الطائفة المنصورة وواقعنا المعاصر (2-8) مرويات الحديث وبيان تواتره

لو اتبعت الأمة سنن من قبلها لكن الله تعالى ضمن لها أن بها طائفة منصورة ثابتة على الحق ومميزة له ومعلنة به. وقد جاءت البشارات بها على لسان رسول الله، فنحن خليقون بالثقة بوعد الله ورسوله.

المحتويات

مقدمة

في المقال الأول كان بيان محورية عقيدة الولاء والبراء، ورغم ظهوره في النصوص الحكيمة من القرآن والسنة نجد مناقضة الواقع له، ولذا وجب معرفة صفات الطائفة المنصورة والانحياز اليها..

وفي هذا المقال بيان مرويات الحديث وصحته بل وتواتره عند بعض أهل العلم لما يُبنى عليه بعد ذلك..

مرويات أحاديث “الطائفة المنصورة”

صحت البشارة عن النبي صلى الله عليه وسلم باستمرار وجود الطائفة المنصورة من هذه الأمة إلى أن يأتي أمر الله؛ لا يضرهم خلاف المخالف، ولا خذلان الخاذل.

جاء ذلك في أحاديث كثيرة عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم..

منهم: المغيرة بن شعبة، ومعاوية بن أبي سفيان، وثوبان، وجابر بن سمرة، وجابر بن عبد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وزيد بن أرقم، وعمران بن حصين، وقرة بن إياس، وأبو هريرة، وعمر بن الخطاب، وسلمة بن نفيل الكندي، والنواس بن سمعان، وأبو أمامة الباهلي، ومرة بن كعب البهزي، وشرحبيل بن السمط الكندي، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم، إضافة إلى المراسيل.

ولذلك صرح عدد من العلماء المعتبرين بتواتر هذا الحديث؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية، والسيوطي، والزبيدي، والكتاني، وغيرهم. (¹)

وفيما يلي ذكر مرويات الحديث:

عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ». (²)
وعن معاوية رضي الله عنه قال: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ما يضرهم من كذبهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك»، فقال مالك بن يخامر: سمعت معاذًا يقول: “وهم بالشام” فقال معاوية: هذا مالك يزعم أنه سمع معاذًا يقول: وهم بالشام. (³)
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال ناسٌ من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون». (⁴)
وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك». (⁵)
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لن يبرح هذا الدين قائمًا، يقاتل عليه عصابةٌ من المسلمين، حتى تقوم الساعة». (⁶)
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة». (⁷)
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة». (⁸)
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة». (⁹) وأهل الغرب قيل: العرب، وقيل: المراد به الغرب من الأرض وهو الشام وبيت المقدس، وقيل: الغرب أهل الشدة والجَلَد ولا تعارض بين هذه المعاني.
وعن عبد الرحمن بن شماسة المهري، قال: كنت عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله: «لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، هم شر من أهل الجاهلية، لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم».
فبينما هم على ذلك أقبل عقبة بن عامر، فقال له مسلمة: يا عقبة، اسمع ما يقول عبد الله. فقال عقبة: هو أعلم، وأما أنا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة، وهم على ذلك». فقال عبد الله: «أجل ثم يبعث الله ريحًا كريح المسك، مسها مس الحرير، فلا تترك نفسًا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته، ثم يبقى شرار الناس، عليهم تقوم الساعة». (¹⁰)
وعن أبي عبد الله الشامي، قال: سمعت معاوية رضي الله عنه يخطب يقول: يا أهل الشام، حدثني الأنصاري ـ قال: قال شعبة: يعني: زيد بن أرقم ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق، ظاهرين»، وإني لأرجو أن تكونوا هم يا أهل الشام. (¹¹)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صلِّ لنا، فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله على هذه الأمة». (¹²)
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على مَن ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال». (¹³)
وعن قرة بن إياس المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة». (¹⁴)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لن يزال على هذا الأمر عصابة على الحق، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك». (¹⁵)
وعن سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه قال: كنت جالسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يارسول الله، أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح، وقالوا لا جهاد! قد وضعت الحرب أوزارها.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه وقال: «كذبوا، الآن الآن جاء القتال، ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق ويزيغ الله لهم قلوب أقوام، ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة وحتى يأتي وعد الله، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحى إلي أني مقبوض غير ملبث، وأنتم تتبعوني أفنادًا يضرب بعضكم رقاب بعض». (¹⁶)
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: «فُتِحَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فَتْحٌ، فأتيته، فقلت: يارسول الله، سُيبت الخيل وقطع السلاح وقد وضعت الحرب أوزارها، وقالوا: لا قتال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن جاء القتال، لا يزال الله عز وجل يزيغ قلوب أقوام يقاتلونهم، يرزق الله منهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، وعقر دار المؤمنين بالشام». (¹⁷)
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم؛ إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك. قالوا: يارسول الله، وأين هم؟ قال: ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس». (¹⁸)
وعن مرة بن كعب البهزي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين على من ناوأهم وهم كالإناء بين الأكلة، حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم كذلك» قال: فقلنا: يا رسول الله من هم؟ وأين هم قال: «بأكناف بيت المقدس». (¹⁹)
عن عمير بن الأسود وكثير بن مرة الحضرمي قالا: إن أبا هريرة وابن السمط، قالا: لا يزال المسلمون في الأرض حتى تقوم الساعة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال عصابة قوّامة» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وهم أهل الشام». (²⁰)
وعن محمد بن كعب القرظي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تبرح عصابة من أمتي ظاهرين على الحق لا يبالون من خالفهم حتى يخرج المسيح الدجال فيقاتلونه». (²¹)

خاتمة .. استفادة التواتر ؛ وبشارة

وقد استفدتُ في ذكر هذه الروايات وتخريجها من كتاب الطائفة المنصورة للشيخ سلمان العودة حفظه الله، وذلك ضمن سلسلة الغرباء، وقد عقب على هذه الروايات وتخريجها بقوله:

“وبهذا العرض لروايات الحديث يتبين صحة القول بتواتره؛ حيث رواه تسعة عشر صحابيًّا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء عن بعضهم من طرق متعددة، وأخرجه الأئمة في كتبهم كـ«الصحيحين» والسنن والمسانيد والمعاجم والتواريخ وكتب العقائد وكتب الرجال… وغيرها.

وهذا يورث المسلم طمأنينة وإيمانًا وتفاؤلًا بنصر الله لهذا الدين بمقتضى الوعد الإلهي الوارد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم”. (²²)

…………………………………..

هوامش:

انظر «الطائفة المنصورة» للشيخ سلمان العودة حفظه الله تعالى.
البخاري (3116).
البخاري (3641).
البخاري (3640)، مسلم (175).
مسلم (170).
مسلم (172).
«المستدرك» للحاكم (4/ 449)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (7287).
مسلم (173).
مسلم (177).
مسلم (176).
أحمد (4/ 369).
مسلم (156).
أبو داود (2484)، وأحمد (4/429)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (7294).
الترمذي (2192) وقال هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة (2375).
أحمد (2/ 240)، وأورده الهيثمي في المجمع وقال: رجاله رجال الصحيح غير زهير بن قمير وهو ثقة وضعفه الألباني.
النسائي (6/ 214)، وأحمد (4/ 104)، وصححه الألباني في «الصحيح» (1935) وأذال: يعني أهان وأهمل.
أبو يعلى الموصلي في «المطالب العالية» كتاب الفتن، وابن حبان كما في الموارد (1917).
رواه الطبراني في «الكبير» (736)، ورواه عبد الله بن أحمد وجادة قال: «وجدته في كتاب أبي بخط يده» (5/ 59).
رواه الطبراني في «الكبير» (754)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (752)، وقال الهيثمي في «المجمع» وقال: «فيه رجال لم أعرفهم» (7/ 288).
رواه البخاري في «التاريخ الكبير» (2691).
رواه سعيد بن منصور (2376)، وهو مرسل حسن.
انظر مقال: «الطائفة المنصورة» (ص166).