كلمة في السخرية من مقاوم، كلمة نفاق لنظام أو حاكم، كلمة تثبيط عن الحق، كلمة تشويش وتشويه للوعي، خلط حق بباطل، ومزج صدق بكذب… إلخ!
الكلمة بالغة الخطورة
حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من أمر بسيط، قد نستهين به ونستسهله.. فقال: “إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى، لا يُلقي لها بالا، يهوي بها في النار سبعين خريفا”.
أي أن كلمة واحدة ربما أسكنت صاحبها النار سبعين سنة!!
ما شعرتُ بخطورة هذا الحديث مثلما شعرتُ به في هذا الزمن، ونحن نعاين ونعاني ما يجري من الحرب في غزة أو في السودان أو في غيرها من بلاد المسلمين.
لقد امتلأ هذا الفضاء بذباب إلكتروني، ليست له صنعة إلا الكلام.. كلمات يلقيها في هذا الفضاء، من المؤكد أنه لا يُلقي لها بالا، ولا يشعر أنها قد تكون سبب الهاوية في الجحيم!!
كلمة في السخرية من مقاوم، كلمة نفاق لنظام أو حاكم، كلمة تثبيط عن الحق، كلمة تشويش وتشويه للوعي، خلط حق بباطل، ومزج صدق بكذب… إلخ!
ما يدري الذي كتب ماذا صنع من الشر.. عن أي خير ثبَّط وأحبط، وكم من الناس ضلوا بها، وكم من طالب للخير تشكك فيما يفعل، وكم من فاعل للشر تشجع بما يفعل، وكم من عامل أصابه اليأس… إلخ!
تعالوا أقرب لكم الصورة..
نحن الآن في ذكرى الأيام المشؤومة، ففي مثل هذا اليوم كانت مصر تفيض بالكلمات التي تسب في مرسي وفي الإخوان، وتؤيد السيسي والجيش، وتحرض على الانقلاب العسكري، وتحقر من الإسلاميين “الخرفان”… إلخ!!
إلى أين وصلنا الآن؟!
كل كلمة انطلقت في هذا التحريض كانت جزءا من قلعة الشر، التي تقهر الناس الآن.. كانت تمهيدا لعودة النظام العسكري الدموي الذي فعل بمصر الأفاعيل.. ومن ورائها: غزة وليبيا والسودان وغيرها كثير!!
أقسم بالله أن أكثر المتكلمين بالباطل في ذلك الزمن ما كانوا يلقون لكلامهم بالا ولا كانوا يتصورون أن يؤدي كلامهم إلى مذابح ودماء وضحايا وبلايا ونكبات كالذي حصل على يد السيسي!!
حتى من تاب منهم واكتشف خطأه بعد سنة أو بعد سنين، لا يستطيع الآن أن يعود إلى ما كان.. قد فات الوقت.. والكلمة في وقتها كالرصاصة.. لا تعود!!
الآثار الوخيمة لانقلاب السيسي..عربيا وإسلاميا
هل تصدق أن غزة كلها، بكل ما فيها، إنما هي جزء من نكبة مصر بنظام السيسي.. وأنه لو كان يحكم مصر نظام وطني (حتى لو لم يكن إسلاميا ولا من الإخوان) ما كان لغزة أن تستباح بهذا الشكل؟!!
والسودان كلها، بكل ما فيها.. جزء من نكبة مصر..
وليبيا، وكل مذابح حفتر وجرائمه.. جزء من نكبة مصر..
ومثل ذلك: الشام واليمن.. وحتى التراجع والانكماش التركي.. ولا أريد أن أذكر المزيد لكي لا أُتَّهم بالمبالغة، وعلم الله أن تأثير وجود نظام وطني وإسلامي في مصر كانت له آثار بعيدة تمتد إلى الصين وإلى أدغال إفريقيا وإلى الأقليات في أوروبا.. بل امتدت إلى سجن جوانتانامو!!
حسنا.. فهل جئتُ الآن لأبكي على اللبن المسكوب..
لا.. جئت أقول بأن الاختبار لا زال قائما.. وأن كل كلمة تكتب في تأييد نظام مصر أو السعودية أو الإمارات أو الأردن أو غيرها هي مثل تلك الكلمات التي صنعت الكارثة في انقلاب 2013م.
وكل من يعمل في مجال الذباب الإلكتروني سيجد نفسه يوم القيامة ومعه جبال من السيئات والذنوب والآثام.. وسيرى في ميزانه ملايين الأرواح والدماء والأشلاء والدموع!!
لستَ مجبرا أن تتكلم ولا أن تكتب ولا أن تفتي في شيء.. ما دمت لم تكن واثقا ومتأكدا من أن الذي ستقوله يرضي الله وينفع الناس فليكن السكوت خيرا لك..
تكلم في الكرة وفي الطبخ وفي عالم الحيوان إذا كنت لا تستطيع أن تمنع نفسك من شهوة الكلام.. فوالله إن الكلام في تثبيت وتأييد هؤلاء السفاحين ذنب عظيم عميم.. ووالله إن الكلام في تثبيط العاملين والسخرية من المقاومين والباذلين ذنب عظيم عميم.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
المصدر
صفحة الأستاذ محمد إلهامي.