لا يزال النفاق وحركات الردة ـ ولو في شكل مؤسسات دينية..! ـ في بلاد المسلمين تتلمس طريق الكفار من أهل الكتاب والمشركين، تتجه بسهامها نحو وجود الإسلام وعقيدته شريعته، وتتجه نحو تاريخه الذي يؤرقهم ويزعجهم!

الخبر

“أثارت دار الإفتاء المصرية غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عندما وصفت الفتح الإسلامي لمدينة القسطنطينية (إسطنبول) بالاحتلال العثماني.

وقال المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء في بيان نشره على حسابه الرسمي بموقع فيسبوك “إن العثمانيين احتلوا إسطنبول عام 1453، وحولوا كنيسة أيا صوفيا إلى مسجد، بعد 916 سنة من اعتمادها كنيسة، وعام 1934، تحولت إلى متحف بموجب مرسوم صدر في ظل الجمهورية التركية الحديثة”.

وأثارت تصريحات دار الإفتاء المصرية ردود فعل ساخطة في مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد ساعات اضطرت دار الإفتاء لكتابة منشور جديد تراجعت فيه عن وصف فتح القسطنطينية بالاحتلال، بينما علق آخرون بلهجة ساخرة قائلين “لم يتبق سوى الاعتذار لكفار قريش عن هدم المعالم الأثرية (الأصنام) حول الكعبة، يوم احتلال (فتح) مكة”. (1موقع “الأناضول”، على الرابط:
الإفتاء المصرية: “احتلال” القسطنطينية “فتح” المهم لاعلاقة لأردوغان به)
وموقع “الجزيرة” على الرابط:
رغم بشارة النبي.. دار الإفتاء المصرية تصف فتح القسطنطينية بالاحتلال ثم تتراجع
)

التعليق

جاء في الحديث

1) عن عبد الله بن عمرو قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولا قسطنطينية أو رومية؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا بل مدينة هرقل أولا ـ يعني القسطنطينية. صححه الذهبي.

2) وجاء في الحديث: “لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش”.

3) وفي البخاري عن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحة حمص وهو في بناء له ومعه أم حرام قال عمير فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا قالت أم حرام قلت يا رسول الله أنا فيهم قال أنت فيهم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم فقلت أنا فيهم يا رسول الله قال لا.

والقسطنطينية هي “استانبول” اليوم. وبغض النظر عن الاختلاف في تفسير الحديث الأول، وعلى من يقول أنها ستفتح ثانية زمن الملاحم فهذا الفتح اعتبره من قال بهذا أنه مقدمة للفتح الثاني؛ فالفتح الإسلامي جارٍ على أيدي المسلمين منذ زمن رسول الله الى لحظة توقف الفتوحات، واستمر بدعوة القلوب لدين الله..

والفتحان باقيان الى يوم القيامة.

وما جرى على “القسطنطينية” التي حاربت المسلمين قرونا حتى فتحها الله تعالى عليهم؛ هو الجاري على سائر بلاد المسلمين الذين نعموا بهذا الدين الذي أوصله لهم المسلمون مجاهدون وعلماء. وتلك طبيعة قلوب البشر وأوضاعهم وقواهم، طبيعة انحراف القلوب وانحراف الأوضاع؛ فللقلوب خطاب تفهمه بالدعوة، وللأوضاع والأنظمة خطاب تفهمه بالفتح. إنها الوسائل المكافئة والواقعية الجدّية لهذا الدين الرباني. وهو امتداد لما قام به رسل الله من قبل ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ..﴾ (التوبة: 111)

ولا يَكره هذا الفتحَ ولا ينكره إلا من يبغضه، من النصارى واليهود، لأنه يقتطع من قلوبهم ويُظهر بطلان ما هم عليه ويبرهن على صدق محمد صلى الله عليه وسلم وصحة الرسالة.. فالإسلام أخذ منهم أرضا وقلوبا، نَعِمت بدين الله ورأت نوره ونعمه، وصارت جندا لدين الله تعالى، واستكملت تلك القلوب ـ بدورها ـ الفتوح فيما يليها، وتوطن الإسلام في قلوبها، وفي كل أرض مرّ عليها الداعون لدين الله؛ مجاهدون وعلماء..

يبغض النصارى والصهاينة الإسلام بطبيعتهم المنحرفة، ويبغضون فتحه وجهاده لأنه يحول بينهم وبين شرورهم وضلالهم وإضلالهم لغيرهم، ويمنعهم من شهواتهم المريضة، ويمنعهم من تعبيد الناس لهم، ويتركهم مقموعين مكبوتين أذلة صاغرين، ويترك للناس الحرية والقرار..

لكن أيضا يكرهه المنافقون لأنهم أشد بغضا للإسلام من غيرهم.. وقد استطال اليوم النفاق.

والغرب النصراني يحكم بلاد المسلمين منذ قرنين؛ منذ موجة الاحتلال الى اللحظة الحاضرة؛ والحقيقة الصريحة أن الحكومات التي تحكم بلاد المسلمين هي حكومات متشربة بالروح النصرانية بل والصهيونية، مَظهرا ومخبرا، توجها وثقافة.. حتى الحقد متشابه يخرج من البئر الآسن نفسِه. حتى إنك لتجد نار الحقد تتقد فيهم يكادون يحترقون بغضا وغيظا للإسلام يسعون في محو وجوده ومحو تاريخه، فأنظارهم تتجه الى الاتجاه نفسه؛ ولا غرو؛ فقد قال تعالى فيهم ﴿إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ (النساء: 140).

ويجب ألا يعجب الناس من أن يكون النفاق في المؤسسات الدينية؛ فالنفاق يوجد في هؤلاء كما يوجد في غيرهم، وقد تبدأ الأمور بالفساد والشهوات لتنتهي بالنفاق. وقد ذكر تعالى في سورة آل عمران دور الشهوات في سياق بيان انحراف النصارى عن دين الله، وقبل ذكر دور الشهوات وبعده كان بيان حقيقة الدين، ليوضح تعالى للناس أنه ليست الشبهة فقط ما يُبعد الناس عن دين الله ويدفع أصحابها للكذب على الله بل قد تدفع الي ذلك شهوات الدنيا وعروضها الدنية.

فليحذر الناس من مندوبي النصارى والصهاينة ومن مردة المنافقين؛ فشرُّهم باقٍ وقد قال الله فيهم (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ) (المنافقون: 4).

كما يجب أن يعلم الناس أن تراجع دار الإفتاء عما قامت به لا يُزينها بل يفضحها؛ إذ لم تتراجع إلا عندما عظمت الشناعة واستنكر الناس وذكروا قول رسول الله الذي لا تجهله تلك الدار والمفسدون القائمون فيها.. اللهم إلا أن يجهله “الأمنيون” الذين يكتبون تلك “الفتاوى..!” والتصريحات المشينة.

خاتمة

قد بلغ أوار البغض لدين الله من تلك الفئة الملحدة التي تقوم بالحكم قهرا واستبداد على بلاد المسلمين، يقرّبون شرار الخلق وملاحدتهم، ويتواطؤون مح حركة النفاق والردة الداخلية، ومع حركة الصهاينة في دولة اليهود والعالم، ومع الحركة الصليبية العالمية ضد الإسلام، بل وتواطأ معها الوثنيون والملاحدة.

إن دين الله، دين التوحيد؛ دين شريف ومتفرد. هو الحق الذي يشق طريقه فتنبح عليه كلاب الباطل؛ إذ يشق نورُه الظلام، وهو ما يخشونه. ويدك حصون الباطل بكل معانيه ومجالاته، وهو ما يرتعدون منه..

لكن رغم أنوفهم فدين الله باقٍ وتاريخه مجيد، والمستقبل له. بإذن الله.

……………………………..

هوامش:

  1. موقع “الأناضول”، على الرابط:
    الإفتاء المصرية: “احتلال” القسطنطينية “فتح” المهم لاعلاقة لأردوغان به(مرصد تفنيد الأكاذيب)
    موقع “الجزيرة” على الرابط:
    رغم بشارة النبي.. دار الإفتاء المصرية تصف فتح القسطنطينية بالاحتلال ثم تتراجع

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة