هذا تاريخُنا فأين تاريخُهم؟ وهذه سنةُ نبينا التي يُجاهدُ بها رجالُ المقاومة بكل نُبلٍ وشجاعةٍ ورجولة وأخلاق، فأين أخلاقُهم؟؟

رجال القسام يعلمونَ البشريةَ من تحت الأرض

ذلك الشيخُ الأحمق الذي سَخَرَ من مُجاهدي القسام ودعاهم إلى أن يجاهدوا بالسنن يصدُقُ فيه قولُ الله عز وجل على لسان النبي نوح: ﴿إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾. وسبحان الذي ينصرُ رجالَهُ المجاهدين بأعدائهم؛ فقد أظهرَ مقطعُ فيديو طفلاً إسرائيلياً يُدعى أوهاد موندر كان أُطلق سراحه في عمليةِ تبادلِ الأسرى بين الصهاينة وفصائل المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة، وهو يتحدث عن المسبحة التي أعطاها إياه حراسُهُ من كتائبِ القسام مردداً قولَ النبي صلى الله عليه وسلم: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)!!

بل ويُحاكي بأصابعه فعلَ المُجاهدين الذين كانوا يحرسونهُ، إنها السنةُ النبويةُ يُرسِلُها رجالُ أبي عبيدة ناصعةً نقيةً من تحت الأرض، فيجهرُ بها طفلٌ عبريٌّ عبر القناة 13 العبرية بمناسبة مرور مئة يوم على اندلاع الحرب الصهيوينة المجرمة على قطاع غزة ليسمعَها العالَمُ كله … وليرى العالَمُ كلّهُ صنفاً آخرَ من البشر، يعلمونَ البشريةَ من تحت الأرض: كيف يقاومُ المظلومُ بأيدٍ مُحاصَرة وصدورٍ عارية ملأى باليقين والثبات، وكيف يدافعُ عن أرضه ضد أعتى الأرمادات العسكرية، وكيف يُعامِلُ أسراهُ وقد احتلُّوا أرضَه واغتصبوا وطنَه دون أن يُفكّرَ بمنطقِ الانتقام رغم الإجرامِ الهمجي للمحتل الصهيوني، ورغم قصفِ المستشفيات والبيوتِ الآمنة..

المجاهدون في غزة يحيون سنة خير البشر

وأكثر من ذلك، يُعلّمُهُم كيف (يذكرون الله)، يقتفون في كل ذلك سنةَ النبيِّ محمد ﷺ الذي كان يُوصي أصحابَهُ بالأسرى خيراً: (اسْتَوصُوا بِهمْ -أي بِالأَسْرَى- خَيْرًا)، ولم تكن مجردَ وصية بل كانت كلاماً يُنطق ويُطبَّق؛ ففي صحيح البخاري بابٌ كاملٌ سمَّاه: باب الكسوة للأُسارى، ذكر فيه أن جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- قال: ‏لمَّا كان يوم ‏ ‏بدرٍ أُتِيَ بأسارى، وأُتِيَ بالعبَّاس، ‏ولم يكن عليه ثوبٌ فنظر النبي ‏ﷺ قميصًا فوجدوا قميصَ ‏عبد اللَّه بن أبيٍّ ‏ ‏يَقْدُرُ عليه- لأن العباسَ كان بيّنَ الطولِ فكان النبيُّ ﷺ يبحثُ عن ثوبٍ يُلائمُهُ-، فكساه النبي ‏‏ﷺ ‏إيَّاه.

ومن تطبيقاتِ وصيةِ النبي ﷺ حرصُ الصحابة رضوان الله عليهم على جودةِ أكل الأسرى؛ فلم يكونوا يقدمون لهم بقايا ما يأكلونه؛ فهذا أبو عزيز -شقيق مصعب بن عمير وصاحبُ لواءِ المشركين ببدر بعد النضر بن الحارث- يروي ما حدث بقوله: كنتُ في رهطٍ من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدَّمُوا غدَاءهم وعشاءَهم خَصُّوني بالخبز، وأكلُوا التمرَ لوصيةِ رسول الله ﷺ إيَّاهم بنا، ما تقع في يدِ رجلٍ منهم كسرةُ خبزٍ إلاَّ نفَحَني بها؛ فأستحي فأردها فيردّها عَلَيَّ ما يمسُّها! وليس ذلك بغريبٍ على أمةٍ يقولُ قرآنُها: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً﴾.

ومن السنةِ كما في البخاري عن جبير بن مطعم : أن النبي ﷺ قال في أسارى بدر: “‏لَوْ كَانَ ‏الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ ‏حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ‏”؛ وفاءً لصنيعِ الرجل فقط لأنه اشترك في نقضِ الصحيفة التي قاطعت بها قريشٌ بني هاشم، وكذلك لأنه أجارَ النبي في مكة عند عودته من الطائف!!

هذا تاريخُنا فأين تاريخُهم؟ وهذه سنةُ نبينا التي يُجاهدُ بها رجالُ المقاومة بكل نُبلٍ وشجاعةٍ ورجولة وأخلاق، فأين أخلاقُهم؟؟ نحنُ لا ندّعي زوراً –لا سمح الله- بل ننقلُ من شهاداتِ الأسرى التي وثقتها الـ BBC ما تعرّضوا له من إجرام: ضربٌ ومهاجمةٌ بالكلاب وإلقاءُ الطعام في الأرض وتهديدٌ وترويعٌ وسحلٌ واغتصاب.. بل إن بعضَ الحراس تبوّلوا على سجناءَ مكبّلي الأيدي! وقائمة الانتهاكات الصهيونيةِ المجرمة تطول .

المصدر

مجلة البصائر، د.خديجة عنيشل.

اقرأ أيضا

مذاهب البطولة وأنواع الأبطال!

أثر الإيمان والأمان في مواجهة العدوان

لمن ولاؤك اليوم يا مسلم؟

ذل الأمة بتركها الجهاد

الجهاد مستمر في فلسطين

وجوب الجهاد لتحرير الأقصى وفلسطين

التعليقات غير متاحة