الوثنية مستمرة، حتى تطوف نساء دوس حول “ذي الخَلَصة” .. وهي ما زالت موجودة صريحة مثل “بوذا” وأخواته، ثم الزعماء، والشهوات، والوحل الغربي، وزعماء الشرق الحزين.

الخبر

“تواجه أُمٌ كورية شمالية تهديدات جدية بالسجن بعد إنقاذها طفليها من حريق اندلع بالمنزل، وترْك صور قادة كوريا الشمالية تحترق.

وتم التحقيق مع الأم من قبل وزارة “أمن الدولة” بعد اندلاع حريق في منزل تشترك فيه عائلتان في محافظة “أونسونغ” بمقاطعة شمال “هامجيونغ” بالقرب من الحدود الصينية، بحسب ما ذكرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.

وإذا ثبتت إدانتها، ستواجه الأم عقوبة سجن مطولة مع الأشغال الشاقة، ونتيجة للتحقيق، لا يمكن لها أن تصطحب طفليها إلى المستشفى ولا أن تحصل على العلاج الضروري لحروقهما.

ويخشى جيران الأسرة المساعدة خوفا من اتهامهم بارتكاب جريمة سياسية.

وتطالب كوريا الشمالية بأن تعلق في كل منزل الصور الشخصية للزعماء السابقين، كيم إيل سونغ وكيم جونغ إيل، ويتم إرسال مفتشين للتأكد من قيامهم بذلك.

وفقا للقوانين يجب أن تعامل جميع صور العائلة الحاكمة بنفس تقديس الرجال أنفسهم، بمعنى أن الفشل في رعاية الصور بشكل صحيح يعد جريمة خطيرة”. (1موقع روسيا اليوم، RT)، 10/1/2020)، على الرابط:
كوريا الشمالية.. أم تواجه السجن بعد أن أنقذت طفليها من حريق وتركت صور “الزعماء”!
)

التعليق

كم تحتوي الأخبار على آلام ومَذلة، وكم تشير الى ما تخفيه وراءها من أحوال لم تُذكر تفصيلاتها، ولا داعي لذكر تفصيلاتها ففيما ذُكر دلالات على ما تحته..!

وما من وثنية إلا ويدفع الناس فيها فوق ما يتصورون؛ يدفعون من أموالهم عبَثا، ويدفعون من مشاعرهم خوفا وحبا ورجاء وطمعا، في عبث وباطل ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ (الرعد: 14)، ويدفعون فيها من دمائهم وبل وأبنائهم ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ﴾ (الأنعام: 140).

والوثنية السياسية ـ والتي هذه صورة منها ـ هي وثنية حقيقة وكاملة؛ تعلُّق بغير الله ودورانٌ حول قطبٍ باطل ومرادٍ لا حقيقة له.

والوثنية السياسية المعاصرة لا تقتصر على بيئة “كوريا الشمالية” فقط؛ بل هي الصورة الراهنة للعالَم؛ فقريب منها حالة الناس وخوفهم في روسيا وأوضح منها في الصين؛ ومعتقلاتها وإهانتها للإنسان، وخوف أي إنسان أن يتكلم أو ينتقد ما يرى من ظلم أو باطل؛ فهي عبودية ووثنية.

وعبودية “الآلة” و”الإنتاج” وعبودية “الشهوة” و”الجنس” و”الشذوذ” في الغرب .. هذه كلها عبوديات ووثنية ناعمة يشعر أصحابها ـ كذبا ـ بحرياتهم؛ ولا يعلمون أن من يقود بلادهم يضع لهم ممنوعات وسياجا لحرياتهم بحيث لا يتعدّون بها حرية الإلحاد والتحلل الأخلاقي؛ فثمة شركات متعددة الجنسيات ورؤوس أموال صهيونية تحدد لهم أنماط الاستهلاك وحدود الحرية، وفي داخلها حدود العقائد والأخلاق.

وعبودية مماثلة في بلاد الخوف العربية والإسلامية وهي ترهق الناس بالعبودية للزعماء والطواغيت يتقلبون بين الخوف من الموت والسجون والتعذيب وقصص مؤلمة يرونها وتُعرض عليهم، أو خرابٍ لبلادهم وتهجير وشتاتٍ يرونه في بعض بلادهم، أو قتل وحرق في مساجدهم..الخ، وبين شهوات معروضة ينالونها بقرابين وثنية بالتأييد والهتاف للطغاة يشترط فيها أن يلغي الناس عقولهم ولا يفكرون ولا ينتقدون ولا يقولون على السفاهة أنها سفاهة، ولا على الخطأ أنه خطأ، ولا على الضلال أنه كذلك.

المطلوب في الوثنيات كلها إلغاء العقول وانحراف القلوب وتعلقها بغير الله رغبةً ورهبةً وطاعةً ورجاءًا. المطلوب إخراج مسخ بشري يبحث عن صور الزعيم في كوريا قبل أولاده، ويبحث عن شهوته في أوروبا قبل أولاده وأسرته وعقيدته، ويتحسس رقبته في الصين وروسيا، ويتحسس رضا الزعيم واتجاهات “الدولة” و”الحزب” في الجمهوريات العربية والإسلامية وأوروبا الشرقية، كما يتحسس شهوات ونزوات “وليّ الأمر” وميوله ونزعاته، قبل أن يبحث عن رضا ربه والوفاء بعقيدته ودينه في الممالك العربية.

أين الحرية..؟

لكن الإسلام هو دين التوحيد..دين التحرر من شتى العبوديات؛ غليظة كانت أو ناعمة.. صريحة أو مستترة .. مباشرة أو خادعة. يقدم عبودية المرء لله على كل شيء، وهذا يستلزم عزة المسلم وتحرره وميلاده من جديد ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ (الأنعام: 122) ثم تقرير ضرورات الإنسان وتقرير حاجياته ثم تحسينيات الحياة والدين.

ويقرر أن الحكام إنما يتولون أمور المسلمين بعقدٍ بينهم وبين الأمة، ليقوموا بمهام يعينها لهم الشرع لا ليستعبدوا الناس.

ويقرر للناس أن الألوهة والتعبد إنما يجب أن تُصرف لله تعالى، ويقرِر رقيّ الإنسان وتحرره وسموّه وهو يعبد الله وحده لايعبد سواه؛ فالإنسان بطبعه “عابد”؛ إما لله تعالى وإما لسواه.

حتى أن أعظم الناس تعطيلا وإنكارا للإله هوأعظم الناس شركا؛ ولهذا ففرعون كان معبودا وجاحدا للربوبية، وهو في الوقت نفسه كان أعظم الناس إشراكا ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ﴾ (الأعراف: 127)، ﴿تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ﴾ (غافر: 42).

أما الإسلام فقاعدته وعنوانه: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ (النساء: 125).

خاتمة

إن الإسلام رحمة للبشرية وإنقاذ لها لو يعقلون. ولهذا فجريمة الطغاة بالطغيان تقترن بها على وجه اللزوم الصد عن سبيل الله ومنع الناس عن الإسلام ومنعه عنهم. ومن هنا تعرف دور الجهاد ودور الدعوة ودور هذه الأمة ووظيفتها بين البشرية. وتعرف معنى إزالة الطواغيت والحواجز دون انتشار هذا الدين، وتعرف معنى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (الأنفال: 39)

ولهذا فريثما تتحرر الأمة نفسها من الطغيان ومن المجرمين؛ وإلا وتنطلق لتحرر البشرية الظامئة للخير والحرية، وللسمو والرقي.

قد يراه المجرمون بعيدا لكن يراه المؤمنون قريبا إن شاء الله.

………………………………

هوامش:

  1. موقع روسيا اليوم، RT) ،10/1/2020)، على الرابط:
    كوريا الشمالية.. أم تواجه السجن بعد أن أنقذت طفليها من حريق وتركت صور “الزعماء”!

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة