من ربانية المصدر الى العدل المطلق، الى الإنسانية والقيم التي لا تحيد ولا تميل.. هذا بعض ما تدرك به مميزات الحضارة الإسلامية عن المنتج الغربي.

آفة الانبهار

المنبهرون لا يرون..

فعلى عيونهم غشاوة، ولا يثقون بما في أيديهم ولا في تاريخهم.

يهملون المصدر الرباني، ويتشككون في الوحي الكريم، ويغضّون الطرف عن جهالات الغرب السابقة، والجهالات الحالية التي تحوط جاهليته ومنتجاته المادية التي أذهلت هؤلاء.

وعلى سبيل التوازن وللتنبيه والإيقاظ يقدم الشيخ “سفر الحوالي” ـ حفظه الله ـ مميزات الحضارة الإسلامية والتي توضح تفوقها وجدارتها بالوجود وأحقيتها بقيادة البشرية، ومدى الجريمة التي يرتكبها من يعطل وجودها ويمنع عودتها..

كما يظهر من هذا البيان كمّ التفريط الذي فرطه المسلمون حينما توقفوا للحظة واحدة ينبهرون فيها بمنتج شائه ويتخلون فيه عن إرث عظيم يقوم على عقيدة فريدة.

خصائص وسمات الحضارة الإسلامية

ربانية المصدر

ﻛﻤﺎ ﺃﻥ الحضارة ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ بمصدرها ﺍﻟرباني ﺗﺘﻤﻴﺰ ﻛﺬﻟﻚ بميزات ﻟﻴﺴﺖ في غيرها؛ ﻣﻨﻬﺎ:

الميزة الأولى أنها ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ الحجة والبرهان واليقين ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺃﻋﻤﻰ ﻭﺗﺴﻠﻴﻢ ﻣﻄﻠﻖ ﻭﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻨﻮﻥ ﻭﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ التي ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻔﻜﺮ الغربي غيرها ﻻﺳﻴﻤﺎ في بحوثه ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻦ ﻧﺸﺄﺓ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻭﺟﻮﺩ الحياة ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﻟﻠﻌﺼﻮﺭ الجيولوجية ﻭﺃﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ. (1“المسلمون والحضارة الغربية”، الشيخ سفر الحوالي، صـ 144)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺗﻮﺣﻴﺪﻳﺔ

ﻓﺎلله تعالى ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺩﻳﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﺣﺪ والمسلمون ﺃﻣﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﺣﺪﺓ.. الخ.

ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺗﻌﺪﺩ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻛﻤﺎ في ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺃﺣﺒﺎﺭ ﻣﻌﺒﻮﺩﻭﻥ ﻭﺍﺳﺘﻨﺼﺎﺡ ﻟﻠﺮﺟﺎﻝ في ﺩﻳﻦ ﷲ، ﺃﻭ ﺍﺻﻄﻼﺡ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺷﺮﻉ ﷲ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺗﺜﻠﻴﺚ ﻛﺎﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ، ﻭﻻ ﻳﺸﺮﻉ ﻋﻠﻤﺎﺅﻩ ﺷﻴﺌﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺮﻉ ﺍﻷﺣﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﻫﺒﺎﻥ. (2المصدر السابق، صـ 150)

ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ

ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻴﺰﺓ ﻋﻈﻤﻰ ﺗﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍلمجتمعاﺕ، ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ الحضارة ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﺄﺧﺮﺓ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ الهائلة التي تبين ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﺣﺎﺩﺛﺔ، ﻣﻊ ﺇﺗﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻼﺧﺘﻼﻑ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﻭﻭﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮ، في ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ، ﻭﻣﻊ المرونة ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ في ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺓ المصالح  والمفاسد ﻭﺗﻐﻴﺮﻫﺎ بحسب ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻷﻣﺔ. (3المصدر السابق، صـ 153)

ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ في العالم ﻳﺸﻬﺪ ﺃﻥ ﺃﻭﻝ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ التي ﻛﺘﺒﻬﺎ النبي صلى الله عليه وسلم لما ﻗﺪﻡ المدينة، ﻭﺭﻭﺍﻫﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ أحمد وغيره، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻗﺘﺒﺲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﻌﺪ ﻗﺮﻭﻥ ﺃﻭﻝ دساتيره، ﻭﺃﻓﺎﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺟﺪﺍ، ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ الدولي الى ﺍﻟﻴﻮﻡ” (4المصدر السابق، صـ 154)

ﻭﻗﺪ ﻋﺠﺒﺖ مؤتمرات المستشرقين مما ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ محمد ﺑﻦ الحسن الشيباني ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺍﻹﻣﺎﻡ أبي ﺣﻨﻴﻔﺔ في ﻛﺘﺎﺑﻪ المشهور “السير” ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻧﻪ ﺃﻭﻝ ﻛﺘﺎﺏ في ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ الدولي. (5المصدر السابق، صـ 155)

حضارة قيم وموازين

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺫﺍﺕ ﻗﻴﻢ ﻭﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺧﺎﺻﺔ ومعايير ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﻟﻜﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ الخاص ﺍﻟﺬﻱ تختلف ﺑﻪ ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ الحضارات. (6المصدر السابق، صـ 158)

ﻓﻠﻴﺴﺖ القوة في الإسلام هي القوة العسكرية أو القوة البدنية وحدها، ﻭﻟﻴﺲ المفلس ﻣﻦ ﻓﻘﺪ ﻣﺎﻟﻪ ﻓﻘﻂ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ الغنى ﻟﻴﺲ ﻋﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺃﻋﺮﺍﺽ الدنيا، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺷﻮﺓ ﻭﺳﺮﻗﺔ المال ونهب الثروات فقط، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻛﻞ ﺧﻠﻞ في ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻭ في ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺃﻭ في المجتمع….الخ (7المصدر السابق، صـ 159)

ﻭﻟﻴﺴﺖ الجاهلية ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻘﻂ؛ بل ﻫﻲ ﻣﺮﺽ ﻋﻀﺎﻝ ﻳﻘﻊ في ﺃﻱ ﺯﻣان. (8المصدر السابق، صـ 159)

ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺭﻳﺎﺩﺓ العالم ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻭﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ المسماة “ذكية” ﻭﻻ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻡ المادي ﻭﺍﻟﺮﻗﻲ العمراني فقط. (9المصدر السابق، صـ 161)

حضارة إنسانية

ﺃنها ﺣﻀﺎﺭﺓ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻜﻞ بني ﺁﺩﻡ ﻻ تختص ﺑﻌﺮﻕ ﺃﻭ ﺟﻨﺲ ﺃﻭ ﻟﻮﻥ.

ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻈﻞ ﺑﻈﻞ الحضارة ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺃﻣﻦ ﻭﺍﻃﻤﺄﻥ ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ ﺩﻳﻨﻪ ﺃﻭ ﻋﺮﻗﻪ ﺃﻭ ﻟﻮﻧﻪ.

ﻭﻟﻴﺲ في اﻹﺳﻼﻡ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ  كالهندوس، ﻭﻻ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻛﺎﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ، ﻭﻻ ﻃﺒﻘﺔ ﺃﺭﺳﺘﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺑﺮﺟﻮﺍﺯﻳﺔ ﻭﻃﺒﻘﺔ ﻛﺎﺩﺣﺔ “ﺑﺮﻭﻟﻴﺘﺎﺭﻳﺎ” ﻛﻤﺎ في اﻟﻐﺮﺏ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺩﻡ ﺃﺯﺭﻕ يجري في ﻋﺮﻭﻕ الملوك ﻭﺍﻟﻨﺒﻼﺀ، ﻭﺩﻡ ﻋﺎﺩﻱ ﻟﻠﻌﺒﻴﺪ ﻭﺃﺭﻗﺎﺀ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻦ ﻭﻳﺘﻮﻫﻢ ﺍﻹﻗﻄﺎﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﻮﻥ.

ﻭﻟﻴﺲ في ﺷﺮﻳﻌﺘﻪ ﺷﻌﻮﺏ ﻣﺘﺤﻀﺮﺓ ﻭﺷﻌﻮﺏ ﺑﺮﺑﺮﻳﺔ همجية ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ.

ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺟﺎﻝ ﺩﻳﻦ ﻭﻋﻠﻤﺎﻧﻴﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ.

ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ عالم ﺃﻭﻝ ﺣﺮ وعالم ﺛﺎﻟﺚ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻦ الرأسماليون والجاهليون في ﺍﻟﻐﺮﺏ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺮﻕ ﺃﺑﻴﺾ ﺭﺍﻕٍ ﻭﻋﺮﻕ ﺃﺳﻮﺩ ﺃﻭ ﻣﻠﻮﻥ ﻣﻨﺤﻂ، ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻢ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﻮﻥ في ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺗﺮﺍﻣﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﺇﻥ غير ﺍﻟﺒﻴﺾ ﻫﻢ حثالة ﺍﻟﺒﺸﺮ..! (10المصدر السابق، صـ 165)

ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮﻳﺔ محقة ﻭﺃﻗﻠﻴﺔ ﻣﺒﻄﻠﺔ.

ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻗﻠﻴﺔ ﺣﺎﻛﻤﺔ ﻣﺴﺘﺒﺪﺓ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺃﺳﺮﺓ ﻭﻻ ﺣﻜﻢ ﻓﺮﺩﻱ ﻣﻄﻠﻖ، ﻭﻻ ﻓﺮﻋﻮﻧﻴﺔ.

ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ “ﺛﻴﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ” ﻭﻻ ﻓﺮﺩ ﻣﺘﺴﻠﻂ “ﺃﻭﻟﻴﻐﺎﺭﻛﻴﺔ “ﻭﻻ ﺣﻜﻢ ﺃﻗﻠﻴﺔ “ﻣﺎﻧﻮﺭﻛﻴﺔ”. (11المصدر السابق، صـ 166)

ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻮﺍﻃﻦ يحمل الجنسية وأجنبي ﻻ يحملها، ﺑﻞ الأجنبي ﻫﻮ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻠﺪﻩ، والمسلم ﻳﺴﻜﻦ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﺷﺎﺀ. (12المصدر السابق، صـ 166)

ﻭﻻ ﺗﻌﺘﺮﻑ الحضارة ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ بأمتين إحداهما ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻓﻬﺬﺍ ﻣﺰﺝ بين اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺭﺣﻢ ﷲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺼﻞ ﻣﺎ في ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻔﺎﺳﺪ، ﻭﻣﺜْﻠﻬﺎ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻄﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺮﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻄﻮﺍﺭﻗﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ الهندية ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ البربرية ﺃﻭ ﺃﻱ ﻗﻮﻣﻴﺔ في ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻐﺮﺏ. (13المصدر السابق، صـ 167)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻋﺪﻝ ﻣﻄﻠﻖ

ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ المطلقة في ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﺑﻪ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ، ولم يحد ﻋﻨﻪ النبي صلى الله عليه وسلم ﻭﻻ ﺧﻠﻔﺎﺅﻩ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻭﻥ ﺃﻭ ﺻﺤﺎﺑﺘﻪ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺃﻭ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻗﻴﺪ ﺷﻌﺮﺓ، ﻭﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻃﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ وسير ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ: “ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﻟﻜﻞ ﺃﺣﺪ في ﻛﻞ ﺣﺎﻝ”. (14المصدر السابق، صـ 168)

ومما ينافي ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ، ﻓﻠﻴﺲ في ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻈﻨﻮﻥ.

عدل شامل في الأقوال والأفعال والمعتقدات.

عدل مع العدو والصديق، والقريب والبعيد.

عدل ﻭﺍﺟﺐ حتى ﻣﻊ  المشركين  ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﺪﻭﻥ ﺃﻫﻞ الإيمان ﻋﻦ بيت الله الحرام. (15المصدر السابق، صـ 169)

ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ (البراجماتية) التي تجعل المصلحة فوق المبدأ. (16المصدر السابق، صـ 175)

ﻭﺑﺎﻟﻌﺪﻝ الرباني ﻛﺎﻧﺖ المجتمعات ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺃﻗﻞ المجتمعات ﻏﺸﺎ ﻭﺳﺮﻗﺔ ﻭﺗﺰﻭﻳﺮﺍ. (17المصدر السابق، صـ 182)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﻇﺎﻫﺮ

ﻓﻼ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺮﺍﺋﺮ ﻭﺍﻟﻨﻴﺎﺕ ﺑﻼ ﻋﻠﻢ، ﻭﻻ ﺗﻘﺘﺪﻱ بما ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻫﻮ غير مختار ﻟﻪ، ﻭﻻ ﺗﺘﻜﻠﻒ ﺑﺎﻃﻨﺎ ﻳﻨﻜﺮﻩ ﺻﺎﺣﺒﻪ.

ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻛﺮﺍﻩ ﻭﻻ محاكم ﺗﻔﺘﻴﺶ ﻭﻻ ﺻﻜﻮﻙ ﻏﻔﺮﺍﻥ ﻓﺎﻷﺻﻞ في ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻫﻮ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﻨﻴﺔ والقصد، ﻭﺍﻷﺻﻞ في المسلم ﺃﻧﻪ ﻳﺼﻠﻲ ﻭﻳﺘﻘﻰ ﷲ ﻭﻻ ﻳﺸﺮﺏ الخمر ﺃﻭ يزني.

ﻭﺍﻟﻌﺎﻟِﻢ في اﻹﺳﻼﻡ ﻟﻪ منزلته ﻟﻜﻦ ﻻ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﻟﻪ ﺑﺬﻧﻮﺑﻨﺎ ﻭﻻ يملك ﺻﻚ ﻏﻔﺮﺍﻥ. (18المصدر السابق، صـ 183)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻋﻔﻮ ﻭﺇﺣﺴﺎﻥ

والحضارة الغربية اليوم لا تعامل بالعدل ولا تقف مع الحق، أما العفو فهو بعيد عنها.

فالعدل واجب والإحسان مستحب. (19المصدر السابق، صـ 186)

ﺣﻀﺎﺭﺓ المساواة

المساواة المطلقة ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﺷﺮﻋﺎ ﻭﻋﻘﻼ، ﺃﻣﺎ المساواة ﻓﻴﻤﺎ يمكن ﻓﻴﻪ المساواة ﻓﺤﻖ، ﻭﺍﻟﺸﺮﻉ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻴﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ.

والمساواة قيمة تفتقر اليها البشرية اليوم.

وبالمساواة ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ بين اﻟﻌﺮﻭﻕ المختلفة، ﻭباﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻫﻲ ﺳﺒﺐ ﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﻭﺑﻼﻝ الحبشي ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ أبي ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻭﺳﻬﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ وأمثالهما ممن ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺳﺎﺩﺓ معظمين في الجاهلية، ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ الجاهلية، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺩﻋﻮﻯ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ.

ﻓﻘﺎﺭﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﻨﺼﺮﻳﺔ “ﺗﺮﺍﻣﺐ” ﻭﻣﺎ ﺳﺠﻠﻪ ﻋﻤﺮ ﻛﺘﻨﺎ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺔ “الجذور”، ﻭﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ “ألبرت ﺇ.ﻛﺎﻥ” في “ﻣﺼﺮﻉ الديمقراطية” ﻭﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻛﺎﺭﺗﺮ ﻣﻦ ﺗﺄﺻُّﻞ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ في المجتمع ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ، وما كتبته “ﻫﺎﺭﻳﻴﺖ ﺳﺘﻮ” في “ﻛﻮﺥ ﺍﻟﻌﻢ ﺗﻮﻡ”.

ﻭﻫﺐ ﺃﻥ “ﺗﺮﺍﻣﺐ” الأصولي ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ ﺃﺧﻔﻖ في ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ولم ﻳﺼﻮّﺕ ﻟﻪ ﺇﻻ (40%) ﻣﻦ الأمريكيين ﺃﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ كثيرا؟ (20المصدر السابق، صـ 188)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺣﻖ يجب ﻗﻮﻟﻪ ويحْرُم كتمانه

ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻣﻘﻴﺪﺓ ﺑﺎﺗﺒﺎﻉ الحاكم ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ الدكتاتوريون، ﻭﻻ ﻫﻲ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻢ الديمقراطيون، ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺣﻘﺎ، ﻭﺃﻥ يجهر ﺑﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺘﻤﻪ ﺣﺮﺍﻣﺎ ﻓﻼ ﻗﻴﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﺧﻄﻮﻁ حمراء ﺇﻻ ﻣﺎ ﻻ يجوز شرعا. (21المصدر السابق، صـ 191)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺣﺐ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ

ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ مما ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ المجتمعات ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ تخلف ﻣﺎﺩﻱ ﻭﺗﺄﺧﺮ تقني ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ التي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﷲ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﻟﺸﺮﻋﻪ، ﻭﻟﻨﺎ ﻣﻴﺰﺍﺕ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﺗﻨﺪﺭ ﺃﻭ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ في ﺍﻟﻐﺮﺏ المادي الجاف. (22المصدر السابق، صـ 193)

وبما ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻧﺮﻯ كثيرا ﻣﻦ الغربيين ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ في ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻮ ﺃنهم ﺭﺃﻭﺍ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ؟ (23المصدر السابق، صـ 194)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻃﻴﺒﺎﺕ

ﻭﷲ تعالى ﻃﻴﺐ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺇﻻ ﻃﻴﺒﺎ، والرسول صل الله عليه وسلم أطيب الخلق، وقد وصفه ربه بأنه يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. (24المصدر السابق، صـ 194)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺃﺧﻼﻕ

ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ الكريمة التي ﺣﺚ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻛﻈﻢ ﺍﻟﻐﻴﻆ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻐﻀﺐ، ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ الى ﻛﻞ ﺫﻱ ﻛﺒﺪ ﺭﻃﺒﺔ، حتى ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻓﺮﺍ ﺃﻭ ﻛﻠﺒﺎ ﺃﻭ بهيمة ﺃﻭ طيرا ﺃﻭ ﺣﺸﺮﺓ.

ﻭﺍﻟﺼﻔﺢ، ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﺒﻬﺘﺎﻥ والحسد والحقد والكِبْر، ﻭﻛﻞ ﻣﺮﺽ قلبي.

ﻭﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﺼﺪﻕ في ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ.

ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻖ الجار ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻓﺮﺍ.

والحياء، ﻭﺇﻣﺎﻃﺔ ﺍﻷﺫﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻭﻏﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻌﻔﺎﻑ، ﻭﺻﻠﺔ ﺍﻷﺭﺣﺎﻡ، ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻐﺶ في ﺃﻱ ﺷﻲﺀ، ﻭﺷﻜﺮ المحسن، والحِلم، والتأني، ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ، ﻭﺗﺮﻙ ﻣﺪ العين ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺍﻷﻣﺎﻧﺔ في ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻓﻌﺎﻝ.

ﻭﻧﺼﺮﺓ المظلوم، ﻭﺍﻟﺬﺏ ﻋﻦ ﻋﺮﺽ المسلم في ﻏﻴﺎﺑﻪ، ﻭﺇﻓﺸﺎﺀ ﺍﻟﺴﻼﻡ حتى ﻋﻠﻰ ﻣﻦ لم ﻳﻌﺮﻓﻪ المسلم، ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ الخيري، وإعارة الإناء، وغيره. (25المصدر السابق، صـ 196)

ﻭالغرب ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﻼﻋﺐ بالمصطلحات وكثيرا ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺴﻬﺎ، ﻓﻴﺴﻤﻲ ﺍﺣﺘﻼﻟﻪ “ﻣﻄﻠﺒﺎ ﺣﻜﻮﻣﻴﺎ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺣﺮﺑﻪ ﻟﻺﺳﻼﻡ “ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ المنتخبين ﺃﻭ عزلهم “ﻗﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ”.

ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺇﻣﺪﺍﺩﻩ المستمر ﻟﻠﺼﻬﺎﻳﻨﺔ “ﻧﺸﺮﺍﹰ للديمقراطية”، ﻭﻳﺴﻤﻲ المسلمين “ﻫﺮﺍﻃﻘﺔ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﻏﺰﻭﻩ ﻟﺒﻼﺩ المسلمين “تحريرا”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺗﺴﻠﻄﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ “ﻭﻓﺮﺓ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ “ﻓﺪﺭﺍﻟﻴﺔ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﻭﺣﺸﻴﺘﻪ “ﺣﻘﻮﻗﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺩﻳﺎﺛﺘﻪ “ﺗﻄﻮﺭﺍ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﻇﻠﻤﻪ “ﻣﺴﺎﻭﺍﺓ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﻫﻴﻤﻨﺘﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ “ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭﻩ “ﺗﺴﻮﻳﻘﺎ”.

ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺇﺧﻀﺎﻋﻪ ﻟﻠﻀﻌﻔﺎﺀ “ﺗﻔﺎﻭﺗﺎ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﺘﻔﺘﻴﺘﻪ “ﺣﺴﻦ ﺟﻮﺍﺭ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﻋﻤﻼﺀﻩ “ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺍﻟﻠﺼﻮﺻﻴﺔ “ﺗﻨﻤﻴﺔ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﻣﻮﺍﻃﻨﻴﻪ “ﺧﱪﺍﺀ ” ﺃﻭ ﻣﺴﺘﺸﺎﺭﻳﻦ، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺍﻟﺮﺑﺎ “ﻓﺎﺋﺪﺓ”.

ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ “ﻣﻜﻮﻧﺎ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ “ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ المصير”، ﻭﻳﺴﻤﻲ المسلمين المحرومين ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺏ في ﺑﻮﺭﻣﺎ “ﺃﻗﻠﻴﺔ ﺑﻨﻐﺎﻟﻴﺔ”.

ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺃﻱ ﺩﻋﻮﺓ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ المنقرضة “ﺗﻨﻮﻋﺎ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺍﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ “ﺇﺭﺛﺎ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺎ”، ﻭﻳﺴﻤﻲ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ “ﺁﺛﺎﺭﺍ”، ﻭﻋﻤﻮﻣﺎ ﺇﺫﺍ سمعت ﻭﻗﺮﺃﺕ تصريحا ﺃﻭ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﻷﻱ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﺎﻟﺖ ﺇنها ﻓﻌﻠﺖ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ، ﺃﻭ الديمقراطية، ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻥ تحت ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻏﺮﺿﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻧﻔﻌﻴﺔ. (26المصدر السابق، صـ 198)

ﻭﻳﻘﻒ ﻣﻊ الانقلابيين في ﻣﺼﺮ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻊ الديمقراطية في ﺗﺮﻛﻴﺔ، ﻭﻫﻜﺬﺍ في الجزائر ﻭﺑﻮﺭﻣﺎ ﺑﻞ في ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ المسلمون ﻓﻮﻕ  90% ويحكمهم نصراني. (27المصدر السابق، صـ 198)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻭﻓﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺰﺍﻡ

ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻣﻴﺰﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ الحضارات التي ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻧﺘﻬﺎﺝ ﻣﻮﺍﻋﻴﺪ ﻋﺮﻗﻮﺏ، ﻭﺃﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ يمحوه ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻛﺤﺎﻝ الحضارة ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ المعاصرة.

ﻭﻟﻴﺲ في ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺃﻭ ﻣﻮﺍﺛﻴﻖ ﻻ ﺗﺴﺎﻭﻱ ﻗﻴﻤﺔ المداد ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺒﺖ ﺑﻪ، ﻣﺜﻞ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺟﻨﻴﻒ ﻭﻻﻫﺎﻱ، ﻭﻣﻴﺜﺎﻕ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ تحريم ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ، ﻭﻣﻴﺜﺎﻕ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻄﻔﻞ، ﻭﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ تحريم ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ. (28المصدر السابق، صـ 202)

ﺃنها ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﺃﻟﻔﺔ

ﻓﻼ تجعل العالَم ﻣﻌﺴﻜﺮﻳﻦ متحاربين ﺇﻣﺎ بالحرب ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻧﻔﻌﻴﺔ بحتة، ﻭﻻ تجعله حلفين متعاديين، ﻭﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺃﺣﺪ الحلفين ﺃﻭ المعسكرين ﺍﻓﺘﺨﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﺤﺎﺯﺍ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ المسلمون ﺃﻣﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻬﻤﺎ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﻟﻐﺎتهم وألوانهم ﻭﺃﻋﺮﺍﻗﻬﻢ.

ﻓﺎﻟﺪُّﻭﺭ ﺩﺍﺭﺍﻥ ﺇﻣﺎ ﺩﺍﺭ ﻛﻔﺮ ﻭﺇﻣﺎ ﺩﺍﺭ ﺇﺳﻼﻡ ﻭﻛﻞ ﺩﺍﺭ بحسب سكانها ﻭﻣﺎ يجري ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ، ﻭﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ الشعائر. ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭنهى ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻔﺮﻕ ﺑﺎﻻﺑﺘﺪﺍﻉ ﺃﻭ الكفر. (29المصدر السابق، صـ 202)

ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻋﻤﻞ

ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﺃﻱ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﺍﻣﺘﺜﺎﻝ، وليست شريعتنا مجرد ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻭﺟﺪﺍﻧﻴﺔ ﻫﺎﺋﻤﺔ ﺃﻭ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ يمكن لأي أحد أن يرفعها، ﺃﻭ ﻋﻮﺍﻃﻒ يمكن ﻟﻜﻞ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻴﻬﺎ، ﻭﻻ ﻫﻮ ﺍﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﺃﻭ ﻣﻮﺍﻟﺪ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﻫﻞ البدع.

ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ المحكّ الحقيقي للإيمان، ﻭﺇﻻ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺐ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﻳﺘﻪ ﺃﻭ ﻃﺎﺋﺮﺗﻪ “ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ”، ﺃﻭ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ أو ﻳﺴﻤﻲ ﻧﻔﺴﻪ أمير المؤمنين، ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ، ﺑﻞ حتى ﻣﻦ ﻧﺎﻓﻖ ﻭﺃﻗﺴﻢ بالأيْمان ﺃﻧﻪ ﺻﺎﺩﻕ ﺃﻣﺮﻩ ﷲ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ. (30المصدر السابق، صـ 207)

ﻓﺄﻳﻦ ﻫﺬﻩ الحضارة النيرة ﻣﻦ الحضارة ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ المظلمة التي ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﻙ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ وتترهبن، ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬ بجشع ﺗﻘﻄﻊ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﻣﺎ لم ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻨﺘﺠين. (31المصدر السابق، صـ 208)

………………………………………..

هوامش:

  1. “المسلمون والحضارة الغربية”، الشيخ سفر الحوالي، صـ 144.
  2. المصدر السابق، صـ 150.
  3. المصدر السابق، صـ 153.
  4. المصدر السابق، صـ 154.
  5. المصدر السابق، صـ 155.
  6. المصدر السابق، صـ 158.
  7. المصدر السابق، صـ 159.
  8. المصدر السابق، صـ 159.
  9. المصدر السابق، صـ 161.
  10. المصدر السابق، صـ 165.
  11. المصدر السابق، صـ 166.
  12. المصدر السابق، صـ 166.
  13. المصدر السابق، صـ 167.
  14. المصدر السابق، صـ 168.
  15. المصدر السابق، صـ 169.
  16. المصدر السابق، صـ 175.
  17. المصدر السابق، صـ 182.
  18. المصدر السابق، صـ 183.
  19. المصدر السابق، صـ 186.
  20. المصدر السابق، صـ 188.
  21. المصدر السابق، صـ 191.
  22. المصدر السابق، صـ 193.
  23. المصدر السابق، صـ 194.
  24. المصدر السابق، صـ 194.
  25. المصدر السابق، صـ 196.
  26. المصدر السابق، صـ 198.
  27. المصدر السابق، صـ 198.
  28. المصدر السابق، صـ 202.
  29. المصدر السابق، صـ 202.
  30. المصدر السابق، صـ 207.
  31. المصدر السابق، صـ 208.

لتحميل البحث كاملا على الرابط التالي:

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة