إن “الانتماء” في تصور الإسلام قائم على العقيدة، وعلى إفراد الله بالمحبة؛ ومن هنا فلا ينبغي أن تنازع محبةَ الله أيُ محبة أخرى..

والانتماء للإسلام يجمع “أمة”؛ بينما نعرات القوميات والوطنيات تفرقها وتُشظيها بل وتفجرها من داخلها .. ونعرات الجاهلية عموما تلغي دور الأمة من التاريخ ومن الحضارة ومن دورها الرسالي.

التصدي للهجوم على عقيدة الولاء والبراء وإزالة الشبهات المثارة حولها

إن دور أهل العلم والدعاة إلى المنهج الحق هو التصدي للشبهات والتأويلات الفاسدة، وأن هذا ضرب من ضروب الجهاد في سبيل الله عز وجل لا يقل إن لم يفق جهاد الكفار باليد والسنان، لأن الجهاد بالسنان يكفي فيه النية الصادقة والدربة على فنون القتال؛ ليكون صالحا وفاعلا في هذا النوع من الجهاد، أما الجهاد بالبيان والحجة ورد تأويلات المبطلين والمشبهين فلا يصلح له إلا من آتاه الله العلم والبصيرة النافذة في الدين مع التقوى واليقين.

وقد سبق الإشارة إلى أهم هذه الصور – في مقالين هما: [التصدي للهجوم على عقيدة الولاء والبراء (1-4)]، [التصدي للهجوم على عقيدة الولاء والبراء (2-4)] – التي يسعى فيها أعداء الدين بتسليط معاولهم إلى هدم هذا السور المنيع الذي حفظ الله عز وجل به هوية المسلمين وولاء بعضهم لبعض، وتميزهم عن الكفار طيلة التاريخ الإسلامي، ألا وهو سور الولاء والبراء، وفي هذا المقال نذكر صورة ثالثة وهي:

ج- الغلو في رابطة الوطنية وتقديمها على رابطة الدين

إن من أخطر المعاول التي تستخدم اليوم لهدم عقيدة الولاء والبراء معول (الوطنية) الذي يراد منه إحلال رابطة الوطن محل رابطة التوحيد، وذلك في عقد الولاء والبراء بين أبناء المجتمع المسلم على أساسها.

إن حب الوطن ومكان المنشأ والحنين إليه طبع جبلي فطري مغروس في النفوس، ولشدة مفارقة الأوطان على النفوس رتب الله عز وجل عليه الثواب العظيم للمهاجرين في سبيله المفارقين لأوطانهم من أجله .

يقول الله عز وجل: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر:8].

وها هو بلال رضي الله عنه يحن إلى وطنه الأصلي مكة بعد أن هاجر منها، ويقول:

ألا ليت شعري هل أبیتن ليلة… بواډ وحولي إذخر وجليل

فهذا الحب والحنين لا ضير فيه ولا لوم، وليس نزاعنا مع دعاة الوطنية في هذه المسألة.

إنما اللوم والانحراف والنزاع في جعل الانتماء إلى الوطن الواحد هو معیار الولاء والمحبة والنصرة لكل من يعيش تحت مظلة الوطن الواحد، ولو كان مشركا أو منافقا، وجعله هو المقدم والمكرم على من ليس من أبناء الوطن ولو كان مسلما صالحا تقيا، إن هذا هو الانحراف والعودة إلى موازين الجاهلية ومعاييرها في الولاء والنصرة، وفي العداوة والبراء، نعم إذا كان المواطن موحدا صالحا خيرا فهذا نور على نور، ولا تثريب على من وجد میلا أكثر إلى الموحد الصالح من قرابته أو قبيلته أو من أبناء وطنه. أما أن يجد میلا ومحبة وتآخيا مع أهل الشرك والنفاق، ويجعله يسكت عن شركهم ونفاقهم؛ لأنهم من أبناء وطنه، فهذا هو المرفوض في ميزان الله عز وجل. قال الله عز وجل عن نوح عليه السلام – حينما قال: (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) ، قال الله عز وجل له: (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) [هود:46].

الوطنية وثنية جديدة

إنه لا يخفى ما في (الوطنية) بالمفهوم الجاهلي من هدم لعقيدة الولاء والبراء في هذا الدين، فكم في الوطن الواحد من العقائد الباطلة الكفرية التي يخرج صاحبها من الإسلام، كمن يعبد غير الله عز وجل ويستغيث به ويدعي أن غير الله تعالى يعلم الغيب كغلاة الشيعة والصوفية، وكم في الوطن الواحد من يكفر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويعاديهم، ويقذف نساء النبي صلى الله عليه وسلم العفيفات الطاهرات، وكم في الوطن الواحد من المنافقين الذين يبطنون العداء للإسلام وأهله، ويوالون الغرب وأهله، فهل هؤلاء هم منا ونحن منهم؛ لأننا وإياهم نعيش في وطن واحد؟ إننا بهذا الفهم نعود إلى صورة من صور الجاهلية الأولى، التي جاء هذا الدين للقضاء عليها، وجعل رابطة العقيدة والإيمان فوق كل رابطة، يعادي من أجلها، ويوالى من أجلها، ويحب من أجلها، ويبغض من أجلها.

قال صلى الله عليه وسلم: « مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَعِضُّوهُ، وَلَا تَكْنُوا ».

فسمع أبي بن كعب رجلا يقول: يا لفلان! فقال: اعضض أير أبيك، فقال: يا أبا المنذر! ما کنت فاحشا، فقال: بهذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم 1(1) رواه أحمد في مسنده (20728)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (299)..

ويشرح شيخ الإسلام هذا الحديث، فيقول: (ومعنى قوله: « مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ » يعني يتعزی بعزائهم، وهي الانتساب إليهم في الدعوة، مثل قوله: یا لقیس! یا لیمن! ويا خلال! ويا لأسد، فمن تعصب لأهل بلدته، أو مذهبه، أو طريقته، أو لأصدقائه دون غيرهم كانت فيه شعبة من الجاهلية، حتى يكون المؤمنون كما أمرهم الله معتصمين بحبله وكتابه وسنة رسوله)2(2) مجموع الفتاوی (422/28)..

فقه المواطنة وأصولها الغربية

وقد وقفت على دراسة مهمة يتحدث فيها كاتبها د. أحمد محمود السيد عن فقه المواطنة وأصولها الغربية في الجاهلية المعاصرة، ونظرا لأهميتها وعلاقتها بموضوعنا أنقل بعض ما ورد فيها، حيث يقول وفقه الله تعالى: (في هذه الأيام يتردد لفظ المواطنة على ألسنة المهتمين بالعمل السياسي ودعاة العلمانية وأنصار المنهج العلماني بوجه عام، ولا غضاضة في هذا ولا عجب، حتى وإن ادعى هؤلاء أنه لا يتعارض مع الإسلام، أو أن الإسلام قد عمل به وأسسه، بل العجب كل العجب أن ينبري بعض الشيوخ وعلماء الشريعة لإثبات أنه مبدأ إسلامي أصيل، وأنه مضمون هذا المفهوم مماثل لما جاء به الشرع الحنيف!

والأدهى من ذلك أن السيناريو نفسه يتكرر کما حدث في الستينيات مع الاشتراكية، هناك من كتب عن «المواطنة في الإسلام»، و «المواطنة عند رسول الله»، و «المواطنة في الشريعة الإسلامية»، و «المواطنة مبدأ إسلامی أصيل»، و«مبدأ المواطنة أهم دروس الهجرة»، وهناك من استدل بآيات قرآنية وتفسيرات، حاول أن يلوي فيها أعناق الآيات، لكي تعبر عن مفهوم المواطنة الغربي، مؤكدا تطابقها مع تفسيرات القرآن!

تعالوا نتفهم معنى المواطنة في دولة المنشأ؛ لنعرف إن كانت تصلح کمبدأ إسلامي أم لا..

يعرف قاموس المصطلحات السياسية «المواطنة» بأنها: مكانة أو علاقة اجتماعية، تقوم بين شخص طبيعي، وبين مجتمع سياسي (الدولة)، ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الشخص والدولة بالمساواة أمام القانون «الوضعي» في ظل هيمنة الدولة القومية.

ويعبر مفهوم المواطنة بمعناه الحديث عن تطور شديد التعقيد صاغته أوربا الغربية في القرن التاسع عشر، خلال عمليات تاريخية واجتماعية وسياسية، تم فيها الانتقال من الحق الإلهي المقدس إلى حق المواطن، ومن هيمنة الكنيسة إلى هيمنة الدولة…

التلبيس على الناس بأن الإسلام لا يتعارض مع تلك المصطلحات

فالمواطنة كمبدأ سياسي لا تعمل بعيدا عن النظرية السياسية الغربية التي صاغتها، ولا يمكن أن تقطع من سياقها ليتم تفعيلها في نظام آخر مختلف عقائديا واجتماعيا وتاريخيا، فالنظام السياسي الإسلامي يقوم على مجموعة مبادئ تعمل معا لتحقيق مبادئ الإسلام وهديه من خلال منظومة من الآليات مثل: الإمامة – أهل الحل والعقد – الشوری – الخلافة – الخ.. والتمييز فيها يكون للمسلم، فلا يستوي المؤمنون والكافرون، وإذا كان معيار التفضيل هو التقوى، كما في الحديث «لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى»3(3) رواه أحمد في مسنده (۲۳۶۸۹).، فإن هذه التقوى معناها الإسلام والإيمان الخالص، وهذا ليس معناه ظلم المخالفين في العقيدة، لكنهم في ظل الدولة الإسلامية يتعاملون من خلال العهود والمواثيق، التي تحفظ لهم حقوقهم، وتحفظ للدولة الإسلامية ما تفرضه عليهم من واجبات…

ولكن تأبی نفوس الذين تشربوا فكر الغرب ورضعوا من علمانيته، إلا أن يستبعدوا الإسلام من طريق سياسة الدنيا، ويستكثروا على أتباعه أن يحكموا بهديه ومبادئه، فتحاول هذه الفئة أن تلوي أعناق الآيات، وتغير في مضمون التفسير؛ لتوافق هواهم، وتوظف من منحهم صفة (المفكر الإسلامي)، کی يؤكدوا: أن الإسلام لا يتعارض مع تلك المصطلحات، بل يؤسس لها ويطبقها، وتبارکها شهادات لبعض الشيوخ والعلماء، متصورة أنها بهذا التلبيس على الناس تكون قد ضمنت غسيل عقولهم وتحويل انتمائهم لهذا الفكر.. (أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [ المطففين : 4-6]4(4) انظر: موقع أنا المسلم..

هذه هي حقيقة الوطنية وملابسات نشأتها، وخطرها العظيم على عقيدة التوحيد والموالاة والمعادة فيه، فهل يسوغ بعد ذلك لأحد أن يرفع سيف الوطنية في وجه كل من يرفض أن يكون الوطن هو الأساس الذي يعقد عليه الولاء والبراء، بغض النظر عن عقائد هؤلاء المواطنين ونحلهم؟
هل يجوز أن تكون رابطة الوطن فوق رابطة التوحيد؟
وهل يجوز أن يتآخی ويتحاب الموحدون مع المشركين والكفار والمنافقين، ویسکت عن كفرهم ونفاقهم بحجة أنهم أبناء وطن واحد؟! وبحجة أن الانطلاق من التوحيد في الولاء والبراء يفرق الأمة ويذكي الفتن الطائفية فيها؟

إن هذا هو ما يدعو إليه العلمانيون والباطنيون ومن تأثر بهم من المخدوعين من أبناء المسلمين.

يقولون أن الوطنية تقضي على أشكال الطائفية

ومن شبهاتهم في تكريس الوطنية والترويج لها زعمهم أنها تقضي على أشكال الطائفية التي تفرق الناس على أساس الدين أو العرق أو اللون، ولدحض هذه الشبهة أقول وبالله التوفيق:

إن لفظ الطائفة ورد في كتاب الله عز وجل وفي السنة الصحيحة، وذلك في مواطن كثيرة، والذي يهمنا من ذلك: المعنيان الكبيران لمفهوم الطائفة الوارد ذكرها في الكتاب والسنة.

المعنى الأول: طائفة المؤمنين ويقابلهم طائفة الكفار

إن الله عز وجل أطلق على المؤمنين اسم الطائفة كما أطلق في مقابلها اسم الطائفة على الكافرين أو المنافقين، وذلك في قوله تعالى عن من آمن من قوم شعيب عليه السلام- ومن كفر منهم: (وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَّمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) [الأعراف :۸۷]، وكذلك قوله تعالى: (فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ) [الصف:۱4]، فسمى المؤمنين طائفة ويقابلهم طائفة الكفار الذين لم يؤمنوا، وليس بين هاتين الطائفتين التقاء ولا ولاء ولا محبة ولا نصرة، بل المتعين على طائفة المؤمنين البراءة من طوائف الكفر والنفاق، وبذل البغض والعداوة لهم، وجهادهم بالبيان والسنان كلا بحسبه حتى يكون الدين كله لله وحده، فطائفة المؤمنين في شق، وطائفة الكفار والمنافقين في شق آخر. ولا يجوز للمسلم أن يستحيي من استخدام هذا المصطلح (الطائفية)، بل عليه أن يغتبط ويعتز بأنه من طائفة المؤمنين، وأنه مفاصل و متبرئ من طوائف الكفر والنفاق.

إن الذين يتذرعون برفض الطائفية منطلقا باسم الوحدة الوطنية أو القومية أو الإنسانية يريدون التوصل بذلك إلى ما يسمونه بالتسامح ورفض عقيدة الولاء والبراء وشريعة الجهاد وتقديس الوطن، وجعل أبناء الوطن الواحد أو الإقليم الواحد إخوان ولو كان منهم اليهود والنصارى والمشركين والروافض الباطنيين والمنافقين. ويصفون الحروب التي تنشأ بين المؤمنين والكفار في بلد أو إقليم واحد بأنها فتنة طائفية وحروب أهلية، أما إنها طائفية فحق ونعتز بذلك، وأما أنها أهلية فلا لأن الكفار ليسوا من أهلنا. وقد تأثر بهذه الشبهات بعض أبناء المسلمين فراحوا يدافعون عن أنفسهم، وينفون أن يكونوا طائفيين، وما علموا أن حربنا مع الكفار والمنافقين جهادية طائفية، وليست حروبا أهلية، لأن الحروب الأهلية هي ما يحصل بين طوائف المؤمنين، كما سيتبين في الفقرة القادمة – إن شاء الله تعالى-.

أما الحروب التي تكون بين المؤمنين والكفار فإنها ليست أهلية، بل جهادية، لأن الكفار ليسوا أهلنا ولا من فئتنا، قال الله – عز وجل لنوح -عليه السلام- في ابنه من صلبه بعد أن أغرقه الله مع الكافرين: (يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) [هود:41].

المعنى الثاني: طوائف المؤمنين حسب مهماتهم أو أوصافهم

ورد ذكر الطائفة أيضا في القرآن ويراد منها طوائف المؤمنين حسب مهماتهم أو أوصافهم، لكنهم كلهم يشملهم وصف الإيمان، كما في قوله عز وجل: (إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عمران: 123]، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائف من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله»5(5) البخاري (3640).. وكل طوائف المسلمين يجب بذل الولاء والنصرة لهم كل بحسبه، فكل مسلم من أهل القبلة يجب بذل الولاء العام له، ولا ينتفي عنه مطلق الولاء إلا بخروجه عن الإسلام، ولكن الولاء يكون بحسب ما يكون عليه المسلم، فإذا كمل صفات المسلمين والمؤمنين والتزم بعقيدة أهل السنة والجماعة، فله بذلك الولاء المطلق، وإن أخل بشيء من ذلك كما هو الحال في طوائف البدع غير المكفرة، فله مطلق الولاء، يوالى بما فيه من الخير والاتباع، ويتبرأ مما يتلبس به من الفسق والبدعة، ولا يتبرأ منه من جميع الوجوه إلا إذا خرج عن ملة الإسلام.

وإذا كان الولاء يبذل لكل طوائف المسلمين، فإن القتال بينهم يكون محرما، لأنه قتال فتنة (إلا مع أهل البغاة). ويصدق على الحروب التي تكون بين المسلمين أنها أهلية يجب اجتنابها، والسعي في إخمادها، إلا في حالة قتال الصالحين من المسلمين كالبغاة والمحاربين.

وفي الختام نقول لمن يرفع سيف الوطنية ليسکت به أهل العلم الذين ينصحون للأمة، ويكشفون اللبس والتضليل عنها:

كفى بکم یا أدعياء الوطنية ابتزازا وتنطعا واستهلاكا لمصطلح الوطنية، فهي شنشنة نعرفها منكم، حيث تركبون هذا المصطلح؛ لتمرروا من خلاله أفكاركم ومخططاتکم، ولتستعدوا بها على أهل التوحيد الذين ينصحون للأمة والذين لا تنطلي عليهم مثل هذه الشعارات البراقة، لأنهم لا يرون شيئا فوق عقيدة التوحيد والولاء لها ولأهلها، ويرفضون دعوة تهميش التوحيد والولاء والبراء فيه، ويقدمون الولاء لله تعالى على كل اعتبار من وطن وقبيلة وطائفة، ويرون أن توحيد الأمة لا يكون إلا بالتوحيد وتطهيرها من الشرك، وإلا فهو الفشل والفرقة والفتن، قال الله تعالى: (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) [البقرة:217]. أي أن فتنة الشرك أكبر من فتنة الاقتتال.

الهوامش

(1) رواه أحمد في مسنده (20728)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (299).

(2) مجموع الفتاوی (422/28).

(3) رواه أحمد في مسنده (23489).

(4) انظر: موقع أنا المسلم.

(5) البخاري (3640).

اقرأ أيضا

صنم الوطنية

الوطنية .. طاغوت العصر

الآثار المترتبة على عبادة طاغوت “الوطنية”

نتائج مشروع الدول الوطنية (2-2)

 

التعليقات غير متاحة