الموقف من الأوضاع العلمانية فارق في تاريخ الأمة، وخاصة الحركة الإسلامية. وضوح الأدلة الشرعية مهم، ووضوح الواقع وشهادة الغرب نفسه يوضح الأمور.

مقدمة

تمثل النظرة الى الأنظمة العلمانية عقدة الصحوة وعقدة الحركة الإسلامية، ما بين مهوّن مرجئ وبين متهور يورط الأمة.

تمثل الأدلة الشرعية وضوحا تاما لمن عقل عن ربه، كما يمثل فهم الواقع مُعينا لتحديد الموقف الشرعي من هؤلاء العلمانيين، من جهة تحقيق المناط.

وتمثل شهادة العدو في هذا شهادة فارقة في بيان اصطفاف هذه الأنظمة مع العدو ضد الأمة.

وهذه حقيقة مهمة، وإدراكها أمر محوري؛ فمن أمِن اليهم اجتالوه عن دينه وهو يظن أنه يقوم بأمر شرعي من طاعة “ولي الأمر”..!

كما أن التهور يورط المسلمين في مواجهات غير متكافئة.

بينما وعْي الأمة يمثل أمرا محوريا قد يجعله الله تعالى مغيرا لهذا الواقع او بداية ولوج الطريق.

ومن هنا نسوق مقتطفات مهمة من تقرير لمجلة “الفورين بوليسي” توضح في تقريرها دور الأنظمة في “أزّ” الغرب على المسلمين وإزعاجه عليهم ليتمكنوا من حكم المسلمين برضا سيدهم الغربي؛ فيُفسدون ما يصعب استدراكه.

الخبر

جاء على موقع “عربي 21″، تحت عنوان “فورين بوليسي: الأنظمة العربية هي الأشد كراهية للإسلام”:

“قالت مجلة فورين بوليسي إن الأنظمة العربية، هي الأشد كراهية للإسلام، بناء على ما صرح به مسؤولون عرب، وذلك بحسب تقرير عليه حسن حسن، وعلا سالم، أوردا فيه عدة نماذج لما خلصا إليه. (1موقع “عربي 21” بتاريخ 30/3/2019، على الرابط:
فورين بوليسي: الأنظمة العربية هي الأشد كراهية للإسلام
)

نصوص من التقرير

“في ندوة عامة عقدت في الرياض في عام 2017، أصدر وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد تحذيراً حول الإسلاميين المقيمين في أوروبا، قائلاً: “سوف يأتي يوم نرى فيه أعداداً أكبر من المتطرفين والإرهابيين الراديكاليين يخرجون من أوروبا بسبب انعدام الرغبة (لدى سياسيي أوروبا) في اتخاذ القرار، أو لأنهم يحاولون أن يتحروا الصواب السياسي، أو لأنهم يفترضون أنهم يعرفون الشرق الأوسط وأنهم يعرفون الإسلام، ويعرفون الآخر، أكثر منا بكثير.” وأضاف ابن زايد: “آسف، ولكن ذلك هو الجهل المحض.” كانت الرسالة واضحة، ومفادها أن الزعماء الأوروبيين سوف يواجهون وباءً مستوطناً من التطرف الإسلامي إذا ما استمروا في التسامح مع وجود ما وصفه بالمتطرفين والإرهابيين الراديكاليين باسم حقوق الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية..”

“وهذا نموذج واحد فقط من توجه كثيراً ما يتم تجاهله، ألا وهو ما تتحمله الحكومات العربية والمسلمة من مسؤولية في تذكية الكراهية الموجهة ضد المسلمين كجزء من حملاتها التي تشنها ضد المعارضين لها في الداخل والخارج. بل لقد ذهبت بعض هذه الأنظمة، في سعيها لتبرير القمع الذي تمارسه واسترضاء الغربيين، إلى أن تبرم تحالفاً غير رسمي مع المجموعات والشخصيات المحافظة واليمينية في الغرب والتي لا شغل لها سوى نشر العنصرية والكراهية ضد الإسلام والمسلمين”. (2المصدر نفسه)

أموال تُنفق لجماعات الضغط

“وتنفق الأنظمة العربية ملايين الدولارات على مراكز البحث والتفكير وعلى المعاهد الأكاديمية وعلى شركات اللوبي (الضغط السياسي) للتأثير على التفكير داخل دوائر صناعة الفكر والقرار في العواصم الغربية تجاه النشطاء السياسيين المعارضين لحكم هذه الأنظمة، والذين يغلب عليهم طابع الالتزام الديني. ولطالما كان مجال مواجهة التطرف هو الجبهة المثالية للسردية المفضلة التي تسعى حكومات المنطقة إلى الترويج لها، ومن خلالها تستدر عطف الغربيين عبر الزعم بأنها هي أيضاً تعاني من غدر الجهاديين الراديكاليين وأنها تعرض على الغربيين العمل معاً في سبيل استئصال جذور الخطر الإسلامي المهدد لهم جميعاً”. (3المصدر السابق)

تحالف الأنظمة مع اليمين المتطرف..!

“بناء على العشرات من المقابلات التي أجريت على مدى عدة سنوات، وجدنا أن الأنظمة الاستبدادية في المنطقة تولي عناية فائقة للدوائر المحافظة واليمينية المتطرفة في الغرب التي يعتقدون أنها تميل نحو تبني أجندات معادية للإسلام والمسلمين..”

“يجد الطرفان الشراكة بينهما مفيدة لكليهما..”

“وفي حديث له مع قناة “فوكس نيوز” بعد شهر واحد من الندوة الحوارية التي عقدت في الرياض في عام (2017)، قال وزير الخارجية الإماراتي: “عندما نتحدث عن التطرف فإن العتبة التي ننطلق منها منخفضة للغاية. ولا نقبل التحريض ولا التمويل. ترى كثير من الدول أن تعريف الإرهاب يقتضي أن تحمل سلاحاً أو أن ترهب الناس. أما بالنسبة لنا فهو أبعد من ذلك بكثير..”

“ما يفعلونه .. هو أنهم كثيراً ما يمارسون تكتيكات يقصد منها التخويف لتضخيم التهديد وخلق مناخ يصبح فيه التفكير ببديل لتلك الأنظمة أمراً غير وارد ولا يجوز التفكير فيه من وجهة نظر صناع القرار السياسي في الغرب. بالإضافة إلى ذلك، تمكّن مثل هذه البيئة تلك الأنظمة من قمع المعارضين داخل البلاد في مأمن من المساءلة أو المحاسبة. ويصبح الإرهاب في هذه الحالة هو المصطلح الذي من خلاله يبرر العنف.

وشهدت المنطقة مثل هذه الأنماط على مدى العقد الماضي ولكنها تكثفت واشتدت حدتها في السنوات الأخيرة، وأثبتت أنها أدوات فاعلة في كسب الأصدقاء والتأثير على الأعداء.

وقام الزعيم السابق لجماعة “كو كلوكس كلان”، “دافيد ديوك”، بزيارة إلى دمشق في عام (2005) للتعبير عن تضامنه مع النظام السوري ضد الصهيونية والإمبريالية، وكثيراً ما أعرب عن تأييده للرئيس السوري بشار الأسد على الرغم من الحملة الشرسة التي يشنها ضد شعبه. ففي تغريدة له في عام 2017، قال ديوك: “إن الأسد بطل عصري يقف في مواجهة القوى الشيطانية التي تسعى لتدمير شعبه وأمته – فليبارك الرب الأسد”.

وكثيراً ما تصدر مثل هذه المواقف المتعاطفة مع الأسد عن شخصيات تنتمي إلى اليمين المتطرف في أوروبا..”

“وبينما تواجه هذه الأنظمة المزيد من الضغوط، تجدها تلجأ أكثر فأكثر إلى التخويف من التطرف والإرهاب سعياً للحصول على التأييد..”. (4المصدر نفسه)

دور إجرامي بعد انقلاب مصر

“وبعد الانقلاب العسكري في مصر في عام 2013، سارع النظام في القاهرة وكذلك داعموه الإقليميون نحو المبالغة من مخاطر التطرف ونحو الترويج للجنرال عبد الفتاح السيسي على أنه الرجل القوي الذي لديه الاستعداد للوقوف في وجه ليس فقط المتطرفين بل وحتى الفكر الإسلامي.

وكان قد صرح في عام 2015 بأن ثمة حاجة إلى إصلاح ديني إسلامي يعيد النظر بكثير من التقاليد الإسلامية القديمة وربما يحذفها. وما لبث تصريحه ذلك أن استشهد به من قبل المدافعين عنه في أروقة واشنطن وغيرها من العواصم كدليل على مؤهلاته المعادية للإسلاميين.

وكان صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد اعتبر من قبل حكومات المنطقة حدثاً يأتي في نفس ذلك السياق. ففي رسائل إيميل مسربة تم نشرها في عام 2017، لخص سفير الإمارات في الولايات المتحدة السردية الدعائية التي تجيب على المشتكين من استمرار تدفق الجهاديين من المنطقة قائلاً: “أنظر، سأكون أول من يقر بأن هذه العقيدة مشكلة، وهي مشكلة تحتاج للمعالجة. وها نحن نرى أخيراً في المملكة العربية السعودية شخصاً لديه الاستعداد للتصدي لذلك. وهذه هي المرة الأولى بالنسبة لنا..”

“تقوم هذه الأنظمة عن قصد وترصد بنشر الدعايات حول النشطاء السياسيين والدينيين الذين ينحدرون من بلدانها ويقيمون الآن في الغرب، وذلك بهدف تهميشهم وإسكاتهم في أماكن إقامتهم الجديد.
“إن الكلام ليس رخيصاً. وكما أثبتت الأحداث التي وقعت في نيوزيلندا، فإن الكلام يمكن أن يكلف أرواح كثير من الأبرياء. (5المصدر نفسه)

تعليق أخير

لقد آثرنا أن نورد ما يقوله الغربيون أنفسهم، وهم يلْمَحون طبيعة الحراك؛ حيث يرون الصورة من بعيد، ويسجلون نقاط التأثير ومصدر المعلومات ومراكز الضغط.

لا يحتاج الغرب الى من يشعل فيه الخوف من الإسلام والكراهية له، ومن السذاجة أن يظن ظان أننا نحاول إثبات هذا..

بل نثبت ذلك الدور المشبوه ـ بل المجرم ـ لهذه الأنظمة والذي يؤهلها لأن تقوم هي بدور “الصليبي القريب” في ثوب مقْنع للجماهير الغافلة ومخادع للمفتونين لينفّذ أجندة العدو القذرة.

نسجل دورهم بشهادة الغرب نفسه لبيان اعتمادهم قهر المسلمين والاستبداد عليهم وسرقة مقدراتهم ثم يرفعون شعار “الحرب على الإرهاب”، أو “مواجهة التطرف”.

نسجل هذه الشهادة لنعرف دور بيان العقيدة وتعليم أصل الدين وعقيدة أهل السنة التي تُسقط هذه الأنظمة بعلمانيتها وولائها للعدو وإفسادها في الأمة وشيوع ظلمها، ومظالمها، وحربها لله ورسوله.

يوما ما تزأر فيه هذه الأمة تتغير الأمور وينبلج الصباح.

…………………………………..

هوامش:

  1. موقع “عربي 21” بتاريخ 30/3/2019، على الرابط:
    فورين بوليسي: الأنظمة العربية هي الأشد كراهية للإسلام
  2. المصدر السابق.
  3. المصدر السابق.
  4. المصدر نفسه.
  5. المصدر نفسه.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة