في إطار تنفيث الحقد الغربي، وحقد أذنابهم من المنافقين، يتم إغلاق مراكز العلم الشرعي ـ أسوة بالجمعيات الخيرية الاجتماعية ـ تبعا لسياسة تجفيف المنابع، لكن الله بالغ أمره.

الثورات المضادة

في الآونة الأخيرة ومع ما سُمي «بالثورات المضادة»، شعرت القوى الأوروبية بامتدادها الشرقي وامتدادها الغربي بحالة من الخوف إبّان انتفاضات الشعوب.

ودبّ هذا الشعور في القوى العلمانية المحلية التي تمثل لهم “مخلب قط” ونائبا عن المجرمين العالميين في تنفيذ مخططاتهم الداخلية في بلادنا.

وبنجاح هذه القوى في حشد الشعوب ضد مصالحها، وتغييب وعيها، وتنفيرها من حريتها، وتخويفها من دينها..! وبعد تمكنها مرة ثانية كانت موجات من الاستبداد والقهر والوحشية تحمل حقدا وخوفا من عودة لهذا الدين.

دور القوى العلمانية

والقوى العلمانية هي امتداد لأسيادهم من القوى الصليبية والصهيونية؛ إذ عندهم نفس الشعور الصليبي والصهيوني، فهم ليسوا امتدادا فكريا فقط بل هم امتداد عقدي وشعوري؛ إذ يشعرون بنفس شعور العدو؛ فالمنافق والكافر كلاهما له نفس الموقف في الدنيا ونفس الدار في الآخرة.

لقد أخذت هذه القوى تتحسس مقعدها ومكاسبها عبر التاريخ الحديث منذ قرابة القرون الثلاثة المتأخرة.

وبدأت حلقة مسعورة ضد الإسلام، إذ ثبت للجميع أن الجذوة المتقدة لا زالت كامنة في هذا الدين؛ ولهذا اتجهت مخالبهم وأحقادهم نحو تجفيف منابع هذا الدين.

المراكز المستهدفة

والمستهدف للحاقدين، ولعملائهم وأجرائهم هي مراكز العلم، تلك التي تحفظ الدين والعلم، وتعرّف الناس بما أمر الله ونهى، وبهويتهم وشريعتهم ومنهج ربهم تعالى.

وذلك أسوة بالتضييق على الجمعيات الخيرية التي كانت تقوم بخدمة المجتمع والرعاية الاجتماعية والطبية والتعليمية له.

والمستهدف اليوم هو الحيلولة بين الناس وبين الدعاة، وبينهم وبين الحركات الاسلامية العاملة لإحياء الأمة، وإيجاد فجوة عميقة بين المجتمع وبينهم.

والمقصود أن يكون البديل علمانيا، في التوجيه الفكري والأخلاقي والفني، وفي الخدمات الاجتماعية بأنواعها، آملين أن يتراجع دور التوجهات الإسلامية والدعاة.

مركز تكون العلماء في موريتانيا

وفي هذا الإطار يأتي قيام السلطات في موريتانيا بإغلاق “مركز تكوين العلماء” وهو مركز لبث العلم الشرعي وتربية كودار علمية تقوم بدورها في بث الوعي ودور الإحياء الإسلامي.

ونقدم هنا تعريفا عن المركز من الموقع الخاص به على الشبكة العنكبوتية وأقلام القائمين عليه.

التعريف بمركز “تكوين العلماء”

الرؤية

مركز علمي شرعي عالمي مستقل، مؤثر في الساحة العلمية، وقادر على تخريج علماء ربانيين مستوعبين لمضامين الشرع ومقتضيات العصر.

الرسالة

يسعى المركز الى تخريج علماء ربانيين، مؤهلين لاستيعاب إشكاليات الواقع وتقديم الحلول الشرعية لها، مقتدرين على التوصيل والتأثير، وفق منهاج علمي وتربوي يجمع بين محاسن التعليمين الحضري والنظامي ويتجنب سلبياتهما.

الأهداف والوسائل

أولا: أهدافه

يهدف تكوين علماء ربانيين مخلصين لينتشروا في مناكب الأرض ومختلف بلدان الأمة حاملين جذور النور والهداية بإذن الله، وفق منهج وسطي علمي وتربوي، يركز على:

حفظ المتون المقررة حفظا متقنا مع الرواية.

فهم جميع المقررات واستيعابها.

الفقه بالواقع واستيعاب اشكالياته.

اتقان المهارات الدعوية وتطبيقها.

اتقان استخدام الوسائل الحديثة المقررة.

تنمية روح الابداع والاستقلال الشخصي.

تنمية روح الاخاء والتعاون والمحبة.

ثانيا: الوسائل

يستخدم المركز كل الوسائل المشروعة، ويعتمد على وجه الخصوص ما يلي:

الدراسة المنهجية ـ الدورات العلمية ـ الدورات التكوينية ـ النقاشات العلمية والفكرية ـ الندوات العلمية ـ المحاضرات ـ التدريب على التدريس والدعوة ـ تحقيق الكتب ـ اعداد الرسائل والبحوث ـ الزيارات والرحلات ـ البرامج التكميلية. (1)

إغلاق المركز وموقف بعض العلماء المعاصرين

كتب الشيخ “محمد الصغير” يقول:

هل القضية محلية أم سياقها إقليمي؟ الأسباب الحقيقية وراء غلق المركز.

“تميز الشيخ “الددو” بخروجه عن القُطرية الضيقة، وحلّق في فضاء العالمية الرحب وتفاعل مع قضايا الأمة، وشارك المسلمين أفراحهم وأتراحهم وسعى بكل قوة في تضميد جراحهم.

وكان الإعلام السعودي في هذه الحقبة به حفيا، وعنده مرضيا..! وعرّف به الكثيرين في بلاد المسلمين، كما كان عضوا في الهيئات والروابط العلمية المختلفة.

لكن كدّر صفو العلاقة انحيازه إلى حقوق المظلومين واعتراضه على بطش الظالمين؛ لاسيما بعد ثورات “الربيع العربي” وما تلاها من أحداث.

ثم حدثت المفاصلة وظهرت على السطح بعد قيام الدول التي تحاصر جارتها “قطر” بوضع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيسه فضيلة الشيخ “يوسف القرضاوي” على قوائم الإرهاب، والشيخ الددو عضو الأمانة العامة للاتحاد وأحد أبرز رموزه.

ثم تطورت المفاصلة إلى عداوة معلنة بعد موقف الشيخ “الددو” الواضح وبيانه الجلي من كارثة اعتقال الدعاة والهُداة في السعودية في وقت آثر فيه كثيرون الصمت بحجة الحفاظ على رحلة العمرة أو نافلة الزيارة.

كذلك مواقفه الثابتة من “صفقة القرن” وهرولة بعض دول الخليج إلى تصفية القضية الفلسطينية والتطبيع المجاني مع المحتل. (2)

وفي مؤتمر صحفي الخميس الماضي توعد الرئيس الموريتاني “محمد ولد عبد العزيز” الإسلاميين في “موريتانيا” بإجراءات “في الوقت المناسب” لم يفصح عنها، وقال”

إن الإسلاميين تسببوا في جميع المآسي التي وقعت في البلدان العربية، وكانوا سببا في خراب بلدان كثيرة

وقال مصدر موريتاني مسؤول

إن المركز ينشر التطرف والغلو، وإن السلطات لن تسمح له بمواصلة تغذية الشباب بهذا الفكرة. (3)

دلالات السهام

عندما تتجه السهام نحو هذا الدين فلهذا دلالات..

منها أن هذا الدين لا يزال حيا في نفوس أهله، وأنه مصدر الخير القادم، وأن باقٍ رغم الكيد الذي لا يفتر ولا يهدأ.

ومنها كذلك أن هذا التوجه للإسلام بالحرب الصريحة هو امتداد لحرب من سبقهم ضد هذا الدين ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ؟ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ (الذاريات: الآية 53) وعاقبة من مضى معروفة، فكذلك عاقبة الأخِرين ﴿لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ * كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾ (المرسلات: الآية 16- 18).

ومنها أنهم لن يكفوا عن حربهم إذ تؤزّهم الشياطين أزّا، وتزعجهم نحو حرب هذا الدين. وفي حربهم تلك لا تزال حقيقة الحرب تتكشف، وحقيقة هذا الدين ظهورا، وسيُتم الله أمره ويظهر نور هذا الدين، شاء من شاء، وكره من كره.

……………………………………..

هوامش:

  1. موقع مركز تكوين العلماء على شبكة النت  http://cforim.org.
  2. تكوين العلماء” في موريتانيا بين الحظر والمحظرة” https://bit.ly/2PeDYrI.
  3. الجزيرة نت. https://bit.ly/2QwPJdl.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة