ابتُليت الأمة بأنظمة علمانية عميلة لنصارى الغرب، وابتُليت أيضا بتيارات منتسبة للإسلام مثّلتْ طوق نجاة للطغاة القدامى والجدد، وعامل تلبيس على الأمة، حيث تصرفها عن مواجهة عدوها الحقيقي وإقامة دينها وامتلاك أمرها.
الخبر
“المشهد: نباش القبور “خليفة حفتر” يخطب في السرية العاشرة، والتي قوام جنودها سلفيون مداخلة وجاميون، يقول لهم أنكم تعرضتم للظلم ولم يقدر الناس وزنكم، وأنكم الأمل في حرب الأتراك والثورة.
ويؤكد أنهم جنود في جيشه لهم وزنهم، كمقاتلين يشاركون في ترسيخ شرعيته كعلماني منقلب مستبد تابع لإسرائيل وفرنسا وروسيا”. (1موقع “يوتيوب”: حفتر أمام مسلحين سلفيين: أنتم أمل الشعب الليبي ولا رحمة مع الأتراك!)
التعليق
في المشهد كان الجنود يقفون شامخين يشعرون بالفخر ويُظهرون القوة لترسيخ أقدام مشروع طاغية، تابع للغرب، مصادم للشعوب محارب لثوراتها، ويمثل امتدادا للهالك “القذافي”.. وفي هذا المشهد تبدو عدة ملاحظات:
أولا) لم يقل أحد أن هذا تسييس للدين، ولم يقل أن هذا إرهاب. فموجة الإرهاب حاليا خاصة بالإخوان المسلمين، وسابقا كان يُتهم بها السلفيون، وغدا سيتغير المتهَمون، وسيبقى المتهِم يوزع المصطلحات تبعا لأهوائه وأحقاده ومصالحه. وفي كل حالة يجد غوغائيين وباعة جائلين بالدين يبررون له الموجة السائدة في ذلك الوقت.
لتعلم أن مصطلحات “الإرهاب” وغيرها هي بيد مُطْلقيها، وأن التنفير من الإخوان دون السلفيين أو العكس؛ لا حقيقة تحته؛ بل هي موجات بحسب الحاجة. وقد تتبدل الأوضاع في لحظات. بينما الأوْلى بمصطلح الإرهاب هو الغرب والصهاينة والأنظمة المستبدة.
ثانيا) لم يصنع “حفتر” جديدا؛ إلا أنه ضم الى الجنود الضالين جنودا من الغاوين. وضم الى أصحاب الجهل البسيط أصحاب الجهل المركَب..!
ثالثا) يجب معرفة حقيقة هذا الفريق من المتدينين الكاذبين..! ولمن يعطون الشرعية؛ فالواضح أنهم يعطون شرعيةً للمستبد العلماني المتغلب؛ تلك هي شروط الشرعية عندهم (متغلب علماني مستبد)..
فلو كان علمانيا يعطيهم حريات ـ مثل المنصف المرزوقي في تونس أو غيره ـ لطالبوه بالشريعة، لا لأجل الشريعة بل من أجل المناكفة. ولَتكلموا بألفاظ تبديل الدين والطاغوت ووجوب تحكيم الشريعة.. الخ؛ حتى يظنهم الناس محترقين على الدين..!
ولو كان مسلما مستبدا لطالبوه بالحرية لا طلبا للكرامة الإنسانية والفريضة التي أمر الله بها؛ ولكن نكاية فيه ولمآرب كثيرة ولأدوار وظيفية لهم.
فإذا جاء الشرطان فكان “علمانيا ومستبدا“؛ سقط عندهم أمر الشريعة وأمر الحرية؛ وقالوا بوجوب السمع والطاعة، بل والاصطفاف جنودا لترسيخ العلمانية والإباحية والإلحاد والتنصير والاستبداد.. كل هذا تحت طنين ترتيل القرآن والتشدق بوعظ المتقدمين.. وهكذا؛ شيء من سمات الخوارج مع الكثير من سمات المرجئة؛ تحقيقا لقوله تعالى: (وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ) (الأنعام: 9).
ابتُليت الأمة بأنظمة علمانية عميلة لنصارى الغرب، وابتُليت أيضا بتيارات منتسبة للإسلام مثلت طوق نجاة للطغاة القدامى والجدد، وعامل تلبيس على الأمة، حيث تصرفها عن مواجهة عدوها الحقيقي وإقامة دينها وامتلاك أمرها.
تلك رسالة ليبيا، وهي رسالة في ربوع هذه الأمة المنكسرة والحزينة والغاضبة. تدرك بها ضرورة معرفة مشارب التيارات المنتسبة للإسلام وظروف نشأتها ومراميها وتوجهاتها، أو حقيقة توجهاتها، وحقيقة قضاياها. وكيف تكون بعض التيارات قد صُنعت صناعة معادية للأمة، ومضادة لإقامة الشريعة..؟!! أو أُشربت ذلك، أو وقعت في فخاخ العمالة فزلت أقدامها لا تستطيع العودة.
……………………………..