التنسيق الأمني هو الإسم الرمزي والكودي!! لولاء الكافرين والمسارعة فيهم، والذي أخبر الله بنفاق أهله وردتهم.

الخيانة هي تركيب بنية “السلطة الفلسطينية”

دخل عرفات إلى فلسطين، بعد اتفاقية أوسلو، رئيسا للسلطة الفلسطينية في يوليو 1994م.

كانت أول خطبة خطبها أمام المجلس الوطني (شيء شبيه بالبرلمان ضمن مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية)، تحتوي تهديدا بتصفية الحركة الخضراء، أوحى بذلك قائلا: إن كان نيلسون مانديلا لم يطلق الرصاص على قبائل الزولو فسأطلق الرصاص على قبائل الزولو الفلسطينية (يقصد: حماس).

بعد ثلاثة أشهر فحسب، كانت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، تتوصل إلى مكان اختطاف جندي إسرائيلي، اختطفته الحركة الخضراء لمبادلته بالشيخ ياسين الذي كان أسيرا وقتها.

والإسرائيليون متى عرفوا المكان، اقتحموه، ولم يبالوا بقتل أسراهم مع آسريهم، وهو ما كان!

وهذا النهج هو الذي تطور فيما بعد لقانون، جعلهم يزرعون في ملابس جنودهم شرائح تدل على أماكنهم، وفي حالة أسر أحدهم يكون التوجيه بقصف الأسير وآسريه، لكي لا تضطر إسرائيل لعقد صفقة تبادل!

معية الله وتوفيقه للمجاهدين على أرض غزة

أقول هذا لكي أذَكِّر نفسي وإخواني بمدى المعجزة العسكرية الهائلة التي تحصل الآن في قطاع غزة.. بعد أكثر من عشرة أشهر لا يزال أكثر من مائة أسير لا تستطيع إسرائيل معرفة أماكنهم، مجرد المعرفة، مع كل التفوق التقني الهائل، ومع كل الدعم التقني الأمريكي والبريطاني وغيرهما، ومع أن قواتها اقتحمت مناطق القطاع واحدة تلو الأخرى!!

لئن كانت تخبئة جندي واحد لخمس سنوات، هو جلعاد شاليط، معجزة في ظل الفارق التقني الهائل، فإن تخبئة أكثر من مائة هو حرفيا نهرٌ من المعجزات العسكرية!

أيًّا تكن النتائج النهائية للمعركة، فالذي يحصل الآن هو عمل مذهل لا ريب أنه سيكون بعد قليل دروسا تُدرّس في الأكاديميات الأمنية والعسكرية في كل العالم.

أهم إنجازات سلطة العار

ويجب أن نتذكر أيضا، هذا الدور الحقير للسلطة الفلسطينية الخائنة والمجرمة.. بعد ثلاثة أشهر فحسب من عملها كانت تقدم للصهاينة خدمة لم يستطيعوها بأنفسهم! وكانت تتسبب في قتل فدائيين وفي بقاء شيخ الفدائيين في السجن سنين أخرى!!

فيجب أن يذكرنا هذا بمدى ما وصلت إليه سلطة الخيانة هذه بعد ثلاثين سنة من عملها، حيث فرَّخت وأنتجت وصنَّعت أجيالا من الخونة العملاء الذين باعوا دينهم بدنيا غيرهم!

أتذكر أنه بعد حرب (2008 – 2009) قدِّم تقرير للأمم المتحدة عن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في هذه الحرب، عرف بتقرير جولدستون، ولكن السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة اعترضت على التقرير وسحبت تأييدها له!!

كانت مفاجأة صاعقة وغير مفهومة، ولكن صحيفة إسرائيلية -يديعوت أحرونوت لو لم تخني الذاكرة- كشفت سر هذا الموقف الغريب!

لقد هدد نتنياهو محمود عباس بمقطع فيديو مصور له، وهو في اجتماع مع إيهود باراك وتسيبي ليفني، وعباس يؤكد على ضرورة استمرار الحرب حتى إسقاط الحركة الخضراء وإنهاءها تماما، لم يكن باراك وليفني بهذه الحماسة!!

ومع المقطع المصور، تسجيل صوتي لمكالمة بين الطيب عبد الرحيم -أمين عام الرئاسة الفلسطينية- ومدير مكتب رئاسة الأركان الإسرائيلية.. وفيه يلح المسؤول الفلسطيني على الإسرائيلي بضرورة اجتياح مخيمي جباليا والشاطئ لإسقاط الحركة وحكمها ودفعها للاستسلام!!

قال له الإسرائيلي: هذا ربما يتسبب في مقتل آلاف المدنيين!

قال الطيب عبد الرحيم: لقد انتخبوا حماس، وبهذا يكونون هم الذين اختاروا مصيرهم!!

وهذه الحادثة هي التي عُرفت بفضيحة جولدستون!

إن آخر من يريد إيقاف الحرب على غزة هم هؤلاء الخونة في سلطة عباس، وأمثالهم في أنظمة السيسي وعبد الله وبن سلمان وبن زايد.. هؤلاء قومٌ لا يهمهم حرفيا أن تباد غزة كلها بمليونيها، ولا أن تبقى فيها حركة إسلامية!!

ومن قلّب في كتاب التاريخ ارتاع ولم ينتهِ ذهوله مما في صفحاته من أخبار الفضائح والخزايا والخيانات!!

وفيه سيجد قول الله تعالى قائما: (الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ) [المائدة:41] .

وقوله تعالى: (تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) [المائدة:80].

حكم الإسلام في مظاهرة ومعاونة العدو المحتل أمنياً

لبيان ذلك نوضح عدة أمور:

١) سبق هؤلاء قومٌ وكان حكم الله تعالى فيهم واضحا؛ فقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ…﴾ (التوبة: ١٧٧) الى قوله تعالى: ﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: ١١٠).

فهؤلاء قوم اتفقوا مع العدو “الكافر” في رصد العيون له وتلقي مكاتباته، والاتفاق على مواعدته لإنزال الضرر بالمسلمين وفرض سيطرته عليهم.. فكانت الآيات الكريمة.

٢) التعاون الأمني مع العدو هو عين “التجسس” وذاته.

“والتجسس هو نوع من السعي بالفساد، وعمل يعرِّض مصالح المسلمين وبلادهم للضرر، وقد نزلت الآية الكريمة في عقاب من يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا وهى قوله تعالى في سورة المائدة: ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (المائدة: ٣٣).

ومن يتجسس على المسلمين ويتصل بأعدائهم ويعطيهم معلومات بأسرار عسكرية سرية لينتفعوا بها في البطش بالمجاهدين وقدراتهم العسكرية، وإلحاق الأذى والضرر بالبلد، وهذا جدير بأن يعامل معاملة من يحارب الله ورسوله ويسعى في الأرض فسادًا.

فالمقاومة لها رجالها ونظمها ومقدراتها العسكرية. والمصلحة العامة تستلزم أن تحتفظ لنفسها بأسرار تخفيها عن أعدائها، ولا يعلمها إلا أهلها المتصلون بحكم عملهم بها. فإذا أجهزة أمن عباس مكلفة بأن تستطلع أمر هذه الأسرار بطرقها المختلفة، وتنقلها إلى العدو المحتل ـ كما تفرض عليها خارطة الطريق، وقد نفذت ذلك بإخلاص ـ كان فعلها هو عين التجسس، وكانت ممن يسعى في الأرض بالفساد، فشأن إطلاع العدو على هذه الأسرار كما هو معلوم يسهل عليه محاربة المجاهدين وتوهين قواهم.

٣) مظاهرة ومعاونة العدو المحتل كفر وردة عن الدين:

“إن من يظاهر الكافرين ويعاونهم على المؤمنين لأجل طمعٍ في الدنيا يُرجى، أو رياسةٍ وغيرها، كفرٌ وردةٌ عن الدين، وقد أجمع أهل العلم على أن من ظاهر الكفار من أهل الكتاب وغيرهم من الملل الكفرية على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ  لا يهدي القوم الظالمين﴾”.

٤) نوضح هذا لتعرية هؤلاء المجرمين، ولإسقاطهم عند الأمة، وعند المسلمين خاصة في “فلسطين” وعدم الانخداع بهم؛ فإنهم لا يودون إلا عيش الديدان على أرجاء المزابل في حضن أفاعي الصهاينة إذا ضُمنت لهم لقيمات وفتات عيش مَهين.

وهذا بخلاف العيش الكريم الذي يرسمه الإسلام لأهله ويدفعهم اليه .. فإنه عيش الكرام وموت الشهداء.. وبهؤلا يتغير التاريخ ويُصحح مساره.

المصدر

اقرأ أيضا

ماذا قدم أبو مازن للقضية الفلسطينية

مهانة الترتيبات الأمنية مع المحتل .. ومنظور شرعي

المنافقون في فلسطين وحكمهم

من صفات المنافقين المسارعة في ولاء الكافرين

رسالة السلطة؛ لا يؤتمن علماني!

التعليقات غير متاحة