استشعر عُبّاد البقر بما استشعره الملاحدة في الصين والصليبيون في الغرب والصهاينة في العالم وفلسطين، استشعروا ضعف المسلمين فتشابهت اعتداءاتهم واستُنفرت قواهم؛ حتى تشابه البقر على الناظر..!

الخبر

“أبرزت الصور ومقاطع الفيديو والحسابات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي صورة مخيفة خلال الأيام الماضية، معظمها لمثيري شغب هندوس يضربون بالهراوات والقضبان الحديدية والأحجار رجالا غير مسلحين، وصحفيين، ومجموعات من الرجال تجوب الشوارع، وحدوث مواجهات بين هندوس ومسلمين.

ولا تزال النار مستعرة في المدينة، وشاهد مراسلو (بي بي سي) السكان المسلمين في حي “مصطفى آباد” وهم يغادرون منازلهم يحملون الحقائب ويحزّمون ممتلكاتهم، خوفا من وقوع المزيد من الاشتباكات.

وأسفرت أعمال العنف عن إصابة نحو (189) شخصا، وقال مراسلو “بي بي سي” أن المستشفى بدا “مزدحما جدا”، وكان العديد من المصابين “يخشون بشدة العودة إلى منازلهم”. وقال مصور صحفي إنه طُلب منه خلع سرواله لإثبات هويته، وحدث نفس الشيء أيضا أثناء أعمال شغب ذات طابع ديني في الماضي للتعرف على المسلمين بالختان عادة.

وارتفعت حصيلة قتلى الاحتجاجات، على قانون الجنسية في الهند، والذي يضطهد العديد من المسلمين، إلى 20 قتيلا، بهجمات مجموعات هندوسية تحت أنظار الشرطة. وأوردت الصحف الهندية عددا من الحوادث التي هاجمت فيها مجموعات مسلحة من الهندوس أشخاصا مسلمين. وظهرت في لقطات فيديو عصابات تهتف “يحيا الإله رام”.

وبدأت الهجمات على أحياء المسلمين في نيودلهي، بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الهند، والتي استغرقت يومين”. (1موقع “BBC “، 26/2/2020، على الرابط: شغب دلهي: استمرار التوترات بعد سقوط 23 قتيلا في اشتباكات عنيفة بين مسلمين وهندوس
موقع “عربي 21″،26/2/2020، على الرابط: 20 قتيلا في هجمات متواصلة على أحياء للمسلمين بنيودلهي
موقع “الجزيرة”، 26/2/2020، على الرابط: الهند.. حرق مسجد واعتداءات على المسلمين ومودي يدعو للهدوء
موقع “الجزيرة”، 27/2/2020، على الرابط: ليبيراسيون عن شاهد عيان هندوسي: الشرطة أطلقت النار على المسلمين في الهند.. والهجمات مخطط لها مسبقا
)

التعليق

يستوقفك في الخبر عدة دلالات:

أولا: وكأن قوى الكفر في مشارق الأرض ومغاربها تتحسس الآن ضعف المسلمين، وكأنهم التقطوا الشعور بهذا الضعف فيرونه فرصة يتسارعون في اقتناصها؛ فقد استشعر عُبّاد البقر بما استشعر ه الملاحدة في الصين والصليبيون في الغرب والصهاينة في العالم وفلسطين، استشعروا ضعف المسلمين فتشابهت اعتداءاتهم واستُنفرت قواهم؛ حتى تشابه البقر على الناظر..!

ومن جانب آخر ترى جراثيم هذا العداء كامنة في الجميع؛ فهي الحقيقة التي أخبر الله تعالى عنهم من شعور وعداء ﴿وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ (الممتحنة: 2) وهي تتحيّن فرصة الضعف أو الغفلة لتنقض على المسلمين.

قد يتوارى هذا الشعور حينا وقد يزينونه بطلاءات وأعمال فنية كاذبة أو مظاهر خادعة؛ لكن سرعان ما تتساقط تلك اللافتات والشعارات.

وهذا يؤكد وجوب القوة للمسلمين بمختلف مظاهرها، ومن أهمها التماسك والتكاتف والولاء والتناصر الإقليمي والعالمي على مستوى الأمة؛ فهذه القوة بمظاهرها تردع الباغين أينما كانوا من التعدي على أي طائفة من المسلمين سواء كانوا دولا أو أقليات. وهذا بعض ما تضمنه قوله تعالى ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ (الأنفال: 60).

ثانيا: لا تستبعد إطلاقا التنسيق بين القوى الوثنية والغربية في استهداف المسلمين؛ فقد وقعت أحداث الاعتداء على المسلمين عقب زيارة الرئيس الأمريكي “ترامب” للهند ـ كما أشارت الصحف الى هذا الترابط كما جاء في الخبر أعلاه ـ وطبيعة الأمور أنهم يؤز بعضهم بعضا ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا﴾ (مريم: 83) وتتناقل خبراتهم لبعضهم ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ (الأنعام:112)

ثالثا: يجب الالتفات الى أمر مهم وهو أن الإضطراب الساري في الهند، وفي العالم، هو “حزمة” اضطرابات؛ فتلك القيادات السياسية المتطرفة والمجرمة، مثل رئيس الوزراء الهندي وحزبه، تقود خللا ساريا من العقيدة الى السياسة وأوضاع المجتمع الى استثارة المجتمع ضد المسلمين.. كما هي عادة إخوانهم العلمانيين والصليبيين والصهاينة؛ وانظر الى هذا الخبر:

“أثارت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الهند استياء العديد من الهنود، وذلك لأمر الحكومة ببناء جدار فاصل بين بيوتهم الفقيرة وأحد الطرق التي سيمر بها موكب ترامب، في محاولة من السلطات الهندية لإخفاء مظاهر الفقر المنتشر في البلاد.

كما عبّر هنود آخرون عن صدمتهم من تدمير عربات فقراء، قائلين “أمر مثير للصدمة!! من أجل زيارة ترامب للهند تم تدمير مئات عربات الفقراء التي كانت المصدر الوحيد لهم لتربية أسرهم”. (2موقع الجزيرة، على الرابط: غضب في الهند.. جدار يعزل موكب ترامب عن رؤية الفقراء)

وبيان هذا باختصار أن من يعبد البقر ويتبرك ببوله ويسجد له؛ هم من يسحقون ملايين الفقراء في الهند، ومنهم من يموت بسبب الفقر والجوع ـ وهم من الهندوس ـ ويخفونهم عن كاميرات التلفاز وعن موكب زيارة ترامب لهم لئلا تتأذى عينه برؤية فقراء الهند..! ثم هم مَن يقومون باستثارة هؤلاء الملايين أنفسهم ضد المسلمين للقتل وحرق المساجد والمتاجر والمساكن والاعتداء على العزل من المسلمين..

إنها حالة من الاضطراب الخاص والعام، وحالة من الفساد الجاري في جنبات الحياة والخلل الممتد فيها. فما وصل الى المسلمين من الأذى هو نهاية المَجرى العفن.

لا على المسلمين من كل هذا إن هم كانوا أقوياء أعزة؛ إنما الخوف أن يتأثروا بهذا الخلل بسبب معصيتهم لله تعالى فيُخذَلون. فكم سرى هذا الخلل في التاريخ فلم يضر إلا أصحابه؛ لكنه يؤذي المسلمين حقا حين يتركون وظيفتهم في هذه الحياة بين جنبات المشرق والمغرب.. حينما يتركون الوظيفة التي أخرجهم الله من أجلها؛ إقامة الدين وتمثيله في أمة ومجتمع ونظام، والحركة به في البشرية والشهادة على الناس بمقتضاه. ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (آل عمران: 110)، ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ (البقرة: 143)

خاتمة

تبقى دلالة لا نستطيع تفويتها ولا تجاوزها؛ وهي مشهد ذلك الهندوسي المجنون وهو يصعد مئذنة مسجد ليهدمها؛ ولكنه كان حريصا أن يصحب عَلَم “الهند” ليهدم المنارة أو المئذنة ويضع مكانها العلَم.. فيحتمي الوثني بالعلَم.

المشهد نفسه كان في مصر والعلماني ـ مفكرا أو ضابطا أو مخبِرا..! ـ يرفع العلم ويغني لمصر، ليضرب المئذنة بالرصاص ويسجن المسلمين ويسرق مصر نفسها. وباسمها يحارب الإسلام..!

المشهد مكرر ثالثا في السعودية إذ تحمل حسابات غالب المؤيدين للجبابرة الظالمين، العلَم السعودي؛ لتحارب به الإسلام وتغير هوية المجتمع وأخلاقه وتنشر الإلحاد والفجور وتؤيد الصهاينة وتخون قضايا الأمة وتنسحب من التزامها بقضايا المسلمين ولتنسلخ من الإسلام وتقتل علماءه ودعاته.. الى آخر المخازي التي تتوالى على المسلمين من هذه الأنظمة.. وحجته رفع العلَم وحب الوطن..!

وفي بقعة أخرى في سوريا يحتمي الطائفي النصيري أصحاب دموية الحشاشين والقرامطة؛ العلَم السوري لسحق سوريا نفسها ووأد شعب بأكمله أو إزالته من البلاد.

في كل بقعة يريد هذا أن يعتدي على الإسلام، وذاك أن ينسلخ منه، وآخر أن يستر طائفيته يختارون عَلما لبقعة من الأرض رمزا لتبرير الجرائم..

كما أنه يبدو أن الجميع يدرك طبيعة الإسلام وأنه دين وهوية، ووطن وجنسية، وعلَم ومشرب، ومنهج رضيّ وسامٍ يتضاءلون عنه وعن سموّه الى نتنهم.

……………………………..

هوامش:

  1. موقع “BBC “، 26/2/2020، على الرابط:
    شغب دلهي: استمرار التوترات بعد سقوط 23 قتيلا في اشتباكات عنيفة بين مسلمين وهندوس
  2. موقع “عربي 21″،26/2/2020، على الرابط:
    20 قتيلا في هجمات متواصلة على أحياء للمسلمين بنيودلهي
  3. موقع “الجزيرة”، 26/2/2020، على الرابط:
    الهند.. حرق مسجد واعتداءات على المسلمين ومودي يدعو للهدوء
  4. موقع الجزيرة، 27/2/2020، على الرابط:
    ليبيراسيون عن شاهد عيان هندوسي: الشرطة أطلقت النار على المسلمين في الهند.. والهجمات مخطط لها مسبقا

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة