المُروِّجون لسؤال غير الله ودعائه

حين تتبدّل المفاهيم ويُزيَّن الباطلُ للناس، من يملك الشجاعة ليكشف الحقيقة؟
هل الرحمة أن تُسكِت صوت التحذير أم أن تهدي التائهين إلى الصراط المستقيم؟

في زمن التباس الحق بالباطل، يتصدر المضلّلون بثوب الرفق، ويُسكت المخلصون بحجة السلامة من الفتنة. لكن وراء هذا السكون تنكسر معاني الدين، ويضيع جوهر الإخلاص الذي قامت عليه دعوة الأنبياء. هناك، تتكشف حقيقة الرحمة… ومن يستحق أن يُنعت بها فعلًا.

حقيقة الدين: الإخلاص لله وحده

قال الله عز وجل: ( ألا للهِ الدينُ الخالِص) [الزمر -٣]

((وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة – ٥]

وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ

ذلك وحده فقط هو الدينُ القيّم.

صنفان من المضلين

وكما أنّ أتباع الإلحاد والنّسويّة وعمل قوم لوط ونحوهم يحاربون الفِطرة والدين والعقلَ وكلَ ميزانِ حقٍ..

فإنّ المُروّجين لسؤال غير الله ودعائه والنذر له.. بأقوالهم وأفعالهم هم كذلك يحاربون الفطرة والدين والعقل..

أولئك مُضلُّون صادّون عن سبيل الله، وهؤلاء كذلك.

الرد على المدلسين: ضرورة البيان

يجب علينا بيانُ باطلهم وكشفُهم وفضحُهم بكل وضوح وصراحة.

وهم أوْلى بالبيان حيث يلوون ألسنتهم في الكلام ويذكرون شيئا من الآيات والأحاديث يُحرفون عن مواضعها ليحسب الجهلةُ أنهم على حق وأن لديهم حُججا وأن معهم جماهير أهل العلم، ويُظهرون الشفقة على الخلق وأنهم يُحبون الخير للناس، و يستخفّون بمن يناقشهم أو ينصحهم

وهُم واللهِ قُطّاع طرق، يصدون عن سبيل الله..

ولا أعلم شيئا أولى بالرد والبيان والتفصيل من أمر (إخلاص الدين لله) الذي هو الحقُ الذي خلق الله له السموات والأرض وما بينهما..أن يكون الدينُ كله لله، وليس بعضُه له وبعضُه لشركائهم!

أيحتاجُ النهارُ إلى دليل؟

أيتبجّجُ أولئك السفهاء الجهلةُ المُضلّون ببدعهم وشِركهم وينشطون في الدعوة إليه جهارا قولا وفعلا..

ثم يكسل الثقاتُ من طلبة العلم أو يخافون من الرد عليهم، ويخشون من ألسنة سفهائهم؟

أو نجد من يقول: لا ترد عليهم.. لا تشغلوا الناس بذلك، هؤلاء أيضا عندهم شيء من النفع في باب آخر… الخ

هل هذا كلام؟ أيُّ نفعٍ هذا وهم مُضلُّون يصرفون الناس عن أخص ما في الإسلام؟!

وما معنى أن يكون بعضُهم له كم فيديو في الرد على علماني أو ملحد.. وهو نفسُه يُروجُ لسؤال غير الله ويُطمئِنُ فاعليه: .. اطمئنوا .. أنتم على هدى وخير.. لا تسمعوا لمن يقول لكم: لا تسألوا غير الله.. هؤلاء لا يحبون لكم الخير..

اسمعوا كلامي أنا.. عادي إنك تسأل غير الله وتدعوه من دون الله وتصمُد إليه في حوائجك وتتبرّك بقبره… عادي… ينفع على فكرة على الأقل من باب المجاز.. دي دقائق علمية لا يتفطّن لها إلا الخواص!

ويقولون: هذه ليست من العبادات..يعني الدعاء والسؤال وطلب الحوائج.. ليست من العبادات فجائزٌ أن تصرفوها لغير الله.. عادي صدّقوني!

أليس هذا إلحادا في دين الله؟

بل هو أعظم إلحاد..فالذي ينفي عن الله أنه الإله الواحد، ويجعل له شريكا يُدعى ويُصمَد إليه ويُسأل وتُطلب الحوائج عنده هو مُلحِد في دين الله أيضا.

بل هذا هو عينُ الشرك الذي بُعث جميع المرسلين لنقضه ورَدّ الناس إلى الفطرة وإخلاص الدين لله الواحد.

شمّاعة “التكفير”: سلاح المضلين.

ثم يستعملون لك شمّاعة (التكفير).. إلحق هيكفروك.. إلحق..

احنا بنحب لكم الخير وخايفين عليكو.. بس الوحشين الخوارج بيكفروكو!

واللهِ إن أولئك المُضلين كذّابون ومجرمون ومُدلّسون..يُخوّفون الناس بـ (بُعبُع التكفير).

وهم يعلمون يقينا أنّنا من أكثر من يحتاط في ذلك ويلتمس الأعذار، وأن غرضَنا مِن ذلك ليس الحكم على مُعينٍ بالكفر والشرك، بل بيانُ أن فعله هذا أو قوله شركٌ، يجب أن يستغفر اللهَ منه ويتوب، وأنه يجب أن يعتصم بالله وحده ويعبده وحده، وأننا بحمد الله عندنا من العلم بالله والرحمة بالخلق أعظم ما عندهم.

الرحمة المزيفة مقابل النصيحة الصادقة

ولو كان عندهم رحمةٌ بالناس لدلُّوهم على أسباب الرحمة، وأعظمُها -بل أصلُها- أن يكون الدينُ كلُّه لله وحده لا شريك له.

وهو واللهِ أعظم ما قدّمه مُحّبٌّ لحبيبه.

وهي دعوة نوح عليه السلامُ  لابنه وإبراهيمَ  عليه السلام لأبيه ورسولُ الله ﷺ خيرُ الناس للناس

ودعا عمّه حبيبه أبا طالب عند وفاتِه : [أيْ عَمِّ، قُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لكَ بهَا عِنْدَ اللَّهِ]

وسيبقى إلى يوم الدين خيرُ الناس للناس مَن كان كذلك.

فأيُّ الفريقين أحقُّ أن يُوصف بالرحمة بالناس: من اهتمّ بهم ونهاهم عمّا يُسخِط الله ودلَّهم على ما يُرضيه، أم مَن ثبّتهم على ضلالهم واستدل له وناضَل في سبيل إبقائهم على ضلالهم؟!

ولا أدري واللهِ كيف لمسلم بل لعاقلٍ أن يُصدقهم في ذلك أو يتّبعهم فضلا عن أن يراهم هُداةً مهتدين.. كيف؟

التعلق بالشبهات وترك المحكمات

إن أكثرُ ما يُقويني بحمد الله في بيان باطلهم : علمي بأنهم دجّالون مجرمون يلفون ويدورون ويلتمسون أدنى شُبهة لإضلال الناس، وترويج البدع والمُحدثات والشرك، ويُناضلون فيه، ويتركون المُحكمات البيّنات التي هي أصلُ الدين كله من إخلاصه لله وجعْل كل عبادة ودعاء وسؤال ونحوه لله وحده لا شريك له.

ثم يتعلقون بشُبهة أو قول أو فعل لمَن لا يُحتج به ولا يزنُ في مقام الحُجة خردلة، وأمامَهم الهدى البيّن في القرآن، وصدق اللهُ: ( وَإِن یَرَوۡا۟ كُلَّ ءَایَةࣲ لَّا یُؤۡمِنُوا۟ بِهَا وَإِن یَرَوۡا۟ سَبِیلَ ٱلرُّشۡدِ لَا یَتَّخِذُوهُ سَبِیلࣰا وَإِن یَرَوۡا۟ سَبِیلَ ٱلۡغَیِّ یَتَّخِذُوهُ سَبِیلࣰاۚ) [الأعراف -١٤٦].

ويُقويني أيضا علمي بالله أنه:

  • لا يُصلح عمل المفسدين ولا يهدي كيد الخائنين، ولا يُحب الفساد.
  •  وأنه لا يُفلح الساحر حيث أتى.
  • ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
  • وأن الله مع من دعا إلى سبيله يهدي وينصر.

صرخة صادقة إلى متبعي الحق: ميزوا بين الداعي والضال

لا أكتب هذا الكلام لأكابر المجرمين المروجين لهذا الباطل ، فأولئك إذ لم ينفعهم ما في القرآن والسُنة من الآيات البينات والحُجج والواضحات فلا ينفعُهم كلامي.

إنما أكتبُه لمتابعي هذا الوسائل: إن هذا العلمَ دينٌ فانظروا عمّن تأخذون دينكم..

فاللهم إني أسألُك أن تُخزي كل من أضلّ الناسَ عن سبيلك وتفضحه حتى لا يُفتن به أحدٌ.

وأسألك أن تهدي وتنصر من يدلّ الناس على إخلاص الدين لك وحدك.

وأفرِغ علينا صبرا وتوفّنا مسلمين

المصدر

صفحة الشيخ حسين عبد الرازق، على منصة ميتا.

اقرأ أيضا

تقريرات واجبة لمواجهة ظاهرة الإلحاد

من وسائل الغزاة في بث شبهاتهم وأباطيلهم

وسائل دفع الشبهات

التعليقات غير متاحة