وما زال حزب النور – مُدَّعي السلفية – يُجاهر بدعم الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى المجاهر بالفجور والفساد طيلة العقد الماضي، وفي هذه الأيام تقام انتخابات رئاسية – صورية مزورة كالعادة – ويتجدد دعم حزب النور للسيسي الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى…

حزب النور من النشأة وحتى الانقلاب العسكري

حزب النور -لمن لا يعرفه- يتكون من مجموعة كبيرة من شيوخ الدعوة السلفية في الإسكندرية بمصر الذين حملوا أمانة الدعوة السلفية الرائقة في التسعينات من القرن الهجري الماضي، والعقود الأولى من قرننا هذا إلى أن جاءت “الثورة المصرية” قبل نحو اثني عشرة سنة..

وفي الفترة المذكورة نشط هؤلاء الشيوخ لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين في تبنيهم العمل السياسي في ظل حكم الرؤساء غير الشرعيين لمصر الذين حكموا بغير ما أنزل الله تعالى، وأظهروا حججهم وناظروا عنها وصنفوا فيها، ووصفوا الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى بالحاكم غير الشرعي.

حزب النور وإفشال أوَّل تجرِبة في هذا العصر لإقامة حُكم إسلاميٍّ في مصر

ثم كانت المفاجأة الكبيرة في التحول العكسي لهؤلاء الشيوخ عند انقلاب السيسي على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي – رحمه الله – الذي كان يجهر بإسلامية مصر ويُظهر الرغبة بالحكم بالشرع؛ فقد قاموا بمباركة الانقلاب وتأييد السيسي الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى والذي لم يعلن يوما رغبته بالحكم بالشرع وخضعوا للعملية السياسية – المزورة – فصاروا ديكورا ذا لحى..

من جديد…حزب النور يؤيد السيسي “لأنه الأنسب”

وما زال حزب النور -مُدَّعي السلفية – يُجاهر بدعم الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى المجاهر بالفجور والفساد طيلة العقد الماضي، وفي هذه الأيام تقام انتخابات رئاسية – صورية مزورة كالعادة – ويتجدد دعم حزب النور للسيسي الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى، وفيما يلي بيان دعمهم له:

بيان انحيازهم للظالمين وسط سخط واسع بين جموع المصريين

نص البيان:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد عقد حزب النور عددا من اللقاءات التشاورية مع الأمانة العامة وأمانات المحافظات، وانتهت

بجلسة تصويت للهيئة العليا لاتخاذ قرار بشأن المرشح الذي سيدعمه الحزب في انتخابات ٢٠٢٤م.

وقد أسفرت المناقشات عن وجود قناعة راسخة لدى كوادر الحزب، على ضرورة وجود قيادة قادرة على إدارة مؤسسات الدولة المختلفة وتقويتها، وقيادتها لكي تتعاون بما يتناسب مع حجم المخاطر والتحديات التي تواجه مصر والمنطقة بأسرها.

ولذلك يعلن “حزب النور” عن تأييده للرئيس الحالي “عبد الفتاح السيسي”، ويحث الحزب أبناءه وجميع المصريين على المشاركة في الانتخابات، والحرص على البناء، والحذر من السلبية واليأس والإحباط.

وقد ساهمنا في هذا الدعم بورقة عمل تشمل رؤية الحزب لأولويات العمل خلال المرحلة القادمة.

حفظ الله مصر وأهلها.

اللهم هيئ لأمتنا أمر رشد، وول أمورنا خيارنا، ووفّق الرئيس القادم إلى البطانة الصالحة التي تعينه على نصرة الشريعة، وتخفيف آلام الضعفاء والمساكين، ومكافحة الفساد.

الاثنين ١٧ ربيع الأول ١٤٤٥هـ

۲ اکتوبر ۲۰۲۳م

حزب النور…أصبحوا محللين ومشرعنين للطاغوت

ونرى في كلامهم عجبًا؛ فإضافة لكون السيسي لا يحكم بما أنزل الله تعالى فهو باتفاق العقلاء حاكم فاشل في كافة الاتجاهات؛ جر مصر إلى ذيل الأمم وجعلها مضحكة العالم ومثار السخرية والانتقاد اللاذع، وجعل شعبها من أفقر الشعوب وأكثرها بؤسا وشقاء ومرضا واستجداء… يقول بيانهم:

… قيادة قادرة على إدارة مؤسسات الدولة المختلفة وتقويتها، وقيادتها لكي تتعاون بما يتناسب مع جم المخاطر والتحديات التي تواجه مصر والمنطقة بأسرها… انتهى.

فتأمل هذه المهزلة؛ فقد جعلوا السيسي قائدا كبيراً بحجم المخاطر والتحديات، وهو الذي مارس كل أنواع الظلم ضد شعبه وأخضعهم لديون هائلة للدول التي لا ترحم؛ ففي أحدث تقرير بلغت الديون المصرية ١٦٥,٣٦١ مليار دولار، فيما تبلغ فوائد الديون للعام القادم ٢٠٢٤م نحو ٢٩,٢٢٩ مليار دولار … هذه الفوائد الربوية فقط دون أصل أقساط الديون.

والحديث عن فشل السيسي دنيوياً لا يخفى على أحد حتى رأينا تفوق هاشتاج: (ارحل يا فاشل) يعلو على جميع الهاشتاجات في مصر، وبه يظهر مدى حنق المصريين وشدة غيظهم وغضبهم..

حزب النور والتنازلات المخزية

وليت شيوخ حزب النور سكتوا إظهارا لإكراههم على الظهور كديكور لهذا الطاغية؛ بل ذهبوا يُنظرون لمذهبهم الفاسد بأن اختيارهم هو الأصلح في ميزان المصالح والمفاسد بحجج هي أوهى من بيت العنكبوت…

ومع هذه التنازلات المخزية من حزب الظلمة لم ينالوا من السيسي شيئًا يُذكر؛ فقد أعطاهم سبع مقاعد في مجلس النواب من ٥٥٠ مقعدًا بما يقارب 1%، وقد كانت نسبتهم في آخر انتخابات قبله تقارب ٢٥ % من مقاعد هذا المجلس غير نسبة الإخوان المسلمين التي تصل إلى ٥٠%، كان من المفترض أن يذهب معظمها للحزب باعتبارهم المتدينون في المجلس.

لم يحم الحزب بهذه التنازلات إلا نفسه، وترك عامة الشعب المصري لتنهشه أجهزة الطغيان، وتنهكه عوادي السرقات والفساد العريض..

لقد جمع السيسي بين انتهاك الأموال وسفك الدماء المعصومة، ووسع دائرة انتهاك الأعراض في مصر بمحاربة الفضيلة والحجاب، وإباحة الرقص والعري والتفسخ بما يعلمه القاصي والداني.

– إنكم تخدعون الناس وتوهمونهم أنكم تختارون بين اثنين؛ تخدعون بذلك الأغرار، وأنتم تعلمون يقينا أن الانتخابات ليس فيها إلا السيسي والبقية ديكور – مثلكم – وتعلمون أن السيسي ناجح قبل ودون مسرحية الانتخابات.

حزب النور ورفض التذكرة والنصيحة

وليتكم تعذرون المخالف لكم رغم قولكم:

فهي مسألة اجتهادية ليست وحيًا أو حقًّا محضا…

لكنكم تصمون المخالف بأعنف الألفاظ:

ولا نتأثر بردود أفعال المخالفين الحاقدين…

لتحموا أتباعكم من مجرد التفكير في مخالفة اجتهادكم – المزعوم – كما في قولكم لهم:

فامض ولا تلتفت.

وصفهم في كتاب الله عز وجل

وما أصدق ما وصف الله عزَّ وجلَّ به أمثال هؤلاء ممن ينسلخون عن دينهم ويضلون بعد الهدى الذي كانوا عليه؛ حيث يقول الله عزَّ وجل: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ * مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف:175-178].

وما أدق ما وصف به عزَّ وجل أمثال هؤلاء ممن يحملون العلم الشرعي ويتصدرون لتوجيه الناس والإفتاء من غير أن يستفيدوا هم؛ حيث يقول تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الجمعة:5].

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

فقاس من حمله سبحانه کتابه ليؤمن به ويتدبره ويعمل به ويدعو إليه، ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلب؛ فقراءته بغير تدبر ولا تفهم، ولا اتباع له، ولا تحكيم له، وعمل بموجبه؛ كحمار على ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها، وحظه منها حمله على ظهره ليس إلا، فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره، فهذا المثل وإن كان قد ضرب لليهود فهو متناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به ولم يؤد حقه ولم يرعه حق رعايته1(1) [أعلام الموقعين (١٦٥/١)]..

انحراف شيوخ حزب النور

فليت هؤلاء لم يحملوا العلم الذي ذهب بهم إلى أن ناصروا من لم يحكم بما أنزل الله تعالى، ووالى اليهود والنصارى ضد المسلمين، وسفك الدماء المعصومة، ونصب العداء لأهل العلم، وفتح الباب للسخرية بالملتزمين بدينهم، ورفع أهل الشر وقربهم حتى أصبحت مصر من شر بلاد المسلمين علما ودينا وخلقا، وأفشل اقتصادها وصناعتها وزراعتها، وباع أصول مصر وجعلها ملكًا لأعدائها.

إن انحراف شيوخ حزب النور ليس فيه حجة لأحد؛ فزلاتهم واضحة لا تخفى على عاقل؛ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: “يا معشر العرب كيف تصنعون بثلاث: دنيا تقطع أعناقكم، وزلة عالم، وجدال منافق بالقرآن؟” فسكتوا فقال: “أما العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم، وإن افتتن فلا تقطعوا منه أناتكم؛ فإن المؤمن يفتتن ثم يتوب، وأما القرآن فله منار كمنار الطريق لا يخفى على أحد، فما عرفتم منه فلا تسألوا عنه، وما شككتم فكلوه إلى عالمه، وأما الدنيا فمن جعل الله الغنى في قلبه فقد أفلح، ومن لا فليس بنافعته دنیاه”2(2) [رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (۱۸۷۲) بسند حسن]..

الدروس والعبر حتى تسعى الجماعات الإسلامية إلى تجنب مثل هذه المواقف المخزية

ونخلص إلى مجموعة من الدروس من هذا؛ حتى تسعى الجماعات الإسلامية إلى تجنب مثل هذه المواقف المخزية التي هي في حقيقتها انسلاخ من الدين:

١- تحصين الصف من الاختراقات من قبل المنافقين والمخابرات.

٢- الحذر من عقيدة الإرجاء التي تغلغلت في كثير من الجماعات الإسلامية اليوم، وأدت بهم إلى مواقف كهذه.

٣- الحذر من المال السياسي الذي تقدمه بعض الدول للاستحواذ على قرار الجماعة أو شراء سكوتهم على الأقل، فعلى الجماعات الإسلامية أن تستقل باقتصادها ومالها؛ لتستقل بقرارها.

4- الدخول في العمل السياسي – في ظل هذا الواقع – مزلة قدم، فلا بد من دراسة جدواه ومدى الربح والخسارة فيه قبل دخوله، وبعد دخوله يتم التقويم بشكل دوري لاتخاذ الإجراءات المناسبة، فلو أن حزب النور حل نفسه ورجع للعمل الدعوي لكان خيراً له من هذه التخبطات.

ه – ضرورة اختيار القيادة الناضجة الخبيرة بالشرع وبالواقع لقيادة الجماعات الإسلامية…

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

الهوامش

(1) [أعلام الموقعين (١٦٥/١)].

(2) [رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (۱۸۷۲) بسند حسن].

 اقرأ أيضا

تنازلات الإسلاميين في المشاركة السياسية .. حزب النور أنموذجًا

نازلة الامتحان بقول الباطل

القنديل والمنديل .. وما يجري على الدين من تبديل (1-4) بيان الجريمة

علاقة الإرجاء بالعلمانية في فكر علماء وجماعات إسلامية

أما “سفر الحوالي” فقد أعذر إلى الله

التعليقات غير متاحة