عندما تنحرف القيادات السياسية للمسلمين يتبعها الإعلام الذي يقوم بمهمة تغيير عقول الأمة وتهيئتها لقبول مخاطر جمة وضياع للمستقبل.

الخبر

جاء على موقع “العربي الجديد”، تحت عنوان (في ذكرى النكبة… رئيس تحرير صحيفة سعودية يدعو لـ”الانفتاح على صفقة القرن”)

“حثّ رئيس تحرير صحيفة “عرب نيوز” السعودية الصادرة باللغة الإنكليزيّة، والتي يملكها تركي آل سعود، وهو أحد أبناء الملك سلمان، الفلسطينيين، على ما سماه “الانفتاح” تجاه الإملاءات الأميركيّة لتصفية القضيّة الفلسطينيّة المعروفة إعلامياً باسم “صفقة القرن”، أو “خطة جاريد كوشنر للشرق الأوسط”.

وكتب فيصل عباس مقالاً افتتاحياً وصفه كثيرون بأنه “وقح”، نُشر أمس الثلاثاء على الموقع الإلكتروني، بعنوان “بصيص من الأمل بينما نتذكّر النكبة”، اعتبر فيه أنّ خطة كوشنر “قد تعكس الوضع وتجعل السلام أكثر إمكانيّة، في ظلّ أنّ أوراق اللعب كلّها ضدّ الفلسطينيين”.

وقال عباس إن الفلسطينيين الذين يحيون ذكرى تهجيرهم من أرضهم على أيدي العصابات الصهيونية، ويخرجون بمسيرات مليونيّة للعودة، فيقتلهم الاحتلال ويصيبهم أمام مرأى العالم، إنّ “الوقت قد حان للتفكير خارج الصندوق، وعلى الفلسطينيين أن يظهروا جدية في التفاوض، ثم يأخذون كل ما يمكنهم من تأمين دولة قومية للأجيال القادمة”.
وأضاف “لقد رفض المتهكمون بالفعل خطة “كوشنر” للسلام، على الرغم من أنهم لم يعرفوا شيئاً عنها، لكنها قد تكون الفرصة الأخيرة الأفضل للفلسطينيين لدولتهم”.

وتابع

“أن خطة كوشنر ستتطلب تضحيات مؤلمة من كلا الجانبين”.

وعن دور حكام بلاد الحرمين

“ونقل عباس في مقاله عن مصدر سعودي قوله إن “المملكة وحدها، موطن الحرمين الشريفين، هي التي تستطيع إقناع الدول العربية والإسلامية بدعم العرض بمجرد موافقة الفلسطينيين عليه”.

تنوع المواقف على وسائل التواصل

“وكانت لافتة ردود الفعل على مقالة عباس عبر “تويتر”، والتي كانت ساخرةً من البروباغندا الإسرائيليّة – الأميركيّة التي روّج لها عباس. وفيما يذهب مغرّدون سعوديون إلى السخرية من فلسطين والقضية الفلسطينية، نتيجة تعبئة إعلاميّة وسياسية مركّزة، يُشدد ناشطون عرب على ضرورة رفض الخطط التي تروّج للسلام مع الاحتلال وخيانة القضية الفلسطينية”.

تكاتف مواقع وصحف، وتوالي زيارات

“وقبل “عرب نيوز”، دأب موقع “إيلاف” السعودي على نشر محتوى تطبيعي، من بينه مقابلة صحافية مع الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) تمير باردو في أغسطس/آب 2018 الماضي.

كما نشرت مقالة للمتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

كما أجرت الصحيفة نفسها، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عبر المراسل مجدي الحلبي، مقابلة مع رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت.

كما روّجت قناة “العربية” لرواية الاحتلال في فيلم من جزأين بعنوان “النكبة” العام الماضي، تطرق إلى ظروف نشأة كيان الاحتلال على أرض فلسطين وفق الرواية الصهيونية، متحدثاً عن “نكبة اليهود” التي اضطرتهم لإقامة وطن لهم في فلسطين.

كذلك راجت زيارات مسؤولين إسرائيليين سياسيين وإعلاميين ورياضيين إلى بلدان خليجية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال. (1موقع “العربي الجديد” بتاريخ 15/5/2019، على الرابط:
(في ذكرى النكبة… رئيس تحرير صحيفة سعودية يدعو لـ”الانفتاح على صفقة القرن
)

التعليق

1) إننا ندق أجراس إنذار للمسلمين في بلادنا؛ فالإعلام عندنا لا يعمل من بُنيات أفكاره؛ بل يعمل كإنعكاس لتوجه الساسة. فليس ثمة إعلام عام يصل الى الملايين يعمل من ثوابت عقدية ورؤية مستقلة.

والتلاعب بالثوابت أمر خطير، وأمن قومي للمسلمين ـ بالتعبير المعاصر ـ فاستقرار العقائد ومعرفة الحدود مع العدو، وتميز الأمة واستقلالية مواقفها؛ أمر محوري في حياة الأمة.

كما أن رفض المذلة وإباء الضيم واستعلاء الأمة على عدوها؛ أمر يتوقف عليه مستقبل الأمة، بل مستقبل أي أمة تريد البقاء.

2) إن وجود ظرف غير مواتٍ يمر به المسلمون، به من الضعف ما به، وبه من قلةٍ وتراجعٍ ما به؛ لا يعني قبول خطة العدو المخزية، كما لا يعني الذوبان في توجهات غير المسلمين؛ لمجرد أنهم “متفوقون” و”يمتلكون”.

إن الله تعالى حذّر من الطاعة الناجمة من الهزيمة والركون، وأن الضعف والإنكسار النفسي قد يدفع البعض للتواصل والتواد مع الكافرين وطاعتهم طاعةَ ركون وهزيمة، فحذر تعالى أن هذا سبيل انتكاس وخسران ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّه..﴾ (آل عمران: 149 ـ 150)

ففي الحالة التي يكون ضعف المسلمين فيها باديا؛ فعلى الأقل يجب الاحتفاظ بالعقائد والمباديء والثوابت، ثم تجب محاولات ملء الفراغ، وتحصيل القوة واستدراك ما فات؛ حتى تأتي لحظة مناسبة لمقارعة العدو وتعديل المسار.

أما أن يخرج الناس من حالة الضعف ـ المفروضة عليهم ـ بخسارة البوصلة وفقدان الاتجاه وضياع ثوابت الأمة ومقتضيات العقيدة؛ فذلك خسران لا تبقى بعده فرصة لمجموع المسلمين وهيئتهم الجماعية أن تفيء. وهذه هي الخطورة.

3) كما نحذر من هذا الإعلام؛ فإنه ـ وإن رفضه من رفضه ـ فإنه يجد من النفوس الجاهلة ومن النفوس ضعيفة الدين والمبدأ ما يقبلون به هذا الخطاب، وقد رأينا تجاوب البعض في وسائل التواصل الإجتماعي مع هذا الخطاب الإجرامي. وهذه دلالة ومؤشر خطير بالقبول الإجتماعي ـ ولو نسبيا ـ لهذا الخطاب.

صحيح أن مجموع الأمة يرفض هذا لكن الإلحاح في هذه الاتجاهات يسبب الإضطراب؛ ففي ظرف سنوات معدودة تجد جيلا لم يسمع إلا هذا الخطاب أو استمرأه فينشأ عليه نشأة طبيعية..! ويرى في الاحتفاظ بالهوية والعقيدة والتميز الإسلامي؛ “تطرفا” أو “تزمتا”.. أو “إرهابا” كما يقول أعداء الله.

4) لا نزال نحذّر ـ ولا نملّ ـ من أن التخلف الذي تعانيه الأمة هو تخلف مفروض عليها؛ وأنه يحال بينها وبين امتلاك القوة بالقوة الغاشمة والاستبداد والطواغيت الذي ينجح العدو في فرض خطوطه الحمراء عليهم، وهي خطوط تخص الأمة، ويفتح لهم جميع المجالات للنهب الشخصي والاستيلاء على الملك في مقابل إخضاع أمة وتغيير بنيتها العقدية والقيمية..!

5) لا يزال الطواغيت أدنى عدو، ولا يزال الاستبداد مرضا خطيرا على الأمة؛ وذلك أن الاستبداد يضمن كون الأمة وعقولها وأجيالها، وتعليمها وإعلامها؛ في قبضة فرد أو افراد معدودين، وبالتالي يسهل على العدو فرض شروطه وإملاءاته عليهم؛ ومن ثم يقومون هم بالتغيير المطلوب.

خاتمة

برغم هذه المخاطر؛ فالشر يأتي من غياب الخير.

والأمة تملك الكثير، فهي تملك من القوة الكثير. والطواغيت قِلة لا قيمة لهم إذا ما تعرَّوا من حملة المباخر والوهْم الكذاب والانتفاش الخادع.

يجب أن تشعر الأمة بالخطر الشديد الذي يحوطها ويحوط أبناءها وأجيالها، وقضاياها الكبرى، ومستقبل وجودها، ويمس عقيدتها.

ويجب أيضا أن تدرك أنها إذا انتفضت فلا يقوم لها شيء فهي أمة منصورة ومرحومة. والله الموفق

…………………………..

هوامش:

  1. (موقع “العربي الجديد” بتاريخ 15/5/2019، على الرابط:
    (في ذكرى النكبة… رئيس تحرير صحيفة سعودية يدعو لـ”الانفتاح على صفقة القرن)

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة