جعجعات الإيرانيين عن العداء مع أمريكا والصهاينة لم يكن حقيقيا يوما ما؛ بل كان للابتزاز والصراع على المكاسب. لكن كل منهما يعرف حدوده وقواعد اللعبة..! بينما يغفل المسلمون عن ذلك ويخسرون.
الخبر
“قال تقرير لمحرر الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس”، “تسيفي برئيل”، إنه على ضوء التقارير المختلفة عن شن دولة الاحتلال الإسرائيلي غارات استهدفت مواقع إيرانية في العراق، فإن ملف العراق ودوره في الصراع بين إسرائيل وإيران، بات يثير تساؤلات تتعلق بمدى إمكانية أن يكون العراق ساحة جديدة، على غرار سورية، تهاجم من خلالها إسرائيل النفوذ والتموضع العسكري الإيراني في المنطقة، أم يتحول لنقطة للتعاون السري بين إسرائيل ودول عربية في المنطقة؟
وبحسب التقرير، فإن الرسائل التي تبثها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، في وسائل الإعلام المختلفة عبر تقارير تطرح السؤالين أعلاه: هل العراق هي جبهة جديدة تخوضها إسرائيل في الحرب ضد إيران، وفقا للتقارير التي تسربها الاستخبارات الإسرائيلية؟ أم أن العراق وعلى العكس من التسريبات المذكورة، هي دولة حليفة سرية، حتى لو لم تشارك في الحرب ضد إيران، فإنها لا تعرقل العمليات الأجنبية، الإسرائيلية والأميركية أو السعودية، في إدارة هذه الدول لحربها ضد إيران على الأراضي العراقية.
ونقل “برئيل”، في هذا السياق، عن مصادر دبلوماسية أوروبية أن ممثلين عن إسرائيل يعقدون منذ فترة لقاءات سرية مع شخصيات في الحكومة العراقية، وأن بعض هذه اللقاءات عُقدت في إسرائيل.
وأوضح برئيل في تقريره أن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، كان قد قام بزيارة عاجلة لبغداد في مايو/ أيار الماضي، وحذر الحكومة العراقية من مواصلة نقل ونصب صواريخ إيرانية بعيدة المدى من طراز “زلزال” و”الفاتح” في المناطق الشمالية للعراق، بما يشكل خطرا على أمن دولة الاحتلال. وبين التقرير أن إسرائيل كانت زودت بومبيو بصور جوية للصواريخ الباليستية ومواقع إطلاقها”. (1العربي الجديد، 2/8/2019، على الرابط:
“هآرتس”: مسؤولون عراقيون أجروا اتصالات مع إسرائيل)
التعليق
يعتبر العراق الآن تحت السيطرة الإيرانية الأمريكية المشتركة، وهو محل تفاهم وتواصل بينهما. وتمثل الأحزاب الشيعية الأفاعي التي تحركها إيران لتحقيق المجازر الطائفية ضد أهل السنة. وقد سقط ما يدّعونه من العروبة والقومية إذ يسكن البصرة حاليا كثير ممن لا يتكلم العربية وفي المدن الجنوبية الكثير من الإيرانيين الذين تم دخولهم الى العراق بُعيد الغزو الأمريكي، وتم تجنيسهم بالجنسية العراقية إذ إن شيعة العراق هم من أمسكوا بزمام الدولة ومؤسساتها فسهلوا للإيرانيين الدخول والتجنس ليساعدوا ـ مع المجازر العرقية ـ في تغيير التركيبة السكانية لصالح الشيعة متجاوزين بذلك “العروبة” و”الوطنية” المزعومة، ولتنفيذ المذابح لأهل السنة واستضعافهم، ولقطع الطريق علىيهم للمطالبة بحقوقهم ولعودتهم الى مؤسسات الدولة.
استعان الشيعة بالصليبيين الأمريكيين واستعان بهم الأمريكيون ووعدوهم بالمساعدة وبتغيير تركيبة الجيش لصالحهم. وبعد تفكيك الجيش العراقي وحله، ومع استعراض الجيش الجديد الطائفي المنزع والهوى؛ ذي التركيبة الشيعية؛ أشار “بول بريمر” الحاكم الأمريكي للعراق بعد الغزو لأحد قادة الشيعة عند مرور أول فيلق للجيش العراقي، وهو شيعي المذهب قائلا له: “هذا ما وعدناكم به، وقد وفينا بوعدنا”.
كان الأمر ترتيبا شيعيا ـ عراقيا إيرانيا ـ مع الأمريكيين.
وفي مواجهتهم لتنظيم الدولة، كان الطيران الأمريكي ينسق مع الفيالق الشيعية ـ العراقية والإيرانية ـ قبل دخولهم الى المدن السنية.
وفي تهديدهم لبلاد الحرمين يستخدمون نفس المكون الشيعي بالإشراف والتدريب الإيراني، وبالقيادة الإيرانية، وبالعناصر المشتركة؛ للتهديد باجتياح بلاد الحرمين.
في كل هذا لم يرد ذكر الصهاينة في فلسطين ولا تهديدهم، إلا معارك كلامية تغاير الخطط والتحركات على الأرض. مع القطع أن التنسيق الإيراني العراقي مع الأمريكيين يمر عبر بوابة الرضا الصهيوني؛ وإلا لو وجد الأمريكيون في إيران وشيعتها، وفي شيعة العراق في شكله بعد الغزو؛ أي تهديد للكيان الصهيوني الغاصب لتغير مجرى التحالفات ولما استمر التنسيق بينهما.
واليوم عندما ترى التنسيق بما لا يمثل تهديدا إطلاقا للصهاينة لاستجلاب رضاهم وتوصيل رسائل الطمأنه؛ فاعلم أن هذا ليس شأنا عراقيا بحتا..! وإلا كانت السذاجة أخذت مجراها فيمن يقرأ هذه القراءة.
إن هذا التنسيق لم يغب عنه الإيرانيون من خلال المندوين العراقيين “الرافضة” المنتمين الى الهوى الإيراني ومشروعها الذي يهدد باجتياح بلاد الحرمين واليمن وسوريا ولبنان؛ وإفريقيا؛ باستثناء الكيان الصهيويني..! فنصيبه الشتم والتهديد على الورق وتأمينه على أرض الواقع، وإبادة من يهدده تهديدا حقيقيا أو احتواؤه. إذن لا يغرنك لافتات “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل” فإنه لم يجد الموت إلا أهل السنة الذين وصل الحقد الرافضي ضدهم الى أن أكل بعضهم من قلب أحد قتلاهم..!
لم تغب إيران عن المشهد، ويجب الالتفات جيدا؛ فساحة العراق هي ساحة للتعاون الصهيوني الإيراني، ولإثبات حسن النوايا تجاه بعضهما تحت الرعاية الأمريكية، وللاتفاق على العدو المسلم المشترك لكسر شوكة ما تبقى من قوة في الأمة، ولو كان الباقي من قوة الأمة هو وحدة بعض القطاعات الجغرافية للمسلمين؛ من أجل التفتيت والتجزئة وإنهاك القوى لضمان خروجهم التام من الصراع مع الغرب وأذنابه الصهاينة.
خاتمة
ليس هناك ما يمثل تهديدا للغرب والصهاينة إلا العدو الحقيقي لهما الذي كسر شوكتهم وأذلهم عبر عشرة قرون؛ والذي أقام الإسلام ونشره، وأعزه وخدمه علما وعملا، وجهادا ومُلكا.
إن أهل السنة لا يمثلون “طائفة” ولا يتعاملون بمنطق “الطائفة” بل إنهم “الأمة” ويتعاملون بمنطق “الأمة”. وفي هذا السياق استوعبوا وجود الانحرافات الفكرية مثل الرافضة وغيرهم، وواجهوهم بما يليق ولم يكن منهم المجازر العرقية كما فعل الصفويون.
ولكن ينبغي أيضا تقرير ومعرفة أن “العلمانيين” المتحكمين في المسلمين لا يمثلون لا الإسلام ولا أهل السنة فضلا عن أن يمثلوا أمة الإسلام. ومواجهة هؤلاء بشيعة إيران ومواقفهم هي معادلة مزورة.
إن خيانة الرافضة لم تكن وحدها؛ بل رافقها خيانة الأنظمة العلمانية الجاثمة على بلاد أهل السنة؛ فأظلمتها وأهانتها وأهدتها للعدو.
يجب أن نعرف أن من يمثل “الأمة” من قيادات أو تيارات أو جماعات أ غيرها؛ غائبون عن المشهد ومغيبون ومحارَبون؛ يبحثون عن أمتهم وتبحث عنهم؛ لتخرج بهم من هذه الغيبوبة ومن هذه المعادلات المعوجة والأوضاع المهترئة. والله غالب على أمره. سيجعل الله بعد عسر يسرا.
…………………………………..
هوامش:
- العربي الجديد، 2/8/2019، على الرابط:
“هآرتس”: مسؤولون عراقيون أجروا اتصالات مع إسرائيل