تتلقى قلوب الخلق كلمات الإصلاح وهي تعلم أنها كذلك، وتجد كلمات الإصلاح طرقها الى القلوب؛ فإذا خبُث قصد قائلها بها وأراد بها غير ما وضعت له عرفته القلوب وأنكرته.
الخبر
“أثار مقطع فيديو تداوله مغردون عبر موقع تويتر تضمن خطبة لإمام وخطيب الحرم المكي، عبدالرحمن السديس، جدلا واسعا إذ اعتبرت كلماته تمهيدا لـ”تطبيع” العلاقات مع إسرائيل، في ظل سعي الإدارة الأمريكية لإقناع دول مجلس التعاون الخليجية بالإقدام على هذه الخطوة.
وقال السديس في خطبته: “من التنبيهات المفيدة في مسائل العقيدة عدم الفهم الصحيح في باب الولاء والبراء ووجود اللبس فيه بين الاعتقاد القلبي وحسن التعامل في العلاقات الفردية والدولية كما هو مقرر في المقاصد المرعية والسياسة الشرعية والمصالح الإنسانية “. ويضيف قائلا: “وقد توضأ صلى الله عليه وسلم من مزادة مشركة ومات ودرعه مرهونة عند يهودي وعامل يهود خيبر على الشطر مما يخرج من زروعهم وثمارهم..”.
وتابع: “فأين هذا المنهج الأبلج من الركون للعواطف المشبوبة والحماسات الملهوبة؟ بل علم وعقل وحكمة وبصيرة ونظر في العواقب واعتبار للمآلات وحين يغفل منهج الحوار الإنساني تذكى جوانب الصدام الحضاري وتسود لغة العنف والإقصاء والكراهية”.
وأضاف إمام الحرم المكي قائلا: “أمة الإسلام… ومن أبرز معالم العقيدة الصحيحة المهمة وأسسها لزوم الجماعة وحسن السمع للإمام والطاعة خلافا لمنهج الخوارج المارقين والبغاة المقيتين والأحزاب الضالة وجماعات العنف المسلحة والطائفية البغيضة الذين يكفرون الولاة ويخرجون على الأئمة ويسفكون الدماء”. (1موقع ” CNN”: تحدث عن حسن معاملة اليهود.. خطبة للسديس تثير الجدل ومغردون يعتبرونها “تمهيدا للتطبيع”)
التعليق
لم يفهم المسلمون منذ أن ألقى “السديسي” كلماته، أنه يريد تقرير الجانب الخُلقي بجانب العقيدة؛ حميّةً للإسلام وحرصا عليه..! إذ إن المسلمين يشاهدون الجانب العقدي وهو يُهدَم ويحارَب، ومن ثم فليس السياق إلا أنه يسوق من الجانب الخُلقي في غير سياقه، لكي يمرر هدم العقيدة ويسهل على الطغاة ولاء الكافرين وإعطاءهم بلاد المسلمين ومقدساتهم ويباركون لهم توطنهم فيها وطرد المسلمين من أهلها؛ تحت غطاء الأخلاق والسماحة وحسن المعاملة..!
هكذا سلكت الكلمات قلوبَ المسلمين؛ يعلمون الخبث المراد بها؛ اعتبارا بسياق قائلها وسياق آمرِه، وسياق الأحداث، وبعد مرور طائرات الصهاينة عبر أجواء المملكة. فجاء الحديث عن حسن الخلق ليشير الى الاتجاه المراد استكمالُه.
السياق دائما يحدد صحة الكلام وباطله، وإصلاحه وإفساده. فعندما يكون الدين مُقاما ويجد العالِم تعديا أو نسيانا لبعض الأخلاق فيذكّر بها؛ فيكون التوجيه “تماما على الذي أحسن”. وأما إذا كان السياق هدما متتاليا لثوابت الدين وولاءً صريحا للكافرين وتمددا للسيطرة الصهيونية والصليبية وأسرا وقتلا للعلماء وضياعا لمقدرات المسلمين؛ عندئذ يكون السياق تتميما لجريمة وتسهيلا لمهمة قذرة تراد بالمسلمين.
كما غاب عنه وعن أمثاله أن تحت شعار ما يزعم من “حسن الخُلق” من المهزوم مع غالبِه ليس حسن خلق؛ بل هو خضوع وانهزام وتسليم..!
تبدو لك طريقة عمل العدو الصهيو صليبي.. إنه لا يهتم بأن يتعامل مع الأفراد من المسلمين بإقناع أو بقهر؛ بل هو يتعامل مع الرؤوس المتحكمة في المسلمين؛ سواء كانت رؤوسا دنيوية أو رؤوسا دينية؛ فهذا يأتمر بأمر الصهاينة والصليبيين ليحصّل شهوته فيفسد الدنيا، وذاك يتلقى أجرته وشهرته وأمانه..! فيفسد على الناس دينهم. ويقومون جميعا بقهر الشعوب وإسكاتهم وإرهابهم؛ فيتم الإضلال والقهر معا.
ولهذا فأغلب الخطر ومبدؤه قادم اليوم من الرؤوس المتحكمة في المسلمين، دينا ودنيا. وللدلالة أكثر انظر الى أمراء “الإمارات” وهم يذهبون بأولادهم الى الاحتفال الديني بصنم “بوذا” والمشاركة فيه وأداء الطقوس..! لتعلم أن الرؤوس هي مقصد العدو ومحل تربيته ومتابعته؛ ثم هم يقومون بالأدوار؛ وصولا الى منبر الحرم المكي الشريف.
خاتمة
يتساءل المسلمون كثيرا هل يرى هؤلاء الوعاظ تلك الجرائم والنكبات المتواصلة والمدروسة في التعليم والإعلام والتشريع والقضاء، والحسبة، والحفلات الماجنة وانتهاك الحرمات وتقليص أثر الدين ورفع عقوبات المخالفة للشريعة، وولاء أعداء الله وإضعاف المسلمين وحرب إرادتهم ومشاريعهم في إقامة الدين.. الى غيرها من جرائم يعرف بها سكان الكوكب؛ فهل لا يعلم هؤلاء الذين يوصون ليل نهار بالسمع والطاعة لمن يقومون بهذه الجرائم؛ بما يتم حولهم..؟
هل يرون ذلك وهل يؤلمهم..؟ وكيف يعيشون مطمئنين بعدها..؟
هل هو النفاق المقصود أم العمى المقيت..؟
……………………………..