مع وضوح صفات الطائفة المنصورة؛ فهي تتمثل اليوم في فئات متعددة ومتنوعة. يجب على المرء أن يكون منها للنجاة وأن يتمثل مواقفها، ويحرم عليه خذلانها أو خذلان أهلها.

مقدمة

تناولت هذه الدراسة في المقال الأول الأول محورية عقيدة الولاء والبراء .. وفي المقال الثاني مرويات الحديث وبيان تواتره. وفي المقال الثالث أنها لا يخلو منها زمان وانها طائفة من أمة محمد وكونها على الحق. وفي المقال الرابع صفة وكونهم ظاهرين منصورين ومجاهدين وصابرين على اللأواء. وفي المقال الخامس أنهم غير محصورين في مكان واحد، وبيان مرتكزات وصفهم في كتاب الله. وفي المقال السادس تناولت الدراسة ربطها بواقعنا المعاصر..

وفي هذا المقال وقفات أخرى.. ألا تدعي جماعة انحصار الطائفة المنصورة فيها، ووجوب البحث عنها والانتماء اليها والصبر على ذلك، ودور المرأة المسلمة، والحذر من خذلان الطائفة المنصورة..

وقفة ثانية:

الطائفة المنصورة لا تنحصر في حزب أو جماعة بعينها

الطائفة المنصورة هي كما جاء في الحديث طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المسلمة، وليست هي طائفة المسلمين..

فمن يزعم أنه هو وجماعته وحزبه هم الطائفة المنصورة ويحصرها بذلك؛ فهذا انحراف عن منهج الطائفة المنصورة، ومن عقَد الولاء والمحبة على جماعته وحزبه فقد خالف منهج الطائفة المنصورة؛ إذ الطائفة المنصورة أوسع وأشمل من هذه الحزبية الضيقة.

فهم كما قال الإمام النووي رحمه الله تعالى:

ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين، منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدِّثون، ومنهم زُهّاد، وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونوا متفرقين في أقطار الأرض. (1«شرح مسلم» للنووي (5/ 58، 59))

من يمثلهم في واقعنا المعاصر

وبناء على هذا المفهوم الواسع للطائفة المنصورة نستطيع القول بأنهم في واقعنا المعاصر يمثلون كل من قام لنصرة دين الإسلام الحق على منهج السلف الصالح يبتغي بذلك وجه الله عز وجل مستعينًا بالله تعالى متبرئًا من الحول والقوة، وهذه الأوصاف اختصرها الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في قوله: «من قام بالحق لله وبالله». (2«إعلام الموقعين» (2/ 178))

وإذا أردنا أن نتعرف عليهم في واقعنا المعاصر فسنجدهم الفئات التالية:

  • فئة العلماء العاملين المبلغين الدين الحق للناس والقائمين بجهاد الحجة بالبيان، الذين ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين فيبينون للناس بنور علمهم سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين، ويقودون الأمة إلى العزة والكرامة، ويحيون فيها عقيدة الولاء والبراء والمعاداة في الله والموالاة فيه.
  • فئة المجاهدين في ثغور المسلمين الذين نفروا للدفاع عن ديار المسلمين وجهاد الكفار والغزاة في كل صقع من أصقاع المسلمين، وكانوا على منهج السلف في العقيدة والسلوك.
  • فئة المحتسبين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والمتصدين لكل مفسد كافر أو منافق وفاسق يريد نشر الرذيلة والتغريب في مجتمعات المسلمين.
  • فئة الدعاة والمربين الذين نفروا للدعوة إلى الله عز وجل بمختلف وسائلها، واهتموا بجانب التربية والتزكية لأبناء المسلمين وهيئوا لهم محاضن وأجواء ومناهج تحقق لهم أهدافهم.
  • فئة المناصرين والداعمين والمحبين للفئات السابقة المخذلين عنهم الذابّين عن أعراضهم، الفرحين بوجودهم، وذلك كالأغنياء الصالحين الداعمين للفئات السابقة بأموالهم..
    وفئات الوجهاء المناصرين لهم بجاههم ومكانتهم، وفئات المحبين لهم من أهل الإعلام ومواقع الشبكة العنكبوتية الذين يعرّفون الناس بالطائفة المنصورة وفئاتها ويدافعون عنها ويبينون فضلها وجهادها وأثرها في الناس، ويدفعون عنها شبهات المشبهين وتلبيس الملبسين من الكفار والمنافقين.

وبالجملة؛ فيدخل في الطائفة المنصورة كل داعم محب لها معادٍ لأعدائها ناصح لها باذلًا دعاءه لهم من عامة وخاصة.

من يخرج عنها اليوم

ومن لم يكن من هذه الفئات السابقة بأن كان مخالفًا للطائفة المنصورة أو مخذلًا لها أو متفرجًا لا يهمه إلا أمور دنياه وأهله وولده، ولا عليه بعد ذلك ما أصاب الإسلام والمجاهدين في سبيله الداعين إليه لا يفرح لفرحهم ولا يحزن لمصابهم..

فإن كل أولئك غير داخلين في الطائفة المنصورة وإن لم يكونوا على درجة واحدة في الإثم والعداء؛ فالمخالف لهم يدخل فيهم الكفار والمنافقون ودونهم المبتدعة من أهل القبلة، والمخذل في الغالب يكون من المنافقين أو من أهل السنة القاعدين.

لزوم النقص، وتوزع فروض الكفاية، يمنع الادعاء

إنه لا يمكن لفئة بعينها وبخاصة في عصورنا المتأخرة أن تقول إنها جمعت صفات الطائفة المنصورة كلها أو أنها أحق بها من غيرها؛ لأن تكاليف الشريعة من فروض الأعيان والكفايات موزعة على الجميع من جهة، ولأن النقص متلبس بالجميع من جهة أخرى… ولولا وجود هذا النقص البيّن لما تأخر النصر.

ويمكن تدارك هذا النقص؛ بل يجب تدراكه. والمطلوب ممن يرجون النصر والعزة أن ينصر السنة ويجتمعون عليها ابتغاء وجه الله تعالى، وحتى يكونوا حقًّا من أهل السنة والجماعة المنصورين المستجمعين لمؤهلات نصر الطائفة المنصورة.

توزُع المهام يوجب التوادّ والتعاون

النظر إلى تنوع الفئات السابق ذكرها والتي نفرت لنصرة هذا الدين، وكأنها جامعة مشتملة على كليات وتخصصات عدة يكمل بعضها بعضًا، وتجمعها جامعة واحدة، وإن اختلفت وسائل النصرة من السيف إلى البيان إلى التربية والاحتساب والدعوة إلى الله عز وجل.

والنظر إلى هذا الاختلاف على أنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، وبناء على هذه النظرة فإن التعاون والتواد بين هذه الفئات هو الذي ينبغي أن يسود كما ينبني عليه أيضًا أن تفرح كل طائفة نفرت في مجال معين بما تقوم به الطائفة الأخرى من جهاد وتبذل لها الدعاء والمعونة حسب الاستطاعة.

وعلى هذا فإنه لا يسوغ لطائفة نفرت في جهاد الغزاة الكافرين باليد والسنان أن تهوِّن من شأن من نفرت في جهاد العلم والدعوة والبيان، لكونها لم تنفر في جهاد السنان..

وكذلك الحال بمن نفر في جهاد البيان أو التربية والتحصين لا يسوغ له أن يهون من شأن من نفر للدفاع عن بلدان المسلمين بالسنان..

بل ينبغي لكل طائفة أن تنظر إلى أختها التي نفرت في عمل آخر على أنها تقوم بنوع من الجهاد تسانده وتفرح بما يتحقق على يد أفرادها من خير يُفتح أو شر يُغلق.

نعم؛ من استطاع أن يضرب مع كل طائفة بسهم، فيكون من أهل الثغور في جهادهم، ومع أهل العلم والبيان وردّ شبهات المشبهين في بيانهم، ومع المربّين وأهل الاحتساب في احتسابهم وتربيتهم؛ فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولكن أهله قليل وليس في مقدور أكثر الناس.

وقفة ثالثـــــة:

وجوب البحث عن، والانتماء الى، الطائفة المنصورة

الانتماء إلى الطائفة المنصــورة وصبر النفس مع أهلها على ما يصيبهم من اللأواء..

بعد أن تبين لنا صفات الطائفة المنصورة وخصائصها وأنها باقية إلى أن يقاتل آخرها المسيح الدجال لم يبق للمسلم الذي يريد لنفسه النجاة في الدنيا والآخرة إلا أن يبحث عنها وينتمي إلى منهجها وإلى ما تتصف به من الفهم الصحيح والعقيدة النقية والقصد الحسن..

وقد تكون في بعض الأزمنة أو الأمكنة قليلة أو مستضعفة؛ فعلى المسلم أن يتحسس أهلها وينصرهم حتى يكثر سوادهم وتقوى شوكتهم.

الاستعانة برب العالمين للإهتداء

وإن الاهتداء لهذه الطائفة المباركة لا يكفي للمسلم فيه أن يجد هذه الطائفة ويعرف أهلها، بل عليه أن يسأل ربه العون والهداية والتوفيق قبل ذلك وبعده..

فكم من عارف للحق وأهله منعه الهوى وحظوظ النفس من قبوله، بل وُجد من عادى الحق وأهله مع إقراره بأنهم على الحق وهو على الباطل نعوذ بالله من ذلك.

فلا توفيق إلا بالله ولا هادي لمن أضل الله ولا مضل لمن هداه؛ ولذا وجب سؤال الله عز وجل الذي بيده قلوب العباد وهدايتهم..

الاهتداء للحق بمعرفته أولًا والانقياد له ثانيًا.. وهذا هو صراط المنعم عليهم الجامعين بين معرفتهم بالحق وانقيادهم له.

ومن الأدعية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو رسول الهداية والحق يواظب عليها في افتتاح صلاة الليل قوله صلى الله عليه وسلم:

«اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، إهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم». (3مسلم (770))

زاد الصبر في الطريق

فيوطن المسلم الذي شرفه الله عز وجل بأن يكون من هذه الطائفة على الصبر مع هذه الطائفة؛ وذلك على ما يصيبهم من اللأواء والابتلاءات والعقبات التي اقتضتها سنة الله عز وجل وحكمته في الصراع بين الحق والباطل واقتضت سنته سبحانه في هذا الصراع أن تكون العاقبة فيه للمتقين الصابرين.

قال تعالى: ﴿وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ (آل عمران: 120).

وقال سبحانه: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ (آل عمران: 186).

مظاهر العداوة الموجبة للصبر

وقد ظهرت هذه العداوة وهذا الكيد من الكفار والمنافقين على هذه الطائفة بشكل جلي في هذه السنوات الأخيرة من واقعنا المعاصر..

حيث ركز الغرب والشرق “الكافران” ومن حالفهم من المنافقين حربهم وحقدهم على المسلمين السنة بعامة، وعلى الطائفة المنصورة من أبناء السنة التي رفضت إملاءات الكفرة والمنافقين، وأصرت على التمسك بالعروة الوثقى التي هي دعوة الأنبياء من اتبعهم من الموحدين، ورفعوا راية المعاداة والموالاة في الله سبحانه، وجاهدوا في سبيلها ورفضو الإسلام المحرف المفرغ من مضمونه وأصوله وثوابته ـ بخاصة.

نعم؛ لقد رفضوا هذا الإسلام الذي تريده أمريكا ومعها الغرب والشرق والمنافقون، الإسلام المبدل المحرف، ومَن لم يلبس هذا الثوب المفصل في أمريكا عن الإسلام فهو المتطرف الإرهابي الذي يجب أن يحارَب ويمحَى من الوجود.

وقد انطلقت هذه الحرب على خمسة أصعدة: على الصعيد العسكري، والصعيد الفكري العقدي، والصعيد الاقتصادي، والصعيد السياسي، والصعيد الإباحي واللاأخلاقي. (4يرجع إلى رسالة «المشروع الأمريكي في حرب أهل السنة» للمؤلف)

ويمكن وصف هذه الحرب بأنها حرب عالمية شاملة على هذه الطائفة ولكن يأبى الله عز وجل إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، ولا خوف على دين الله عز وجل؛ فقد تكفل الله بحفظه وظهوره على الدين كله ولو كره المشركون..

وإنما الخوف على أنفسنا إن نحن نكلنا وتقاعسنا عن نصرة دين الله عز وجل وخسرنا هذا الشرف العظيم فأعطاه الله لغيرنا: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ (محمد: 38).

لا يستخدموك .. ولا يهولنّك أمرهم

فانظر أخي المسلم واحذر من فتنة هذه الحرب التي استخدم فيها العدو الكافر ما في إمكانياته من الإعلام والمال والسلاح والعملاء..

بل وساعدهم في ذلك المنافقون والخونة من بني جلدتنا واستخدموهم ذراعًا يضربون به الإسلام الحق وأهله، بل بلغ من خبثهم وكيدهم أن وظفوا أقوالًا ومواقف بعض المنتسبين للعلم والدعوة من أبناء المسلمين في حربهم وتحقيق أهدافهم.

فاحذر أيها المسلم أن يستخدمك أعداؤك الكفرة في مشاريعهم ويوظفوك في حربهم وعداوتهم لإخوانك السنة وأنت لا تشعر، ولْيكن همك إرضاء ربك بالإخلاص له والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاداة أعداء الله وموالاة أولياء الله..

ولا يهولنك قوة اليهود والنصارى والكفار بعامة فيدفعك ذلك إلى محاولة إرضائهم وقبول مساومتهم..

فوالله لقد أصبحت عداوتهم مكشوفة مفضوحة ابتداء من هيئة الأمم الكافرة ومجلس الخوف الإجرامي، ومن فيه من أهل الفيتو أئمة الكفر؛ حيث لا يوجد طائفة في الأرض يحاربها العالم بأسره إلا طائفة أهل السنة المنصورة..

فهل تريد أخي المسلم أن تلقى الله عز وجل والنصارى والكفار راضون عنك أم تلقاه وهم يحاربونك ويحاربون عقيدتك وطائفتك التي وصفها الله عز وجل ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ (المائدة: 54) وفي هذا رضا الله عز وجل وجَنّاته.

وقفة رابعة:

المرأة المسلمة

إن الحرب التي يشنها العدو الكافر على عقيدة المسلمين وتدمير بلدانهم واقتصادهم لم تَسلم فيه المرأة المسلمة من هذه الحرب، بل كانت في سلم الأولويات في مشروع الكفار وحربهم..

حيث ما فتئوا منذ زمن ـ ولاسيما في الأزمنة المتأخرة ـ يوجهون سهام الفساد والرذيلة والشبهات على المرأة المسلمة لتبدِل دينها وسلوكها، ولترخص عرضها كما هو الحال عندهم في المرأة الغربية ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ (النساء: 89).

ولما كان الأمر كذلك فلا جَرَم وجب على المرأة المسلمة المعاصرة أن تحذر من هذه الحرب المدمرة..

وذلك بانتمائها إلى طائفة أهل السنة القائمة بأمر هذا الدين ونصرته، وأن يكون لها دورها ومكانها المؤثر مع هذه الطائفة بما يناسب ظروفها وأوضاعها الاجتماعية، وأن يكون للداعيات وطالبات العلم منهن أثر في أخواتهن المسلمات والسعي في بيان العقيدة الصحيحة وتهيئة المحاضن الدعوية والتربوية لبنات جنسهم.

والمقصود؛ أن تشعر المرأة المسلمة بدورها في نصرة هذا الدين وبيان سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين ومواجهة الشبهات والشهوات التي يسعى أعداء هذا الدين من كفار ومنافقين في بثها في مجتمعات المسلمين، ولاسيما فيما يتعلق بشئون المرأة ودينها وأخلاقها وأسرتها.

وقفة خامسة:

إياك أن تخذلهم

احذر أخي المسلم أن تكون مخذلًا لطائفة أهل السنة المنصورة واحرص في المقابل أن تكون مخذلًا عنهم ناصرًا لهم..

ففرقٌ بين خذلانهم والتخذيل عنهم؛ فالأول مذموم والثاني محمود؛ لأن الخاذل لهم قد وضع نفسه ـ شعر أم لم يشعر ـ في صف المخالفين المعادين لطائفة أهل السنة، بينما المخذل عنهم يعد مناصرًا لهم ذابًّا عن أعراضهم يوالي من والاهم ويعادي من عاداهم..

وقد مر بنا في أكثر روايات حديث الطائفة المنصورة أن هناك من سيخالفهم وهناك من سيخذلهم.

من صور الخذلان

ونظرًا لأهمية هذه المسألة أسوق بعض الصور المذمومة في خذلان الطائفة المنصورة.

وفي بيان هذه الصور يتبين في مقابلها صور مناصرتهم والتخذيل عنهم، وهي أضدادها وعكسها وكما قيل أيضًا:

وبضدها تتبين الأشياء

وقيل:

والضد يظهر حسن الضد

فمن صور الخذلان لهم:

1- قبول الشائعات التي يثيرها عليهم أعداء الحق من الكفار والمنافقين ومن تأثر بشبهاتهم، وأسوأ من ذلك مشاركة هؤلاء المرجفين في نشر شبهاتهم في إعلامهم المغرض ضد طائفة الحق.

2- الاستماع للسخرية من هذه الطائفة والنيل من أعراض أهلها والتهم المثارة حولهم دون رد لهذه السخرية وإنكار لها، ودون الذَّب عن أعراضهم ونصرتهم ممن ظلمهم والبقاء مع الخائضين في هذا الباطل والعدوان في مجالسهم من غير إنكار أو هجر لهم.

وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ عِرْضُهُ إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَتُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ إِلا نَصَرَهُ اللَّهُ عز وجل فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ». (5«سنن أبي داود» (4884) و«مسند أحمد» (16369) وحسنة الألباني في «صحيح الجامع الصغير» (5690))

3- محاولة الإرجاف بهذه الطائفة وأهلها والسعي إلى تثبيطهم ونشر الإحباط واليأس في صفوفها؛ وذلك بالتقليل من شأنها وإمكانياتها وتضخيم قوة أعدائها وامكانياتهم.

4- عدم المبالاة بما يحصل لهم من ظلم أو عدوان أو ابتلاءات أو الشماتة بهم.

5- عدم الوقوف معهم في ملمّاتهم وحاجاتهم المالية والدعوية مع القدرة على ذلك.

6- نقد أخطاء بعض أفرادها التي هي من طبيعة البشر بصورة علنية وعلى منابر عامة ومحاولة تعميم هذه الأخطاء على الطائفة كلها وعلى منهجها؛ مما ينتج عنه خدمة لأعدائهم الذين يقومون بتوظيف هذا النقد الموجَّه لهم في مزيد من تشويه صورتهم عند الناس وفي تبرير المزيد من الظلم والعدوان عليها..

ولا يعني ذلك ترك الأخطاء بدون نصح وتصحيح، وإنما المقصود اجتناب النصح بصورة علنية تخدم الأعداء.

خاتمة

هذه بعض صور الخذلان لطائفة السنة ـ المنصورة ـ من قبل إخوانهم القاعدين من أهل السنة، إذ لا يتصور الخذلان من عدو كافر أو منافق..

وإنما يأتي الخذلان في العادة من الصاحب والمعاشر، فلا يقال: خذلني عدوي، وإنما يقال: خذلني صاحبي!

……………………………………..

هوامش:

  1. «شرح مسلم» للنووي (5/ 58، 59).
  2. «إعلام الموقعين» (2/ 178).
  3. مسلم (770).
  4. يرجع إلى رسالة «المشروع الأمريكي في حرب أهل السنة» للمؤلف.
  5. «سنن أبي داود» (4884) و«مسند أحمد» (16369) وحسنة الألباني في «صحيح الجامع الصغير» (5690).

لقراءة بقية السلسلة:

الطائفة المنصورة وواقعنا المعاصر (1-8) محورية الولاء والبراء

الطائفة المنصورة وواقعنا المعاصر (2-8) مرويات الحديث وبيان تواتره

الطائفة المنصورة وواقعنا المعاصر (3-8) لا يخلو منها زمان، وهي على الحق

الطائفة المنصورة وواقعنا المعاصر (4-8) ظاهرين، صابرين على اللأواء

الطائفة المنصورة وواقعنا المعاصر (5-8) وصْفُهم في كتاب الله

الطائفة المنصورة وواقعنا المعاصر (6-8) ارتباطها بالأحداث المعاصرة

الطائفة المنصورة وواقعنا المعاصر (8 – 8) حقيقة الصراع، ووجوب الثبات

لتحميل البحث كاملا على الرابط التالي:

التعليقات غير متاحة