اليوم غزة ثابتة -بفضل الله- وأهلها يعودون عزيزي الجانب، موفوري الكرامة، يستقبلون أهليهم بدموع الفرح، يشدون عضد أبنائهم المقاومين، ويرسمون صورة العودة التي ستأتي حتماً على كل أوهام التهجير والاحتلال.
ردا على مخطط ترامب
تصريحات ترامب التي أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل، هي جزء من السياسات التي تولد ميتةً قبل أن ترى النور !!
فترامب ومن قبله الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تترك سبيلاً ممكناً لتهجير الفلسطيني من أرضه إلا قطعت فيه أشواطاً طويلة، ولم يكن آخرها “صفقة القرن” التي عمل لها ترامب نفسه، واستنفر لها المحيط، والتي باءت بفشل ذريع ولم تعد تساوي الحبر الذي كُتب على الورق!!
وإغارة واحدة بحجم “طوفان الأقصى” أتت على كل مشاريع تصفية القضية الفلسطينية ومحاولات تهويدها.
لعل ترامب لم يُزوَّد بعد بحجم الدمار الذي واجهته غزة، وفي المقابل حجم الصمود الأسطوري الذي دفعت به عدوان دولته ودولٍ أوربيةٍ والكيان مجتمعين، ولازالت تراغم عدوها، وتتشبث بأرضها، وتنافح عنها بالدم والروح.
عشرات آلاف النازحين يتقدمون مسيرة العودة لغزة بعد إجبار العدو على اتفاق وقف اطلاق النار بشروط المقاومة، عودة لغزة لا لخارجها، في رسالة واضحة صارخة: نحن لن نستسلم، ولن نترك أرضنا لا طوعا ولا قسراً، وما عجزت عنه صواريخ القتل الممنهج، لن تنجح بتحقيقه دهاليز السياسة القذرة.
ترامب ليس رباً يملك الكون حتى يتحكم في مصائر الشعوب؛ وواضح أنه لا يتعلم من دروس التاريخ، وهو يقيناً لا يعرف تركيبة الفلسطيني عامة “والغزاوي” بصفة خاصة.
شعب يتحمل حرباً عالمية عليه لمدة 471 يوماً دون طعام أو ماء أو دواء، ويخرج بعدها أكثر تشبثاً بأرضه، وأعظم التحاماً بمقاومته، وأكبر يقينا بقدسية قضيته، هو شعب لا يغالب، ولا يُجرّب.
ترامب يكرّر هرطقته بشأن تهجير فلسطينيي غزة.. ما الجديد؟
أفصح الرئيس الأمريكي ترمب منذ ساعات للصحفيين المرافقين له على طائرة الرئاسة، عن بعض ما جرى في مكالمته مع الرئيس المصري الأحد وبعد ان تحدث مع العاهل الأردني يوم السبت.
سأله الصحفيون عن كيفية تلقي الرئيس السيسي لفكرته بنقل سكان غزة إلى مصر، فأجاب ترمب:
“كان رده [أنه] يرغب في رؤية السلام في الشرق الأوسط.”
وأضاف ترامب: “وأنا أود أن أرى السلام في الشرق الأوسط.”
وعند الضغط عليه أكثر بالسؤال حول كيفية تفاعل السيسي مع فكرته وكذلك الملك عبدالله؟
أصر ترامب على أن كلا من الزعيمين المصري والأردني “سيفعلان ذلك.” أي ما طلبه منهما!
وأضاف متحدثا عن مكالمته مع الرئيس المصري:
“أنا أود أن أفعل ذلك. وأتمنى لو أنه [السيسي] يأخذ بعضاً. لقد ساعدناهم كثيراً، وأنا متأكد من أنه سيساعدنا. إنه صديقي. إنه في مكان صعب. لكنني أعتقد أنه سيفعل ذلك، وأعتقد أن ملك الأردن سيفعل ذلك أيضاً.”
وحين سأله الصحفيون عن سبب تمسكه بتهجير فلسطينيي غزة رغم ردود الفعل الرافضة لذلك، قال:
“أود أن أوفر لهم (سكان غزة) فرصة العيش في منطقة يمكنهم فيها العيش دون اضطرابات أو ثورات أو عنف”.
وأضاف ترمب:
“انظروا إلى قطاع غزة، لقد كان جحيماً لسنوات عديدة… ومرت حضارات مختلفة على هذا الشريط. إذ لم يبدأ الأمر مما عليه الآن. بدأ قبل آلاف السنين، ودائماً كان هناك عنف مرتبط به. ويمكنك أن تجعل الناس هناك يعيشون في مناطق أخرى أكثر أماناً، وربما أفضل بكثير، وربما أكثر راحة.”
عند سؤاله عما إذا كان هذا الموقف يعني أنه لم يعد يؤمن بحل الدولتين؟ تجنب ترمب الإجابة مباشرة، مكتفياً بقوله إنه سيناقش القضية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما يأتي إلى واشنطن للقائه “قريباً جدا” إذ يُنتظر ان يصل نتنياهو لواشنطن الأحد المقبل.
سيقول البعض إن ضغوط ترامب ستفرض نفسها، وهذا لون من تأليه أمريكا يسود في بعض الأوساط العربية، كأن ذات الكائن لم يخرج بـ”صفقة القرن” في ولايته السابقة، وانتهت إلى لا شيء، كما أكّدنا (ولا نقول توقّعنا)، تبعا لكونها فكرة سخيفة صاغها صبيّه (كوشنر) الذي اعتقد أن قضية فلسطين بكل إرثها التاريخي والعقائدي، فضلا عن الاستراتيجي، يمكن حلّها بمنطق تجار العقارات.
من تعليقات الغُزاة على مشروع ترامب لتهجير أهالي قطاع غزة.. بين جدٍّ وسخرية!!
ميخائيل ميلشتاين (يديعوت):
“مثل كثير من اقتراحات ترامب، توصف الفكرة كـ”صفقة” ذات منطق واعتبارات مادية في ظل تجاهل الأبعاد الأيديولوجية والثقافية، الذاكرة التاريخية، والتوتّرات بين إسرائيل، وبين العالم العربي والفلسطينيين، وهي عناصر أثبتت إثر 7 أكتوبر أنها أقوى في الشرق الأوسط من أي اعتبار آخر”.
افتتاحية (هآرتس):
“في هذا السياق (سياق الخطّة)، قد يقترح ترامب أيضا أن يتم إرسال سكان غزة “طواعية” إلى الفضاء ليتم توطينهم على سطح المريخ، وقد وعد في خطاب تنصيبه “بتوسيع حدود الممكن إلى ما وراء النجوم ورؤية علم الولايات المتحدة يرفرف على سطح المريخ”. لماذا لا يتم رفع علم فلسطين أيضا؟ ربما يكون شريكه إيلون ماسك قد بدأ بالفعل العمل على ذلك!”.
رون بن يشاي (يديعوت):
“ترامب كرجل عقارات، وكذا مبعوثه الى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، كرجل عقارات هو أيضا، يريان في خطّتهما مشروعا يهديء المنطقة ويثمر أرباحا جميلة لمن يموّلها وينفّذها، بما في ذلك تركيا مثلا. لكن الفلسطينيين الذين لا يزال يتذكّرون ما يسمّونه “النكبة الأولى” التي أرسلتهم إلى مخيمات لاجئين في دول في أرجاء الشرق الأوسط لن يوافقوا”.
تسفي برئيل (هآرتس):
“حُلم الترحيل لترامب لا يعتبر مشكلة اردنية أو مصرية فقط، إذ يمكنه التأثير على شبكة العلاقات بين الدول العربية والولايات المتحدة، وأن يضع في الاختبار قدرة الأنظمة العربية، منها الأنظمة التي تعتبر حليفة استراتيجية للولايات المتحدة، على التعامل مع الضغوط العامة التي يتوقع أن تثيرها خطة كهذه”.
آفي برئيلي (إسرائيل اليوم):
“هناك خطر أن تقود المقاربة التجارية لترامب إلى صفقات سياسية ضارة مع إيران وإلى صفقات مع إسلاميين سُنّة في غزة وسوريا، تحت رعاية “شراكات” تضر إسرائيل مثل تركيا وقطر. هذه التقييمات، حول التضارب الذي قد يتطوّر، تصبح أكثر حدة إذا أخذ بعين الاعتبار تعيينات ترامب في الوحدات الحكومية التي تتعامل مع الشرق الأوسط”.
الصحفي بن كسبيت:
صحيح أن ترامب شخصية قوية، لكن تصريحاته بعيدة عن الواقع. الأردن غير قادر على استقبال لاجئ واحد، أما السيسي فقد عرضنا عليه قطاع غزة بالكامل 200 مرة، لكنه يعتبر حماس تهديدًا وجوديًا ولن يقبل حتى لاجئًا واحدًا. إذا كان هذا هو الحل الذي يقدمه ترامب، فلا تعلقوا عليه آمالًا كبيرة
اليوم انتهت الحرب فعلياً
وانتهى معها المشروع الصهيوني التوسعي وأربابُه ومَنْ دعمه وأيده.
وانتهى معه أماني الطغاة الذين منّوا أنفسهم بانكسار المقاومة وذهاب ريحها، وانحسار مدّها
وانتهى معه آمال المرجفين والمثبطين والمعوّقين الذين ما فتئوا يرسمون للطوفان صورة سوداوية، ويسوقون روايات تثبيطية، واستشرافات مريضة بأنّ غزة انتهت وستقسم لكنتونات ولن يخرج منها الاحتلال أبداً، ولن يعود الغزيون إلى مساكنها بحال.
اليوم غزة ثابتة -بفضل الله- وأهلها يعودون عزيزي الجانب، موفوري الكرامة، يستقبلون أهليهم بدموع الفرح، يشدون عضد أبنائهم المقاومين، ويرسمون صورة العودة التي ستأتي حتماً على كل أوهام التهجير والاحتلال.
سقط الميناء الأمريكي العائم.
وسقط نتساريم.
وسقطت النُخب القتالية.
وسقط الجنرالات وخططهم.
وبقيت غزة من شمالها إلى جنوبها تردد تكبيرات النصر الأكيد.
المصدر
صفحة الأستاذ ياسر الزعاترة على منصة X.
صفحة الدكتور نائل بن غازي على منصة X.
صفحة الأستاذ حافظ المرازي على منصة X.