قفز الشيوعيون واليساريون على ثورة السودان، للإيحاء أنها ضد الإسلام، ومن ثم خطبوا ودّ الغرب في موضوع النساء، وموضوع التطبيع مع الصهاينة وافتقدوا التوجه الصحيح نحو التحديث.
الخبر
“أصدر رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان قرارا بتعين نعمات عبد الله محمد خير رئيسة للقضاء وتاج السر علي الحبر نائبا عاما، وذلك في بيان صدر عن المجلس اليوم الخميس”.
وعن العلاقة مع الكيان الصهيوني قالت وزيرة الخارجية السودانية “أسماء عبد الله”:
“لا توجد للسودان مشكلة من حيث المبدأ في إقامة علاقات مع إسرائيل وقد تقوم بخطوة كهذه في المستقبل، ردت عبد الله: “بالطبع من حيث المبدأ… لمعظم الدول العربية علاقات بطريقة أو بأخرى. السودان هو أحد الدول العربية، ولكن الآن ليس هو الوقت المناسب”. (1موقع الجزيرة، 10/10/2019، على الرابط:
في السودان.. تعيين أول امرأة رئيسة للقضاء
موقع “الجزيرة” 9/9/2019، على الرابط:
وزيرة خارجية السودان للجزيرة: نعم لدعم عربي غير مشروط ولا للتدخل الخارجي
موقع “عربي 21، 9/9/2019، على الرابط:
هكذا علقت وزيرة خارجية السودان على التطبيع مع الاحتلال)
التعليق
1) لم تكن الثورة في السودان ضد الإسلام وشريعته، ولا ضد انتمائه وهويته؛ بل كانت ضد مجموعة فاشلة أصبح السودان منذ استقلاله حتى ثورته الأخيرة مثالا لـ “الفشل التنموي”، وهي المجموعة نفسها التي سقطت في تبعية الغرب وتماهت مع عمالة العلمانية في الإقليم، وخطبت ودّ سفاح سوريا الطاغبة بشار، وخطبت ود الصهاينة بعد عُمر سابق كانت لهم فيها معاونة للمجاهدين، لكنهم لما انسدت أمامهم الطرق من أجل شهوة السلطة تراجعوا عن المباديء كلها دينا ودنيا، وتذكّروا أنهم لم يبنوا مستسشفيات ولا مدارس..! ولم يحسّنوا الزراعة ولا الصناعة.! ولم يحققوا التحديث، ولم ينعم الناس بالخير والحرية؛ ثم قتلوا من قتلوا من الشعب السوداني باختلاف أطيافه سواء المنتمين للتيارات الإسلامية أو غيرهم، بلا تفرقة..!
2) عندما جاءت السلطة الحالية نتيجةً لحراك جماهير السودان المسلمة، قفز شيوعيون ويساريون كان لهم دور كبير في انحراف السلطة وانحراف اتجاهها، وهو دور غير مفاجيء لنا ولا لأحد من المراقبين.
3) لم يبدأ تشكيل الحكومة بمبدأ تنموي صحيح، بل بدأ تشكيل الحكومة بمبدأ “استرضاء الغرب” فبدؤوا بتركيز مفتعل على عنصر النساء في الثورة، فعندما صعدت امرأة على متن سيارة تهتف هتاف أهل السودان مع بعض “التراقص”..! ضجت الأخبار بافتعال ملحوظ عن دور “الشاعرة”..!” السودانية و”الكنداكة” وكأن معجزة حصلت بتراقص امرأة تهتف شعارات يرردها قبلها الآلاف من أهل السودان..! ولكن كان واضحا أن هذا تمهيد لما وراءه.
[للمزيد: الأدوار المنتَظَرة للناشطات السعوديات]
ثم كان إسناد حقيبة “الخارجية” لامرأة؛ أبدت سريعا جريمة عقدية وهي تصرّح ـ للفت الأنظار ـ أن العداء مع الصهاينة ليس عداء عقديا بل هو خلاف سياسي، وأن دولة الكيان الصهيوني كأي دولة..! وأنه من الممكن الاعتراف بها وإقامة علاقات معها لكن في الوقت المناسب..! فليس هناك حاجز عقدي بل مسألة وقت للازم للانبطاح وتقبل الشعب السوداني لهذه المهزلة..!
ثم كان أخيرا إسناد رئاسة مجلس القضاء الأعلى لامرأة.
لا نناقش هنا مدى صحة تولي المرأة للولايات العامة أو عدم ذلك، أو القيود الشرعية في هذا؛ بل نناقش هنا توجه “الاسترضاء” للغرب وتوجيه البوصلة نحوه بقصد تعيين النساء ثم خطب ود الغرب بخصوص الصهاينة والاستعداد للإنبطاح لهم، وهو توجه مذلة وسقوط في بئر جديد وليس التوجه الصحيح للتحديث.
فالتوجه الصواب هو الاحتفاظ بالعقيدة واحترام الهوية وإقامة الشريعة، واستدراك ما فاتنا من القوة وتحقيق عملية التحديث ونقل العلوم والتكنولوجيا.
هذه ليست كلمات سهلة ولا بسيطة بل هي كلمات ضخمة تستلزم أعمالا وجهودا وأموالا وأعمارا؛ لكن على أساس سليم من التوجهات التي تحترم الدين والانتماء والشريعة.
4) إن التغافل عن عداء الصهاينة غباءٌ أعمى؛ فسد النهضة في إثيوبيا يستهدف السودان ومصر بالتجفيف أو الإغراق، وتقسيم جنوب السودان كان بيدٍ صهيونية غربية؛ فمن كان توجهه من الحكومات التي تفرزها الثورات أو حراك الشعوب ذا توجه غربي فإنما خان شعبه وأمته وتوجه نحو الوقوع فيما فرّ منه الناس، وسعي نحو مزيد من الخسائر والانهيارات؛ فلا قيام للأمة ولا لأي شعب من شعوبها إلا بالرجوع الى “الذات” المسلمة، والهوية والتاريخ، والقِيم والعقيدة والشريعة. هذه حزمة لا بد منها ولا تخلي عنها لمن صدَق في توجهه.
أما أن تثور شعوب المسلمين ثم ينتج عنها تغريب، وتعرٍّ للنساء واحتفاء بمتبرجات تتجاوز حدود الله وتقول هذا من نواتج الثورة، ثم إسقاط للحرمات، وتجاوز للعداء العقدي وتصالح مع الصهاينة واعتراف بهم، وبالأدق “الرضوخ لهم” تحت مسمى “السلام” و”التعايش” فهذا هراء وخيانة. خيانة للدين من جانب، وهراء سياسي من جانب آخر؛ إذ لم توجد للصهاينة دولة ولم يوجد للغرب كلمة في بلادنا إلا بمنطق القوة التي حجزوا بها مكانتهم وفرضوا قوانينهم ورفعوا رايتهم وأجبروا العالم على “الرضوخ” لهم ثم أعطوا العالم كلمة “مؤدبة” من باب المجاملة للتعبير عن الخضوع للغرب وهي “التعايش” و”السلام”.
عتاب للإسلاميين
إننا نعتب على الإسلاميين، دعاة ووعاظا وسياسيين وإعلاميين؛ نعتب عليهم غيبتهم عن توجيه الاحداث والتفاعل والتاثير والتوجيه. فنه من الواجب عليهم جهاد البيان للناس وفضح هؤلاء المنافقين والمرتدين الذين تسلموا قيادة البلد، كما يجب عليهم الحيلولة بينهم وبين ما يشتهون من سلخ السودان وشعبه من الاسلام وفرض العلمنة والتبعية الذليلة للغرب.. إنه واجب الوقت. وما يفوت الآن يصعب استدراكه؛ فما يكون اليوم سهل العمل يكون غدا دون حواجز كبيرة.
خاتمة
إننا نحذّر وننصح إخواننا في السودان ألا تنحرف بوصلتهم؛ فللتقدم طريق معروف يلتف الناس فيه حول هويتهم وموروثهم لتحقيق ذاتهم ولتقديم بطاقة وجودهم وتعريفهم بين العالم، ولا بطاقة تعريف للمسلم إلا “الإسلام”؛ دين الله للأولين والآخرين؛ فمن ابتغى العزة في غيره أذله الله، وأضاع عمره وأهدر جهده وخان شعبه وأوردهم المهالك. والله تعالى العاصم من الشر والموفق للخير. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
…………………………………
هوامش:
- موقع الجزيرة، 10/10/2019، على الرابط:
في السودان.. تعيين أول امرأة رئيسة للقضاء
موقع “الجزيرة” 9/9/2019، على الرابط:
وزيرة خارجية السودان للجزيرة: نعم لدعم عربي غير مشروط ولا للتدخل الخارجي
موقع “عربي 21، 9/9/2019، على الرابط:
هكذا علقت وزيرة خارجية السودان على التطبيع مع الاحتلال