“الإسلام يقود ولا يقاد ويدفع بأهله إلى طريق العزة والكرامة والمنهزمون يريدون إسلاما (مزوَرا) يخزينا ويضع من قدْرنا ويزري بثوابتنا” سليمان العلوان.

مقدمة

ثمة علماء منحازون للحق ولدينهم ولقضايا أمتهم، ويرفضون التنازل أو التخاذل، كما يرفضون التزوير على الناس والكذب على الله.. ولا زالوا يصدحون، فلما أسرهم الطغاة بقيت كلماتهم تتردد واسمهم يشير الى موقفهم؛ رغم أنف الظالمين..

ومن هؤلاء فضيلة الشخ سليمان العلوان؛ حفظه الله وثبته وفك أسرَه وتقبل منه.

وهذه بعض كلماته:

“أيها الموحد والمجاهد والزاهد.. إذا شهد عليك الليبراليون المخذِلون والملبِّسون والمفتونون بأنك متشدد أو إرهابي أو متطرف أو أصولي، فتلك شهادة لك بالاستقامة فلا تستوحش منها، وقل: اللهم زدني من هذا الإرهاب والتطرف الذي ما وراءه إلا التميع والضلال وموالاة أعداء الله وحرب الجهاد في سبيل الله والمجاهدين”.

يقول الشيخ حمود العقلاء:

“لقد التقيت بكثير من الحفظة، ولكني لم أر من جمع بين الحفظ والفهم إلا الشيخ سليمان فإني لا أعرف أحداً في المملكة يضارعه في ذلك”.

لقد رأينا في هذه الأيام أن صفة “المشيخة” أُعطيت لمن ليس لهم فيها نصيب، ووصف بالمجتهد من لا يعرف صحيح الحديث من ضعيفه، وياليت الأمر وقف عند هذا الحد؛ بل إنه تعدى حتى وصِف أهل الشر من العلمانيين والحداثيين وغيرهم من أرباب العقائد الفاسدة والعقول الدنسة بأنهم رواد المجتمع وقادة الشعوب. وهذا لعمر الله إنه لظلم لهذه الأمة أن يصدّر فيها أمثال هؤلاء، ولقد حرص العلمانيون على تقديم من يخدم مبادئهم وذلك بإضفاء الأوصاف الضخمة والعظيمة عليه، حتى لو كان جاهلاً بدين الله إنما همّهم أن يخدمهم، فاختلط على الناس مَن هم أهل العلم والفضل، ومَن هم أهل الزيف والدجل، فظنوا أن كل من صُدّر في الإعلام ووصف بالعالِم بأنه كذلك.

ونجد بالمقابل بأن أهل العلم حقاً لا يذكرون ولا يُرفع شأنهم ولا يُثنَى عليهم ولا يوصفون بما هم أهل له، لا في الإعلام ولا في غيره؛ إما تورعاً من أهل العلم، وإما غفلة من الأمة عنهم وإضاعةً لحقهم، وإما كيداً لهم ومكراً بهم، وإما حسداً لهم من أقرانهم..

فالحق الذي يجب القول به هو أن يبرز العلماء كل بحسب علمه وبلائه لهذا الدين، ولا يهمّ الأوصاف والألقاب التي تعُطَى لهم ولا المناصب التي يتبوءونها، فالعلم في الصدور والفهم في العقول، وليس العلم بالألقاب ولا غيرها؛ وبهذا تهتدي الأمة ويذوب أهل الضلال بكيدهم غماً وتسلم الأمة منهم، علماً أنه لم يظهر في الإعلام من ليس بأهل للفتوى ولم يصدّر الجهال إلا بخطأ منا فنحن الذين لم نُبرز للناس العلماء فبحث الناس عمن يُفتيهم فتصدَّر أهل الأهواء والضلال للفتوى، ولو أننا أبرزنا علماءنا وذكّرناهم بعلمهم لما حصلت هذه الانتكاسة في المفاهيم نسأل الله العافية.

المولد والنشأة

هو فضيلة الشيخ/ سليمان بن ناصر بن عبد الله العلوان، وُلد في مدينة “بريدة” ونشأ بها، وكان مولده عام (1389هـ)، ويكبره من الأخوة ثلاثة ذكور، ودونه من الأخوة أيضاً خمسة ذكور.

تزوج عام (1410هـ) وله من الأبناء ثلاثة ذكور أكبرهم عبد الله.

بدأ الشيخ في طلب العلم عام (1404هـ) وله من العمر خمسة عشر سنة تقريباً، وكان آنذاك في مرحلة الثالث متوسط، وبعد التخرج من المتوسطة، التحق بأحد المعاهد الثانوية لفترة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً، وبعد ذلك قرر ترك الدراسة النظامية، والتفرغ التام لطلب العلم الشرعي والتلقي عن العلماء، ومطالعة الكتب؛ فقد كان شديد الميل للحفظ والقراءة في علوم مختلفة، ومنذ بداية طلبه للعلم وهو متفرغ له ويقضي أكثر يومه في الحفظ والمذاكرة والقراءة في الكتب.

طريقة الشيخ في طلب العلم

بدأ الشيخ أولاً بحفظ القرآن وفرغ منه عام (1407هـ)، وحفظ كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، والعقيدة الواسطية، والفتوى الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية، والبيقونية. وكانت هذه المحفوظات في بداية الطلب، وكان يقرأ حينها في كتب ابن تيمية وابن القيم والسيرة لابن هشام والبداية والنهاية لابن كثير، ومؤلفات ابن رجب، ومؤلفات أئمة الدعوة النجدية، وكان الشيخ يتردد على مجموعة من المشايخ يحفظ عليهم بعض المتون على حسب تخصصاتهم. وكانت الدروس يومياً عدا يوم الجمعة، وكان يختلف في اليوم على أربعة من المشايخ وذلك بعد الفجر وبعد الظهر وبعد المغرب وبعد العشاء.

وكان حريصاً أشد الحرص على حفظ المتون العلمية في كل الفنون، ولم يكن يحفظ المتن حتى يقرأ شرحه ويفهم معناه. وفي الفقه كان يحرص على معرفة المذاهب الأخرى حتى بدأ بحفظ المذاهب الأربعة، زيادة على ذلك اجتهادات واختيارات الإمام ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

سئل: زيادة على قراءتك في كتب العقيدة والحديث والفقه والنحو، هل كنت تقرأ في الكتب الفكرية للتعرف على أحوال العالم ومآسي المسلمين وما يحاك لهم من إفساد فكري وكيد عسكري..؟

فأجاب: قد كنت أقرأ هذه الكتب في بداية الطلب، ومن أوائل ما قرأت كتاب “واقعنا المعاصر” لمحمد قطب، و”المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام” لمحمد الصواف. وفي هذه الأيام أقرأ في هذه الكتب كثيراً، وقد قرأت إلى ساعة كتابة هذه السطور ما يزيد على مئتي كتاب، كما أني قرأت أهم الكتب في أصول الرافضة والزيدية والمعتزلة وغيرها من الفرق الضالة.

مشايخه وقراءاته

1ـ فضيلة الشيخ الفقيه: صالح بن إبراهيم البليهي.

2ـ فضيلة الشيخ: المحدث عبد الله الدويش.

3ـ فضيلة الشيخ: عبد الله محمد الحسين أبا الخيل .

4ـ فضيلة الشيخ: محمد بن سليمان العليط.

5ـ فضيلة الشيخ: محمد بن فهد الرشودي.

6ـ فضيلة الشيخ: أحمد بن ناصر العلوان.

7ـ فضيلة الشيخ: حماد الأنصاري.

8ـ فضيلة الشيخ: محمد الأنصاري.

9ـ فضيلة الشيخ: ابن صالح المالي.

10ـ فضيلة الشيخ: عبد الوكيل بن عبد الحق الهاشمي.

كتب الشيخ ورسائله

من كتب الشيخ ورسائله:

1ـ تنبيه الأخيار على عدم فناء النار.

2- الأمالي المكية على المنظومة البيقونية.

3- التبيان في شرح نواقض الإسلام.

4- شرح بلوغ المرام (مطبوع بالحاسب).

5- تنبيه الأمة على وجوب الأخذ بالكتاب والسنة.

6- التوكيد في وجوب الاعتناء بالتوحيد.

7 – الكشاف عن ضلالات حسن السقاف.

8 – إتحاف أهل الفضل والإنصاف بنقض كتاب ابن الجوزي “دفع شبه التشبيه” وتعليقات السقاف (طبع منه الآن مجلدان).

9 – القول المبين في إثبات الصورة لرب العالمين.

10 – مهمات المسائل في المسح على الخفين.

11 – الإجابة المختصرة في التنبيه على حفظ المتون المختصرة.

12- الاستنفار للذب عن الصحابة الأخيار.

13- القول الرشيد في حقيقة التوحيد.

14- الإعلام بوجوب التثبت في رواية الحديث.

15- أحكام قيام الليل.

16 – ألا إن نصر الله قريب.

17 – مجموعة رسائل وفتاوى.

وللشيخ بعض الكتب لم تطبع إلى الآن كـ:

“فتح الإله شرح آداب المشي إلى الصلاة” (مجلدان مخطوطان).

الدرر حاشية نخبة الفكر (مخطوط) شرح كتاب التوحيد.

وشرح الأصول الثلاثة.

وشرح الرحبية في الفرائض.

والتعقبات على زاد المستقنع.

وحكم الصلاة على الميت الغائب.

وحكم الاحتفال بالأعياد وغيرها.

وقد بدأ الشيخ في التدريس والإفادة في بيته عام (1410هـ) وفي عام (1411هـ) انتقل للإفادة والتدريس في المسجد. وكانت الدروس طوال الأسبوع بعد صلاة الفجر والظهر والمغرب عدا يوم الجمعة.

ثم أُوقِف الشيخ عن التدريس في المسجد عام (1417هـ).

بين الشيخ العلوان والشيخ ابن باز

وقد جرت محاولات ومساعي لإعادة دروسه ولم يحصل من ذلك شيء، وقد كتب فضيلة الشيخ “عبد العزيز بن باز” رحمه الله إلى عدد من المسؤولين، يطالبهم فيها بإعادة الدروس للشيخ وتمكين الناس من الاستفادة منه؛ غير أن هذا لم يُجْد وقوبل بالرفض. وقد كان الشيخ ابن باز رحمه الله من قبل ذلك يحث الشيخ سليمان على الصبر وملازمة الدروس والتدريس، ويثني على مؤلفاته وذلك في خطاب وجهه إليه ونصه:

“من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الابن المكرم، فضيلة الشيخ “سليمان بن ناصر العلوان” وفقه الله لما فيه رضاه وزاده من العلم والإيمان آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:

فقد اطلعت على بعض مؤلفاتكم وقرأت بعض ما كتبتم في الرد على ابن الجوزي والسقاف فسررت بذلك كثيراً، وحمدت الله سبحانه على ما وفقكم له من فقه في الدين، والتمسك بالعقيدة السلفية وتدريسها للطلبة والرد على من خالفها؛ فجزاكم الله خيراً وضاعف مثوبتكم وزادكم من العلم والهدى، وجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من عباده الصالحين وحزبه المفلحين؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ونوصيكم بتقوى الله سبحانه وبذل الوسع في تعليم الناس العلم الشرعي وحثهم على العمل به والعناية بمسائل العقيدة الصحيحة وإيضاحها للطلبة ولغيرهم في دروسكم الخاصة والعامة، وترغيب الناس من الطلبة وغيرهم في الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه والعمل به والعناية بسنة الرسول الثابتة عنه، والاستفادة منها؛ لأنها الوحي الثاني وهي المفسرة لكتاب الله والمبيِّنة لما قد يخفى من معانيه.

سدد الله خطاكم وزادكم من العلم النافع والعمل الصالح وثبتنا وإياكم على الهدى وجعلنا وإياكم من حزبه المفلحين وأوليائه المتقين ومن الدعاة إليه على بصيرة إنه جواد كريم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

بين الشيخ العلوان والشيخ ابن العثيمين

أنقل لكم هذا الموقف الذي يحكيه الشيخ سليمان العلوان فك الله أسره، يقول:

“اتصل بي الشيخ ابن عثيمين عام (1415هـ) بشأن موضوع افتيت به في مسألة الدماء في الحج فيمن ترك واجبًاً أو فعل محظورًاً، وأراد الشيخ مناقشة هذه المسألة، فتم اللقاء في منزل الشيخ، ودار الحديث قرابة الثلاث ساعات تضمنت تأييد المنهج التعليمي في إصلاح الإفراد والمجتمعات، وطلب مني النظر في كتابه “الشرح الممتع” وموافاته ببعض الملاحظات، فكان يرسل إليّ مع بعض الإخوة كل جزء يصدر من “الشرح الممتع” في حينه.

ثم اتصل بي الشيخ، رحمه الله، في نفس العام وقال: “بلغني من بعض طلبة العلم أنكم تضعّفون حديث أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذا يوم رخص لكم فيه أن ترموا جمرة العقبة، فإذا غربت الشمس ولم تطوفوا بالبيت عدتم حرماً كما بدأتم». فأخبرته بصحة ما ذكر وأن الحديث منكر، وطلب مني بعد ذلك أن أكتب له رأيي في هذا الحديث، وبعد ذلك أصدر الشيخ بخط يده فتوى بتضعيف هذا الحديث ونكارته، وهي مطبوعة في كتابه “فتاوى الحج”.

ثم اتصل عليَّ المرة الثالثة عام 1416هـ وقال لي: “نحب أن نلتقي”، فالتقينا في بيته وطرحتُ بعض المسائل المتعلقة بأحكام الإيمان والدين. وفي نفس الاجتماع طلب مني أن أوافيه بكل ما أراه من ملاحظات في كتبه أو غير كتبه، فكتبتُ له ملاحظاتي على كتابه “شرح كتاب التوحيد” ما يقرب من الثلاثين ملاحظة واستدراك أخطاء مطبعية، فتجاوب الشيخ مع أكثرها وصححها في الطبعةالثانية”.

مع العلم ان الشيخ سليمان العلوان يصغر الشيخ ابن العثيمين بـ 40 سنة..!

وقد كان الشيخ ابن عثيمين محباً للشيخ سليمان العلوان يدل على ذلك أمورٌ منها أن الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، قرأ البحث الذي كتبه الشيخ سليمان العلوان ونشر في مجلة الحكمة (العدد الخامس 1415هـ) في 22 صفحة في مجلسه أمام طلبة العلم في المسجد الجامع.

نصرة الشيخ لقضيَّة الجهاد

لعلَّ أول شيء اشتهر به الشيخ في نصرة قضايا الجهاد والمقاومة؛ إفتاؤه للمجاهدين الفلسطينيين بجواز العمليات الاستشهادية؛ ناصراً قوله بأكثر من ثلاثين وجهاً. وبعد نيَّة الأمريكان في ضرب أفغانستان أبدى الشيخ حكم الإسلام في حكم معاونة الكفار على المسلمين وحكم مظاهرتهم عليهم، وأفتى بوجوب نصرة المجاهدين في أفغانستان ونصرة الإمارة الإسلامية ” طالبان”.

وتعرَّض الشيخ بعد ذلك لشيء من المضايقات من حكومة بلاده بمنع التدريس عنه تارة، وتهديده بالحبس أخرى، وهكذا إلى أن ابتدأت الهجمة على العراق من قبل الطغمة الأمريكية المجرمة، فهبَّ الشيخ يذود عن تلك البلد المسلمة، وقد كتب بياناً بعنوان:

“توجيه الأمَّة في هذه الأحداث ووجوب الإعداد لوقف زحف الصليبيين”.

وبعدها مُنع الشيخ من التدريس في بيته، وضيِّق عليه الخناق، حتى قامت أجهزة الأمن في السعودية بإلقاء القبض عليه في مدينة بريدة عصر يوم الأربعاء (28 نيسان ابريل 2004)، معتقلاً بتهمة جمع التبرعات للمسلمين في العراق.

وكذلك لأنه ناصَرَ المجاهدين، وأفتى بفرضية العين للجهاد الآن، كما طالب بعدم شتم المجاهدين ووصْفهم بالخوارج أو بالإرهابيين، وكذلك على من يقول أن الجهاد لا يكون الا بموافقة ولي الامر الحاكم.

ولم يكتفِ آل سعود بأسْر الشيخ بل قاموا باعتقال الشيخ “صالح بن ناصر العلوان”، حفظه الله، أخو الشيخ فك الله أسره، واعتُقل معه أيضا أخوهم الثالث غير الشقيق “خالد” فك الله أسره.

خاتمة

إن الحيَّ لا تؤَمن عليه الفتنة؛ ولهذا نسأل الله تعالى أن يثبت الشيخ وسائر علماء المسلمين ومجاهديهم الصادعين بالحق القائلين به والذي هم به يعدلون. ثبتهم الله وجعلهم هداة مهتدين، وعجّل تعالى بفك أسرهم تفريج كربهم، وأن يبدلهم سعة وخيرا، وعزة وتبوءا للمكانة التي يستحقونها بين أمتهم.

…………………………..

 المصادر:

  • صفحات من حياة فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان، إعداد: أبي محمد يوسف الصالح.
  • سيرة الشيخ العلامة المحدث سليمان العلوان فك الله أسره، بقلم اسماعيل جاد.
  • نبذة من سيرة الشيخ سليمان بن ناصر العلون فك الله أسره، موقع المشكاة.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة