التوجه بشكاية الأنظمة والصهاينة إلى الرافضة هو توجه لشكاية المعسكر للمعسكر نفسه؛ فهو خطأ إقليمي، وعقائدي واستراتيجي. ولا مندوحة عن السياسة الشرعية. وقبل ذلك وبعده الاعتصام بالله.
الخبر
“بعث إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، الإثنين، رسالة للأمين العام “لحزب الله” حسن نصر الله، حول قرار إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية وصفقة القرن.
وقالت الحركة إن هنية أشار في رسالته إلى “الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية والمنطقة جراء هذه المخططات”.
ودعا هنية “إلى توحيد الصف والجهد للتصدي لهذه المخاطر”. (1موقع “الأناضول”، على الرابط:
رسالة من هنية لـ”نصر الله” حول الضم وصفقة القرن)
التعليق
تبقى مأساة المسلمين أهل السنة في حالة تمدد مستمر؛ يدفع إليها الضعف والخذلان، ويدفع إليها رقة العقائد وتميّعُها، ويدفع إليها الخلل الاستراتيجي والتاريخي.
دور الضعف والخذلان
أما الضعف والخذلان فحماس فيه ضحية. ضحية لشعوب تتحكم فيها أنظمة علمانية تحاصر المجاهدين وتنصر الصهاينة وتأتمر بأمر نصارى الغرب، وتعقد اللقاءات المكثفة للمخابرات والأجهزة الأمنية لتنسّق مع العدو وتتبادل المعلومات لضرب المقاومة وقتل المجاهدين وإحكام الحصار عليهم وتسليمهم لعدوهم.
بل إنها تتبنى وجهة نظر العقيدة الصهيونية والصليبية بأن فلسطين حق لليهود، وأن جهادهم إرهاب، وأن رفض الخضوع لهم خروج عن الشرعية الدولية..! وأنه لا رجوع لأحكام الله ولا لحق الأمة بل لقرارات مجلس الأمن.. إلى آخر المخازي العلمانية العربية.
ثم تولت هذه الأنظمة، التي هي عار على الأمة والتاريخ وعلى دين الله تعالى؛ تولت تغيير أدمغة الناس وتبديل عقائدهم ومواقفهم من أهليهم ومن جزء من الأمة حتى كرهوا وعادوا أهل فلسطين وليس المجاهدين فقط، ورأوا أنهم حمل عليهم..! وأن لليهود حق، وبعضهم يستحسن سيرة اليهود ومسلكهم، وينصرهم، ويدعوهم لسحق المجاهدين أو لإفناء أهل فلسطين..!
هذا الدور المجلل بالعار لا يستطيعه اليهود بل الأنظمة، ومن هنا وجد المجاهدون أنفسهم في حصار بين قريب يتجهمهم وعدو تملك كثيرا من أمرهم، بما يتحكم في مداخيلهم الاقتصادية وغيرها؛ وعندئذ ارتموا في حضن الرافضة. وهذا مصاب وحده.
رقة العقائد وتميعها
وأما رقة العقائد وتميعها فهو موقف هذه التيارات الإسلامية ـ في فلسطين ـ من الشيعة عموما ومن إيران وحزبها اللبناني خصوصا. بينما صحة العقائد واستقامتها توضح الانحراف الشديد للرافضة من حيث الاعتقاد والممارسات الشركية وموقفهم المبغض من أهل السنة.
وهذا يوجب من البغض في الله والحسم في جانب العقائد ومعرفة موجِب هذه العقائد في القلوب للمواقف والأقوال والأعمال؛ وإلا فالعقائد لا تبقى مستكنّة في الضمائر؛ بل هي التي تشكل المواقف والمشاعر. ولا أبغض عند الرافضة من أهل السنة وأصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم. فالتمادي والالتحام معهم بحيث تتوارى العقائد وكأنها مَلغيّة الاعتبار والتأثير؛ كل التجارب تقول أن هذا يوجب الحسرة والمذلة والندم، ناهيك عن غضب الرب تعالى.
الخلل الاستراتيجي والتاريخي
وهذا يؤكده التاريخ البعيد طوال التاريخ الإسلامي منذ التتار والصليبيين وموالاتهم لهم ضد المسلمين، ويؤكده التاريخ المعاصر في مذابحهم في قيام إيران الصفوية، وفي إيران الحديثة، وفي العراق بعد الغزو الأمريكي وبشاعة جرائمهم إيرانيينَ وعراقيين ضد السنة، وتعمدهم لمخيمات الفلسطينيين في العراق ومخيمات اليرموك وغيرها في سوريا.
ثم استهدافهم لمصالح الأمة وتحالفهم مع العدو وتنسيقهم معه في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، وهم حاضرون في تقاسم وتمزيق الجسد الإسلامي..
فعدم الاعتبار من التاريخ، ومن التاريخ القريب، ومن الأوضاع الاستراتيجية عموما بما تنشب إيران مخلبا وروسيا مخلبا آخر، وأمريكا وإسرائيل مخالبهم في جسد الأمة للتنازع والتمزيق والتقسيم، مع اختلافهم فيما بينهم ثم تسويتهم للخلاف؛ والأمة فقط تشهد نزاع التقسيم..! عندئذ فموقف المجاهدين أو ـ المقاومة..! ـ عندما تتسق مع مواقف الشيعة الرافضة، أمر مريب جدا..
فالشيعة تقصد بهذا المصطلح ـ المقاومة ـ التواري به لخداع الجماهير فتعلن الطريق إلى القدس ثم تسلك مساراتها الخاصة لتصل إلى بغداد، ثم دمشق ثم صنعاء وتمتد إلى إجدابيا بليبيا دعما لحفتر؛ من أجل التخريب المتعمد والتمزيق؛ بينما الكيان الصهيوني ساكن آمن، ليس له منهم إلا مناوشات كلامية مدروسة تسلط عليها آلات الإعلام لتخدير (الأمة) ثم يستمران في التقاسم والتمزيق وهكذا..
فإذا التحم المجاهدون في فلسطين مع “مقاومة الرافضة” فليكونوا على يقين أن مشروعهم ينصهر في مشروع غيرهم..! وأنهم يندمجون في أهداف أخس المجرمين في “قُم” و”شيراز” و”النجف”، وأنهم أصبحوا تابعين لعصابات “فيلق بدر” والمهدي وغيره من أوكار أفاعي الرافضة.
إن قضيتهم تتميع وتذوب في قضايا غيرهم، والذي سيجني الثمرة هم القابعون في طهران وتل أبيب وموسكو وواشنطن؛ أما غزة والضفة فللنزاع على بقايا ما ترك لهم صهاينة اليهود وصهاينة العرب.
إن الذئاب الناهشة في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن لن تصبح بنفسها حَمَلا وديعا ومَلاكا مسالما في فلسطين..! وعندما يحاصر “حسن نصر” المسلمين في “الزبداني” و”المعضمية” حتى يموتوا وهم هياكل عظمية بسبب الجوع؛ فإذا ولى وجهه شطر الجنوب فلن يصبح ملاكا؛ هذا هراء محض.
[للمزيد: أحداث المنطقة .. رسائل ومعادلات زائفة]
خاتمة
إن الجهاد في البيئة العالمية المتشابكة اليوم، ومع الضعف الضارب بأطنابه، ومع عوامل القوة الموجودة في الأمة، ومع الواجب الشرعي الذي أمر الله به، ومع الانهيار إذا لم تتحرك الأمة والمجاهدون.. كل هذا يوجب الحركة، ويوجب الحذر، ويحتاج من السياسية الشرعية إلى الشيء الكثير، وتوقع المآلات حتى لا يصب الجهد والدم في سلة العدو وجيوب الطغاة..!
إن شكاية “إسماعيل هنية” إلى عدو الله “حسن نصر” لا تعني شيئا إلا استمرار التماهي مع هؤلاء المجرمين؛ ولو أن للمجاهدين أعذارهم فعليهم الحيطة، وتناول الميتة يكون بقدْر، والبغي في تناولها محرم..!
إن شكاية الصهاينة وعلمانيي العرب إلى مشركي الرافضة عنوان خطأ فهم داعمون للطغاة العرب من بشار إلى السيسي إلى حفتر، ولهم مشاريعهم الأشد فحشا ودموية وتخريبا، وهم داعمون “ذهبيون” للصهاينة وإن تعاركوا لفظيا..
إلى إخواننا في حماس.. إن الرسالة وصلت إلى العنوان الخطأ.
والصواب هو هذه الحقائق الكبرى ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ (الحج: 78)
……………………………..
هوامش:
- موقع “الأناضول”، ، على الرابط:
رسالة من هنية لـ”نصر الله” حول الضم وصفقة القرن