من الخطأ شعور المسلم بالاطمئنان التام في الغربة ببلاد الغرب، وهي بلاد كفر أصلي. ومن الخطأ الانخداع بالحريات البادية لهم؛ فسرعان ما تتكشف الأمور عما يسوء.
الخبر
” أدانت الحكومة الألمانية، الإثنين (17/2/2020)، المخططات “المرعبة” التي تم كشفها لتنفيذ هجمات على مساجد في البلاد وأعدّتها مجموعة من اليمين المتطرف أرادت الاحتذاء بمجزرة “كرايست تشيرش” في نيوزيلندا التي وقعت قبل عام. وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية أن “ما تم الكشف عنه مرعب”. (1موقع ” عربي 21″، 17/2/2020، على الرابط: مخططات “مرعبة” لشن هجمات على مساجد في ألمانيا)
وعلى أثرها “بعد الكشف عن مخططات لتنفيذ هجمات وصفت بأنها مرعبة على مساجد في ألمانيا، دعا مسلمون بألمانيا لمزيد من الحماية لهم ولمؤسساتهم، وإلى وقف خطاب الكراهية ضدهم في بعض وسائل الإعلام، ووصفته بأنه صادم ويدعو للقلق. وأن الأمر لم يفاجئ المسلمين لكونه يعتبر نتيجة حتمية لخطاب الكراهية والتمييز الذي ينتهجه اليمين المتطرف في ألمانيا منذ سنوات. (2موقع “الجزيرة”، 18/2/2020، على الرابط: بعد الكشف عن مخططات “مروعة” باستهداف مساجد.. هذه ردة فعل مسلمي ألمانيا)
وفي بريطانيا “قبضت الشرطة البريطانية اليوم على رجل للاشتباه في طعنه مؤذنا بمسجد لندن المركزي يبلغ من العمر سبعين عاما”. (3موقع “الجزيرة”،20/2/2020 ، على الرابط: شاهد.. اعتقال رجل بعد طعنه مؤذن مسجد لندن المركزي)
وبعد ذلك “نشرت صحيفة ديلي ميل تفاصيل جديدة عن هوية منفذ هجومي ألمانيا الخميس (20/2/2020)، واللذين قتل فيهما (11) بينهم خمسة من الأتراك المسلمين في حادث هو الثاني في أقل من شهر.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن منفذ الهجوم يميني يتبنى وجهات نظر متطرفة، وأنه من “النازيين الجدد”. (4موقع “عربي 21″، 20/2/2020، على الرابط: منفذ هجومي هاناو بألمانيا متطرف يكره المهاجرين)
التعليق
الشعور بالإطمئنان الكامل الى الغرب على أن الحرية أصبحت جزءا من قوانينه وثقافة راسخة لهم ولغيرهم، حتى مع المسلمين؛ هذا شعور خاطيء. وما اكتُشف من مخططات وما ارتُكب الى الآن من جرائم، كله يتجه الى القول بوجوب مراجعة ذلك الشعور والاعتقاد.
إننا أمام مجتمعات لها عقائد مخالفة، وهذه العقائد لها مقتضياتها من الاعتقاد ببطلان ما عليه الآخر ومعاداته. وهذا أمر ضروري تابع لأي معتقد.
كما أننا أمام مجتمعات تحمل في إرثها وجيناتها وهويتها عداء للإسلام والعروبة. وبغضّ النظر عن شعورها بازدراء العرب مؤخرا لتخلفهم العلمي والحضاري بعيدا عن دينهم؛ فإنها تحمل شعورا أكثر بالخطورة من الإسلام كدين ـ إن عاد اليه أهله والتزموه منهجا حياتهم ـ اجتاح أوروبا سابقا ومهيأ لاجتياح العالم ولو سلميا بعقيدته مرة بعد مرة لما يحمله من الحق. وهذ الشعور بالخوف وحده دافع للكراهية، فالخائف يكره سبب خوفه.
فإذا أضفت لهذا ما يدرسونه من التاريخ بأعبائه النفسية لدين وصل الى قلب أوروبا، واقتطع منها مساحات شاسعة دخلت في دين الله، وجاءها الإسلام من القلب مع العثمانيي ومن الغرب قبل ذلك مع الفتوح الأولى؛ عرفت خصوصية موقف أوروبا ـ بامتدادها الأمريكي والروسي ـ من الإسلام.
ومن الدلالات أن أمريكا نفسها بعد الحادي عشر من سبتمبر تخلت عن هذا الطلاء الديكوري من الحرية واعتقلت الناس في قلبها؛ واختطفت كثيرين من شوارع العواصم العالمية والعربية، واشتُهر عنها مصطلح السجون العائمة بحيث يبقى السجناء على مراكب دائمة لئلا يخضعوا لقوانين أي دولة وتقوم بالتحقيق والتعذيب والسجن أو القتل كما يحلو لها..!
وحديثا صرّحت “تريزا ماي” إبان رئاستها للوزارة البريطانية أن السلاح النووي الذي تملتكه إنما هو للإستعمال وأنه يجب ألا يكلمها أحد عن الحريات أو الحقوق إن شعرت بالخطر.
وليس الخطر دائما أمنيا؛ بل تشعر أوروبا بخطر على الهوية، وبخطر على عقائدها المهترئة والخاوية ـ إلا من التعصب ـ أمام دين الله الحق وهو يشق طريقه الى القلوب.
والأكثر دلالة على هذا أن الشعوب الأوربية نفسها هي من يفرز ساسة اليمين المتطرف؛ فهم لم يأتوا من فراغ ولم ينبُتوا في فراغ؛ بل هم من روافد هذه المجتمعات ولون أساسي من ثقافتها، وبالتالي يتقدمون بمشاريع سياسية ويأملون أن يترجموها الى قوانين وأنظمة تعادي المغتربين والمهاجرين وأولهم ـ بل والمقصود بهم أساسا ـ المسلمون؛ فهم لا يشعرون بالخوف من الثقافة الصينية مثلا فهم لا يرون فيها مهددا حضاريا بل مهددا اقتصاديا بالأساس، فهم يشعرون بخطر الاقتصادي الصييني. أما الهوية والمنهج والشريعة والقيم والأخلاق والمشرب الحضري فلا منافس لهم إلا الإسلام.
وأمام هذه الحقائق يجب على المسلمين المغتربين الحذر ـ حفظهم الله جميعا وسلمهم من كل سوء ـ وأن يكونوا على ترقب للسيناريوهات المطروحة في الغرب وأن يدركوا دلالات تنامي اليمين الغربي المتعصب.
خاتمة
يبقى التصرف الأصوب والأحسن، والذي أمر الله تعالى به ابتداء.. وهو تصحيح الأوضاع في دور الإسلام نفسها ـ الدور التاريخية ـ والتي كان الإسلام هو الحاكم فيها، وهي بلاد المسلمين اليوم.
يجب تصحيح الأوضاع وتصحيح شرعية الأنظمة على منهج الله وشريعته، وإقام الحقوق والأنظمة التي تكفل للناس الأمان والحرية، وتكفُل لهم إقامة الدين، وتكفُل لهم العيش الكريم بإقامة العدل، وبتحقيق التطور العلمي والتحديث.
هذه رغبة الأمة كلها؛ وحينها ستكون بلاد المسلمين نفسها جاذبة للمسلمين من أهلها، ولغير المسلمين. بل وحينها أيضا سيكون لها من القوة ما تردع الغير وتحمي المغتربين من الاعتداء عليهم؛ حيث يعلم من يتعدى حدوده بعاقبة ووبال فعله؛ حيث هناك أمة كاملة تزأر من أجل أبنائها إن اعتدى عليهم باغٍ هنا أو هناك.
لكن اليوم، وفي الأوضاع المهترئة تلك؛ لا يأمن المسلم في بلاده، فضلا عن غيرها؛ بل يرى الأمن والحرية في بلاد الكفر، وهذا ليس حلا بل هو مخاطرة ناتجة من أوضاع مختلة يجب إصلاحها. وعليه فإذا اعتدى عليهم معتدٍ فليس هناك ـ بعد الله تعالى ـ في قوى الأرض مَن يحميهم إلا أن يلجأوا الى أنظمة أوروبا نفسها وقوانينها ما دامت باقية. وهذا بدوره غير مأمون.
على المسلمين أن يبحثوا في جذور أسباب الأمن والحماية. والله تعالى هو خيرُ حافظٍ، وهو أرحم الراحمين.
……………………………..
هوامش:
- موقع ” عربي 21″، 17/2/2020، على الرابط: مخططات “مرعبة” لشن هجمات على مساجد في ألمانيا
- موقع “الجزيرة”، 18/2/2020، على الرابط: بعد الكشف عن مخططات “مروعة” باستهداف مساجد.. هذه ردة فعل مسلمي ألمانيا
- موقع “الجزيرة”،20/2/2020 ، على الرابط: شاهد.. اعتقال رجل بعد طعنه مؤذن مسجد لندن المركزي
- موقع “عربي 21″، 20/2/2020، على الرابط: منفذ هجومي هاناو بألمانيا متطرف يكره المهاجرين