لأهل العلم دور محوري في تثبيت المجتمع ومنع انزلاقه أمام المؤامرات التي يتولى كِبرها المجرمون المنافقون. وبغرض تثبيتهم نذكر من نصح ووعظ تثبيتا لهم لاستكمال الطريق.

اسمه ونسبه

عبدُ الرَّحمنِ بنُ ناصرٍ البرَّاك، ينحدرُ نسبُهُ مِن بطنِ آلِ عُرينةَ المتفرِّعِ مِن قبيلةِ سُبيعٍ الـمُضريَّةِ العدنانيَّةِ.

ميلاده ونشأته

وُلِدَ الشَّيخُ في شهرِ ذي القعدةِ، سنةَ (1352هـ) في البكيريَّةِ، إحدى مُدنِ محافظةِ القصيمِ. وتُوفِّيَ والدُهُ وعمرُهُ سنة فلمْ يُدْرِكْهُ، وتولَّتْهُ والدتُهُ فربَّتْهُ خيرَ تربيةٍ، وكانتْ فاضلةً صالحةً، ونشأَ في طفولتِهِ في بيتِ أخوالِهِ. ولمَّا بلغَ الخامسة مِن عمرِهِ سافرَ مع أمّه إلى “مكة”، وكانَ في كفالةِ زوجِ أمّهِ “محمَّد بن حمود البرَّاك”.

وفي “مكَّة” التحقَ الشَّيخُ بالمدرسةِ الرّحمانيَّة وهو في السّنة الثّانيةِ الابتدائيَّةِ، وقدَّر الله أن يُصابَ بمرضٍ في عينيهِ تسبَّبَ في ذهابِ بصرهِ، وهو في التّاسعةِ مِن عمرهِ.

طلبه للعلم ومشايخه

بدأ الشيخ طلب العلم صغيراً، فحفظ القرآن وعمره اثنتا عشرة سنة تقريباً، وكان قد بدأ قراءته على بعض أقاربه ثم على مقرئ البلد “عبد الرحمن بن سالم الكريديس”. وطلب العلم في بلده على الشيخ “محمد بن مقبل المقبل” قاضي البكيرية، والشيخ “عبد العزيز بن عبد الله السبيل” قاضي البكيرية، والخبراء، والبدائع؛ بعد شيخه ابن مقبل.

ثم قُدِّرَ له السفر إلى مكة، ومكث بها بضع سنين، فقرأ فيها على الشيخ “عبد الله بن محمد الخليفي” إمام المسجد الحرام، وهناك التقى برجل فاضل من كبار تلاميذ العلامة “محمد بن إبراهيم” وهو الشيخ “صالح بن حسين العراقي”، ثم ارتحل عام (1369هـ) برفقة الشيخ “العراقي” إلى الشيخ “ابن باز” حين كان قاضياً في بلدة الدلم، ومكث عند الشيخ “ابن باز” قرابة السنتين، وكان مدة إقامته لها أثر كبير في حياته العلمية.

دراسته في المعهد العلمي والكلية

التحقَ الشّيخُ بالمعهد العلميّ في “الرّياض” أول افتتاحه في (1/1/1371هـ)، وكانت  الدراسة فيه أربع سنوات، فتخرَّجَ في أوَّل فوجٍ عام (1374هـ)، ثم التحقَ بكليَّة الشَّريعة، وتخرَّج فيها سنة (1378هـ).

وتتلمذَ في المعهد والكليَّة على مشايخ كثر، مِن أبرزهم:

العلامةُ عبد العزيز ابن باز، والعلامةُ محمَّد الأمين الشنقيطي، رحمهما الله. ودرَّسهم في المعهد في التّفسير، وأصول الفقه. والعلامةُ عبدُالرَّزاق عفيفي، رحمه الله، ودرَّسهم في التَّوحيد، والنَّحو، وأصول الفقه.

والشَّيخ محمد عبد الرزاق حمزة، والشَّيخُ عبد العزيز بن ناصر الرَّشيد، والشَّيخُ عبدُ الرَّحمن الأفريقي، والشَّيخُ عبداللطيف سرحان درس عليه “النَّحو”، والشَّيخ عبد الله بن صالح الخليفي.. وآخرون رحمهم الله جميعًا.

وكانَ في تلكَ المدَّة يحضرُ بعضَ دروس العلامة “محمد بن إبراهيم آل الشّيخ” في المسجد.

وأكبرُ مشايخه عنده وأعظمُهم أثرًا في نفسه الإمامُ العلَّامةُ “عبدُالعزيز بن باز” رحمه الله، فقد أفادَ منه أكثر مِن خمسين عامًا؛ بدءًا مِن عام (1369هـ) إلى وفاته في عام (1420هـ)، ثم شيخه “العراقي” الذي استفادَ منه حبّ الدّليل، ونبذَ التَّقليد، والتَّدقيق في علوم اللغة؛ كالنَّحو، والصَّرف، والعروض.

الأعمال التي تولاها

رُشِّح الشيخُ للقضاء بأمر مِن رئيس القضاة في عصره الشَّيخ “محمد بن إبراهيم آل الشيخ”، ولكنَّه اعتذرَ بوساطة الشَّيخ “عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ”، الذي اختارهُ بعدَ ذلكَ للتّدريس في المعاهد العلميَّة، وكان مديرًا لها وللكليَّات، فمارسَ الشَّيخُ “عبدُ الرَّحمن” التَّدريسَ ـ عملًا رسميًا ـ في معهد “الرّياض” سنة (1379هـ) الى سنة (1381هـ)، ثم انتقلَ إلى كليَّة الشَّريعة في عام (1382هـ)، ثمَّ إلى كليَّة أصول الدّين بعد افتتاحها عام (1395هـ) وصُنِّفَ الشَّيخ في أعضاء هيئة التَّدريس في قسم «العقيدة والمذاهب المعاصرة»، ونُقِلَ إليها، وتولَّى التَّدريس في الكُلّيتين إلى أن تقاعدَ في عام (1420هـ)، وأشرفَ خلالها على عشرات الرَّسائل العلميَّة.

ورَغِبَتْ الكليَّةُ التَّعاقد معه فامتنعَ، وآثرَ التَّدريسَ في مسجده، كما أراده سماحةُ الشَّيخ “ابن باز” على أن يتولَّى العملَ في الإفتاء مرارًا فاعتذرَ، ورضيَ منه شيخُه أن ينيبهُ على الإفتاء في الصّيفِ في دار الإفتاء حيث ينتقلُ المفتونَ إلى الطَّائف، فأجابَ الشَّيخُ حياءً، إذ تولَّى العملَ في صيفيتين ثمَّ تركه.

وكانَ بدايات جلوسهِ المنتظمة للطُّلاب في المسجدِ منذ عام (1381هـ) حيث عُيِّن إمامًا رسميًا، ثم عُيِّن إمامًا في مسجد “الخليفي”، فاستمرَ على التَّدريس في هذا المسجد إلى اليوم، متَّع الله بحياته.

وله دروسٌ أخرى أيضًا في عدَّة مساجد متفرّقة في نواحي مدينة “الرّياض”، إضافة إلى إلقاء المحاضرات في هذه المدينة وغيرها مِن مناطق المملكة، إمَّا مباشرةً، أو بالهاتف، وتبلغُ دروس الشَّيخ الأسبوعيَّة أكثر مِن عشرين درسًا في علوم الشَّريعة المختلفة.

ويتميِّزُ الشَّيخُ بإقراء كتب في جُلّ العلوم؛ بمختصراتها ومطولاتها، مِن العقيدة، والتَّفسير، والحديث، وعلوم اللغة، وغيرها، وله دروسٌ في المنطقِ لبعض طلابهِ في منزله، وغالبُ طلابهِ مِن أساتذة الجامعات والدّعاة ومِن المدِّرسين، وكلُّهم بررة به، محبُّون له، معظِّمون لعلمه.

الشيخ والدعوة إلى وحدة الأديان

من آثار احتلال النصارى لبلاد المسلمين عسكريا في السابق، وتنفيذ مخططاتهم على أيدي المتولين لهم في الحاضر؛ فلم يكتف الأعداء وأولياؤهم من المنتسبين للإسلام بما نشروه في مجتمعات المسلمين من أنواع الفساد والانحرافات، وقد اتخذوا المرأة أداة لذلك منذ بداية الاستعمار، وإلى اليوم، باسم حقوقها وحريتها.

وكذا ما وضعوه من القوانين التي جعلوها بدلا من شرع الله فحكّموا هذه القوانين، وفرضوا التحاكم إليها، لم يكتفوا بهذا وذاك حتى طمعوا في إفساد عقيدة المسلمين في أصل دينهم بطريقة ماكرة؛ فلذلك روَّج لها المنافقون على عِلم، وقبِلها كثير من جهلة المسلمين لجهلهم بحقيقتها؛ بل وجهْلهم بحقيقة دين الإسلام. وهذه الطريقة الماكرة الخبيثة هي ما يسمى بـ “دعوة التقريب بين الإسلام والنصرانية”، أو ” دعوة التقريب بين الأديان”، أو “وحدة الأديان”، أو “توحيد الأديان الثلاثة”، أو “الإبراهيمية”، أو “الملة الإبراهيمية”، أو “الوحدة الإبراهيمية”، أو “وحدة الكتب السماوية”، ومن عباراتهم عن هذه الدعوة “الإخاء الديني”، و”نبذ التعصب الديني”، و “الصداقة الإسلامية المسيحية”، و”التضامن الإسلامي المسيحي ضد الشيوعية” أو “ضد الإلحاد”.

وكل هذه الأسماء والعبارات من لبس الحق بالباطل، ومن زخرف القول لتزيين الباطل، وقد يمعنون في الخداع والتلبيس فيعبّرون عن هذه الدعوة بـ “حوار الحضارات” أو ” حوار الأديان”.

الغاية من دعوة التقارب بين الأديان

والغاية من هذه الدعوة أحد أمرين:

1- احترام الأديان الباطلة

أو احترام ما يسمى بالأديان السماوية كاليهودية والنصرانية، وذلك بعدم الطعن فيها، وبترك الجهر ببطلانها، وترك إطلاق اسم الكفر على من يَدين بها، وهذا ما يعبر عنه بعضهم بـ “التعايش السلمي بين أهل الملل الثلاث”.

2- الاعتراف بصحتها

وبأنها طريق إلى الله كالإسلام..! ومعنى هذا أن كلاً من اليهود والنصارى والمسلمين لا فرق بينهم إذ كل منهم على دين صحيح..!
وهذه حقيقة الوحدة المزعومة، وبهذا يكونون إخوة فلا عداوة ولا بغضاء؛ بل لا دعوة ولا جهاد، والقول بهذه الوحدة كفر بواح، وهو معدود في نواقض الإسلام.

ومن هذا الأصل أخذ العلماء أن من نواقض الإسلام اعتقادَ أن أحداً يسعه الخروج عن شريعة محمد، صلى الله عليه وسلم؛ فمن زعم أن اليهود والنصارى أو غيرهم أو طائفةً منهم لا يجب عليهم الإيمان بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولا يجب عليهم اتباعه، فهو كافرٌ وإن شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

الشيخ وإنكاره على هيئة الترفيه وفاسدي الفكر ومحبي الرذيلة

للشيخ جهود كبيرة معروفة في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومناصحة المسؤولين والكتابة لهم، وتحذير الناس من البدع، وسائر الانحرافات، والمخالفات. وله في ذلك فتاوى سارت بها الركبان..

فقد هاجم الشيخ “هيئة الترفيه”، واستنكر ما يقوم به القائمون عليها من قلب الحقائق، بتسميتهم ما ينشرون من فجور وإفساد إصلاحا.

وعلّق الشيخ بعد حفل غنائي أقيم في مدينة جدة ، قائلا:

“وبلادنا هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين التي هي أطهر البلاد، مقصودة بالفساد، مقصودة من أعداء الإسلام، من اليهود والنصارى ومن المنافقين في الداخل. المنافقون هم جرثومة الفساد في كل الأوساط. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾، يسمون إفسادهم “إصلاحا” ـ سبحان الله ـ قلب للحقائق؛ يسمون الإفساد إصلاحا”.

وأوضح ذلك بقوله:

“ومن ذلك “هيئة الترفيه” في هذه البلاد هي مؤسسَة على نشر الاختلاط، نشر الاحتفالات المختلطة، المشتملة على أنواع من المنكرات، ولهذا لما أقيم الحفل الذي في جدة وجُلب له من فرق الفجور، ساءَ الغيورين والمحتسبين من الرجال والنساء، ساءهم ذلك واستنكروه، حتى الناس الذين ليسوا ممن يعرفون بالتدين والصلاح الظاهر، لكن معهم أصل الغيرة على الأعراض والغيرة على الدين، استنكروا هذا استنكارا عظيما ولله الحمد والمنة، ونحن من هذا المكان نستنكره ونحمّل التبعةَ القائمين على هذا الحفل وأمثالهم، ومن وراءهم من الداعمين بالمال، والمنظِمين والمهيئين لهذه الاحتفالات الأثيمة”.

وأردف الشيخ عبد الرحمن:

“هذه الاحتفالات هي برامج لتغيير هوية البلد. هوية البلد هي العفة والطهر والاستقامة والحياء؛ حياء النساء، هذه هوية البلد؛ البلد على آثار صلاح وآثار استقامة، لأن هذه البلاد قد سلّمها الله من احتلال النصارى، وقامت فيها دعوة الإصلاح، فكانت خير بلاد المسلمين عقيدة وسلوكا، ولهذا كانت هدفا لأعداء الإسلام؛ من اليهود والنصارى، والمنافقين، والمبتدعين من الرافضة وأشباههم؛ فعلى الجميع التعاون على مقاومة هذا التوجه الأثيم. على المسلمين أن يحافظوا على بيوتهم، ويسدوا أبواب الشر عليها بقدر الاستطاعة، وإن كان تعسّر الآن الإنكار بسبب ما تهيأ من وسائل التواصل؛ لكن على المسلم أن يبذل جهده في إصلاح نفسه أولا، وإصلاح من تحت يده من أهل وولد”.

اهتمامه بقضايا المسلمين

للشيخ ـ حفظه الله ـ اهتمام بالغ بأمور المسلمين في جميع أنحاء العالم فهو كثير الحزن، والتألم لما يحدث لهم في كثير من البلاد دائم المتابعةِ لأخبارهم خصوصا وقت الأزمات، وهو دائم المبادرة بالقنوت، والدعاء لهم في الصلاة، والدعاء على أعدائهم، وله عدة فتاوى في هذا الخصوص انتشرت في كل مكان، من ذلك:

دعوته لنصرة المسلمين في غزة

إذا كان جهاد دولة الكيان الصهيوني واجباً فإنه يجب على جميع المسلمين نصرة من جاهدهم؛ كل بحســب حاله؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَالْـمُؤْمِنُونَ وَالْـمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: 17]، ويقول أيضاً: ﴿إنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]، وقال تعالى: ﴿وَإنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ﴾ [الأنفال: 27].

وكما يكون الجهاد بالنفس والمال واللسان يكون النصر بذلك؛ فيجب نصر المجاهدين بكل ما أمكن من وسائل النصرة، ومن ذلك العمل على فكِّ الحصار عنهم بفتح المعابر التي يصِلون منها إلى ما يأمنون به على أنفسهم ويجلبون ضرورياتهم. وضد ذلك هو إعانة للعدو عليهم.

ومن وسائل النصرة أيضاً مقاطعة العدو وأعوانه اقتصادياً؛ فإن ذلك من أقوى وسائل الضغط في هذا العصر، تصديراً واستيراداً؛ كما فعل ثمامة بن أثال مع قريش حيث آلى ألا يصل إليهم شيء من بُرِّ اليمامة حتى يأذن الرسول، صلى الله عليه وسلم.

دعوته لنصرة المسلمين في أفغانستان

إن إعلان أمريكا الحرب على حكومة طالبان في أفغانستان ظلم وعدوان وحرب صليبية على الإسلام كما ذُكر ذلك عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تخلي الدول في العالم الإسلامي عن نصرتهم في هذا الموقف الحرج مصيبة عظيمة؛ فكيف بمناصرة الكفار عليهم؟ فإن ذلك من تولي الكافرين؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: 51] وقد عدّ العلماء مظاهرة الكفار على المسلمين من نواقض الإسلام لهذه الآية؛ فالواجب على المسلمين نصرة إخوانهم المظلومين على الكافرين الظالمين، قال صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه”.

ومن المعروف أن الذنب الأول لحكومة طالبان لدى الولايات المتحدة أنها لم تخضع لزعامتها، ولم تلتزم بقانون “هيئة الأمم” الذي يعبر عنه بـ “الشرعية الدولية”، وهو يعطي للولايات المتحدة حق التحكم بالقرار، ومن يخرج عن ذلك القانون تنزل به العقوبات. وتفرض الالتزام به على سائر الدول؛ وهذا عين التسلط والاستعباد.

فالواجب على الأمة الإسلامية أن تأخذ بأسباب العزة التي جعلها الله لعباده المؤمنين كما قال تعالى : ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون: 8] وما سبب ذل المسلمين وتبعيتهم لأعدائهم إلا إعراضهم عن دينهم، وضعف إيمانهم، وتفرقهم حتى تركوا الجهاد في سبيل الله؛ قال صلى الله عليه وسلم : «إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم».

فهذا التجمع ضد حكومة طالبان مع ضعفها ومعاناتها ومعاناة الشعب الأفغاني؛ نازلة تستوجب نصرتهم، ومدّ يد العون لهم، وأقل ذلك الدعاء لهم، والقنوت برفع تلك النازلة التي لا يقتصر أثرها وضررها عليهم.

دعوته لنصرة المسلمين في العراق وفضح المخطط الصليبي الرافضي

حيث كان الشيخ من أول الموقعين على “نداء لأهل السنة في العراق وما يجب على الأمة من نصرتهم”، ومما جاء فيه:

“فإن ما تعرض له العراق؛ بلدًا وشعبًا؛ من تآمر صليبي صفوي رافضي؛ سبقه حكم بعثي، كان فصلاً من فصول المؤامرة، ومؤشرًا على نجاح المخطط الأخطبوط الذي يجتاح المنطقة.

ولقد كان سقوط بغداد حدثًا عظيمًا على أهل الإسلام، لم يقع مثله في تداعياته المؤلمة منذ احتلال اليهود لأرض فلسطين، مما يستدعي منا موقفًا حازمًا نستدرك فيه ما فرط من مواقف نعرض فيه أهم ما يجب علينا فعله والقيام به، كلٌّ فيما يخصه ويستطيعه.

ولم تترك أحداث العراق للرافضة الإثني عشرية وأشياعهم من سائر فرق الباطنية من سربال ولا ستر ولا تقية، فقد أظهر الله سرهم علانية، وفضحهم على رؤوس الأشهاد؛ لمن كان له قلب وسلِم من الهوى؛ فقد سارعوا في هوى الصليبيين واحتضنوهم وحموا ظهورهم، وتخندقوا جميعًا في حرب العراق وتقسيمه. لقد أثبتوا بصورة عملية كل ما كان مسطورًا عندهم في كتبهم مما كانوا يخادعون المسلمين بعكسه تقيّة؛ ففي نشوة النصر لم يتمالكوا أنفسهم، فظهرت أخلاقهم المرذولة، وعقائدهم البغيضة، فقالوا وفعلوا ما يشهد لهم بأنهم أمة واحدة مع تعدد مذاهبهم وبلدانهم وأجناسهم، وأن مايفعلونه في ديار أهل السنة من بيعة وطاعة ومهادنة، ماهو إلا مداراة ومصانعة حتى تتهيأ لهم الظروف.

دعوته لنصرة المسلمين في سوريا

لقد ابتُليتم أربعين سنة بولاة الطغاة الظالمين من فئات الملحدين، فُشرد الأخيار وقُرب الأشرار، وكبت الصالحون وقهروا، وأُطلق العنان لجنود الشيطان. وقد مضت تلك السنون وأنتم تحت وطأة الظلم، وقد قدّر الله أن تقوم هذه الثورة طلباً للخلاص من تحكم حكومة الطغيان، فأعاد الحاضر تأريخ سلفه بمقابلة المعارضة بحرب الإبادة، فباؤوا بخزي على خزي، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون.

أيها المجاهدون عن حرماتهم وأعراضهم وكرامتهم وديارهم.. امضوا في طريق الجهاد، واصبروا إن الله مع الصابرين، واستنصروا بالله؛ فهو خير الناصرين، واحذروا أن تُخدعوا بخطط الماكرين من الهيئات الدولية والمنظمات العالمية؛ فتخسروا ثمرة ثورتكم، ثم اعلموا أن كل ما يدبر من خطط ويعقد من مؤتمرات تخضع لأمريكا باسم الصداقة لسوريا هو من المكر الكُبَّار.. هم العدو فاحذروهم، قاتلهم الله.

إنتاجه العلمي

للشّيخِ زهدٌ في الشّهرة وهضم لنفسهِ، ومِن ذلك استنكافه عن التَّأليف مع استجماعه لأدواته وعدَّته؛ مِن سعة المعلومات، وحفظ ِالأدلّة، وحصافة العقل، وجلُّ المؤلّفات التي صدرت عن الشَّيخ هي في الأصل دروسٌ مُلقاة، ثمَّ فُرِّغت وقُرِئت على الشَّيخ، ثم نُشِرتْ، وهي كافيةٌ في بيانِ علمِ الشَّيخ والدَّلالة على مكانته العلميَّة، وما بقي مِن دروسهِ الصّوتيَّة ومحاضراتهِ أكثرُ مما نُشِرَ بكثيرٍ، ناهيكَ عن فتاواه المحرَّرة القائمة على الدّليل والتّعليل والنّظر في مقاصد الشّريعة واختلاف الواقع والمكان، وكثيرٌ منها منشور في موقعه على الشَّبكة.

ومن مؤلفاته المطبوعة

  • التَّعليقات على المسائل العقديَّة في كتاب “التَّسهيل لعلوم التَّنزيل” لابن جزي.
  • العدَّة في فوائد أحاديث العمدة.
  • توضيح مقدِّمة التَّفسير لشيخ الإسلام ابن تيميَّة.
  • شرح العقيدة التَّدمريَّة.
  • شرح العقيدة الطَّحاويَّة.
  • توضيح مقاصد العقيدة الواسطيَّة.
  • الفوائد المستنبطة مِن الأربعين النَّوويَّة وتتمتها الرَّجبيَّة.
  • الفوائد المستنبطة مِن كتابي: “الرّقاق والتّوحيد مِن مختصر صحيح البخاري” للزّبيدي (وقد طُبعت مع كتاب: فوائد الأربعين النووية).
  • تعليقات على المخالفات العقديَّة في فتح الباري.
  • جوابٌ في الإيمان ونواقضه.
  • توضيح المقصود في نظم ابن أبي داود.
  • شرح كلمة الإخلاص لابن رجب.
  • إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد.
  • التَّعليق على القواعد المثلى لابن عثيمين.
  • شرح المتون الأربعة: (القواعد الأربع، والأصول الثلاثة، ونواقض الإسلام، وكشف الشّبهات) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
  • الاستقامة حقيقتها أسبابها أثارها.
  • شرح القصيدة الدَّاليَّة لأبي الخطاب الكلوذاني الحنبلي.
  • الجامع لفوائد بلوغ المرام ـ الجزء الأول.
  • الفوائد والأحكام المستنبَطة من تفسير جزء “تبارك”.
  • الفوائد والأحكام المستنبَطة من تفسير جزء “عمَّ”.
  • الفوائد والأحكام المستنبطة من تفسير جزء “قد سمع”.
  • موقف المسلم مِن الخلاف.
  • مسؤولية الكلمة.
  • فتاوى في الدَّعوة النّسائيَّة.
  • إضافة إلى أكثر مِن سبعة آلاف وستمئة فتوى؛ ما بين فتاوى محرَّرة محقَّقة، وفتاوى الدّروس اليوميَّة، منشرة في الموقع الرسمي للشيخ.

خاتمة

حفِظ الله علماء المسلمين ورزقهم القيام بالحق والعدل به والهداية به، ثوبتهم وحفظهم من الفتن، وجعلهم قناديل مضيئة لا مناديل للطغاة. وعلى الله توكلُنا واعتمادنا.

………………………………

المصادر:

  • سيرة الشيخ، الموقع الرسمي للشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك.
  • نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية، للشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله. شبكة حائل الدعوية.
  • حوار مع العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك، مجلة البيان، العدد 358.
  • الدعوة إلى وحدة الأديان من نوقض الإسلام، عبد الرحمن بن ناصر البراك.
  • – عبد الرحمن بن ناصر البراك ، مقدمة كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية للبراك، طـ دار التدمرية، الطبعة الثالثة، 1432هـ.
  • – نصرة المسلمين في أفغانستان، عبد الرحمن بن ناصر البراك
  • – نداء لأهل السنة في العراق وما يجب على الأمة من نصرتهم، موقع المسلم.
  • – نداء من الشيخ عبد الرحمن البراك إلى الإخوة في بلاد الشام، موقع الدرر الشامية.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة