دين الإسلام في طريقه إلي النصر والتمكين ولو كره الكافرون..
التدافع بين الحق والباطل سنة حتمية
الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد اقتضت حكمة الله عز وجل وسنته التي لا تتحول ولا تتبدل أن التدافع بين الحق والباطل سنة حتمية لأنهما ضدان لا يجتمعان ووجود أحدهما يستلزم دفع الآخر وإزالته أو على الأقل:إضعافه وإنهاكه ومنعه أن يكون له تاثير في حياة الناس.
فلا يتصور أن يعيش الحق مع الباطل في سلم وتعايش دون مغالبة ومدافعة إلا إذا ضعف أصحاب كل فريق أو جهلت معاني الحق والباطل ومايترتب على ذلك من لوازم كما تزعمه العلمانيون والمنافقون ويروجون له من أن الحرب الدينية قد انتهت وتبقى أن يجتمع العالم تحت راية واحدة بسلام ووئام لا تفرقهم المعتقدات وهم بذلك يريدون في الحقيقة أن يتخلى أهل الحق عن معتقداتهم ويعيشوا تحت ظل الباطل ومعتقداته وكذب المنافقون وصدق الله العظيم حيث قال:﴿ وَمَا نَقَمُوا۟ مِنۡهُمۡ إِلَّاۤ أَن یُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَمِیدِ ﴾ [البروج: ٨] وقوله سبحانه: ﴿قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ هَلۡ تَنقِمُونَ مِنَّاۤ إِلَّاۤ أَنۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ مِن قَبۡلُ وَأَنَّ أَكۡثَرَكُمۡ فَـٰسِقُونَ ﴾[المائدة: ٥٩].
ومن يطمع في الإصلاح ودرء الفساد عن الأمة دون سنة المدافعة فإنه يتنكب منهج الأنبياء صلى الله عليهم وسلم وسنة الله عز وجل في التغيير ، قال سبحانه: ﴿ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٍ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [البقرة: ٢٥١].
وفي وقتنا المعاصر ورؤية واقع المسلمين وما هم عليه من انكسار وهوان وما بلغه الكفار من تسلط وجبروت فقد أدى ذلك إلى تشويش أذهان بعض المسلمين ويأسهم من انتصار المؤمنين على أعدائهم بل خلل في الفهم وقصور عن إدراك سنن الله عز وجل وقصور شديد في معرفة الله ومعرفة أسمائه الحسنى وآثارها في الخلق والأمر ولا سيما أسماءه سبحانه [الحكيم، العليم، الخبير، العزيز، الرحيم، اللطيف] ومن هذه حاله يخشى عليه أن يشمله قوله تعالى: ﴿ٱلظَّاۤنِّینَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَیۡهِمۡ دَاۤىِٕرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ﴾ [الفتح: ٦].
وعن أمثال هؤلاء يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (فمَن ظنَّ بأنه لا ينصرُ رسولَه، ولا يُتِمُّ أمرَه، ولا يؤيِّده، ويؤيدُ حزبه، ويُعليهم، ويُظفرهم بأعدائه، ويُظهرهم عليهم، وأنه لا ينصرُ دينه وكتابه، وأنه يُديل الشركَ على التوحيدِ، والباطلَ على الحقِّ إدالة مستقرة يضمحِلّ معها التوحيد والحق اضمحلالاً لا يقوم بعده أبداً، فقد ظنَّ بالله ظن السَّوْءِ، ونسبه إلى خلاف ما يليقُ بكماله وجلاله، وصفاته ونعوته، فإنَّ حمدَه وعزَّته، وحِكمته وإلهيته تأبى ذلك، وتأبى أن يَذِلَّ حزبُه وجندُه، وأن تكون النصرةُ المستقرة، والظفرُ الدائم لأعدائه المشركين به، العادلين به فَمن ظنَّ به ذلك، فما عرفه، ولا عرف أسماءَه، ولا عرف صفاتِه وكماله).
وإسهامًا في معالجة هذا اليأس والإحباط ومحاولة لبث الأمل والتفاؤل والبشارة أذكر في هذه الورقات بعض المبشرات التي تدل على قرب التمكين للحق وأهله وانكسار الباطل وأهله وقوفًا مع بعض المسلمات الشرعية ولما نراه في الواقع المعاصر من أحوال أولياء الله عز وجل وأحوال أعدائه.
وعود ربانية بأن البقاء للحق وأن إدالة الباطل عليه مؤقتة للابتلاء
البشارة الأولى:
وعد الله عز وجل وسنته التي لا تتخلف في نصرة عباده المؤمنين وقد جاء ذلك في كتابه العزيز في مواطن كثير منها قوله سبحانه:﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَیۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [الروم: ٤٧] وقوله عز وجل:( وَلَقَدۡ سَبَقَتۡ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلۡمُرۡسَلِینَ * إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَـٰلِبُونَ﴾ (الصافات – 171:173) وقوله سبحانه: ﴿وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ﴾ (القصص:83) وقوله تعالى: ﴿كَذَ ٰلكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَـٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَیَذۡهَبُ جُفَاۤء وَأَمَّا مَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَیَمۡكُثُ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَ ٰلِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ ﴾ [الرعد: ١٧] وقوله تعالى: ﴿بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَـٰطِلِ فَیَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِق﴾ [الأنبياء: ١٨] وقوله تعالى: ﴿وَقُلۡ جَاۤءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَـٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقا﴾ [الإسراء: ٨١].
وهذه وعود ربانية بأن البقاء للحق وأن إدالة الباطل عليه مؤقتة للابتلاء.
فهل بعد هذه الوعود الربانية من عذر لأحد من المؤمنين في أن يشك في وعد الله أو أن يظن ظن السوء ويدخل عليه اليأس والإحباط ؟؟.
وقد يتأخر وعد الله عز وجل بنصرة أوليائه لتخلف شرط أو أكثر من شروط النصر وهنا يجب البحث عن السبب المؤخر لنصر الله عز وجل ونغير ما بأنفسنا لا أن نيأس ونظن ظن السوء بوعد ربنا سبحانه ،
والله عز وجل قد بين لنا في كتابه الكريم سنة من سننه التي لا تتبدل ألا وهو قوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ﴾ [الرعد: ١١].
دين الإسلام لا ينصر إلا بجهد البشر وتضحياتهم وبلائهم
وقد اقتضت إرادة الله وحكمته أن هذا الدين لا ينصر إلا بجهد البشر وتضحياتهم وبلائهم ولو أراد سبحانه لانتصر من أعدائه بدون هذه الإبتلاءات ، قال سبحانه: ﴿ذَ ٰلِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡض وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ ﴾ [محمد: ٤] والله عليم حكيم عزيز رحيم.
شروط تحقيق وعد الله بالنصر لأوليائه
إذن فوعد الله بالنصر لأوليائه مرهون بتحقق شروطه من الإيمان الصادق والإخلاص والإتباع واجتماع الكلمة والاستعانة بالله وحده فإذا تحقق ذلك فإن وعد الله حق ولا يتخلف.
ولكن إذا لم نغير أحوالنا ونتوب من ذنوبنا فهل معنى هذا أن نصر الله لن يأت؟
كلا بل سيأتي كما وعد الله عز وجل ؛ ولكن يستبدل الله عز وجل قومًا يحققون شرط النصر فينصرهم ، قال سبحانه: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ یَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُونُوۤا۟ أَمۡثَـٰلَكُم﴾ [محمد: ٣٨] وهذه السنة أيضًا من السنن التي لا تتبدل.
البشارة الثانية:
وعد رسول الله ﷺ في آخر الزمان بخلافة على منهاج النبوة وانتشار الإسلام في الكرة الأرضية كلها:
أولًا: قال ﷺ: (تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ “. ثُمَّ سَكَتَ.) 1[رواه أحمد والبيهقي في الدلائل وصححه الألباني]
الأمة اليوم في مرحلة الجبرية وسقوطها يمهد لعودة الخلافة على منهاج النبوة
وفي تتبع مراحل هذا الحديث نجد أن زمن النبوة وزمن الخلافة الراشدة بعدها وزمن الملك العاض (الأموية،العباسية،العثمانية) قد انتهى والأمة اليوم تعيش مرحلة الجبرية منذ سقوط الخلافة العثمانية ومجيء الاحتلال ثم ماخلفه من دويلات قومية علمانية جبرية باطشة وهي تابعة للملك الجبري العالمي الذي يقوده الغرب الكافر في هيئة الأمم المتحدة التي تفرض على الدول بالجبر والقواعد الجبرية ماتريده والدول الجبرية في المنطقة الإسلامية هي ذنب وتبع للقوة الجبرية العالمية التي إذا سقطت تساقط معها كل أذنابها ونحن نعيش اليوم نهاية الحكم الجبري العالمي الذي بدأت بوادر سقوطه وعلى أنقاضه تقوم خلافة على منهاج النبوة وماهي منا ببعيد إن شاء الله تعالى.
ثانيًا: قوله ﷺ (لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ ؛ إِمَّا يُعِزُّهُمُ اللَّهُ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهَا) 2[حديث صحيح] معنى هذا الحديث أن الإسلام سيبلغ الكرة الأرضية وتدين الدنيا كلها له وهذا لم يحصل إلى اليوم.
ثالثًا: عن عبدالله بن عمر بن العاص قال: (بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا : قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا “. يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ) 3[رواه أحمد]
وقد فتح المسلمون بقيادة محمد الفاتح الخليفة العثماني مدينة قسطنطينية وأما روما فلم تفتح بعد فنحن في انتظار ذلك الفتح العظيم إن شاء الله تعالى.
البشارة الثالثة:
مانراه اليوم من صعود لدين الإسلام على ضعف واستضعاف أهله وعودة فئام من الناس إلى دينهم وعلى المستوى العالمي يدخل في دين الله عز وجل أفواج وأفواج من الكفار من ديار الغرب والشرق حتى انتشر الرعب ببلاد الكفار وخافوا من اكتساح الإسلام لديارهم فأعلنوا حربهم على الإسلام وأهله وضيقوا عليهم في رزقهم وفي أديانهم وألف بعض مفكريهم كتبًا يحذرون من هذا المارد القادم ككتاب:(موت الغرب)،وكتاب:(انتحار الغرب)
شدة صراع الحق مع الباطل تنشط دعاة الحق وأهله
لقد ظهر من خلال صراع الحق مع الباطل واشتداده في واقعنا المعاصر جوانب من الحق كثيرة لم تكن معلومة للناس عن الحق ولم يكونوا ليعرفوها لولا أن هذا الصراع قد قدح زناده واخرج نور الحق للناس وبان لهم كثير من ظلمات الباطل فعرفوها ولم يكونوا ليعرفوها من قبل لولاهذا الصراع وكان هذا سببًا في يقظتهم وشعورهم بالخطر كما أن دعاة الحق وأهله قد نشطوا بسبب هذا الصراع وقد تسبب هذا الصراع إلى زيادة الوعي عند المسلمين بسبيل المجرمين من كفار ومنافقين وقوي انتماؤهم للحق وتمسكهم به والتضحية للدفاع عنه وفي هذا كله خير يمهد لنصر قريب إن شاء الله تعالى.
البشارة الخامسة:
ظهور بوادر الانكسار والانحلال لدي أكبر قوة عسكرية تمهيد لنصر قريب للمؤمنين
ما نراه اليوم من بداية انكماش وانهيار لقوى الكفر المعادية للإسلام ولا سيما أمريكا الطاغية التي بدأت تنقبض على نفسها وتسحب جيوشها مهزومة من مناطق المسلمين في أفغانستان والعراق والخليج بعد أن تلقت الضربات من مجاهدي المسلمين على ضعفهم واستضعافهم ولما حل بهم من العقوبات الربانية في اقتصادهم القائم على الربا المتوحش ولما يعيشونه من انهيار أخلاقي ذريع عري ولواط وإباحية مطلقة يترفع عنها الحيوان البهيم مما أصاب فطرهم بالانتكاس والارتكاس وانعقدت عليهم عقوبات القوي العزيز الذي يمهل ولا يهمل والذي لا تتخلف سنته في القوم الظالمين ولقد عاقب الله عز وجل الأمم السابقة لكفرها بالله ولما اقترفته من فواحش شرعنتها في الناس فكيف وقد اجتمع في أمم الكفر اليوم ما تفرق في الأمم السابقة من كفر وإلحاد وظلم وفواحش وعري ولواط ونوادي معلنة للزنا والخمور والميسر وغيرها وشرعنتها . وإننا لنرى اليوم بوادر الإنهيار والإنكسار قد دبت فيهم . وكل هذا ارهاصات ومقدمات وتمهيد لنصر قريب للمؤمنين إن شاء الله تعالى
البشارة السادسة:
أن الله يملي للكافرين ويمكر بهم وهم لا يشعرون
يظن بعض الناس أن المسلمين هم الذين يتعرضون للبلاء والمصائب وأن أعداءهم الكفرة بمعزل عن البلاء والأخطار وهذا ظن فاسد فأعداؤنا الكفرة يعيشون بلاءً أعظم مما نحن فيه ؛ذلك أن سنة الله عز وجل في الإملاء والمكر والاستدراج تدور رحاها اليوم عليهم وهم لا يشعرون ، فهم وإن كانوا يمكرون ويكيدون للمسلمين فإن الله عز وجل وفي نفس الوقت يمكر بهم ويملي لهم ليزدادوا إثمًا ومسارعة إلى ساعة قصمهم قال سبحانه: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً* فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} [الطارق:١٧،١٦،١٥]
وقال سبحانه: ﴿وَمَكَرُوا۟ مَكۡراً وَمَكَرۡنَا مَكۡراً وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ ﴾ [النمل: ٥٠]
وقال تعالى: ﴿وَكَذَ ٰلِكَ جَعَلۡنَا فِی كُلِّ قَرۡیَةٍ أَكَـٰبِرَ مُجۡرِمِیهَا لِیَمۡكُرُوا۟ فِیهَاۖ وَمَا یَمۡكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمۡ وَمَا یَشۡعُرُونَ ﴾ [الأنعام: ١٢٣]
وقال سبحانه: ﴿وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ خَیۡرٌ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِینٌ ﴾ [آل عمران: ١٧٨]
فماذا يساوي مكر المخلوق الضعيف أمام مكر الله عز وجل القاهر فوق عباده وهذا بلاء عظيم بالكفار؛ ذلك أن الابتلاء بالضراء يشعر به العبد فيتوب إلى الله عز وجل وتستيقظ قواه لمقاومته ، أما الابتلاء بالسراء والاستدراج فيأتي على النفوس وهي مسترخية متمادية في ظلمها وطغيانها فتزداد عتوًا وظلمًا حتى إذا أخذها الله عز وجل لم يفلتها. وعندما نرى اليوم أن المكر قد بلغ ذروته من الأعداء فإنا ننتظر وعد الله عز وجل في المكر بهم ومحقهم ومؤشرات ذلك كثيرة وقريبة ، وهذا لا يعني أن يستنيم المسلمون اتكالًا على هذه السنة بل إن سنة الله عز وجل اقتضت أن لا ينتشر هذا الدين ولا يحبط كيد أعداءه إلا بالصبر والتقوى من المسلمين ﴿وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطٌ ﴾ [آل عمران: ١٢٠]
البشارة السابعة:
تمحيص الله للمؤمنين مقدمة لمحق الكافرين
من الخير الذي ظهر من هذا الصراع تعرية الباطل وأهله للناس ومعرفة من هم أعداء الأمة على الحقيقة سواء من الكفار أو من أهل الردة والنفاق من بني جلدتنا وهذا من حكم الله تعالى في الإبتلاء والصراع حيث يميز الله فيه الخبيث من الطيب فيُعرف الخبيثون بخبثهم ونفاقهم وخيانتهم للأمة فتحذر منهم الأمة وتتبرأ منهم ويعرف الطيبون الصامدون الثابتون في نصرة الحق . وهذا ما نراه اليوم وهذا من مبشرات قرب نصر الله تعالى حيث أن نصرة أهل الحق و إهلاك أهل الباطل لا تنزل إلا بعد التمحيص قال تعالى: ﴿وَلِیُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَمۡحَقَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ ﴾ [آل عمران: ١٤١] فذكر التمحيص قبل محق الكافرين.
البشارة الثامنة:
الثبات على الدين وعدم التنازل انتصار يمهد للانتصار الشامل
يحصر كثير من الناس النصر على أعداء الدين في النصر الحسي في ميادين القتال والتمكين لأهل الحق في الأرض وينسون أن النصر الحقيقي الذي يسبق انتصار التمكين هو الثبات على الدين وعدم التنازل عن محكماته ومسلماته أيام المحن والابتلاءات والتضحية في سبيل ذلك بالمال والنفس رجاء رضوان الله تعالى وجناته التي إذا حصل عليها أولياء الله الصابرون الثابتون فذلك هو الفوز العظيم ومن أوضح المشاهد على ذلك ماحصل لأصحاب الأخدود من حرق وإبادة لأولياء الله عز وجل حيث ظن بعض الناس أنهم أبيدوا وانتصر عليهم الكفار الذين حرقوهم ولكن الحقيقة أنهم انتصروا نصرًا عظيمًا بثباتهم على دينهم وتضحيتهم بأرواحهم وحرق أجسامهم في سبيل الله عز وجل وفوزهم بمرضات الله عز وجل وجنته وقد أوضح الله هذه الحقائق في قوله سبحانه عن خسارة أعدائه وانتصار أوليائه في معركة الأخدود بقوله سبحانه: ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ فَتَنُوا۟ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ ثُمَّ لَمۡ یَتُوبُوا۟ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِیقِ *نَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمۡ جَنَّـٰتٌ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۚ ذَ ٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡكَبِیرُ ﴾ [البروج: ١١،١٠].
لذا فإن ما نراه من صمود كثير من الدعاة المجاهدين أمام بطش الباطل وشدة ضرباته وثباتهم على الحق دون تنازلات هذا والله انتصار يمهد للانتصار الشامل على الباطل وأهله والتمكين للحق وأهله في الأرض.
أسأل الله عز وجل أن يثبتنا على الحق حتى نلقاه وأن يستعملنا في طاعته ونصرة دينه سلمًا لأوليائه حربًا على أعدائه راجين مرضاته وجناته..
والحمدلله رب العالمين.
الهوامش:
- رواه أحمد والبيهقي في الدلائل وصححه الألباني.
- حديث صحيح.
- رواه أحمد.
اقرأ ايضاً:
- أسباب النصر وأصول التمكين .. (1-2)
- أسباب النصر وأصول التمكين .. (2-2)
- الوعد بالتمكين لدعوات المرسلين
- سُنة “الإملاء” و”الاستدراج” للكافرين والظالمين
- سُنة الابتلاء للمؤمنين، وأن العاقبة للمتقين
- سُنة الله في المدافعة بين الحق والباطل