من منكرات التطبيع مع الصهاينة إلغاء الفوارق العقدية مع الكفار، وقد يتوجه الساقطون في الجريمة، بعدائهم، الى المسلمين وتخوينهم! كما يساهم المطبعون في تفريق الأمة.

لوازم الجريمة

اتفاقات التطبيع مع الصهاينة تستلزم وتتضمن تولي أعداء الله ومظاهرتهم لهم على المجاهدين؛ ففي هذه الاتفاقات التعاون بين الطرفين في مجال مكافحة الجريمة (1كما ورد هذا في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وفي المادة الثامنة من اتفاقية أوسلو بين المنظمة الفلسطينية وإسرائيل، وورد في الملحق الثالث من اتفاقية وادي عربة بين إسرائيل والأردن)، ومن الجرائم الجهاد ضد اليهود (ورد في رسالة عرفات إلى اليهودي رابين بعد اتفاقية  أوسلو بين اليهود ومنظمة التحرير ما نصه: “إن منظمة التحرير الفلسطينية تنبذ استخدام الإرهاب وغيره من أعمال العنف، وستتحمل المسؤولية عن كل عناصر منظمة التحرير الفلسطينية وأفرادها كي تضمن امتثالهم، وتمنع العنف، وتؤدب المخالفين” ـ انظر كتاب الحوت ـ وهو من أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة – (الحل المرفوض) ص 55، وقال الحوت تعليقاً على ذلك ص 28: إن مهمة الشرطة الفلسطينية ستكون مقصورة على تأمين ما سمي “نبذ الإرهاب وتأديب المخالفين”..!! وقال في موضع آخر ص 22: أي في قمع الانتفاضة والمقاومة الوطنية..!!)؛ لأن دولة اليهود أصبحت ـ بهذه الاتفاقات ـ دولة شرعية معترفاً بها، فيصبح من يجاهدها من “الخوارج والإرهابيين”، لذلك يتعاون جميع المتفقين في هذه المعاهدات على ضرب هؤلاء.

خطورة الاتفاق مع الصهاينة

مناقضة العقيدة

والاتفاق على مثل هذا الأمر كفر من وجهين:

الوجه الأول

أن هذا إعانة لليهود ومظاهرة لهم على المجاهدين، وهي ردة معروفة، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة:51]، وهذا هو الناقض الثامن من نواقض الإسلام:

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله  في نواقض الإسلام:

“الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل: قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾”. (2الدرر السنية، 10 / 92)

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

“وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهَر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم ، كما قال الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة:51]“. (3انظر ـ إن شئت ـ تفصيل الأدلة والنقول عن أهل العلم في هذه المسألة في كتاب “التبيان في كفر من أعان الأمريكان). (4الفتاوى،1/ 274)

الوجه الثاني

أن هذا تشريع عام يحرم ما أحل الله؛ بل يجرم ما أوجبه الله من الجهاد ضد أعداء الله تعالى ويعاقب عليه، وهذه كفر آخر؛ قال الله سبحانه: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾  قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

“والإيجاب والتحريم ليس إلا لله ولرسوله. فمن عاقب على فعل أو ترك بغير أمر الله ورسوله وشرع ذلك ديناً (5الحُكم دين، كما قال تعالى في قصة يوسف ﴿ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك﴾ أي في حكمه كما ذكره المفسرون) فقد جعل لله نداً ولرسوله نظيراً، بمنزلة المشركين الذين جعلوا لله نداً، أو بمنزلة المرتدين الذين آمنوا بمسيلمة الكذاب وهو ممن قيل فيه ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾”. (6الفتاوى الكبرى، 6/ 339)

وقال أيضاً:

“من بدّل شرع الأنبياء، وابتدع شرعاً، فشرعه باطل لا يجوز اتباعه، كما قال تعالى فيه: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾؛ ولهذا كان كفر اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع منسوخ “. (7فتاوى شيخ الإسلام، 35/ 365)

وقال أيضاً:

“والإنسان متى حلّل الحرام المجمع على تحريمه، أو حرّم الحلال المجمع عليه، أو بدّل الشرع المجمع عليه كان كافراً باتفاق الفقهاء”. (8المرجع السابق، 3/ 267)

هدم أصل البراءة من الكفار

هذه الاتفاقات تهدم أصل البراء من الكفار؛ وذلك أن هذه الاتفاقات إنما تهدف إلى ما يسمى بالتطبيع مع اليهود، وأن المراد به هو إحداث تغيير عقلي ونفسي جذري في المجتمع الإسلامي يهدف من خلاله إزالة العداوة بين المسلمين واليهود.

قال الرئيس الأمريكي “بوش” في مؤتمر “مدريد” للسلام عام 1991م:

“إن غرض المؤتمر ليس إنهاء الحرب بين الطرفين وإنما إنهاء العداوة”. (9انظر “القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى” للشيخ سفر الحوالي ص 73)

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، “إسحاق شامير” في نفس المؤتمر:

لا بد من تغيير ثقافتكم العدائية نحو اليهود، فعلى مراحل تنتهي كل شعارات العداء لليهود..؟ بل ينتهي حتى كل ما يثير العداء دينيًّا “. (10المرجع نفسه ص 79)

ولا شك أن هذا من أعظم الأخطار على المسلمين، فأصل ملة إبراهيم قائم على موالاة المؤمنين وحبهم، ومعاداة الكافرين وبغضهم؛ كما قال تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة:4].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على هذه الآية:

“أمر المؤمنين أن يتأسوا بإبراهيم ومن معه حيث أبدوا العداوة والبغضاء لمن أشرك حتى يؤمنوا بالله وحده”. (11الفتاوى، 8 / 262)

وأصل الدين وقاعدته أمران ـ كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، والتحريض على ذلك، والموالاة فيه، وتكفير من تركه.

الثاني: النهي عن الشرك في عبادة الله، والتغليظ في ذلك، والمعاداة فيه، وتكفير من فعله. (12الدرر السنية، 2 / 22)

وقال أيضاً:

“إن الإنسان لا يستقيم له دين ـ ولو وحَّد الله وترك الشرك ـ إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة والبغض”. (13الدرر السنية، 8/ 338)

وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله:

“ولهذا الأصل العظيم، الذي هو ملة إبراهيم؛ شرَع الله جهاد المشركين؛ فقال: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 36]، وفي الحديث: «بُعثتُ بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لاشريك له» ومع هذا حذّر الله نبيه، صلى الله عليه وسلم، وعباده المؤمنين من الركون إليهم، فقال: ﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ [الإسراء: 74-75]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ الآية [هود: 113]..

ولا ريب أن الله تعالى أوجب على عباده المؤمنين، البراءة من كل مشرك، وإظهار العداوة لهم، والبغضاء، وحرّم على المؤمنين موالاتهم، والركون إليهم”. (14الدرر السنية، 2/ 266، 267)

وقال الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد، رحمهما الله:

” أن الإسلام لا يستقيم إلا بمعاداة أهل هذا الشرك ؛ فإن لم يعادهم ، فهو منهم ، وإن لم يفعله”. (15الدرر السنية، 1/ 432)

تسليط اليهود على المسلمين

في هذه الاتفاقات تسليط لليهود على المسلمين؛ حيث فتحت هذه الاتفاقات بلاد المسلمين لليهود ليدخلوها؛ فوضعت لهم السفارات، ورفعت رايتهم اليهودية، واستُقبلت وفودهم السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والسياحية وغيرها، ومُكّنوا من ديار الإسلام، وصارت لهم حصانة. وهذا فيه من البلاء العظيم ما يعرفه كل من يعرف اليهود وخبثهم، ومن النظر في أفعالهم في “مصر” ـ رائدة التطبيع ـ يتبين الحال؛ فقد سعوا لإفساد العقائد، وهدم البراء من نفوس المسلمين، وأقاموا مراكز للتجسس، وأكاديميات لمسخ العقول، كما أهلكوا الحرث والنسل بتدمير المزروعات وتصدير الأمراض وغير ذلك من البلاء العاجل.

وقد علم خبثهم عقلاء الكفار ، فخشوا منهم على شعوبهم ، ونذكر بكلام الرئيس الأمريكي “بنجامين فرانكلين” حيث قال:

“في كل أرض حل فيها اليهود أطاحوا بالمستوى الخلقي، وأفسدوا الذمة التجارية فيها، ولم يزالوا منعزلين لا يندمجون بغيرهم”

ثم قال:

“إذا لم يبعد هؤلاء من الولايات المتحدة بنص الدستور فإن سيلهم سيتدفق إلى أمريكا في غضون مائة سنة إلى حد يقدرون معه على أن يحكموا شعبنا، ويدمروه.. حتى يكون مصير أحفادنا أن يعملوا في الحقول لإطعام الشعب اليهودي”.

ولا شك أن تسليط هؤلاء على الشعوب المسلمة من أعظم الغش لهم. وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» ، وفي رواية : «فلم يحطهما بنصحه لم يرح رائحة الجنة» .

وروى مسلم مرفوعاً: «ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة». (16ذكر هذه الأمور الستة ليست من باب حصر المنكرات الموجودة في هذه الاتفاقات، بل لعلك لا تجد مادة تخلو من محظور شرعي، ومن لم يقنعه ما سبق فلا حيلة فيه)

 الولاء حِصن جامع 

إن ولاء المسلم لله ورسوله ولأمته، يحدد مفهوم الأمة، ويمنع انمياعها وذوبانها وتفتيتها أمام العدو. وضياع هذا المفهوم أو التفريط فيه يعني تفتيت الأمة وتحويلها الى قوميات متناحرة وأوطان متنافرة فيواجهها العدو فرادى ويلتهمهما تِباعا..! فضلا عن تضييع الأمانة التي أمرنا الله بها.

……………………………

الهوامش:

  1. كما ورد هذا في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وفي المادة الثامنة من اتفاقية أوسلو بين المنظمة الفلسطينية وإسرائيل، وورد في الملحق الثالث من اتفاقية وادي عربة بين إسرائيل والأردن. ورد في رسالة عرفات إلى اليهودي رابين بعد اتفاقية أوسلو بين اليهود ومنظمة التحرير ما نصه: “إن منظمة التحرير الفلسطينية تنبذ استخدام الإرهاب وغيره من أعمال العنف، وستتحمل المسؤولية عن كل عناصر منظمة التحرير الفلسطينية وأفرادها كي تضمن امتثالهم، وتمنع العنف، وتؤدب المخالفين” ـ انظر كتاب الحوت ـ وهو من أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة – (الحل المرفوض) ص 55، وقال الحوت تعليقاً على ذلك ص 28: إن مهمة الشرطة الفلسطينية ستكون مقصورة على تأمين ما سمي “نبذ الإرهاب وتأديب المخالفين”..!! وقال في موضع آخر ص 22: أي في قمع الانتفاضة والمقاومة الوطنية..!!
  2. (الدرر السنية) 10 / 92.
  3. انظر ـ إن شئت ـ تفصيل الأدلة والنقول عن أهل العلم في هذه المسألة في كتاب “التبيان في كفر من أعان الأمريكان”.
  4. الفتاوى،1/ 274.
  5. الحُكم دين، كما قال تعالى في قصة يوسف ﴿ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك﴾ أي في حكمه كما ذكره المفسرون.
  6. الفتاوى الكبرى، 6/ 339.
  7. فتاوى شيخ الإسلام، 35/ 365.
  8. المرجع السابق، 3/ 267.
  9. انظر “القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى” للشيخ سفر الحوالي ص 73.
  10. المرجع نفسه ص 79.
  11. الفتاوى، 8 / 262.
  12. الدرر السنية، 2 / 22.
  13. الدرر السنية، 8/ 338.
  14. الدرر السنية، 2/ 266، 267.
  15. الدرر السنية، 1/ 432.
  16. ذكر هذه الأمور الستة ليست من باب حصر المنكرات الموجودة في هذه الاتفاقات، بل لعلك لا تجد مادة تخلو من محظور شرعي ، ومن لم يقنعه ما سبق فلا حيلة فيه.

المصدر:

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة