بدون تصحيح وتوضيح المفاهيم ينقلب الحق باطلًا والباطل حقًا ومفهوم التطبيع من أهم هذه المفاهيم التي يجب أن يعيها المسلمون .

ما هو التطبيع؟

هو التعامل السلمي الكامل مع الكيان الصهيوني بشكل يتضمن الاعتراف بسيادته الدائمة على أرض فلسطين، ويجرم مقاومته، ويزيل مشاعر الإنكار والرفض لوجوده، ويمنحه حرية الدخول ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا في البلاد الإسلامية.

هل لليهود حق في أرض فلسطين؟

بطلان الحق التاريخى لليهود فى فاسطين

يجب أن نعلم أولا أن ميزان الأحقية في الأرض (من منظور القرآن) هو عبادة الله تعالى واتباع شرعه، فمن كان قائما بشرع الله فهو أحق بأرض الله ممن كفر بالله. قال الله تعالى: (إِنَّ ٱلۡأَرۡضَ لِلَّهِ یُورِثُهَا مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِ) (الاعراف128) وبناء على ذلك: كان بنو إسرائيل أحق بفلسطين من (الجبارين) الذين سبقوهم إليها تاريخيا، وذلك لما كان بنو إسرائيل على الدين الحق، وحينئذ قال لهم موسى: (یَـٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِی كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ )،(المائدة 21) فلما كفر بنو إسرائيل بالله تعالى وبرسله لم يعد لهم أحقية في هذه الأرض، فالله تعالى ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب.

لو كان استحقاق الأرض مبنيا على السبق التاريخي فقط لما كان لبني إسرائيل حق في فلسطين؛ لأنهم مسبوقون إليها بأمم أخرى، كالكنعانيين.

دعوى الحق التاريخي لليهود في فلسطين مبنية على أساس أن يهود اليوم من نسل إسرائيل، وهذا الأساس لا صحة له، فمن المعلوم في الدراسات التاريخية والأنثروبولوجية أن يهود اليوم تجمع ديني، يعود إلى أعراق وأجناس مختلفة، لا يجمعها سوى رابطة الدين المحرف؛ فبلادهم هي البلاد التي قدموا منها، ولا وجه لأحقيتهم في فلسطين.

هل توجد أدلة من الكتاب والسنة علي جواز التطبيع ؟

هناك من يستدل بأدلة من الكتاب والسنة على جواز التطبيع، مثل قول الله تعالى: (وَإِن جَنَحُوا۟ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ)، (الانفال 61) وأن النبي ﷺ صالح اليهود في المدينة، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي!

لا دلالة في فعل النبي ﷺ على جواز التطبيع.

فاليهود الذين صالحهم النبي ﷺ لم يغتصبوا أرضًا للمسلمين، بخلاف اليهود المغتصِبين الذين يزداد بغيهم يوما بعد يوم، واستيلاؤهم وتهجيرهم للمسلمين. والنبي ﷺ لما صالح اليهود كانوا تحت سلطان الإسلام وحكمه العادل، بخلاف التطبيع فهو إقرار لسلطة اليهود على الأرض الإسلامية.

ولما صالحهم النبي ﷺ اشترط الشروط التي تضمن سلامة المسلمين من شرهم، وحين بدا منهم نقض العهد قاتلهم النبي ﷺ وأخرجهم، والتطبيع بعكس ذلك تماما، فشروطه الأساسية تتضمن تمكينهم من الإضرار بالمسلمين، من خلال الدخول الثقافي والاجتماعي داخل الشعوب المسلمة، بما يتيح لهم نشر فسادهم، وإزالة مشاعر البراء منهم، فضلا عن استمرارهم في الاستيلاء على الأراضي الإسلامية والإضرار بأهلها.

هل التطبيع صورة من صور الصلح ؟

أفتى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – بجواز الصلح مع اليهود، وهناك من يستند إلى هذه الفتوى في تسويغ التطبيع..

التطبيع أمر آخر غير الصلح.

الصلح عبارة عن وقف قتال العدو المحتل وقفا مؤقتا إذا رأى المسلمون المصلحة في ذلك، إلى حين القدرة على مقاومته، وأما التطبيع فهو سلام أبدي، يعترف فيه المطبِّع بحق العدو الدائم في الأرض، ويُجرّم جميع صور مقاومته، ويتعامل مع المحتل تعاملا سلميا كاملا، ويتعامل مع إخوانه المسلمين المجاهدين بصفتهم إرهابيين يجب عليه المشاركة في محاربتهم، كما تنص على ذلك بنود اتفاقيات التطبيع.

والصلح من شروطه: أن يكون محققا لمصلحة المسلمين، وأما التطبيع فالمصلحة فيه للعدوّ المحتل، وليس فيه مصلحة للمسلمين تذكر مقابل أضراره ومفاسده.

والصلح يكون بين دولتين بينهما حرب قائمة بالفعل، بخلاف التطبيع فيكون بين اليهود وبين دول لا حرب بينها وبينهم أصلا، بل لا حدود بينهما. إلى غير ذلك من الفروق.

وفتوى الشيخ ابن باز (رحمه الله) خاصة بجواز الصلح المؤقت عند عجز المسلمين عن مقاومة عدوهم 1[انظر مجموع فتاويه 215  / ۸ ]، أما التطبيع ومخرجاته ومظاهره فله فتاوی متعددة في تحريمها وإنكارها ويمكن مراجعة فتاويه. 2( 1/274، 2/173 ،178 ،3/438 ، 8/190 ) وغيرها

ما مضار التطبيع على المسلمين؟

نهى الله لنا عن موالاة اليهود والنصارى

للتطبيع مضار كثيرة منها:

  • إضفاء الشرعية على كيان اليهود وتثبيت أركانه واستبقاء وجوده محلياً ودولياً.
  • إزالة مشاعر البراء من الكافر وبغضه، وكسر الحاجز النفسي بين المسلمين واليهود ، والله تعالى يقول: (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ) ( المائدة ٥١).
  • التخلي عن مبدأ الجهاد ، واعتبار المقاومة (إرهاباً)، ويترتب على ذلك: وجوب التعاون في القضاء عليه، وتوظيف الدول المطبّعة لتكون أدوات في يد الاحتلال لتحقيق ذلك.
  • التفريط في المقدسات الإسلامية.
  • فتح الأبواب أمام اليهود لنشر فسادهم الديني والأخلاقي والاقتصادي في بلاد المسلمين، والنفوذ إلى داخل الشعوب المسلمة، من خلال التطبيع الثقافي والاجتماعي والإعلامي، وتسهيل تجسّسهم على المسلمين، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: (وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا). (المائدة ٣٣).
  • إعانة اليهود الغاصبين على التفرّغ لتنفيذ مخططاتهم، وتعزيز اقتصادهم، وإكمال بناء المستوطنات، وتهجير اليهود إلى فلسطين.
  • الهزيمة النفسية، وتغيير العقيدة العسكرية والأمنية للأمة، والإقرار بتفوق العدو.

وبهذا يتبين جلياً أن المصطلح الشرعي للتطبيع هو: (موالاة اليهود)، فهذه هي التسمية الشرعية له.

ماذا يجب علي أن أفعل تجاه التطبيع؟

المساهمة في بناء الوعي، وعلى سبيل الخصوص:

  • الوعي بعقيدة الحُبّ في الله والبغض في الله تعالى (الولاء والبراء).
  • الوعي بطبيعة اليهود وحقيقتهم ونقضهم الدائم للعهود (كما بيّنتها آيات القرآن، وكما نطقت به شواهد التاريخ الحاضر والقديم، لا كما يريد اليهود إشاعته).
  • الوعي بحقيقة التطبيع وحكمه الشرعي.

حسن الظن بالله تعالى، والثقة بوعده في قوله سبحانه: (وَكَانَ حَقًّا عَلَیۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ) ( الروم ٤٧)، والإيمان بوعد نبينا محمد ﷺ حيث يقول: « لتقاتُلن اليهود فلتقتُلُنهم، ، حتى يقول الحجر: یا مسلم. هذا يهودي فتعال فاقتله!» [ صحيح مسلم ٢٩٢١ ] , وأن ما يحصل اليوم من مكر وكيد فإن مكر الله  بهم أشد وأكبر؛ قال الله تعالى: (ٱسۡتِكۡبَارا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَكۡرَ ٱلسَّیِّىِٕۚ وَلَا یَحِیقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّیِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ فَهَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلۡأَوَّلِینَۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلاۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحۡوِیلًا) ( فاطر ٤٣).

تحقيق التوحيد، والتمسك بالسنة، والاعتصام بالله ، والحب في الله والبغض في الله.

هوامش :

  1. [انظر مجموع فتاويه 215  / ۸ ].
  2. ( 1/274، 2/173 ،178 ،3/438 ، 8/190 ) وغيرها.

إقرأ أيضًا :

التعليقات غير متاحة