يتعدى الطغاة ـ بمساعدة المزورين لدين الله ـ  على أموال الوقف التي تمثل سندا حضاريا للمسلمين واستقلالا لكلمة أهل العلم، وتنمية لمجتمعهم بعيدا عن سرقات الطغاة؛ ويتبجح علماء السوء برفض رد القانون إلى شريعة الله..!

الخبر

وافقت لجنة الشؤون الدينية في البرلمان المصري، الأحد (28/6/2020)، بصفة نهائية على مشروع قانون إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية المقدم من الحكومة، والذي يهدف إلى قوننة إجراءات بيع الوقف بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، تحت ذريعة تشجيع نظام الوقف، وذلك استجابة لتوجيهات الطاغية عبد الفتاح السيسي في شأن حصر أصول وأموال الوقف.

ويسمح مشروع القانون لهيئة الأوقاف بتحديد المشروع للحالات التي يجوز فيها الاستبدال والبيع لهذه الأوقاف، وتوجيه حصيلتها لصالح الدولة. بالمخالفة لما نصت عليه شريعة الله تعالى.

ورفض جمعة اقتراح النائب عن حزب “النور” محمد إسماعيل، بإضافة عبارة “وفقاً للشريعة الإسلامية” إلى نص المادة الثانية من القانون، بقوله: “الأصل في مجلس النواب أن يصدر القانون وفقاً لأحكام الدستور، وألا يُطعن عليه بعدم الدستورية”، وزاد بالقول: “لا يجوز وضع أي قيد دستوري في إصدار القانون”

وكانت مصادر برلمانية قد كشفت، أنّ جمعة يشرف على إعداد تشريعين مكملين لقانون تنظيم هيئة الأوقاف، بغرض تعظيم الاستفادة من أصول وأموال الوقف، للحد من عجز الموازنة العامة للدولة، وتمويل المشاريع القومية، لا سيما العاصمة الإدارية الجديدة.

وبينت المصادر أن استثمار عوائد “أموال الوقف” هو أحد أهم الملفات التي تحظى باهتمام السيسي، والتي يعول عليها كثيراً في خفض نسبة العجز في الموازنة العامة”. (1موقع “العربي الجديد”، على الرابط: البرلمان المصري يقنن إجراءات “بيع الوقف”)

التعليق

بينما يقوم هذا الوزير الخائن المبغض للإسلام وأهله ورايته، الذي يخطيء في قراءة سورة الفاتحة كما هو مشهور في فيديوهات منتشرة؛ فهو يقوم بدور خطير في مجالات عدة. وفي الخبر أعلاه يظهر قيامه بمساعدة سلطة العسكر العلماني الشانيء لدين الله، لتصفية أموال الوقف لتلبية حلم الطاغية في إنشاء عاصمة إدارية جديدة، وفي القضاء على أموال المسلمين لذاتها.

وهنا دلالات:

أولا) استمرار تطويع الدين ليكون خادما لأهواء الطغاة، وهي وظيفة ﴿يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (آل عمران: 78) وهو استمرار لإهانة دين الله التي تتم من بائعيه لأغراض الدنيا ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ (البقرة: 79). وهذه هي وظيفتهم، ولا يقبع وراء هذه الوظيفة إلا حب الدنيا القابع في نفوسهم لشدة حرصهم عليها. ولذا شبه الله تعالى أمثال هذا بالمثل السيء ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ..﴾ (الأعراف: 176) وذلك لشدة الحرص على الدنيا واللهث عليها واللهف على دناياها ولملازمة هذا الحرص لأكبادهم.

إنهم يهينون دين الله، بعظمته وسموّه ومكانته وإعجازه؛ ليخدم طاغية قزم أبرز مؤهلاته الكذب والتآمر والخيانة والقتل وسفك الدماء والبغي في الأرض، وهو مَهين لجيمع أعداء الله يخدمهم ويأتمر بأمرهم..! وهذا البائع للدين بدوره مَهين أمام هذا المَهين يخدمه ويأتمر بأمره فأي هاوية يصل إليها هؤلاء..؟

ثانيا) استهداف أموال الوقف مقصود للطغاة طاغية بعد طاغية؛ إذ يطلب كل منهم الوقف لأمرين؛ أهوائه الخاصة وهذا هدف أصغر بالنسبة لهم؛ وهدفهم الأكبر هو إهدار وإضاعة أموال الوقف للمسلمين لما مثّلَتْ تاريخيا سببا أساسيا لاستقلال العلماء وعزتهم وتحررهم أمام انحراف الطغاة، وسببا أساسيا لبناء حضارة المسلمين وتحقيق الأمن الاجتماعي والرعاية والمرافق والعلوم؛ إذ لم يكن المجتمع يتأثر بتقلبات السلطة كثيرا؛ وكانت أموال الوقف سببا لثبات المجتمع والتخفيف من الهزات السياسية ولاستمرار نموه، بل وكان الوقف سببا في النجاح الحضاري والتكافل الاجتماعي فغطت مساحة كبيرة للفقراء وطلبة العلم والجهاد والمرافق العامة للمسلمين؛ بل وصل الأمر إلى رعاية الحيوانات الضالة، والى تنزه فقراء المسلمين في قصور وُقفت عليهم ليشاركوا الأغنياء متعتهم ويذوقوها كما فعل نور الدين الشهيد رحمه الله وأجزل له المثوبة.

وهنا يريد الطغاة إهدار ما تبقى من هذه الأموال حتى لا يأتي قوم صالحون فيعيدوا استغلالها استغلالا صالحا لصالح الأمة؛ إذ إنها الآن بيد أعظم الوزارات فسادا وأشهرها بالفساد والسرقة والرشاوي والتزوير في الأوراق واستبدال الأراضي الموقوفة بمساحاتها بأراض أقل منها قيمة وبيعها.. إلى آخر الفساد العريض؛ الذي يُراد تقنينه اليوم..!

ثالثا) لا بد من الإشارة أن جميع الطغاة لم يتعرضوا للوقف المسيحي، ولهذا فللكنيسة استقلالها، وأنشطتها المشبوهة والسرية والطائفية بل والانفصالية، ولها نشاطها الميليشياوي “العسكري” وترتيباتها وتربيطاتها مع الصهاينة والأمريكيين والأوروربيين لمعادة الإسلام وحربه وتمزيق البلاد.. ومع هذا فلا يقترب أحد من وقفها لما له من الاحترام بسبب رعاية الغرب الصليبي لهم..!

بينما سرقة أوقاف المسلمين لم يكن بين الطغاة وبينها حائل وترتب عليها أن أصبح الأزهر وعلماؤه وشعَبه المؤسسية جزءا من الدولة فألغى الطغاة استقلاله وعزة علمائه الذين أصبحوا “موظفي دولة” يتقاضون رواتبهم ممن يفترض أن ينصحوهم ويوجهوهم؛ فزالت الاستقلالية وتقافز المنافقون طلبا لفتات يلقيه الطغاة؛ بينما كان الأزهر وعلماؤه يملكون استقلالية توفر لهم العزة والحرية وكلمة الحق.

رابعا) الإشارة إلى تبجح من يفترض أنه خريج مؤسسة شرعية كالأزهر ويطالَب أن ينص القانون أن يكون فيه اشتراط عدم المخالفة للشريعة؛ وهو يعلم أن هذا القيد سيحُول بينه وبين الفساد والسرقة وتلبية مطلب طاغيته فاعترض عليه بحجة هي في نفسها جريمة مكفرة؛ حيث يريد ألا يكون هناك مرجعية إلا الدستور..! ـ تبا لهم ولدستورهم ـ وكأن مرجعية شريعة الله، التي كان يجب أن تكون هي المرجع، لا تمثل له قيمة ولا دورا..! وهذا لنعلم أيّ قوم هؤلاء الهلكى.

خاتمة

ولا يفوتنا في خاتمة المقال أن نشير الى الموقف المتهافت لبقايا خونة “مدَّعي السلفية” وهو يحاول أن يتخير شيئا من الوحل ليواجهه بينما هم غارقون فيه؛ فالسياق الإجمالي الذي ساندوه بعد أن دعموه وأوجدوه هو سياق حرب للإسلام جملة؛ فعندما يخدعون أنفسهم بمواجهة فرعية يعلمون أنها غير مؤثرة ليُرضوا بها ضمائرهم أو ليخدعوا بها أتباعهم؛ فهذا أمر بلا قيمة؛ وقد أكده لهم الوزير الذي يتولى كبر المهمة واعترض وأظهر وجهه القبيح ولم يستطيعوا ـ ولن يستطيعوا ـ الاعتراض عليه لأنه يمثل الطاغية الذي يخدمونه هم بدورهم..!

إنه سياق هابط لا يغني عنهم فيه إلا التوبة التي تطهرهم وتغسلهم من جرائم الخيانة والكذب والتزوير والتدليس على الأمة.

لا مستقبل للباطل إلا السقوط إذ إنه لا يرجع إلى شيء، والحق متصل بالله وسينصره تعالى كما وعد، وسيرفع شأنه. فاز من أدرك الحق ونصرَه، وخاب من ابتغى العزة في غيره.

……………………………..

هوامش:

  1. موقع “العربي الجديد”، على الرابط:
    البرلمان المصري يقنن إجراءات “بيع الوقف”.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة