يقوم علماء السوء باقتطاع بعض الأدلة ليكونوا رُقية لفساد الطغاة، ومنهم أدوار “المداخلة” بالغة السوء وبشعة الممارسة شهادة مزوَّرة ضد الإسلام.

مقدمة

مع جريان الأحداث المؤسفة في بلادنا التي تغلب فيها العلمانيون من العسكر على بلاد المسلمين. ومع الثورات العربية جاءت الثورات المضادة.

والدول التي طالتها الثورات المضادة والدول التي لم تأت اليها الثورات ـ كالخليج ـ كلاهما استعمل آلة “علماء السوء” الذين لم يعرفوا من دين الله إلا “طاعة الملوك والرؤساء” و”جرح الدعاة والمصلحين”.

ومن هنا برز تيار “المداخلة” بما يقف وراءه من أجهزة مخابرات دول عديدة وأموال وإعلام.

وقد انتقى هذا التيار من دين الله ما يوافق أهواء الملوك ولم يَصِلوا ما أمر الله به أن يوصل من الأدلة ليُعملوا أحكام الله ويجمعوا بين تحقيق معنى الجماعة، وطاعة ولي الأمر من المسلمين، وإقامة الدين، ومنع ولاء الكافرين، والقيام بالقسط والأمر المعروف والنهي عن المنكر للأمة وللحكام سواء. فخسر الناس الرؤية الكاملة لدين الله ولم يعرفوا منها غير متفرقات ومتمزقات من الأدلة تخدم أوضاع الطغيان والانهيار والسرقات؛ فقدّموا شهادة مزوَّرة عن دين الله تعالى.

عمدة التبرير هي “قبول شرعية المتغلب”، رغم أنها اجتهاد لأهل السنة على خلاف القاعدة المستقرة الآمرة بالشورى، والتي تمت ممارستها عبر الخلافة الراشدة، وخلافة عمر بن عبد العزيز. وقبول أهل السنة لها كان للمتغلب المسلم، وبسبب ما نتج عن الخروج عبر التاريخ من إخفاقات. وللأمر تفصيل له محله اللائق به لكن ينبغي التنبيه لأمور.

كشف جرائم “المداخلة” على الدين والدنيا

ثمة جرائم تطال الدين والدنيا، وثمة آثار مدمرة لما يقوم به هؤلاء؛ ومنها:

بين المتغلب المسلم والمتغلب العلماني

إهمال الفارق اليوم في صفة الحكام القائمين على بلاد المسلمين، وهو أنهم حكام علمانيون مبدلون للشرائع موالون للعدو الصليبي الذي لم يرحل عن بلاد المسلمين بهزيمة له واضحة بل بتغيير طرق الاحتلال، وبضمان التبعية الكاملة له تَقنينا وثقافة ومراعاة لقاعدته العسكرية المتمثلة في الكيان الصهيويني فهو يمثل قاعدة عسكرية متقدمة.

المفارقة المخجلة والكاشفة

أنهم لو جاء حاكم مسلم يرفع راية الإسلام ويريد العودة بالشرعية؛ بل وجاء بإرادة حرة من الأمة وبلا وصاية غربية صليبية وبدون رضاء صهيوني؛ فإنهم يقفون موقفا عجبا؛ إذ يتمثل موقفهم في دعم الخارجين عليه من اللعلمانيين والنصارى والإباحيين والملاحدة والموالين للغرب الصليبي، ويجعلون الحاكم المسلم القادم بارادةٍ حرة من الناس “خارجيا” ويجعلون الخارجين عليه العلمانيين حكاما شرعيين..!! فيالله العجب.

فأصبحت القاعدة أنهم يدعمون المتغلب العلماني فقط.

فإذا تحقق لهم من يريد إقامة الدين والخروج عن النظام العالمي الذي يتحكم فيه الصهاينة والصليبيون وقفوا ضده، وإذا جاء عن طريق النظام العالمي الصليبي الصهيوني دعموه وأعطوه الشرعية الإسلامية..!

منع انكشاف المرتدين

وقد قاموا بأدوار إخفاء جرائم الكفار المرتدين من العلمانيين؛ فعندما انكشف للناس موالاتهم للصليببيين في فرنسا وأمريكا أصدروا فتوى مؤخرا بجواز ذلك من باب الضرورة. وهل هدم الدين صار ضرورة..؟!

الدعم حتى القتال

ثم تمادى المداخلة وتعدّوا مرحلة الدعم العملي والتوجيهي الى مرحلة القتال وحشد الكتائب وتقديم القتل والقتلى في مواجهة من ينتمي للتيارات الإسلامية لينتصر أمثال “حفتر” الغربي التوجه، العلماني الموقف والعقيدة، والتابع لفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.

بل وقاموا ببشاعات لم يفعلها غيرهم من قتل الأبرياء، وأضافوا اليه بشاعة نبش قبور قتلى المسلمين والتمثيل بهم والطواف بهم في الشوارع؛ في بشاعات لم يرها الناس من قبل، يُفعل هذا حربا للإسلام ثم تُلصق هذه الجرائم في الوقت نفسه بالإسلام..! فأي عقلبية خبيثة تدير هؤلاء المجرمين..؟!

في خدمة الانهيار..!

الأوضاع الحالية في غاية التسارع والوضوح؛ من إهدار مقدرات المسلمين بآف الملايين من الدولارات والثروات، والتفريط في المقدسات، والهجوم الصريح على الإسلام، وتبديل شرائعه، وترسيخ الإباحية باستعلان وتبجح لا يخفى على أحد؛ حتى أن بسطاء عوام المسلمين لبيكي حرقة على ما آلت اليه الأوضاع في بلاد الحرمين، ومصر وسائر بلاد المسلمين، ويخص المسلمون بلاد الحرمين بالحزن والبكاء بسبب ما تمثله عندهم من رمزية للخير بدأت تتساقط لصالح المنافقين.

وعندئذ فقد أصبح الإسلام على أيديهم مجرد خادم للطغيان واللصوصية والسرق ولتعبيد الشعوب وأصبح الإسلام وكأنه يلغي نفسه بنفسه، وكأن أدلته تدل على إبطال حاكميته وهمينته..! وكأن أدلته تجرّم إقامته..!!

وهذا بدوره يساعد على إيصال شهادة مزورة ضد الإسلام تنفّر الشباب عن هذا الدين، وتصدّ عن سبيل الله، وتقول لهم إن ابتغيتم العزة ففي غير الإسلام..! وإن أردتم الأخذ على أيدي الظالمين ففي غير الإسلام..! وإن أردتم استعادة كرامتكم وحريتكم ودوركم كأمة فليس من خلال الإسلام..!! بينما الإسلام ينص على هذه المطالب ويؤكد عليها ويتوعد من يفرّط فيها؛ فسبحان الله في قلب هذه القلوب.

خاتمة

لم يعد خافيا على أحد يد أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية في تحريك وتوجيه هذه التيارات، وأثرُها على المسلمين وخيم، ومفرّق، ومضعف للمسلمين، ومقوٍّ للطغاة والفجرة والملاحدة أينما كانوا.

ولهذا وجب التنبيه الى خطرهم وفضحهم. ولا يكون هذا إلا ببيان الحال، وبيان حقيقة الإسلام والجمع بين أدلته وبيان موقع إقامة الشريعة ووجوبه، ومعنى الجماعة الواجبة الإلتزام، ومَن هو الحاكم الشرعي الذي تكون له السمع والطاعة، ودور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإبراز قيم الإسلام في الأخذ على يد الظالم وقصره على الحق وأطره عليه كما جاءت ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إنه دور مهم وثقيل، ومتتابع؛ يجب أن يقف على ثغره دعاة وعلماء وأجهزة إعلام للمسلمين، والله تعالى المسؤول في عليائه أن يكشف الغمة عن الأمة ويُضعف يد المفسدين وأعوانهم ويكشف المنافقين وأدوراهم وأشخاصهم وهيئاتهم، وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد، ويجعل لنا سلطانا نصيرا.

……………………………………..

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة