اجتاحت عددا من الدول العربية والإسلامية فيضانات عارمة، لكن باكستان كانت أكثر هذه البلاد تضررا ودمارا، حيث هطلت الأمطار الموسمية بغزارة شديدة -عشرة أضعاف المعتاد-، وقد رآها وسمع عنها عموم الناس..

حجم الأزمة من خلال تصريحات المسؤولين

قالت وزيرة شؤون المناخ في باكستان: إن ثلث مساحة البلاد غرق بالكامل في أعقاب الفيضانات غير المسبوقة التي شهدتها البلاد..

وجرفت السيول الكثير من الطرقات والمنازل والمحاصيل، وخلقت دمارا واسعا في كافة ولايات باکستان

ووصفت وزيرة شؤون المناخ الوضع بأنه أزمة ذات أبعاد لا يمكن تصورها…

وقالت: إن كل شيء تحول إلى محيط واحد، لا يوجد أرض جافة لسحب المياه إليها…

وقالت: ثلث باكستان حاليا تحت المياه التي تخطت كل الحدود وكل معيار شاهدناه في السابق… لم نر شيئا كهذا إطلاقا.

وأفاد مسؤولون أنه قتل ما لا يقل عن 1136 شخصا منذ بدء موسم الأمطار الموسمية في يونيو/حزيران حتى الآن..، ولا يمكن تحديد عدد القتلى والمتضررين بدقة لصعوبة الوضع المأساوي، فعلى سبيل المثال فقد جرفت المياه الغزيرة في نهر سوات شمال البلاد الجسور والطرقات وعزلت عددا كبيرا من القرى بأكملها، ورغم مساعدة طائرات الهليكوبتر المستمرة لا يزال الوصول إلى المحاصرين صعبا للغاية

وقال وزير الخارجية بلاوال بوتو – زرداري: إنهم ما زالوا في مرحلة تقدير حجم الأضرار وقد رأينا في الأيام القليلة الماضية عناوين في المواقع الإخبارية مثل:

باكستان تحذر من المزيد من الدمار بسبب الفيضانات وتطلب مساعدات دولية ..

الأمطار الموسمية تجلب البؤس للملايين في باكستان .

 إجلاء الآلاف في باكستان بسبب الفيضانات والحكومة تعلن حالة الطوارئ ..

قال رئيس الوزراء شهباز شريف – بعد جولة في طائرة مروحية-: أزيلت قرية تلو الأخرى. دمرت آلاف

المنازل..

احتشاد من تمكن من الفرار في المخيمات المؤقتة التي جهزت في جميع أنحاء البلاد..

تضرر المناطق الجبلية في إقليم “خير باختونخوا ” الشمالي، وإقليمي السند وبالوشستان الأكثر تضررا..

الأمطار الموسمية غير المسبوقة هذا العام تذكر بفيضانات عام 2010 المدمرة والأسوأ في تاريخ باكستان، والتي تسببت بمقتل أكثر من ألفي شخص..

قلق متزايد بشأن كلفة إعادة البناء بعد هذه الكارثة..

الحكومة الباكستانية تناشد وكالات الإغاثة والدول الصديقة والمانحين الدوليين للحصول على مساعدات مالية.

وزير التخطيط إحسان إقبال يقول: إن التقدير الأولي للكلفة يفوق 10 مليارات دولار .

وزير التخطيط: المياه جرفت نحو نصف محصول القطن في البلاد، ومحاصيل الخضار والفاكهة والأرز تعرضت لأضرار بالغة.

المياه تغمر إقليم السند لدرجة أن عمال الطوارئ يعانون للوصول إلى المحتاجين للمساعدة. .

مسؤول عسكري يقول: لا توجد مهابط للطائرات أو منافذ متاحة، “طيارونا يجدون صعوبة في الهبوط”.

ونقول وبالله التوفيق…

نسأل الله عز وجل أن يرفع کل کرب وغم عن مسلمي باكستان وعن كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ..

ولنا وجهة نظر تفاؤلية في مثل هذه الكوارث التي تنزل بالمسلمين مستمدة من شرعنا المطهر، مع عدم إغفال أن الطوفان قد يكون من عقوبات العذاب الأدنى الذي يذكر الله به عباده ليرجعوا إليه: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ) [الأعراف:133].

ونلخص نظرتنا التفاؤلية بما يلي:

1- من صبر على المصيبة واسترجع فله بشارة من الله عز وجل؛ قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة:155-157].

ما أقل تعب الصابرين، وأعظم عناء الجازعين

قال السعدي: (أخبر تعالى أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن، ليتبين الصادق من الكاذب، والجازع من الصابر، وهذه سنته تعالى في عباده؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة، لحصل الاختلاط الذي هو فساد، وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر. هذه فائدة المحن…

(وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ) وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية، وغرق، وضياع، وأخذ الظلمة للأموال من الملوك الظلمة، وقطاع الطريق وغير ذلك.

(وَالْأَنْفُسِ) أي: ذهاب الأحباب من الأولاد، والأقارب، والأصحاب، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد، أو بدن من يحبه …لا بد أن تقع…

فإذا وقعت انقسم الناس قسمين: جازعين وصابرين، فالجازع، حصلت له المصيبتان، فوات المحبوب، وهو وجود هذه المصيبة، وفوات ما هو أعظم منها، وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر، ففاز بالخسارة والحرمان، ونقص ما معه من الإيمان، وفاته الصبر والرضا والشكران، وحصل [له] السخط الدال على شدة النقصان.

وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب، فحبس نفسه عن التسخط، قولا وفعلا، واحتسب أجرها عند الله، وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له، بل المصيبة تكون نعمة في حقه، لأنها صارت طريقا لحصول ما هو خير له وأنفع منها، فقد امتثل أمر الله، وفاز بالثواب، فلهذا قال تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) أي: بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب.

فالصابرين، هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة، والمنحة الجسيمة، ثم وصفهم بقوله: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره.

(قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ) أي: مملوكون لله، مدبرون تحت أمره وتصريفه، فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها، فقد تصرف أرحم الراحمين، بمماليكه وأموالهم، فلا اعتراض عليه، بل من كمال عبودية العبد، علمه، بأن وقوع البلية من المالك الحكيم، الذي أرحم بعبده من نفسه، فيوجب له ذلك، الرضا عن الله، والشكر له على تدبيره، لما هو خير لعبده…

ودلت هذه الآية، على أن من لم يصبر، فله ضد ما لهم، فحصل له الذم من الله، والعقوبة، والضلال والخسار، فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين، وأعظم عناء الجازعين..)1(1) [تيسير الكريم الرحمن ص(75)]..

المصائب تكفر الذنوب

2- وهذه المصائب يكفر الله تعالی بها عن المسلمين ذنوبهم؛ عن عائشة رضي الله عنها روح النبي صلی الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها»2(2) [رواه البخاري ( 5640) ومسلم(2572)]..

وعن عبد الله ابن مسعود قال: «دَخَلْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَمَسِسْتُهُ بيَدِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا! فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أجَلْ، إنِّي أُوعَكُ كما يُوعَكُ رَجُلانِ مِنكُم، فَقُلتُ: ذلكَ أنَّ لكَ أجْرَيْنِ؟ فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أجَلْ. ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما مِن مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أذًى؛ مَرَضٌ فَما سِواهُ، إلَّا حَطَّ اللَّهُ له سَيِّئاتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ ورَقَها»3(3) أخرجه البخاري (5660)، ومسلم (2571)..

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ خامَةِ الزَّرْعِ يَفِيءُ ورَقُهُ مِن حَيْثُ أتَتْها الرِّيحُ تُكَفِّئُها، فإذا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ، وكَذلكَ المُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بالبَلاءِ، ومَثَلُ الكافِرِ كَمَثَلِ الأرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حتَّى يَقْصِمَها اللَّهُ إذا شاءَ»4(4) أخرجه البخاري (7466)، ومسلم (2809) بنحوه..

الأرزة هي شجرة قوية عظيمة، قيل: هي شجرة الصنوبر.

قال النووي: قال العلماء معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله وذلك مكفر لسيئاته ورافع لدرجاته، وأما الكافر فقليلها وإن وقع به شيء لم يكفر شيئا من سيئاته بل يأتي بها يوم القيامة كاملة5(5) [شرح مسلم (17/153)]..

شدة البلاء من علامات الصلاح

3- عن مصعب بن سعد عن أبيه -يعني سعد بن أبي وقاص – قال: قلت: يا رسولَ اللهِ أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً ؟ قال : الأنبياءُ ، ثم الصالحون ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه ، فإن كان في دِينِه صلابةٌ ، زِيدَ في بلائِه ، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ ، خُفِّفَ عنه ولا يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ6(6) [رواه الترمذي (2398) وغيره، وقال الألباني: حسن صحيح]..

والصالحون كانوا يفرحون بالبلاء كما يفرح الناس بالرخاء؛ عن أبي سعيد الخدري قال: وضع رجلٌ يدَه على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال واللهِ ما أُطيقُ أن أضع يديَّ عليك من شدَّةِ حُمَّاكَ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنا معشرُ الأنبياءِ يُضاعفُ لنا البلاءُ كما يُضاعفُ لنا الأجرُ إن كان النبيُّ من الأنبياءِ يُبتلَى بالقَملِ حتى يقتُلَه وإن كان النبيُّ من الأنبياءِ لَيُبتلَى بالفقرِ حتى يأخذَ العباءةَ فيجوبُها وإن كانوا لَيفرحونَ بالبلاءِ كما تفرحون بالرَّخاءِ7(7) [رواه أحمد (11893) وغيره، وصححه البيهقي والبوصيري، والألباني في الصحيحة(5/76)]..

ومعنى يجوبها: أي يقطعها ويجعل لها شبه الجيب ليدخل عنقه فيه ويلبسها.

وقتلى السيول إن كانوا غرقى أو تحت هدم فهم شهداء؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله»8(8) رواه البخاري (2829) ومسلم  (1914)..

ما في السيول من منافع

4- السيول ينتفع بها الناس، وتخزن لهم المياه الجوفية التي تنفع الأجيال القادمة، وقد ضرب به النبي صلى الله عليه وسلم المثل فشبه العلم بالغيث الكثير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به مِنَ الهُدَى والعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أصابَ أرْضًا، فَكانَ مِنْها نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ الماءَ، فأنْبَتَتِ الكَلَأَ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وكانَتْ مِنْها أجادِبُ، أمْسَكَتِ الماءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بها النَّاسَ، فَشَرِبُوا وسَقَوْا وزَرَعُوا، وأَصابَتْ مِنْها طائِفَةً أُخْرَى، إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذلكَ مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ، ونَفَعَهُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومَثَلُ مَن لَمْ يَرْفَعْ بذلكَ رَأْسًا، ولَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الذي أُرْسِلْتُ بهِ»9(9) رواه البخاري (79) ومسلم  (2282)..

ما في المصائب من تذكير بالآخرة

5- المصائب تذكر العبيد بأن الدنيا ليست دار مقر، فلا يفرح بما أصاب منها، ولا يحزن على ما فاته منها؛ قال الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).

قال الطبري: يعني تعالى ذكره: ما أصابكم أيها الناس من مصيبة في أموالكم ولا في أنفسكم، إلا في كتاب قد كتب ذلك فيه، من قبل أن تخلق نفوسكم. (لِّكَيْلَا تَأْسَوْا) يقول: لكيلا تحزنوا، (عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ) من الدنيا، فلم تدركوه منها، (وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) منها۔

وعن ابن زياد، في قول الله عز وجل: (لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) قال: لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا، ولا تفرحوا بما أتاكم منها10(10) [رواه الطبري ( (23/198)] بسند صحيح]..

نشيد بموقف الدولة التركية في إغاثتها لباكستان، وندعوا كافة المسلمين لتقديم الدعم للشعب الباكستاني المسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمی»11(11) [رواه مسلم(2586)]..

حفظ الله المسلمين في دينهم ودنياهم.

الهوامش

(1) [تيسير الكريم الرحمن ص(75)].

(2) [رواه البخاري ( 5640) ومسلم(2572)].

(3) أخرجه البخاري (5660)، ومسلم (2571).

(4) أخرجه البخاري (7466)، ومسلم (2809) بنحوه.

(5) [شرح مسلم (17/153)].

(6) [رواه الترمذي (2398) وغيره، وقال الألباني: حسن صحيح].

(7) [رواه أحمد (11893) وغيره، وصححه البيهقي والبوصيري، والألباني في الصحيحة(5/76)].

(8) رواه البخاري (2829) ومسلم  (1914).

(9) رواه البخاري (79) ومسلم  (2282).

(10) [رواه الطبري ( (23/198)] بسند صحيح].

(11) [رواه مسلم(2586)].

اقرأ أيضا

أحوال الناس في التعامل مع البلاء

إلى أهل البلاء؛ شبهة وجوابها .. لابن القيم

جفاف أوروبا

 

التعليقات غير متاحة