العربية أن تخطو مثل هذه الخطوة فالطيور على أشكالها تقع؛ فهم قد خانوا الله من قبل بالكفر بشريعة الله عز وجل وتنحيتها عن حياة الناس والحكم بغير ما أنزل الله وبتولي أعداء الله الكفرة من اليهود والنصارى وغيرهم؛ قال الله عز وجل ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ﴾ (الأنفال: 71) ففعْلهم هذا زيادة في الكفر؛ قال تعالى ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ (التوبة: 37).
والغريب أن يصدر ذلك من “عمر البشير” رئيس السودان والذي كان ينتمي للحركة الإسلامية في
السودان؛ فقد زار سوريا بطائرة روسية، وصافح يد بشار الملطخة بدماء المسلمين ـ و لم تجف بعد ـ أو أن يصدر بيان من “حركة النهضة التونسية” يدعو فيه إلى اللُحمة الوطنية بين الشعب السوري والنظام، وكأن الذي حصل هو حرب أهلية، وليس جهادا للتحرر من الظلم أو الكفر؛ فإنا لله وإن إليه راجعون.
قال تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة:4].
…………………………………………
الهوامش:
- مجموع الفتاوى 149-151.
- أضواء البيان تفسير سورة المائدة.
- [أخرجه الحاكم في المستدرك (5409).. وقال صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبِي].
- تفسير الطبري.
- رواه البخاري 1884،4050، 4589″ ومسلم 2776 من حديث زيد بن ثابت.
- رواه الطبري 10068 وابن أبي حاتم بسند صحيح”.
- رواه البخاري 6259 ومسلم 2494 .
- رواه الحاكم 6966 وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
- رواه البخاري(5978).
اقرأ أيضا:
- زيارة البشير، ومعادلة القوة والنفاق
- الانسحاب من سوريا وأفغانستان .. والانهيار الأمريكي!
- أبعاد الانسحاب الأمريكي من سوريا
- إلى أهلنا في غوطة دمشق .. فسطاط المسلمين وأرض الملاحم
- رسالة إلى المجاهدين والمرابطين في أرض “إدلب” الشامية المجاهدة
- حكم مظاهرة الكفار على المسلمين إذا كانت للدنيا
- العبر القرآنية في الأحداث الآنية
- الاحداث المتسارعة .. وطلاقة المشيئة الالهية (1-2)
- الاحداث المتسارعة .. وطلاقة المشيئة الالهية (2-2)
- نقاط حاكمة في فهم أحداث المنطقة
- صيحة نذير من رابطة علماء الحرمين