تمر أحداث العالم الإسلامي ضمن تلاعب الأمم بهم، وتنازعها فيما بينها فتستعمل المسلمين أوراقا، في ظل غيبة الأمة ووقوع حكامها في التبعية.

مبدأ التفريق

من منطلق التفريق بين الأنظمة وتحفظاتنا عليها من جانب، وبين الأمة والحفاظ على مقدراتها والتأذي من خسارتها من جانب آخر.

فعامة الأنظمة التي ابتُليت بها الأمة في الواقع المعاصر إما علمانية صريحة، وإما علمانية مقنَّعة تتمسح بالإسلام “كالنظام الباكستاني”. وموقفنا من كليهما هو الموقف نفسه من رفض العلمانية بكافة صورها، كما نرفض التبعية للغرب وولاء الكافرين.

لكن هذا لا ينفي الاهتمام بالأمة ومقدراتها وشعوبها المقهورة والملبَّس عليها أمر دينها. فالأمة أوْلى بمقدراتها وبأمرها. ولهذا نخشى عليها التفريق، كما نخشى عليها الدخول في مواجهات غير متكافئة ونيابة عن قوى متكبرة تتصارع فيها بينها ويتحمل المسلمون ثمن صراعات الغير.

الحدث

جاء على موقع “رويترز” تحت عنوان: “الهند وباكستان تصعدان “حرب التصريحات” بعد تفجير كشمير”

“قال وزير هندي إن بلاده ستستخدم ”كل ما لديها من وسائل“ للرد على باكستان فيما يتعلق بدورها في تفجير كشمير وذلك بعد ساعات من تحذير إسلام أباد من أنها سترد ”بكل قوة“ على أي هجوم من الهند.

وتصاعدت حدة التوتر بين الجارتين النوويتين بشأن إقليم كشمير منذ أن قتل انتحاري (40) من قوات الأمن الهندية. وأعلنت جماعة جيش محمد، ومقرها باكستان، مسؤوليتها عن الهجوم.

وقال رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي”، الذي يواجه انتخابات عامة ستجرى بحلول مايو أيار، إنه أطلق يد قوات الأمن للانتقام للقتلى في كشمير.

وقال وزير المالية الهندي “أرون جايتلي” أن نيودلهي ستستخدم الهند كل الوسائل المتاحة لديها سواء كانت دبلوماسية أو غير ذلك… لدى الهند كل الخيارات. لا يتعين عليك أن تستنفد كل الخيارات من البداية. هذه ليست معركة لأسبوع واحد. سيُنفذ الأمر بعدة أشكال“.

وأضاف في إشارة إلى ما يتردد عن دعم باكستان لجماعات إسلامية متشددة ”أعتقد أن باكستان تخاطر فيما يتعلق بذلك ومن يخاطر لا يسلم أبدا من الأذى“.

وقال بيان للحكومة إن السلطات سيطرت على مقر جماعة “جيش محمد” في “بهاولبور” وعينت مسؤولا لإدارة شئونه. وأضافت أن المقر ومعهدا تعليميا ملحقا به يضمان (600) طالب و (70) معلما.

وزعم أكبر قائد عسكري هندي بالإقليم أن المخابرات الباكستانية متورطة في الهجوم.

وقال الميجر جنرال “آصف غفور” المتحدث باسم الجيش الباكستاني للصحفيين في مدينة “روالبندي” ليست لدينا أي نية لبدء الحرب ولكننا سنرد بكل قوة على التهديدات الشاملة بصورة ستفاجئكم… لا تعبثوا مع باكستان“.

كان رئيس الوزراء الباكستاني “عمران خان” قد حث الهند يوم الأربعاء على تقديم أي أدلة تستوجب اتخاذ إجراءات عارضا التعاون الكامل في التحقيقات.

كما عرض إجراء محادثات مع الهند في كل القضايا ومنها الإرهاب وهو أمر سعت الهند دوما لجعله شرطا مسبقا لأي حوار بين البلدين الخصمين.

وجدد “غفور” أيضا عرض المحادثات قائلا ”كشمير قضية إقليمية. فلنتحدث بشأنها. ونحل (القضية)“.

وتتهم الهند جماعات إسلامية متشددة في باكستان بالتسلل إلى الشطر الهندي بكشمير لتأجيج تمرد ومساعدة الحركات الانفصالية.

وتزعم واشنطن ونيودلهي أن الجيش الباكستاني يرعى المتشددين لاستخدامهم أداة في السياسة الخارجية بهدف توسيع نفوذه في الهند وأفغانستان المجاورتين. وينفي الجيش هذه المزاعم”. (1موقع “رويترز”، بتاريخ 22/2/2019، على الرابط:
الهند وباكستان تصعدان “حرب التصريحات” بعد تفجير كشمير
)

إبداء المقاومة

وجاء على موقع “BBC” تحت عنوان: “باكستان تحذّر الهند من أي هجوم ينتهك سيادتها”

“حذّر رئيس الوزراء الباكستاني “عمران خان” من أن بلاده سترد على أي عمل عسكري تشنه الهند بعد الهجوم الانتحاري الذي وقع الأسبوع الماضي وراح ضحيته جنود هنود في الشطر الهندي من إقليم كشمير.

وقال رئيس الوزراء الباكستاني “على الهند أن تكف على توجيه اللوم لباكستان دون امتلاكها أدلة على ذلك”.

وأضاف خان، في أول تعليقات على الهجوم، “أن أي محاولة هندية لانتهاك السيادة الباكستانية ستواجه بعمل مماثل”.

وتنفي باكستان أي علاقة لها بالهجوم، لكن الهند تتهم جارتها بالتواطؤ، ودعت إلى عزلها دولياً.

وتتنازع كل من الهند وباكستان السيطرة على إقليم كشمير ذي الغالبية المسلمة، لكن كلا البلدين يسيطران على أجزاء منه”. (2موقع “BBC” بتاريخ 19/2/2019، على الرابط:
باكستان تحذّر الهند من أي هجوم ينتهك سيادتها
)

تطورات وردود

جاء على موقع “BBC” تحت عنوان “باكستان “تسقط طائرتين هنديتين فوق كشمير”

“قال الجيش الباكستاني الأربعاء إن القوات الجوية الباكستانية أسقطت مقاتلتين هنديتين داخل مجالها الجوي في كشمير.

وكتب المتحدث باسم الجيش الجنرال “آصف غفور” في تغريدة “لقد أسقط سلاح الجو طائرتين هنديتين في المجال الجوي الباكستاني”، مضيفا أن طائرة سقطت في القسم الباكستاني من كشمير، فيما تحطمت الأخرى في الجانب الهندي.

وقال “لقد تم أسر طيارين هنديين على الأرض من قبل العسكريين”.

وقال مسؤول حكومي كبير في الشطر الهندي من كشمير لوكالة فرانس برس إن “المقاتلات الباكستان عبرت لفترة وجيزة الحدود لكن سلاح الجو الهندي أرغمها على العودة”. (3موقع “BBC” بتاريخ 27/2/2019، على الرابط:
باكستان “تسقط طائرتين هنديتين فوق كشمير”
)

حرب صينية أمريكية .. بين الهند وباكستان

جاء على موقع: “Sputnik عربي” تحت عنوان “بعد المعركة الجوية وإسقاط الطائرات… خبراء يستبعدون اندلاع حرب هندية باكستانية”

“هذا الصراع يدار بشكل غير مباشر من قبل الاستخبارات الأمريكية، التي تهدف إلى رفع درجة التوتر بين الهند وباكستان إلى الحالة الحرجة، مع الحرص على عدم وقوع حرب شاملة، وذلك في إطار قطع الطريق أمام الصين في استثمار باكستان بميزاتها الجيوسياسية لخدمة المشاريع التنموية الاستراتيجية كطريق الحرير الجديد، بالمزامنة مع إطلاق سباق الشد والجذب على باكستان بين الإخوان المسلمين في تركيا وقطر من جهة، وبين باقي دول الخليج من جهة ثانية”. (4موقع: “Sputnik عربي” بتاريخ 27/2/2019، على الرابط:
“بعد المعركة الجوية وإسقاط الطائرات… خبراء يستبعدون اندلاع حرب هندية باكستانية”
)

معسكر “بالاكوت” المتذبذب

جاء على موقع الجزيرة، “ميدان” تحت عنوان: (“كعب أخيل” الهندي.. لماذا قصفت الهند باكستان الآن..؟)

“كان معسكر التدريب التابع لتنظيم “جيشِ محمد” في “بالاكوت” مرصودًا لسنوات من جانب وزارة الدفاع الأمريكية وفق إحدى وثائق “ويكيليكس”، حيث تشير وثيقة موقعة من الجنرال الأمريكي “جِفري ميلر” عام 2004 إلى وجود معسكر يقدّم تدريبات متطوّرة على استخدام المفرقعات والذخيرة، إلا أن باكستان لم تتحرّك لمواجهة التنظيم تمامًا كما تفعل مع تنظيمات أخرى تُتاح لها حرية نسبية في شمال باكستان.

ليست باكستان فقط هي الدولة الداعمة لعدم مواجهة التنظيم بشكل جدّي، فالصين في خضم التنافس الشرس بينها وبين الهند منحازة للموقف الباكستاني تجاهه كذلك، فقد عرقلت “بكين” مقترحًا أمريكيًا في مجلس الأمن لتصنيف “مسعود أزهر” كـ «إرهابي دولي» قبل عام من الآن، كما عارضت أيضًا طلبًا هنديًا في الأمم المتحدة لإدراجه كـ «إرهابي» في ديسمبر/كانون الأول عام 2016″. (5موقع الجزيرة، “ميدان” تحت عنوان على الرابط:
“كعب أخيل” الهندي.. لماذا قصفت الهند باكستان الآن..؟
)

رغبة أمريكية لإشعال الحرب

وجاء في وقت سابق على موقع روسيا اليوم “RT” تحت عنوان “الولايات المتحدة تدفع الهند إلى الدخول في نزاع مع الصين”

“وفيما يتعلق بالخلاف بين الهند والصين، تريد موسكو التقارب بينهما، لكن الهند تعد الصين ـ خصمها الرئيس. وما يزيد من تخوفات الهنود هو أن الصين ترى باكستان حليفا لها – كما أوضح الخبير.

ويضيف أن ما يزيد الوضع تعقيدا هو أن الولايات المتحدة تشعر برغبة جامحة في إشعال نيران الحرب بين الدولتين”. (6موقع روسيا اليوم “RT” بتاريخ 13/7/2017، على الرابط:
الولايات المتحدة تدفع الهند إلى الدخول في نزاع مع الصين
)

الخبث الأمريكي والتحريش من أجل مصالحها

وجاء على موقع “إرم” تحت عنوان “أمريكا تقوي الهند لإضعاف الصين.. هل تُفشل باكستان الخطة؟”

“قال تيلرسون: ”الهند بحاجة إلى شريك موثوق في المحافل الدولية، وأود أن أقولها بصراحة إنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي هذا الشريك الموثوق، نظرًا لقيمنا المشتركة ورؤيتنا المتطابقة حيال الأمن والاستقرار بالعالم، والصين تتحدى وتنتهك القوانين الدولية عبر الاستفزازات في بحر الصين الجنوبي“.

ولم تزود واشنطن إلا عددًا قليلًا من حلفائها بمثل هذه المعدات، لذا فإن إعطاء أسلحة حساسة لنيودلهي، يعني أن واشنطن تولي اهتمامًا كبيرًا لعلاقاتها العسكرية مع الهند، لإيجاد عنصر قوي في المنطقة تستطيع من خلاله عرقلة الهيمنة الصينية.

ولعل تموضع الصين العسكري والمدني في المناطق المطلة على بحر الصين الشرقي والجنوبي، وتطوير علاقاتها العسكرية مع دول المنطقة، وتعزيز علاقاتها أيضًا مع كل من ميانمار وباكستان وبنغلاديش، يدعم تصريحات نائب مساعد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، مايكل كولينز، في وقت سابق، بأن التهديد الصيني للولايات المتحدة أخطر من التهديد الروسي.

وتوسيع بكين رقعة نفوذها السياسية والاقتصادية والعسكرية، لتمتد من مناطق المحيط الهادئ (الباسيفيك) إلى القارة الأفريقية، بالتوازي مع خسارة الولايات المتحدة مناطق نفوذ، يدعم المخاوف الأمريكية حيال الامتداد الصيني.

ومقابل التهديدات الصينية، تعمل الولايات المتحدة على تطوير علاقاتها مع الهند، فخلال السنوات العشرة الماضية، باعت واشنطن أسلحة إلى نيودلهي، بـ (15) مليار دولار، وتخطط لإطلاق مشاريع عسكرية في الهند، خلال السنوات الـ (7) المقبلة، بـ (30) مليار دولار.

يمكن القول إن الشراكة الأمريكية الهندية ستؤدي إلى زيادة التوتر بين الصين والولايات المتحدة في المحيط الهادئ، في ظل حرب النفوذ والبحث عن موارد جديدة، رغم اعتقاد مراقبين أن التوتر بين البلدين هو في البر الرئيس لآسيا أكثر من كونه في المحيط الهادئ”. (7موقع “إرم” بتاريخ 30/1/2017، نقلا عن “الأناضول”
أمريكا تقوي الهند لإضعاف الصين.. هل تُفشل باكستان الخطة؟
)

دلالة الأحداث ومآلات

كلما غاب دور الأمة تلاعبت بها القوى المختلفة، ما بين صليبية وصهيونية ووثنية وملاحدة، بالأمة المسلمة. واليوم نخشى على الأمة المسلمة في “باكستان” من التلاعب بها في خضم هذه الأحداث، لتُعتصر ما بين القوى الوثنية الهندوسية والقوى الشيوعية الصينية وتكون حروبا بالوكالة صالح هذه القوى.

يجب على المسلمين شدة الحذر، واكتساب البصيرة والحفاظ على مقدراتهم، وأن يشقوا طريقهم للقيام بدورهم الرسالي وإقامة الدين في صورة نظام ومؤسسات وقيم وأوضاع جماعية؛ سياسية واقتصادية، وهداية البشرية.

عندما يمتلك المسلمون أمرهم لن يكونوا رهينة للقوى المختلفة؛ بل سيضعون هم أهدافهم ويقررون أوضاعهم ويستخدمون مقدراتهم التي وهبهم لله فيما أمرهم سبحانه.

………………………………

هوامش:

  1. موقع “رويترز”، بتاريخ 22/2/2019، على الرابط:
    الهند وباكستان تصعدان “حرب التصريحات” بعد تفجير كشمير
  2. موقع “BBC” بتاريخ 19/2/2019، على الرابط:
    باكستان تحذّر الهند من أي هجوم ينتهك سيادتها
  3. موقع “BBC” بتاريخ 27/2/2019، على الرابط:
    باكستان “تسقط طائرتين هنديتين فوق كشمير”
  4. موقع: “Sputnik عربي” بتاريخ 27/2/2019، على الرابط:
    “بعد المعركة الجوية وإسقاط الطائرات… خبراء يستبعدون اندلاع حرب هندية باكستانية”
  5. موقع الجزيرة، “ميدان” تحت عنوان على الرابط:
    “كعب أخيل” الهندي.. لماذا قصفت الهند باكستان الآن..؟
  6. موقع روسيا اليوم “RT” بتاريخ 13/7/2017، على الرابط:
    الولايات المتحدة تدفع الهند إلى الدخول في نزاع مع الصين
  7. موقع “إرم” بتاريخ 30/1/2017، نقلا عن “الأناضول”
    أمريكا تقوي الهند لإضعاف الصين.. هل تُفشل باكستان الخطة؟

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة