مراجعة الأحاديث الشريفة- توثيق الأحاديث النبوية- تنقيح صحيحي البخاري ومسلم…من تأمل مقالاتهم لم يشك أنهم محاربون للإسلام والمسلمين وأنهم إنما أرادوا بكتاباتهم الطعن في الإسلام وأهل الإسلام، وإن أظهروا ذلك في قالب الإصلاح فهم بلا شك ممن يسعى في الأرض فساداً وإن كان يزعم لنفسه أنه مصلح.

أقوال الأئمة في وجوب الإيمان بالأحاديث الثابتة عن رسول الله

كلام الشافعي وأحمد في قبول أحاديث الثقات

وكل حديث صح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فالإيمان به واجب على كل مسلم وذلك من تحقيق الشهادة بأن محمدا رسول الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ومن كذّب بشيء مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو ممن يشك في إسلامه لأنه لم يحقق الشهادة بأن محمداً رسول الله، ومن تحقيقها تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به.

وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: إذا حدث الثقة عن الثقة إلى أن ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ثابت ولا يترك لرسول الله صلى الله عليه وسلم حديث أبداً إلا حديث وجد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يخالفه انتهى.

تشديد أحمد وغيره من العلماء في رد الأحاديث الثابتة وتصريح بعضهم بتكفير من فعل ذلك

وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إسناده جيد أقررنا به وإذا لم نقر بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ودفعناه ورددناه رددنا على الله أمره قال الله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).

وروى القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة من طريق أبي بكر الآدمي المقري حدثنا الفضل بن زياد القطان قال سمعت أبا عبد الله – يعني أحمد بن حنبل – يقول من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة.

وذكر محمد بن نصر المروزي ونقله عنه ابن حزم في كتابه الإحكام أن إسحاق بن راهويه قال: من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر يقر بصحته ثم رده بغير تقية فهو كافر.

وذكر القاضي أبو الحسين أيضا في ترجمة الحسن بن علي بن خلف أبي محمد البربهاري – وهو من أعيان العلماء في آخر القرن الثالث وأول القرن الرابع من الهجرة – أنه قال في كتابه «شرح السنة» ، إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار ولا يقبلها أو ينكر شيئا من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتهمه على الإسلام فإنه رجل رديء المذهب والقول وإنما يطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه لإِنا إنما عرفنا الله وعرفنا رسوله صلى الله عليه وسلم وعرفنا القرآن وعرفنا الخير والشر والدنيا والآخرة بالآثار، وإن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن.

وقوله: إن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن معناه أن السنة تفسر القرآن وتبين معانيه وما أراد الله به فلهذا كان القرآن محتاجا إلى السنة قال الله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم).

وقال البربهاري أيضا: ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله عز وجل أو يرد شيئا من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام.

وقال البربهاري أيضا: من رد آية من كتاب الله فقد رد الكتاب كله ومن رد حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رد الأثر كله وهو كافر بالله العظيم.

وقال البربهاري أيضا: واعلم أنه ليس بين العبد وبين أن يكون كافراً إلا أن يجحد شيئا مما أنزل الله أو يزيد في كلام الله أو ينقص أو ينكر شيئا مما قال الله عز وجل أو شيئا مما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إجماع أهل الحديث والسنة على الإقرار بما رواه الثقات عن رسول الله

وذكر القاضي أبو الحسين أيضا في ترجمة إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا أنه قال من خالف الأخبار التي نقلها العدل عن العدل موصولة بلا قطع في سندها ولا جرح في ناقليها وتجرأ على ردها فقد تهجم على رد الإسلام لأن الإسلام وأحكامه منقولة إلينا بمثل ما ذكرت انتهى.

وقال الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري في كتابه «مقالات الإسلاميين»: جملة ما عليه أهل الحديث والسنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يردون من ذلك شيئا انتهى.

وهذا حكاية إجماع من أهل الحديث والسنة على الإقرار بما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم لا يردون من ذلك شيئا، والعبرة بأهل الحديث والسنة ولا عبرة بمن خالفهم من أهل الأهواء والبدع والضلالة والجهالة.

وجوب الإيمان بما صح به النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم

وقال الموفق أبو محمد المقدسي في كتابه «لمعة الاعتقاد»: ويجب الإيمان بكل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح به النقل عنه فيما شهدناه أو غاب عنا نعلم أنه حق وصدق وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه مثل حديث الإسراء والمعراج، ومن ذلك أشراط الساعة مثل خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله وخروج يأجوج ومأجوج وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها وأشباه ذلك مما صح به النقل انتهى.

الأخذ بالحديث الصحيح فرض على الأمة

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه «إعلام الموقعين»: والذي ندين به ولا يسعنا غيره أن الحديث إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه وترك كل ما خالفه ولا نتركه لخلاف أحد من الناس كائنا من كان لا راويه ولا غيره انتهى المقصود من كلامه.

التشديد في التكذيب بالأحاديث الصحيحة

وتكذيب الأحاديث الصحيحة ليس بالأمر الهين ولا سيما ما ثبت في الصحيحين أو في أحدهما، وقد قال الهيثمي في مجمع الزوائد «باب فيمن كذب بما صح من الحديث»: ثم ذكر حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بلغه عني حديث فكذب به فقد كذب ثلاثة، الله ورسوله والذي حدث به» رواه الطبراني في الأوسط قال الهيثمي وفيه محفوظ بن ميسور ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا انتهى.

وهذا الحديث وإن لم يبلغ درجة الصحيح فمعناه صحيح لأن من كذب حديثا صحيحا فلا شك أنه قد كذب الله تعالى في قوله مخبرا عن نبيه صلى الله عليه وسلم (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وقد كذب النبي صلى الله عليه وسلم حيث رد ما ثبت عنه برواية الثقات الأثبات. وقد كذب الرواة الثقات الذين حفظوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وبلغوها إلى الأمة، ومن كذب أهل الصدق والعدالة فهو الكاذب في الحقيقة.

التشديد في معارضة السنة بالقرآن وذكر الأحاديث في ذلك

وقد ورد التشديد في معارضة السنة بالقرآن وذلك فيما رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط الشيخين ولفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه»

وفي رواية للحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والناس حوله: «لا أعرفن أحدكم يأتيه أمر من أمري قد أمرت به أو نهيت عنه وهو متكئ على أريكته فيقول ما وجدنا في كتاب الله عملنا به وإلا فلا».

وعن المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه» الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وأبو بكر الآجري في كتاب الشريعة وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب وصححه الحاكم وأقره الذهبي.

ولفظه عند ابن ماجه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله» ورواه الترمذي والدارمي بهذا اللفظ، وفي رواية ابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني أوتيت الكتاب وما يعدله» وذكر بقية الحديث بنحو ما تقدم.

وقد بوب الترمذي على هذا الحديث وحديث أبي رافع بقوله: «باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم» وبوب عليه ابن ماجه بقوله: «باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه» وترجم عليه ابن حبان بقوله: «ذكر الخبر المصرح بأن سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم كلها عن الله لا من تلقاء نفسه». وبوب عليه الآجري بقوله: «باب التحذير من طوائف تعارض سنن النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله عز وجل وشدة الإنكار على هذه الطبقة».

السنة شارحة للقرآن ومبينة لأحكامه وحدوده

وعن الحسن قال بينما عمران بن حصين يحدث عن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم إذ قال له رجل يا أبا نجيد حدثنا بالقرآن فقال له عمران أنت وأصحابك تقرءون القرآن أكنت محدثي عن الصلاة وما فيها وحدودها أكنت محدثي عن الزكاة في الذهب والإبل والبقر وأصناف المال ولكن قد شهدت وغبت أنت ثم قال فرض علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة كذا وكذا فقال الرجل أحييتني أحياك الله قال الحسن فما مات ذلك الرجل حتى صار من فقهاء المسلمين. رواه الحاكم في مستدركه وصححه وأقره الذهبي.

وقد رواه مسدد كما في «المطالب العالية» ولفظه قال بينما عمران بن حصين وعنده أصحاب له يحدثهم فقال رجل لا تحدثنا إلا بالقرآن – أو لا نريد إلا القرآن – فقال أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد صلاة الظهر أربعا وصلاة العصر أربعا وصلاة المغرب ثلاثا تقرأ في الركعتين الأوليين، أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد في كل مائتين من الغنم خمسا وفي الإبل كذا وكذا وفي البقر كذا وكذا. أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد الطواف بالبيت سبعا وبين الصفا والمروة كذا وكذا.

وعن عبد الرحمن بن يزيد أنه رأى محرما عليه ثيابه فنهر المحرم فقال ائتني بآية من كتاب الله عز وجل بنزع ثيابي فقرأ عليه (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) رواه أبو بكر الآجري في كتاب الشريعة.

وعن بكير بن عبد الله بن الأشج قال: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «سيأتي ناس يجادلونكم بشبه القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله عز وجل» رواه الدارمي وأبو بكر الآجري في كتاب الشريعة.

وعن يحيى بن أبي كثير قال: «السنة قاضية على القرآن وليس القرآن بقاض على السنة» رواه الدارمي في سننه ورواته ثقات.

الحكمة هي السنة

ويدل لهذا قول الله تعالى: (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) قال ابن كثير: الكتاب هو القرآن والحكمة هي السنة انتهى. وقوله تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به) قال ابن جرير في قوله (والحكمة): يعني وما أنزل عليكم من الحكمة وهي السنن التي علمكموها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنها لكم. وقال ابن كثير في قوله (وما أنزل عليكم من الكتاب): يعني القرآن (والحكمة) يعني السنة وقيل مواعظ القرآن، وقال تعالى مخبراً عن إبراهيم وإسماعيل أنهما قالا: (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة) قال ابن كثير في قوله (ويعلمهم الكتاب) يعني القرآن (والحكمة) يعني السنة قاله الحسن وقتادة ومقاتل بن حيان وأبو مالك. وقيل الفهم في الدين ولا منافاة انتهى. وقال تعالى (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة) قال ابن كثير الكتاب هو القرآن والحكمة هي السنة. وقال ابن جرير يعني بالحكمة السنن والفقه في الدين انتهى.

وقد ثبت في قضايا كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل عن الشيء الذي لا علم له به نزل عليه الوحي ببيان ذلك. وفي كل منها دليل لما قاله حسان بن عطية.

كلام حسن لابن حزم وفيه أن اتباع الحديث الصحيح فرض

قال ابن حزم في كتاب الأحكام: لما بينا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع نظرنا فيه فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجدناه عز وجل يقول فيه واصفا لرسوله صلى الله عليه وسلم: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم على قسمين أحدهما وحي متلو مؤلف تأليفا معجز النظام وهو القرآن، والثاني وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز النظام ولا متلو لكنه مقروء وهو الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المبين عن الله عز وجل مراده منا قال الله تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم) ووجدناه تعالى قد أوجب طاعة هذا القسم الثاني كما أوجب طاعة القسم الأول الذي هو القرآن ولا فرق فقال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فكانت الأخبار التي ذكرنا أحد الأصول الثلاثة التي ألزمنا طاعتها في الآية الجامعة لجميع الشرائع أولها وآخرها وهي قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله) فهذا أصل وهو القرآن، ثم قال تعالى: (وأطيعوا الرسول) فهذا ثان وهو الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال تعالى: (وأولي الأمر منكم) فهذا ثالث وهو الإجماع المنقول إلى رسول الله حكمه، وصح لنا بنص القرآن أن الأخبار هي أحد الأصلين المرجوع إليهما عند التنازع قال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) انتهى.

وقال ابن حزم أيضا في كتاب الأحكام جاء النص ثم لم يختلف فيه مسلمان في أن ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قاله ففرض اتباعه وأنه تفسير لمراد الله تعالى في القرآن وبيان لمجمله انتهى.

كلام حسن للآجري في ذم من عارض السنة بالقرآن

وقال أبو بكر الآجري في كتاب الشريعة ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء قد ثبت عند العلماء فعارض إنسان جاهل فقال لا أقبل إلا ما كان في كتاب الله عز وجل قيل له أنت رجل سوء وأنت ممن حذرناك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذر منك العلماء. وقيل له يا جاهل إن الله عز وجل أنزل فرائضه جملة وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما أنزل إليهم قال الله عز وجل: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) فأقام الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم مقام البيان عنه وأمر الخلق بطاعته ونهاهم عن معصيته وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه وقال عز وجل: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ثم حذرهم أن يخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم) وقال تبارك وتعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) ثم فرض على الخلق طاعته صلى الله عليه وسلم في نيف وثلاثين موضعا من كتابه عز وجل.

وقيل لهذا المعارض لسنن الرسول صلى الله عليه وسلم يا جاهل قال الله عز وجل: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) أين تجد في كتاب الله عز وجل أن الفجر ركعتان وأن الظهر أربع وأن العصر أربع وأن المغرب ثلاث وأن العشاء أربع وأين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها وما يصلحها وما يبطلها إلا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثلها الزكاة أين تجد في كتاب الله عز وجل من مائتي درهم خمسة دراهم ومن عشرين دينارا نصف دينار ومن أربعين شاة شاة ومن خمس من الإِبل شاة، ومن جميع أحكام الزكاة أين تجدها في كتاب الله عز وجل. وكذلك جميع فرائض الله عز وجل التي فرضها الله جل وعلا في كتابه لا يعلم الحكم فيها إلا بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم. هذا قول علماء المسلمين ومن قال غير هذا خرج عن ملة الإِسلام ودخل في ملة الملحدين، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وفيما ذكرته أبلغ رد على الملحدين الذين يردون الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويعارضونها بالشبه والآراء والأهواء.

المصدر

كتاب: “الرد القويم على المجرم الأثيم” حمود بن عبد الله التويجري، ص1-11.

اقرأ أيضا

ماذا يجري في بلاد الحرمين؟(1)…ابن سلمان وجناياته على الدين

آل سعود والتعدي على شريعة الله .. مختارات من “المسلمون والحضارة الغربية” (7)

سيطرة العادة وتحكيم الهوى من مقومات الجاهلية

المنافقون.. الاستهزاء والطعن في أحكام الشريعة

التعليقات غير متاحة