خلال الأسبوع الأول من شهر يناير 2022م تمكن المهندسون من نزع (2427) لغمًا حوثـيًّا وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة، وكلها مما زرعته المليشيات الحوثية الرافضية.

إنَّ إجمالي ما تم انتزاعه بلغ منذ ثلاثة أعوام ونصف فقط وحتى الآن (303279) لغمًا زرعتها جماعة الحوثي بحماقة وعشوائية في مختلف المحافظات في شتَّى أنحاء اليمن -واليمن يغلب عليها القرى والأرياف- لحصد المزيد من الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن…

دلالات هذا الكم الهائل من المتفجرات

وهذا الكم الهائل من الألغام والمتفجرات له مدلولات كثيرة؛ منها أنَّ الدعم الواصل للحوثي ضخم للغاية، وما زال متدفقًا مما يدل على ثغرات وخيانات كبيرة..، وحقد الحوثيين على المسلمين عظيم؛ فلا يهمهم هلاك الأطفال ولا النساء ولا الأبرياء، ولو كانوا يريدون ألَّا يقتلوا أو يؤذوا أهل اليمن لسَلَّموا عند انسحابهم خرائط الألغام التي زرعوها لئلَّا يتضرر منها أحد على الأقل، وكان الأولى بهم ألَّا يُدخلوا اليمن في هذه الحرب المدمرة، ويكتفوا بالتوافقات السياسية، لكن هذا هو حب الدنيا الذي قال الله عنه في كتابه العزيز: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾[البقرة:85-86]..

الألغام والمتفجرات أخس أنواع الاعتداء والإرهاب الحوثي

إنَّ استخدام الألغام الـمـُشَركة لاغتيال الناس لهو من أخس أنواع الاعتداء، وأجبن أنواع الخيانات؛ لا سيما إذا زرعت في ممرات الناس وطرقهم الـمعتادة، والـخسة والـجبن ليسا غريبين عن مواجهات هذه الأيام -خاصة أذناب إيران كالحوثي والدول التي تدعمهم-..

وقد كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يستعيذ بعظمة الله تعالى كل صباح ومساء أن يُغتال من تحته؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ، حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ ‌بِعَظَمَتِكَ ‌أَنْ ‌أُغْتَالَ ‌مِنْ ‌تَحْتِي»1(1) [رواه أبو داود (5074) وغيره، وصححه الألباني]..

ولفظ الحديث عام يشمل كل اغتيال سفلي، وإن فسره وكيع بالخسف كما قَالَ أَبُو دَاوُدَ -عقب روايته للحديث-: قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي الْخَسْفَ.

فإنهم لم يكونوا يعرفون الألغام والمتفجرات، وهذا الواقع الحديث لمما يُوسِّع لنا مدلول النص..

قال القاضي البيضاوي:… في حديث ابن عمر: «اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ ‌بِعَظَمَتِكَ ‌أَنْ ‌أُغْتَالَ ‌مِنْ ‌تَحْتِي».

ما يلحق الإنسان من نكبة وفتنة فإنما يحيق به ويصل إليه من إحدى هذه الجهات، فلذلك سأل أن يحفظ من جميع جهاته.

«وَأَعُوذُ ‌بِعَظَمَتِكَ ‌أَنْ ‌أُغْتَالَ ‌مِنْ ‌تَحْتِي» أي: أهلك بالخسف، والاغتيال: الأخذ بغتة، وأصله: الاحتيال، والغائلة: الحيلة2(2) [تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (2/89)]..

فالحديث يشمل أيضًا الاستعاذة مما قد ينزل من جهة العلو، مثل ما يكون في زماننا من قصف بالطيران أو الصورايخ والمدافع ونحوها..

أيها الحوثيون هذه أخلاقيات الحرب في ديننا فإلى أي دين تنتمون؟!

والحرب في ديننا ذات قواعد وآداب راقية، لا غدر فيها ولا خيانة، ولا اعتداء على النساء والضعفاء ممن لا يشاركون أصلًا في الحروب، ومن ذلك:

ما ثبت عن سليمان بن بُريدة عن أبيه قال: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أمير على جيش أو سرية، أوصاه خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خيرًا. ثم قال: «اغزوا باسم الله، وفي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا ‌وَلَا ‌تَقْتُلُوا ‌وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ. ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ. ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ. فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ. فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ…»3(3) [رواه مسلم (1731)]..

قال الصنعاني:... «ولا تغدروا» الغدر ضد الوفاء، «ولا تمثلوا» من الـمُثلة؛ يقال: مثل بالقتيل إذا قطع أنفه أو أذنه أو مذاكيره أو شيئًا من أطرافه، «ولا تقتلوا وليدا» المراد غير البالغ سن التكليف..4(4) [سبل السلام (4/46)]..

ومن الـمُثلة قطع الرؤوس؛ عن عقبة بن عامر، أنه قدم على أبي بكر الصديق رضي الله عنـه برأس يناق البطريق، فأنكر ذلك. فقال: يا خليفة رسول الله، فإنهم يفعلون ذلك بنا، قال: فاستِنانٌ بفارسَ والروم؟! لا يُحمل إليَّ رأسٌ، فإنما يكفي الكتاب والخبر5(5) [رواه سعيد بن منصور في سننه (2649) وغيره، وسنده صحيح]..

ونهى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن قتل النساء والصبيان والأجير الذين لا يقاتلون؛ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: وُجِدَتْ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ6(6) [رواه البخاري (3015) ومسلم (1744)]..

وعن رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ فَبَعَثَ رَجُلًا، فَقَالَ: «انْظُرْ عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ». فَجَاءَ فَقَالَ: عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ. فَقَالَ: «مَا ‌كَانَتْ ‌هَذِهِ ‌لِتُقَاتِلَ». قَالَ: وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَبَعَثَ رَجُلًا. فَقَالَ: «قُلْ لِخَالِدٍ لَا يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا عَسِيفًا»7(7) [رواه أبو داود (2699) وغيره، وقال الألباني: حسن صحيح. والعسيف هو الأجير وزنا ومعنى، كما يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6/148)]..

ونهي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن التحريق بالنار؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ وَقَالَ لَنَا: «إِنْ لَقِيتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ». قَالَ: ثُمَّ أَتَيْنَاهُ نُوَدِّعُهُ حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ فَقَالَ: «إِنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحَرِّقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا بِالنَّارِ وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ فَإِنْ أَخَذْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا»8(8) [رواه البخاري (2954)]..

وعن محمد بن حمزة الأسلميّ عن أبيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّرَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فِيهَا، وَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ». فَوَلَّيْتُ فَنَادَانِي فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا فَاقْتُلُوهُ وَلَا تُحْرِقُوهُ، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ»9(9) [رواه أبو داود (2673) وغيره، وصححه الألباني]..

فهذه بعض أخلاقيات الحرب في ديننا الذي أعرض عنه الحوثيون وعامة الروافض..

أعزَّ الله تعالى دينه وأنجى المستضعفين من المؤمنين من كل ظلم..

الهوامش

(1) [رواه أبو داود (5074) وغيره، وصححه الألباني].

(2) [تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (2/89)].

(3) [رواه مسلم (1731)].

(4) [سبل السلام (4/46)].

(5) [رواه سعيد بن منصور في سننه (2649) وغيره، وسنده صحيح].

(6) [رواه البخاري (3015) ومسلم (1744)].

(7) [رواه أبو داود (2699) وغيره، وقال الألباني: حسن صحيح. والعسيف هو الأجير وزنا ومعنى، كما يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6/148)].

(8) [رواه البخاري (2954)].

(9) [رواه أبو داود (2673) وغيره، وصححه الألباني].

اقرأ أيضا

قصف مركز الحديث في الجوبة

دور التحالف في صناعة سلطة الحوثي

اليمن نموذجا .. الأمة بين مشروعين ملوَّثيْن

تفاقم مآسي اليمن

 

التعليقات غير متاحة