لا تقتصر السيرة الحسنة للملوك والحكام، وإقامة الشرع والعدل، ونظافة اليد وجمع العبادة والجهاد وحسن الأخلاق؛ لا تقتصر على الخلفاء الراشدين بل ثمة سيرة اقتربت منهم وشابهتهم؛ ومنهم “نور الدين محمود”.

ترجمة نور الدين

اخترت لكم ما كتبه الإمام الذهبي مؤرخ الإسلام الثقة الثبت رحمه الله تعالى، لنستعرض بعض ما ذكره من حياة هذا الإمام القائد رحمه الله تعالى، يقول:

“كان نور الدين حامل رايتي العدل والجهاد ـ ونِعم الرايتين ـ قلَّ أن ترى العيونُ مثله، حاصر دمشق ثم تملّكها، وبقي بها عشرين سنة، وافتتح أولاً حصوناً كثيرة ـ وذكر حصوناً كثيرة جداً ـ وأظهر السنة بحلب وقمَع الرافضة؛ فهو الذي ألغى الأذان على طريقة الرافضة في “حلب” وما جاورها، ولهذا أراد الباطنيون أن يغتالوا بعض قواده، واغتيل بالفعل بعض من كانوا موالين له من الأمراء”.

من أعظم أعماله

أسس العلم على العقيدة الصحيحة والعلم الصحيح، فأُنشئت دور العلم. ويذكر المؤرخون أنه لمّا قدِمتْ الحملة الصليبية الأولى كان عدد المدارس في بلاد الشام مدرسة واحدة فقط، وهي التي تسمى دار الحديث أو ما أشبهها، وهي عبارة عن كليات علمية أو مراكز علمية متكاملة، مثل المعاهد أو الكليات المتخصصة، وعند قدوم الحملة الصليبية في أيام صلاح الدين كان عددها أكثر من تسعين مدرسة.

إذاً؛ الأمة نهضت نهضة علمية ودعوية؛ ولهذا من حقها أن تنتصر بإذن الله سبحانه وتعالى، أنشأ نور الدين المارستان ـ المستشفى ـ ودار الحديث، والمدارس والمساجد، ومن العجب في حياته أنه كان يتعرض للشهادة، ويسأل الله سبحانه وتعالى دائماً أن يرزقه الشهادة، مع أنه لم يمت في معركة، كما سنرى إن شاء الله.

يقول كاتب سره أنه كان يسمعه يسأل الله أن يحشره من بطون السباع وحواصل الطير.

يقول الذهبي رحمه الله:

“جهّز جيشاً لجِباً مع نائبه “أسد الدين شيركوه”؛ فافتتح مصر، وقهر دولتها الرافضية، وهربت منه الفرنج، وأباد العبيديين واستأصلهم، والحمد لله”.

قال سبط ابن الجوزي رحمه الله:

“جاهد وانتزع من الكفار نيفاً وخمسين مدينة وحصناً”

أي: أكثر من خمسين مدينة وحصناً انتزعها نور الدين في وقت يعتبر وجيزاً.

يقول ابن الأثير:

“طالعت السيَر فلم أقرأ فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته، ولا أكثر تحرياً منه للعدل”.

نور الدين وصموده أمام الصليب

الحملة الصليبية الثانية جمعَت أكثر من خمسة ملوك من ملوك أوروبا، وهم (ملوك ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها)، كما جمعَت كثيراً جداً من الأمراء، ومن كبار رجال الدين، حملة عاتية واجهها “نور الدين” بماذا..؟ كم كانت مملكته..؟

كانت مملكة “نور الدين” جزءاً يسيرا من شمال العراق وبلاد الشام، هذا كل ما كان يملكه، ومع ذلك لمّا أن قام على هذه السيرة والسنة الحميدة نصرَه الله تبارك وتعالى نصراً مؤزراً؛ فما مات رحمه الله إلا وقد صار يملك كل بلاد الشام ومصر والحجاز وجزيرة العرب، وما بقي إلا الإمارات الصليبية، وأهمها إمارة القدس التي قدَّر الله أن يكون فتحها على يد “قائده صلاح الدين”؛ ولهذا يجب أن نقف عند سيرة هذا الرجل؛ لأنَّا عندما نتحدث عن “نور الدين” فنحن نتحدث عن الأمة مجتمعة، إذ كيف تحول من أمير لمقاطعة إلى أن يصبح سلطاناً كبيراً يهزم أوروبا كلها..؟! لا بد من أخذ العبر من حياته ومن سيرته.

عجائب من أخبار نور الدين

ذكروا أمثلة عجيبة من عدل هذا الرجل قال:

“كان لا يأكل ولا يلبس ولا يتصرف إلا من ملك له قد اشتراه من سهمه من الغنيمة”.

أي: أنه جاهد وأخذ سهمه من الغنيمة من جملة المسلمين؛ فأخذه وأخذ ينميه فكان أحد مصادر دخله، وهو يملك هذه البلاد.

وكان له مصدر آخر عجيب للدخل، يقول سبط ابن الجوزي:

“كان له عجائز ـ كان هناك عجائز يتعامل معهن ـ وكان يخيط الكوافي، ويعمل السكاكر ـ هذا السلطان نور الدين الذي يحارب ملوك أوروبا جميعاً ـ فيعطيها العجائز فيبعنها سراً ويفطر على ثمنها؛ لأنه كان كثير الصيام نافلة، فيُفطر من القوت الحلال الذي تبيعه له العجائز؛ حتى لا يأخذ من بيت المال أي شيء، ومِثْل هذا جدير أن ينصره الله سبحانه وتعالى”.

من تواضع نور الدين

ومن تواضعه رحمه الله أن أحد القُوّاد أو المقربين إليه قال له في إحدى المعارك: بالله لا تخاطر بنفسك، فإن أُصبتَ في معركة لا يبقى للمسلمين أحد إلا أخذه السيف..! فقال: ومَن أنا حتى يقال لي هذا..؟ حفظ الله البلاد قبلي لا إله إلا هو..!

انظروا إلى كيفية معرفة عظمة الله سبحانه وتعالى، وهيبة الله وجلاله.

قضية التواضع، أعجب المسلمون إعجاباً شديداً بـ “نور الدين محمود”، وأخذوا يضجّون في الدعاء له لمّا نصره الله، ولمّا أبطل المكوس والضرائب والعشور التي كانت تؤخذ من المسلمين، ولمّا رأوا عدله وجهاده وتمسكه بالسنة؛ كانوا يلهجون له بالدعاء في رمضان وغيره.

قال: وكانوا إذا دعوا له يطيلون في الدعاء، فيمدحونه بما ليس فيه؛ فغضب، وقال: إن خطباء المساجد يبالغون في الدعاء لي؛ فجمع المقربين له وقال لهم: “لا بد أن تعدّلوا هذا”، فكتبوا له صيغة، وكلما وضعوا صيغة يخففها؛ حتى اتفقوا على صيغة واحدة فقط يدعى له بها في المساجد وهي: (اللهم أصلح عبدك الفقير إلى رحمتك، الخاضع لهيبتك، المعتصم بقوّتك، المجاهد في سبيلك، المرابط لأعداء دينك، أبا القاسم محمود بن زنكي بن آغ سنقر ناصر أمير المؤمنين)؛ لأنه يدافع نيابة عن الخليفة.

ولما قيل له في ذلك وعوتب قال: مقصودي ألا يكذب على المنبر، فأنا بخلاف كل ما يقال؛ أفرح بما لا أعمل..؟!

اكتب بها نسخاً حتى نصيرها إلى جميع البلاد.

ثم قال: ثم يبدءون بالدعاء: اللهم أره الحق حقاً، اللهم أسعده، اللهم انصره، اللهم وفقه يقول: دعِ الناس يدعون فقط من جنس هذا الدعاء، أما المدح والثناء فأنا لا أريده، ومن قلة العقل أن أدَعهم يثنون علي بما ليس فيّ أو بما يغرُّني ويفتنني.

ولهذا يقول الحافظ الذهبي رحمه الله:

“كان ديّناً تقياً، لا يرى بذل الأموال إلا في نفع، وما للشعراء عنده نفاق”.

تحكيم نور الدين لشرع الله

يقول المؤرخون: انتشر الفساد، وقطع الطريق؛ فجاء قواد الجيش وقالوا لـ “نور الدين”: لابد أن تطبق “الياسق” أو تأخذهم بنوع من السياسة ـ كما تسمى أحياناً ـ فقد كثر الدعّار وأصحاب الفساد، ولا يجيء من هذا شيء ـ أي: لا يزول هذا ـ إلا بالقتل والصلب، ثم قالوا لرجل يسمى الشيخ عمر الزاهد وكان من العُبّاد، وكان يحبه ـ وهذه من المظاهر العجيبة في سيرة نور الدين أنه كان يحب العلماء والزهاد والعُبّاد جداً ـ اكتب لـ “نور الدين” في ذلك. فكتب الشيخ عمر قائلاً: إن الدعّار والمفسدين وقطاع الطريق قد كثروا، ومثل هؤلاء لا يجيئون إلا بقتلٍ وصلبٍ وضربٍ، وإذا أُخذ مال إنسان في البرّيّة من يشهد له.

العالم كتب إلى السلطان يقول: إذا إنسان أُخذ ماله في البر، وذهبنا به إلى المحكمة فإن القاضي يريد شهوداً، ومن أين له شهود على ما يقول..؟ فتضيع الحقوق، فلا بد أن يؤخذ الناس بالظنة وبالتهمة، ويطبق عليهم قانون “الياسق”..!

فلما قرأ نور الدين الكتاب قلَبه، وكتب على ظهره: إن الله تعالى خلق الخلق، وهو أعلم بما يُصلحهم، وإن مصلحتهم تحصل فيما شرعه على وجه الكمال فيها، ولو علم أن على الشريعة زيادة في المصلحة لَشرَعها، فما لنا حاجة إلى زيادة على ما شرعه الله تعالى.

فلما وصل الكتاب إليه في الموصل جمع الشيخ عمر أهل الموصل فقرأ الكتاب عليهم، وقال لهم: انظروا في كتاب الزاهد إلى الملك، وكتاب الملك إلى الزاهد.

نور الدين وموقفه من المكوس والعشور

تكاثر الصليبيون وتكاثرت الأمم الغربية من كل مكان تموّل هذا العدوان على العالم الإسلامي، وكان نور الدين محمود يعيش في قِلة ـ كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله ـ من العدد والمال.

ماذا يصنع نور الدين..؟ يحتاج إلى المال، والجهاد لا بد له من المال، ووجد أن مَن قَبله كانوا يأخذون الضرائب المكوس العشور من الرعية المسلمين، ويجمعونها ليجاهدوا بها الصليبيين، والمعارك تكون خاسرة ولا يوجد نصر، وأحياناً نصر وأحياناً هزيمة، فما رضيت سيرته المتأسية بالخلفاء الراشدين هذا الأمر.

وكان يرى أنه لا بد من إبطال هذه المكوس والضرائب، فأمر بإبطالها جميعاً، وكتب إلى جميع البلاد والقرى والأمصار أنه قد ألغاها إلغاءً أبدياً، وأنه يطلب من كل الخطباء في دولته من فوق منابر الجمعة أن يطلبوا من المسلمين جميعاً أن يسامحوه على ما أخذ منهم فيما مضى، وأن يستغفروا الله تعالى له من ذلك.

وكان يقوم الليل ويبكي كلما تذكر ذلك، ويقول: اللهم ارحم العَشار المَكّاس.

ويبكي ويقنت؛ لأنه كان يأخذ العشور والمكوس من المسلمين، ولما أمر بذلك قال له قادة جيشه وأركان حربه: إن فعلت ذلك لم يبق لنا شيء نجاهد به الصليبيين.

فقال لهم: إن كان الجهاد لا يأتي إلا من هذا المال الحرام فلا نريد الجهاد.

قالوا: إنك إن لم تُرِد الجهاد أنت جاهدك أعداؤك.

قال: لا نجاهدهم إلا بالحلال، والله تعالى هو المستعان.

تأسِّي نور الدين بالنبي صلى الله عليه وسلم

كان نور الدين رحمه الله يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في أمور كثيرة، يقول المؤرخون: كانت تُقرأ عنده السيرة والعلم، فقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج للحرب متقلداً السيف، أو معلقاً إياه في حمائل تدور حول الرقبة كأنها القلادة.

قال: سبحان الله..! ولماذا نحن نحزم السيوف في حزام ونجعلها في الوسط؟ فأمر أفراد جيشه أن يغيّروا الأحزمة، وأن يلبسوا السيوف كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يلبسونها؛ لعل الله ينصرنهم، كان يريد أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى في هذه الأمور، وذلك بغية أن ينصره الله سبحانه وتعالى، وقد نصره الله سبحانه وتعالى، وجدير بمثله أن ينصر؛ لأنه على هذه الحالة.

يقول المؤرخون: كان قد أقبل يعد للجهاد آلته مما آتاه الله، ونشط في البناء والتعمير؛ حتى أنفق فيهما مئات الألوف، وقد أعانه على ذلك أنه لم تكن له نفقات قصور ولا خدم ولا حشم ولا جوارٍ، ولا مجالس أنس تملأ أفواه الندامى فيها بالدر والدنانير جوائز على أبيات من شعر الملق السخيف، وإنما كان يبني المدارس والمساجد والمستشفيات، ويقيم أسوار المدائن وقلاعها.. إلى آخر ما ذكروه.

رياضة نور الدين

يقول سبط ابن الجوزي:

“لم يلبس نور الدين حريراً ولا ذهباً، ومنَع بيع الخمر في بلاده، وكان كثير الصوم، وله أورادٌ في الليل والنهار، ويكثر اللعب بالكرة”.

نقول: مع هذه السيرة كان يكثر اللعب بالكرة، كيف يلعب بالكرة..؟ وما نوع هذه الكرة..؟ كانت نوعاً من أنواع الرياضة تشبه (الجولف)، عبارة عن كرة ترمى ويستقبلها الناس بصولجان وما أشبه ذلك، كانوا يستخدمون فيها الخيول ويلعبون بها، وكان نور الدين محمود رحمه الله يركب الفرس هو وجيشه ويلعبون هذه الكرة، فلما أُنكر عليه وقيل له: كيف تفعل ذلك؟ قال: والله ما أقصد اللعب، وإنما نحن في ثغر، فربما وقع الصوت ـ ربما نادى المنادي للجهاد ـ فتكون الخيلُ قد أدمنت الانعطاف والكرَّ والفَرَّ، أي: نكون مستعدين للجهاد. هذا هو اللهو، وهذا هو الحق كما ذكر صلى الله عليه وسلم: أن كل لهو يلهو به المسلم باطل إلا ثلاثة ومنها: أن يكون الإنسان ملاعباً فرسه ليجاهد في سبيل الله عز وجل.

حتى إن ابن كثير رحمه الله يثني على قوّته، يقول نقلاً عن ابن واصل:

“كان من أقوى الناس قلباً وبدناً، لم يُرَ على ظهر فرسٍ أحدٌ أشد منه، كأنما خُلق عليه لا يتحرك، وكان من أحسن الناس لعباً بالكرة، يجري الفرس ويخطفها من الهواء ويرميها بيده إلى آخر الميدان، ويمسك الجوكان بكمه تهاوناً بأمره، وكان يقول: طالما تعرضت للشهادة فلم أدركها”؛ يتأسف..!

قال الذهبي رحمه الله:

قلت: قد أدركها على فراشه، وعلى ألْسنة الناس “نور الدين الشهيد”

سبحان الله..! اسمه “نور الدين الشهيد” في التاريخ، مع أنه مات على فراشه، فيقول الذهبي رحمه الله تعالى:

“فلعل هذا إن شاء الله فألٌ حسن له”. لأن من تمنى الشهادة وهو صادق أعطيها وإن مات على فراشه؛ كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فتمنَى الشهادة في سبيل الله فأعطيها.

خاتمة .. العبرة من حياة نور الدين

“طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وفيه إلى يومنا هذا فلم أرَ بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسنَ سيرة من الملك العادل “نورِ الدين”، وأكثر تحرياَ للعدل والإنصاف منه، قد قصر ليله ونهاره على عدل ينشره، وجهاد يتجهز له، ومظلمه يزيلها، وعبادة يقوم بها، وإحسان يوليه، وإنعام يسديه”

ابن الأثير، رحمه الله.

جمع الله تبارك وتعالى بمثل هذا الرجل الأمة بعد الفرقة والشحناء، جمعها على السُنة بعد البدعة، فقمَع دولة الرافضة وقهرها كما رأيتم من كلام العلماء رحمهم الله، وأزال البدعة من الأذان ومن غيره، وأعاد تدريس الحديث والسنة في المساجد، وقرَّب العلماء والفقهاء، ومكَّن للشرع والقضاة، وقطع دابر الدعارة والفساد، ومنَع بيع الخمور والزنا وكل ما يتعلق بهما، وكان شديداً في الإنكار على أهلها قوياً عليهم، فلما كان كذلك، طهَّر البلاد من الفساد ومن أكل الحرام، ومن المكوس والربا.

وقد قضى على ذلك كله، فنصره الله سبحانه وتعالى نصراً مؤزراً، وأبقى ذكره، وإن كنا نحن المسلمين ـ مع الأسف ـ في غفلة عن ذِكْره، لكن أبقى الله تبارك وتعالى ذكره عند المطلعين، وهو عند الغربيين أذكر وأشهر.

والمؤرخون الصليبيون كانوا يعْجَبون من سيرته؛ حتى إن أحد ملوك الصليبيين قال: ما غلبنا من ملوك المسلمين إلا نور الدين، وما غلبَنا بكثرة جيوشه، ولكنه كان يعبد الله ويقوم في الليل يدعو علينا.

فكل من استحق نصر الله، وهيأ نفسه له؛ فإن الله تعالى ينصره، بل ويمدُّه بجند من عنده..

نسأل الله تبارك وتعالى أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته، ويذل فيه أهل معصيته، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، وترفع فيه راية الجهاد في سبيل الله.

……………………………….

المصدر:

  • الدكتور سفر الحوالي، جزء من محاضرة مفرغة… موقع المكتبة الشاملة.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة