يقتحم اليهود المسجد الأقصى الشريف، فيضج المسؤولون الرسميون، دينا ودنيا، برد فعل عجيب فيشتكون اليهود لليهود الذين أرسلوهم، ويرون أنهم قاموا بالواجب..!!
الخبر
“اقتحم أكثر من 800 مستوطن صباح اليوم الخميس ساحات المسجد الاقصى المبارك، في أعقاب دعوات من جماعات المستوطنين لتكثيف عمليات الاقتحام تزامنا مع ذكرى ما يسمى “خراب الهيكل” عند اليهود، والذي يصادف يوما مقدسا عند المسلمين هو يوم عرفة.
وحمّل مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ “محمد حسين” الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن العدوان الذي يتعرض له المسجد الأقصى، وأكد رفض أي مساس بحرمته.
ورفع بعض المستوطنين علم إسرائيل داخل المسجد الأقصى، وأدى متطرفون من جماعة “العودة إلى جبل الهيكل” الصلاة علانية في الأقصى. واعتدت شرطة الاحتلال على مجموعة من الشبان الموجودين في المسجد الأقصى، واعتقلت 5 منهم واقتادتهم لأحد مراكزها في البلدة القديمة.
ووجه الأردن مذكرة احتجاج رسمية إلى إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية، وطالبها كقوة قائمة بالاحتلال باحترام حرمة المسجد ومشاعر المصلين، والكف عن الاستفزازات والانتهاكات”. (1موقع “الجزيرة”، على الرابط:
800 مستوطن في 4 أفواج يقتحمون الأقصى في يوم عرفة والأردن يحتج)
التعليق
لو حكيت ما يحصل اليوم لطفل من غلمان المسلمين في أزمنة الشرعية والجهاد؛ لتصور أنك تمزح وتحكي له نكتة؛ لكنها سمجة ممجوجة؛ حيث يشتكي مفتي القدس انتهاكات اليهود لليهود..! ثم تشتكي دولة أخرى، الأردن، انتهاكات اليهود لليهود..! كذلك.
ولك أن تتصور ملوكا وحكومات وجيوشا تجعر ليل نهار بـ “النشامة” والقوة والشجاعة والفحولة والأغاني العسكرية الممجدة للجيوش؛ ثم يدبُّ اليهود في المسجد الأقصى ويدنسونه، ويغتصبونه جهارا؛ ثم لا تجد هذه الدول والحكومات والملوك إلا أن تحتج عند اليهود من أفعال اليهود..!
لم يكن يمكن لعقلٍ مسلم أن يستوعب هذا؛ فضلا عن أن يستسغه أو يقبله؛ فضلا عن أن يجدوا هذا سبيلا محترما ويرون أنهم بهذا التهريج قد قاموا بـ الواجب..!
إن المذلة قد تأخذ شكلا يسمى تارة “دبلوماسية” أو “سياسة” أو احتجاج أو إدانة..الخ هذه الترهات. ولكنها لن تبرح حقيقتها أنها مذلة وجبن وعار يلحق بمن يتولى الأمور ويستمتع بثروات المسلمين وتقدَم لهم البيعة ثم يقومون بالتخطيط ضد إرادة الأمة مع تضييع مقدساتها مع حماية كيان اليهود بالاتفاقات والمعاهدات والجيوش..! بل ويمنعون المسلمين من أي جهاد أو مقاومة. وقد روى أبو بكر رضي الله عنه، عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «وما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا». (2أخرجه الطبراني بإسناد حسن) وقد رأينا صدق الحديث وتحقق وقوعه.
إن تركت أنت الجهاد فلن يترك عدوك القتال، وإن مِلتَ الى السلم مبتدئا به تبحث عنه فلن يكف عدوك عن ابتلاع المزيد، وكلما طلبتَ طريقا لا يمر بإسقاط هؤلاء الطغاة رجعت بإخفاق جديد. إن الأمة لم تفرز هؤلاء الطواغيت الخونة، بل فرضهم العدو قبيل رحيل احتلاله عن بلادنا فهم امتداد للهيمنة الصليبية الغربية على بلادنا. وقد تصالحت الصليبية بدورها مع الصهيونية، ورأوا أن في معتقداتهما ملتقى على المسلمين فاتحَدوا وتلاقوا ودعّم بعضهم بعضا وتبادلوا الأدوار..! وفي هذا السياق ناقضوا عقائدهم التي يكفّر فيها بعضهم بعضا..! لكن الأدهى والأمرّ أن يساعدهم منتسبون للإسلام ويزعمون حماية الديار.
وقد جهّز الفريقان ـ الصليبي وأذنابه من الأنظمة ـ خططا ومذابح وتشويها إن طالبوا بامتلاك أمرهم أو حريتهم أو تقرير طريقة حياتهم وفقا لمنهج ربهم وهويتهم الإسلامية.
كما أن هذه الحالة من الذل هي نتاج لقهر الطواغيت للأمة، ولاستسلام الكثير لهم وإحسان الكثير من الناس الظن بهم جهلا وغفلة.
والطريق الى الخلاص يمر عبر إسقاط هؤلاء وإقامة من يقيم الدين والدنيا. وهذه الخطوة ـ الكبيرة جدا ـ بدورها لا تتحقق إلا أن تمر ببيان العقيدة الصحيحة ومعنى الإسلام والتوحيد. وبغير هذا الطريق سنبقى نتقلب بين صور الذل أشكالا وألوانا حتى يتفنن الغرب في إذلالنا واستعمال أدواته المختلفة من ذل الطغاة، الى الحروب الأهلية والطائفية، الى التنازع الداخلي والتقسيم، الى إقامة أمراء حربٍ مرتزقة.. الى صور لا تنتهي.
خاتمة
المحزن أن مثل هذه الأخبار صارت تمر على المسلمين باعتياد؛ يمررونها ويقبلونها ويشعرون أمامها بالعجز وقد لا يفكرون فيما وراءها من مذلة وانكسار، بل وما فيها من توطيد لسلطة اليهود وإفساح لهم لمزيد من الاقتحامات ثم ابتلاع الأقصى رسميا لصالح الهيكل المزعوم؛ عياذا بالله تعالى.
……………………………..
هوامش:
- موقع “الجزيرة”، على الرابط:
800 مستوطن في 4 أفواج يقتحمون الأقصى في يوم عرفة والأردن يحتج. - أخرجه الطبراني بإسناد حسن.