يُظهِر أحدث استطلاعات الرأي في الضفة الغربية وقطاع غزة صعوداً كبيراً في شعبية حركة حماس، ومزيداً من الالتفاف الشعبي حول خط المقاومة المسلحة، فعلى الرغم من المجازر البشعة والدمار الهائل الذي أحدثه الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على القطاع، فإنه قد فشل فشلاً ذريعاً في عزل حماس وقوى المقاومة عن الحاضنة الشعبية الفلسطينية.
تأييد معركة طوفان الأقصى
أظهر الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور، الذي صدرت نتائجه في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري وشمل آراء الجمهور في الضفة الغربية وقطاع غزة، أن 72% من الفلسطينيين يرون أن قرار حماس بالهجوم وإطلاق معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان صائباً.
ويرى 62% أن حماس ستخرج منتصرة من هذه المعركة، كما توقع 72% أن حماس ستنجح في العودة إلى حكم قطاع غزة بعد الحرب، رغم نية “إسرائيل” المعلنة في القضاء عليها.
وهذا يتوافق مع وجود أغلبية كبيرة من 73% ترى أن “إسرائيل” لن تنجح في إحداث نكبة فلسطينية ثانية، كما أكدت أغلبية ساحقة من 85% أن “إسرائيل” ستفشل في تهجير سكان قطاع غزة.
اللافت للنظر أن هذه النتائج التي تظهر ثقة عالية بحماس وبالمقاومة جاءت في أجواء استطلاع أُخذت فيه آراء الناس في ذروة عدوان شرسٍ على القطاع تحالفت فيه “إسرائيل” التي يُعَدّ جيشها ضمن الجيوش الأقوى عالمياً، مع قوى كبرى على رأسها الولايات المتحدة ضد قوى مقاومة ذات إمكانات عسكرية ضئيلة جداً مقارنة بأعدائها، وتعيش في بيئة فقيرة محاصرة.
كما أن هذه الآراء أُخذت بعد أن استشهد أكثر من 15 ألف فلسطيني بينهم أكثر من 6000 طفل و4000 امرأة، وجرح 36 ألفاً آخرين، وتشريد نحو ثلثي سكان القطاع، وفي وقت يذكر فيه 56% من المشاركين في الاستطلاع من أبناء القطاع أنه لا يوجد لديهم ما يكفي من الطعام ليومٍ أو يومين، ويؤكد 64% منهم أن أحد أفراد أسرهم قُتل أو جرح في هذه الحرب.
بين أداء سلطة رام الله وأداء حماس
وحسب الاستطلاع ذاته فإن 60% من الجمهور الفلسطيني يُفضِّل سيطرة حماس على قطاع غزة بعد الحرب، بينما يفضّل 16% سيطرة السلطة الفلسطينية بحكومة وحدة وطنية ولكن بعد استبعاد الرئيس محمود عباس، ولا يُفضل سوى 7% فقط سلطة فلسطينية بقيادة عباس، وهي نسبة صادمة للسلطة في رام الله، وللرئيس عباس، إذ إن حكومة الوحدة الوطنية كانت تحظى بشعبية واسعة، وثمة 72% من الجمهور راضون عن أداء حماس خلال الحرب على قطاع غزة، فيما لم يرضَ عن أداء سلطة رام الله سوى 14%، ورضي عن أداء يحيى السنوار قائد حماس في غزة 69% مقابل 11% فقط رضوا عن أداء عباس.
من جهة أخرى فإن 68% من الجمهور يرون أن السلطة الفلسطينية في رام الله أصبحت عبئاً على الشعب الفلسطيني، بل إنّ 58% يؤيدون حل السلطة الفلسطينية نفسها. ولا يؤيد السير في طريق المفاوضات السلمية في سبيل إنهاء الاحتلال إلا أقلية من 20%، فيما هناك أغلبية من 69% مع العودة للانتفاضة والمقاومة المسلحة.
وهناك 88% يطالبون عباس بالاستقالة، وترتفع هذه النسبة بين أبناء الضفة الغربية حيث سلطة عباس إلى 92%، وهو ما يشير إلى أغلبية ساحقة لم تعُد ترغب في بقائه في سدة الحكم، وهي رغبة تكررت في استطلاعات سابقة، لكنها وصلت إلى ذروة عالية في هذا الاستطلاع.
ولعل ذلك يُفسر ما يجري تداوله عربياً ودولياً في هذه الأيام من أن عباس لم يعُد مؤهلاً للاستمرار في قيادة المرحلة القادمة، وأنه لا بد من البحث عن بديل عنه، حتى إنّ بعض الدوائر تناقش إمكانية إطلاق سراح القائد الفتحاوي مروان البرغوثي من السجون الإسرائيلية باعتباره الوحيد المؤهل للملمة صفوف فتح في مواجهة صعود شعبية حماس.
الانتخابات الرئاسية والتشريعية
واتساقاً مع نتائج الاستطلاع فإنه إذا حدثت انتخابات رئاسية في تنافس بين رئيس فتح محمود عباس ورئيس حماس إسماعيل هنية فإن هنية سيحصل على 78% من الأصوات مقابل 16% فقط لعباس، وليس ثمة فرصة لفتح لكسب معركة الرئاسة إلا إذا شارك فيها مروان البرغوثي حيث سيحصل على 47% مقابل 43% لهنية و7% فقط لعباس.
وإذا ما حدثت انتخابات تشريعية فإن 51% سينتخبون قائمة حماس (التغيير والإصلاح) مقابل 19% سينتخبون قائمة فتح، وكل القوائم الأخرى تحصل على 4% فقط.
ومن الملاحظ أن 25% لم يقرروا بعد، وهذه النسبة من المترددين عندما تحسم أمرها ستختار على الأغلب (كما سبق من تجارب) بين حماس وفتح، وهو ما يعني أن فرصة قائمة حماس في الوصول إلى نسبة تزيد على 60% عالية جداً.
ولعل هذا المؤشر الذي يتجاوز نسبة الحسم، والذي تصل إليه حركة حماس للمرة الأولى، يعطي دلالة قوية على مدى تأثير معركة طوفان الأقصى، وعلى مدى الشعبية التي يحظى بها العمل المقاوم عندما يأخذ شكله القوي الفعال.
التفاف حول المقاومة
يُظهِر هذا الاستطلاع أن العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، وأن المجازر المرتكبة بحق المدنيين والدمار الهائل لم يستطع فصل المقاومة المسلحة عن حاضنتها الشعبية.
كما أن العدوان كان له ارتدادات عكسية زادت التفاف الشعب الفلسطيني حول المقاومة، وأن الرغبة في التضحية والانتقام للشهداء قد ازدادت، وأن جرائم الاحتلال تحولت إلى وقود للثورة ولاستمرارها.
ويُعزّز هذا الاستطلاع الاتجاه الفلسطيني العامّ، الذي ظهر في استطلاعات سابقة، والذي فقدَ الأمل في مسار التسوية السلمية، وأصبح لا يرى فرصة حقيقية لإنجاز “حل الدولتين” في ضوء تصاعد التطرف الديني والقومي الإسرائيلي، وتَغوُّل برامج التهويد والاستيطان. ويرى أن اللغة الوحيدة التي يفهمها الاحتلال هي المقاومة المسلحة.
لماذا جاءت نتائج استطلاع الرأي على هذا النحو؟ّ!
ويطرح هذا الاستطلاع بقوة، وبشكل متكرر متصاعد، مسألة شرعية القيادة الفلسطينية الحالية، التي فقدت ثقة الشارع الفلسطيني، إذ أصبحت ثمة ضرورة للتوافق على قيادة انتقالية للتحضير لانتخابات حقيقية، لإعادة بناء المؤسسات التشريعية والتنفيذية الفلسطينية على أسس نزيهة وسليمة، وبما يعبّر بصدق عن إرادة الشعب الفلسطيني.
سلطة عباس، وهذه هي إنجازاتها التاريخية!!
مرافعة استثنائية (بمعلومات مهمّة) لصالح سلطة رام الله من كاتب إسرائيلي – “عكيفا الدار” من أهمّ الكتاب الصهاينة -.
يقول: “إذا بقي نتنياهو في الحكم فإن الجيش الإسرائيلي ربما سينجح في إقصاء حماس عن القطاع، لكن هذه الحركة ستُدخل قدميها إلى رام الله. عندها فإن أي مواطن أو جندي اسرائيلي يضلّ الطريق ويصل إلى طولكرم؛ سيختفي في أقبية “حماس”. قلائل يعرفون أن آلاف الاسرائيليين مدينون بحياتهم لرجال الشرطة الفلسطينية، الذين نقلوا للسلطات الإسرائيلية سنويا عشرات الجنود والمدنيين الذين ضلّوا الطريق وواجهوا الجمهور الغاضب في طولكرم أو قلقيلية (حسب أعداد السلطات سُجِّلت في هذه السنة 49 حادثة من هذا النوه). في السنة الماضية كان هناك تعاون بين السلطة الفلسطينية وبين إسرائيل على قمع موجة العنف التي هدّدت بالوصول إلى انتفاضة ثالثة. السلطة الفلسطينية اعتقلت نحو 20 عضوا في المجموعة الإرهابية “عرين الاسود”، الذين كانوا مسؤولين عن 34 عملية إطلاق نار في الضفة الغربية، وهذا رقم قياسي في العقد الأخير. في ورقة موقف نشرت في حينه في موقع “معهد دراسات الأمن القومي” (..) حتى أن وزير الدفاع يوآف غالانت (ليكود) قال بشكل صريح في 1/11 بأن “قوات السلطة الفلسطينية تساعد حسب تقديرها في منع الإرهاب”. لذلك فإنه من المهم تحويل الأموال المستحقة للسلطة، والتي تصادرها إسرائيل”. (انتهى الاقتباس).
ميادين التنسيق الأمني
ذلك بعض ما يقوم به في فلسطين المنافقون الخائنون، الذين يتولى زعماؤهم بأنفسهم أكبر أعمال الخيانة لقومهم، والتجسس للعدو عليهم، والإغراء بالمجاهدين العاملين، والدلالة على معاقلهم ومواطنهم، والإرشاد إلى أماكن أسلحتهم وذخيرتهم، والمساعدة على قتلهم وتعذيبهم مع أولادهم ونسائهم، وهدم مساكنهم، وإتلاف مؤنهم وأموالهم، كما صنعوا في قرى بيت فجار، وكفر مالك، وحلحول، والمزرعة الشرقية، وبيت ريما، وغيرها من القرى والمدن العربية؛ يبتغون بذلك العزة عند العدو، ويطلبون الرفعة لديه (بَشِّرِ المُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ العِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [النساء: 138-139] .
المصدر
1- بقلم: أ. د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات. موقع مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية (تي آر تي عربي TRT)، 2023/12/27.
2- المنافقون في فلسطين وحكمهم – ناصحون (nasehoon.org)