شرع الله للناس اليسر والعدل والخير، ولم يكلفهم مشقات خارج طاقتهم، ومن يتفلت من شريعة الله ويتمرد على ربه يفوته مقصوده وأضعافه، ويحصل له ما خاف منه وأضعافه.

الخبر

“هدد الطاغية المصري عبد الفتاح السيسي اليوم بإمكانية نشر الجيش على كافة القرى المصرية لإزالة الأبنية المخالفة للقانون المقامة على أراضيها.

كما استصدر قانون نزع الملكية من الشقق والمنازل التي يسكنها الناس ولو مرخصة.

وقالت سلطات القاهرة إنها تسعى لتوفير مساكن للفقراء بهدف الحد من البناء على الأراضي الزراعية؛ ولكن يذكر محللون أن الكثير من الوحدات في مشاريع الإسكان الحكومية الجديدة غالية الثمن، وأن الخدمات فيها غير كافية، ونتيجة لذلك يظل عدد كبير من الوحدات السكنية الجديدة خاليا، بينما يواصل الناس إقامة مبانٍ غير مرخصة على الأراضي الزراعية.

كما يشتكي قطاع البناء من وقف تراخيص البناء بما يعني “استمرار وقف حالنا وتفاقم الأعباء المادية على المقاولين” على حد تعبيرهم”. (1موقع “الجزيرة”: مصر.. السيسي يهدد بنشر الجيش و”إبادة” قرى لإزالة مخالفات البناء
والرابط: خراب بيوت بأمر السيسي.. وقف تراخيص البناء يثير غضب العمال ورجال الأعمال
)

التعليق

حقيقة هذا الخبر ومآله هو الهروب من مواجهة مشكلة سد النهضة والتهديد بجفاف منابع المياه، وتهديد الناس بالجيش ليهدم بيوتهم، ويمنعهم إلا أن يشتروا الشقق التي أقامها الجيش مغتصِبا أرضها ومواد بنائها، وقد حدد سعرها بما يفوق قدرات الناس. ثم منْع المقاولين من البناء فأفلست بيوت كثيرة فهذا المجال يعمل فيه (12) مليون مواطن، ويقم عليه خدمات وأعمال أخرى بما يصل بعدد المستفيدين منه الى (25) مليون مواطن، فتوقف هذا كله وتتضرر الجميع وأفلست آلاف الشركات حوالي (20) ألف شركة؛ حيث أُمر الجميع بالتوقف لكي يبيع العسكر ما بنوه لا كجيوش بل كمقاولين يتربّحون من الناس وينافسونهم في مصادر أرزاقهم من المقاولات الى مجال الأغذية الى مجال الزراعة الى مجال الأدوية؛ فكان القرار أن يتوقف الجميع عن الشرب من النهر حتى تشرب تلك الضباع، وأن يتوقفوا عن الاسترزاق حتى تتم سرقة هؤلاء اللصوص.

لقد أصبح العسكر مقاولا، وتاجرا، ومتعهد حفلات أفراح ومؤجر للشواطيء والمقاهي..الخ مما هو خروج عن مهنته ومستغلا للظرف الإقليمي والعمالة المرضية للصهاينة والصليبيين فقام بنهب شعبه وسرقة الأمة.

إن هذا الخبر يقترن بأخبار أخرى سيئة، فطاغية مصر يقول نعم قد هدمنا ثلاثين مسجدا، وسنهدم سبعين آخرين..! بحجة أنها مبنية على أرض غير مرخصة، في حين أن الكنائس التي رخصت على مدار السنوات القليلة الماضية ـ سبع سنوات ـ أكثر من (600) كنيسة يعترف القساوسة أنها كلها على أرض مسروقة بنظام ما يعرفه المصريون (وضْع يد).

ولا يزال هدم المساجد مستمرا حتى هذه اللحظة؛ منها مساجد زادت تكلفة بناء الواحد منها عن مليون جنيه من تبرعات المسلمين.

ثم أضاف الطغاة استصدار قانون تفردوا به من بين البلاد، وهو نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، وحقيقته أنه يغتصب بيوت الناس ويأمرهم بإخلاء منازلهم ليهدمها لطريق جديد يُنشئه أو ليغتصب هذه الأبنية لاستخدامها لما يرغب فيه العسكر أو المتنفذين حولهم من المتسلقين. حتى شاعت في الشهور الأخيرة إزالة أحياء كاملة؛ يؤمر الناس فيها بإخلاء أحياء أو قرى يعيشون فيها لستين عاما أو يزيد. ومن يتحكم في التعويضات هم العسكر أنفسهم فيترك الناس بيوتهم بلا تعويض أو بمبالغ رمزية مجحفة.

فحق على القوم أنهم يُخرجون من ديارهم بلا سبب.

ويعيش المسلمون في مصر معضلة ثالثة وهي تجنيد أبنائهم إجباريا ثم إرسالهم الى أرض سيناء ليقتل أهلها من إخوانه المسلمين بلا سبب يعلمه، أو يقتلوه هم دفعا عن نفوسهم من قوى باغية جاءت لتقتلهم وتهجّرهم من أجل إرضاء الصهاينة.. فصار قتل الأبناء بيد الأبناء، لا يعلم مَن وضَعهم أمام بعضهما ليقتتلا إلا خبثاء القوم ومجرموهم؛ فيجرّون هؤلاء لجرائم يوغلون بها في دماء بريئة؛ كما في الحديث «لا يدري القاتل فيما قَتل ولا يدري المقتول فيما قُتل» سوى بدافع من تشويه حفنة من الإعلاميين لمن يشاؤون، ثم تنطلق بعدها السهام والرصاص نحو تلك الصدور المظلومة.

فحق على القوم أنهم يُحرمون من أبنائهم بلا سبب واضح، بل يعودون لهم جثثا في نعوش ملفوفة بأعلام وطنٍ صنعه العسكر وهم يأكلونه؛ ثم يطالبون أهل القتلى بتسليم النعوش وخِرقٍ مسماة بـ علم الوطن.

جاءت هذه المصائب متتالية بعد أن أيّد الظالمون والمجرمون الانقلاب العسكري العلماني؛ برغم وضوح معاداته للإسلام وشريعته وهويته، فجاء أيضا بمنع حرية الناس، وجاء بالحرب على العقائد والأخلاق، وجاء بالتحالف مع العدو الصهيوني والصليبي الغربي، وجاء بتدمير مقدرات البلاد وتبديد ثرواتها وبيع حقوقها. وأضاف إلى كل ذلك أنه جاء بفئة العسكر ليسرقوا أموال الشعب وينهبونها ويصادرون مصادر رزقه ويعطلون مناحي الحياة..!

في كتاب الله تعالى أوضح ربنا تعالى أنه يسَّر للناس المنهج الذي أنزله إليهم، وأوضح لهم تعالى أنهم محتاجون إليه، وأنهم بدونه يضلون ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (النساء: 176) وأنهم بدونه في عماية واضطراب ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ (الأنعام: 122) ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (الملك: 122)

وأوضح لهم تعالى يسر منهجه، ونص على أنه لم يكتب عليهم تكاليف شاقة كقتل نفوسهم أو الخروج من ديارهم ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا(النساء: 66)؛ بل طلب منهم ما هو أيسر من ذلك وهو في مكنتهم واستطاعتهم ﴿لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ (الأنعام: 152) ﴿إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ (النساء: 58).

وأنه غنيّ عنهم؛ وإنما شرع لهم لاحتياجهم ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (الزمر: 7).

أخبر تعالى أن الناس في شريعته يهتدون ويفلحون، فلما أن جاء دعاة الباطل يخوّفون الناس من شريعة الله، ويصِدون ويجلبون بصوتهم وخيلهم ورجالهم مع شياطينهم ضد شريعة الله وضد هوية مصر الإسلامية؛ فتابعهم مَن تابعهم،  من الناس ورقصت لهم فاجرات نسائهم، وهتف السفهاء ضد دينهم وغنَّى لهم الفاجر: “لنا رب ولكم رب”، وقبِل المنافقون من الناس هذا الغناء..! عندئذ توالت العقوبات وذاقوا طرفا مما أخبر الله تعالى مما نفاه من المشقة في شريعته، فوجدوا المشقة في الجاهلية وفي شريعة الباطل، بل وأذاقهم الله تعالى من كل ما اتهموا به المؤمنين وما افتروه عليهم؛ فكان هو واقعهم وما يذوقونه.

خاتمة

لقد أجرى الله تعالى سنته أن يعامل المحادين له والعاصين بنقيض مقصودهم؛ فمن تكبَّر أذله، ومن بهت مؤمنا حارت عليه تهمته، ومن فرَّ من شريعة الله ليحصل مقصودا فاته مقصوده وأضعافه، وحصل له مخوفه وأضعافه. من حاد الله خسر خسرانا مبينا، ولن يُعجز أحد ربه في الأرض ولن يعجزه هربا.

والفرار إلى الله تعالى هو الخير العاجل والآجل، وضمان النجاة مما يخافون وتحصيل ما يطلبون وأضعافه وخير منه.. لو كانوا يعقلون.

……………………………..

هوامش:

  1. موقع “الجزيرة”: مصر.. السيسي يهدد بنشر الجيش و”إبادة” قرى لإزالة مخالفات البناء.
  2. خراب بيوت بأمر السيسي.. وقف تراخيص البناء يثير غضب العمال ورجال الأعمال.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة