طريق الشهوات واتباع الهوى يُؤدي إلى انتشار الفواحش وفساد المجتمع.

انتشار الاغتصاب فى المجتمعات الغربية

تُحقق الشُرطة البريطانية في عدد كبير من الشكاوى المُتعَلقة بِسوء المعاملة والتحرش والاعتداء الجنسي والاغتصاب في مدارس بريطانيا، ومنها مدارس مرموقة في لندن.

وقد نُشِرت هذه الشكاوى على مَوقع إلكتروني أسسه أحد الطلاب ليكافح ما أطلق عليه “ثقافة الاغتصاب في المدارس”..

وهذا الموقع اسمه:

everyon is invited

أي: (الجميع مدعو)، ورابطه هو:1https: //www. everyonesinvited. uk]

وهذا الموقع يُتِيح للشباب البريطانيين من الجنسين نَشْر شَهَادَاتِهم وشَكْاواهم المختصة بالاعتداءات الجنسية -بكل أنواعها- التي تعرضُوا لها -ولا سِيِّما أثناء دراستهم- من دُون الكشف عن هويَّاتهم..

ويتضمن الموقع حاليا عدد 11.375 من الشهادات في الكثير من المؤسسات التعليمية.

وقالت شرطة لندن في بيان لها مَطلع هذا الأسبوع إنها اطلعت على محتوى الموقع، وفتحت الباب لتلقي الشكاوى، وسجلت بالفعل عددًا منها.

وقالت المسؤولة عن الاغتصاب والجرائم الجنسية في الشرطة -ميل لاري مور-: نرحب بأي مُبادرة تشجع ضحايا الجرائم الجنسية على التحدث علانية وطلب الدعم… نحن نتعامل مع الاتهامات بارتكاب جرائم جنسية بجدية..

ثم اعترفت بأن عددًا من الشهادات المنشورة على هذا الموقع مُقلق للغاية..

ونقول وبالله التوفيق:

لا يَخَْفَى على مُطلع في زماننا هذا أنَّ الزنا في بريطانيا -وعموم دول الغرب- أمر لا حرج فيه؛ بل إنَّ الشاب والشابة إذا لم يزنيا في سن المراهقة فإنهما يوجَهان للطبيب النفسي ليكشف عن سبب قُصور نفوسهم عن هذه الجريمة!!

لكن التَّرَاضي عندهم شرط أساسي لإباحة الزنا..

وما يواجهه المجتمع البريطاني -وعموم المجتمعات الكافرة- الآن هو انتشار ثقافة الاغتصاب -أي دون رضًا- وخاصة في طُلابِ المدارس الغربية.

ويحدث في أمريكا عملية اغتصاب في كل 90 ثانية.

وما يحدث في بريطانيا الآن يُذكرنا بما اعترفت به كنيسة إنجلترا قبل سنوات قليلة بأنها تَسَتَرت وساعدت على إخفاء وقائع مُروعة لعمليات اعتداء جنسي بحق أطفال جَرت على المدى الطويل ارتكبها “بيتر بال” أحد أساقفة كنيسة كانتربري، وأن الكنيسة لم تساعد الذين كانوا شجعانًا في الكشف عن الاعتداء الجنسي بما فيه الكفاية، بل تسترت على جرائم القسيس بال..

وبين الحين والآخر يتم الكشف عن جرائم اعتداء جنسي يرتكبها أساقفة وقساوسة حاليون وسابقون في كنائس بريطانية وغربية كما اضطر بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر لعزل 384 قسًّا من الخدمة بسبب شُبهات الاعتداء الجنسي على أطفال -وكانت تلك الاعتداءات خلال عامي 2011، 2012-.

فتأمل كيف أنَّ إباحة الزنا عندهم لم تمنعهم من الاغتصاب -ولم يسلم منهم حتى الأطفال- فهذا جزاء من يتبع خطوات الشيطان ولعذاب الآخرة أكبر..

وهذه رسالة لمن يعْقِل ممن يدعي الإسلام من العلمانيين الداعين إلى التشبع بالقيم الغربية..

اهتمام عُقلاء الكفار بالمبادئ والنظم الإسلامية

مدح عقلاء الغرب للإسلام

وقد رأينا من عقلاء الكفار الاهتمام بالمبادئ والنظم الإسلامية، والاعتراف بأهميتها في مجالات عديدة من الحياة، وقد تعرض الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا -قبل سنوات- لهجوم شرس من الكثير من الكُتاب البريطانيين بعد أن أشاد بتعاليم الدين الإسلامي والقرآن الكريم وطالب العالم بأَسره بالاقتداء بالتعاليم الإسلامية في إطار الجهود الرامية إلى المحافظة على البيئة، حتى وصلت انتقادات مهاجميه إلى حد القول بأنه اعتنق الإسلام لكنه يُخْفِي هذا الأمر.

وإشَارات الأمير “تشارلز” التي تُشيد بالحضارة الإسلامية في مناسبات عديدة معروفة.

ومنهم أيضًا كبير أساقفة كانتربري “د. روان ويليامز” الذي شهد شهادة فيها شيء من الإنصاف للشريعة الإسلامية عندما قال: “إن استخدام بعض جوانب الشريعة الإسلامية يبدو لا مفر منه”، واقترح بأن تؤدي الشريعة الإسلامية دورًا في بعض جوانب قوانين الزواج، وتنظيم المعاملات المالية، وطرق الوساطة، وحل النزاعات…

وليس من العجيب أن يمتدح تشارلز وويليامز -أو غيرهما من نصارى الغرب- الإسلام رغم الهجمات التي لا تتوقف على الإسلام وأهله في شرق الأرض وغربها، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على قوة هذا الدين وحيويته في شتى مناحي الحياة بحيث يبهر كل من نظر إلى تعاليمه بعين الإنصاف..

اتباع الشهوات يؤدي إلى فعل الفواحش

ولنتأمل حال هذه المجتمعات الكافرة التي صار فيها الأطفال لا يأمنون على أنفسهم!!

وكيف ستكون نفسية هؤلاء الأطفال وهم يتعرضون لانتهاكات المجرمين من الزناة، وكيف سيكونون عندما يكبرون؛ أمغتصِبون يفعلون بالآخرين مثل ما فُعل بهم؟!!

أم منكسرون مستسلمون لمن أرادهم لفاحشة -لا سيما وأنَّ الفواحش بأنواعها مُباحة بالتَّرَاضي عندهم كما قَدَمنا-؟!!

إنها لحياة بائسة يحياها أطفال الغرب، لا يفيدهم مال ولا غنى ولا تقدم مادي..

ولا يخفى في زماننا هذا انتشار المواقع الإباحية انتشارًا هائلًا، ووقودها الأساسي -بالطبع- هم هؤلاء الأطفال الذين انخرطوا في ذلك الإجرام بعد أن وصلوا لمرحلة البلوغ دون حفظ ولا رعاية ولا توجيه لا من أهل ولا مجتمع ولا حكومة-..

قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ [النساء/ 27].

أخرج الطبري عن مجاهد في قوله: ﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ﴾ قال: الزنا، ﴿أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ قال: يريدون أن تزنوا.2أخرج الطبري (9129) بسنده الصحيح عن مجاهد

وأخرج الطبري عن السدي: ﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ﴾ قال: هم اليهود والنصارى ﴿أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾.أ3خرج الطبري (9133) بسنده الحسن عن السدي

اهتمام الإسلام بالأُسرة

وأما الإسلام فإنه يهتم ببناء الأُسرة -نواة المجتمع- بناء صحيحًا ويوزع المسؤوليات فيها، فالأم المتفرغة في البيت المتخصصة للتربية والتوجيه هي رأس الحربة في الحقيقة لبناء المجتمع باهتمامها بتربية أولادها، والأب عليه النفقة والسلطة والقوامة، والأبناء عليهم الطاعة والاستجابة والتعاون… فأولياء الأمور تقع على عواتقهم مسؤولية كبرى في حماية أهليهم ومجتمعاتهم؛ قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم/ 6].

يقول الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: “أي: مُروهم بالمعروف، وانهُوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هَمَلًا فتأكلهم النار يوم القيامة…”. اهـ 4تفسير القرآن العظيم (5/240).

وقد فرض الله الحجاب على المرأة سدًّاً لِذريعة الفاحشة، ومما قاله عزَّ وجلَّ: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب/ 33] وقال تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور/ 31] وقال تعالى: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ [النور/ 31].

ما هى عاقبة الدَّيُّوث؟

وقد أخبر النبي صـلى الله عليه وسلم عن عاقبة الدَّيُوث -وهو الذي لا يَغار على أهله-؛ فعن ابن عمر رضي الله عنـهما أن رسول الله صـلى الله عليه وسلم قال:

«ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ ». 5رواه النسائي (2562) وغيره. وقال الألباني: حسن صحيح. كما في صحيح سنن النسائي.

قال المُلا عَليّ القَاري -رحمه الله تعالى-: والدَّيُّوث: الذي يُقر على أهله الخَبَث، وفي معناه سائر المعاصي كشرب الخمر وترك غُسل الجنابة ونحوهما. قال الطيبي: أي الذي لا يرى فيهن ما يسوءه ولا يَغار عليهن ولا يمنعُهن فيُقْر في أهله الخَبَث. اهـ 6انظر مرقاة المفاتيح (11/ 296).

غاقبة الدَّيُوث

وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: “ولهذا كان الدَّيُّوث أخبث خلق الله والجنَّة عليه حرام -وكذلك مُحلل الظلم والبَغي لغيره ومُزينه لغيره- فانظر ما الذي حَملت عليه قِلة الغيرة، وهذا يدلك على أن أصل الدِين الغيرة، ومن لا غيرة له لا دِين له؛ فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح فتدفع السُوء والفواحش.

وعدم الغيرة تُميت القلب فتموت الجوارح فلا يبقى عندها دَفْع البتة ومَثَّل الغيرة في القلب مَثَّل القوة التي تدفع المرض وتقاومه فإذا ذهبت القوة وجَد الداء المحل قابلًا ولم يجد دافعاً فَتُمَكن فكان الهلاك”. اهـ 7الجواب الكافي (ص45).

الإسلام هو دِين الأنبياء جميعاً

ونختم بالتأكيد على أنَّ هؤلاء النصارى ليسوا هم أتباع عيسى عليه السلام الذين جعل الله عزَّ وجلَّ في قلوبهم الرأفة والرحمة؛ فدِين عيسى عليه السلام هو دِين محمد صـلى الله عليهما وسلم، وهو الإسلام لله رب العالمين -وإن اختلفت الشرائع في بعض تفصيلاتها-، وهؤلاء النصارى أغلبهم علمانيون أو لا دينيون وبعضهم أتباع شريعة مُحرفة عَبث بها أسلافهم، وما زال التحريف والعَبث مستمرًّا في هذه الشريعة إلى يومنا هذا -كما بيَّنا مرارًا- وإلى أن ينزل عيسى عليه السلام فيكسر الصليب.. وينهي مآسي النصارى وضلالاتهم كما ثبت من حديث أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [النساء/ 159]. 8أخرجه البخاري (3448)، ومسلم (155).

قال النووي: “معناه والله أعلم: أن الناس تكثر رغبتهم في الصلاة وسائر الطاعات، لقصر آمالهم وعلمِهم بقرب القيامة، وقلة رغبتهم في الدنيا لعدم الحاجة إليها”. 9شرح النووي (2/191).

وقال القاضي عياض: “معناه أن أجْرَها خير لمُصليها من صدقته بالدنيا وما فيها، لفيض المال حينئذ وهوانه، وقلة الشْح وقلة الحاجة إليه للنفقة في الجهاد، قال: والسجدة هي السجدة بعينها، أو تكون عبارة عن الصلاة”. 10شرح مسلم (2/191).

الإسلام دين جميع الأنبياء

ونقول للعقلاء من هؤلاء النصارى: لا تنتظروا نزول عيسى عليه السلام لتُسْلِموا؛ فدلائل التوحيد مُتكاثرة ميسورة لمن طلبها بصدق، وعليكم مواجهة واقعكم والانسلاخ من قيود القساوسة العتاة المجرمين والإسلام لله رب العالمين دين النقاء والفطرة السوية..

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام/ 1].

ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدُنك رحمة، إنك أنت الوهاب..

الهوامش:

  1. https: //www. everyonesinvited. uk].
  2. أخرج الطبري (9129) بسنده الصحيح عن مجاهد.
  3. خرج الطبري (9133) بسنده الحسن عن السدي.
  4. تفسير القرآن العظيم (5/240).
  5. رواه النسائي (2562) وغيره. وقال الألباني: حسن صحيح. كما في صحيح سنن النسائي.
  6. انظر مرقاة المفاتيح (11/ 296).
  7. الجواب الكافي (ص45).
  8. أخرجه البخاري (3448)، ومسلم (155).
  9. شرح النووي (2/191).
  10. شرح مسلم (2/191).

اقرأ أيضاً:

التعليقات غير متاحة