الانقلاب في تونس والذي يقوده قيس سعيد .ما هي أهدافه ؟ ومن يقف خلفه؟

تنحية شريعة الله عن الحكم وعن سائر نواحي الحياة سبب كل بلية

البعد عن شريعة الله عز وجل، وتنحيتها عن الحكم وعن سائر نواحي الحياة، كما قال عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : «…وما لم تحكُمْ أئمَّتُهم بكتابِ اللهِ، ويتخيَّروا ما أنزل اللهُ، إلّا جعل اللهُ بأسَهم بينهم ». 1[رواه ابن ماجه (4019) وحسنه الألباني].

والمحنة الجديدة لتونس هي انقلاب الرئيس قيس سعيد على الحكومة ومجلس النواب وغيرها من أجهزة الدولة.. .

حركة النهضة تدفع ثمن تقاعسها عن نصرة الاسلام أو مقاومة الفساد

وأدق ما قرأت لتلخيص المشهد في تونس هو ما كتبه الباحث في الأديان المقارنة الدكتور التونسي سامي عامري تحت عنوان: “كلمة حول الانقلاب في تونس”؛ يقول:

1- لم أكن يوما نصيرا للمنظومة المنقلب عليها في تونس؛ فلا هي نصرت الإسلام، ولا انتصفت للشعب.. بل دخلت في صفقات تصالح مع الفساد حتى كرهها عامة الشعب..

٢- المنظومة المنقلب عليها، لم تكن تعمل (للتدرج) في نصرة الشريعة أو مقاومة الفساد، بل هي (تدحرجت) لمزيد تمكين العلمنة والفساد.

3- التعاطف الأبله الذي ظهر عند كثير من الناس

وما أبرئ نفسي- مع قيس سعيد لفصاحته المسرحية، داء لا دواء له..

4- الانقلاب الحالي له أنصار من الشعب، دفعهم مقتهم للمنظومة المنقلب عليها إلى نصرة “حل” سيزيد البلاد خرابا إلى ما تعانيه من خراب..

5- الدعم الذي سيجده هذا الانقلاب من الإمارات وغيرها، سيسعى إلى تطوير الحرب على الإسلام في تونس لتبلغ مرحلة التوحش…

6- لا يستبشر بهذا الانقلاب إلا أحمق أو عدو للدين.. الأول عمي عن المآلات الواضحة للانقلاب، والثاني متصالح مع نفسه، ويعلم أن السجون ستجمع من يبغض..

۷- أن تتمسك بدينك وتبتلى وأنت صابر ومحتسب، خير من أن تتعرى من الدين (فقه المرحلة !)، ثم تبتلی؛ فلا فزت بدنيا ولا دين..

وللكلام بقية.. انتهى

ونقول وبالله التوفيق:

وعود قيس سعيد الوردية

كنا – قبل أقل من سنتين – قد استبشرنا بانتخاب الرئيس التونسي قيس سعيد؛ فقد أظهر للشعب التونسي لهجة يبدو عليها الصدق، وكان من كلماته التي تبرز خطه السياسي العام – مخاطبا شعبه بعد نجاحه في الانتخابات -:

أعطيتم درسا للعالم كله في التمسك بالشرعية الدستورية، وما جرى ثورة لم يعهدها الفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة..

أبهرتم العالم بعطائكم بعرقكم ودمائكم، وليطمئن الجميع وسأحمل الرسالة والأمانة بكل صدق وإخلاص بأعبائها وأوزارها نحو تونس

جديدة التي صاغها الشعب في عام ۲۰۱۱م. اليوم تحققون إن شاء الله ما تريدون بالثورة، هذه الجملة العابرة من التاريخ العابرة للقارات.. الشباب قادوا هذه الحملة وأنا مسؤول عنهم..

العلاقات في الداخل ستبني على أساس الثقة والمسؤولية، ونحن بحاجة لتجديد الثقة بين الحكام والمحكومين وسنعمل بقواعد الدستور وسنعمل من أجل القضايا العابرة، وأولها القضية الفلسطينية، وكنت أتمنى أن يكون العلم الفلسطيني بجانب العلم التونسي هنا..

سنعمل على دعم القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ..

الكثير من الشعوب استلهمت من الشعب التونسي دروسا، من أحرارها وحرائرها بالإضافة لهذه القدرة على التنظيم خارج الأطر التقليدية، وسنعمل بنفس الصدق والإخلاص وتحمل الأمانة بكل أعبائها وأوزارها، وكل خطوة نخطوها حسيبنا فيها ربنا وشعبنا.. انتهى

ثم خابت آمالنا شيئا فشيئا بسبب العديد من المواقف، حتى انقض قيس على الدولة..

لقد كان فوز قیس مفرحا للكثير من الباحثين عن العدالة، ونصرة القضية الفلسطينية – وغيرها من قضايا الأمة – التي تمنى صراحة رفع العلم الفلسطيني جنبا إلى جنب مع العلم التونسي أثناء احتفاله بالفوز ..

وعمت مظاهر الفرحة والاحتفال شوارع العاصمة التونسية بعد إعلان التلفزة الرسمية تقدم قيس سعيد حسب استطلاعات رأي الناخبين لدى خروجهم من اللجان الانتخابية بفارق كبير عن منافسه ، وشوهد الآلاف يحتفلون في الشوارع التي اكتظت بالسيارات والجماهير..

إن تونس الخضراء – مثلها مثل عامة البلدان الإسلامية – تعاني من تغلغل فسدة العلمانية وسيطرتهم على مقاليد الحكم، وتقديم البلاد على طبق من ذهب لأوغاد أمريكا وأوربا وعموم اليهود والنصارى..

وتقف فرنسا وأدواتها خلف هذا الانقلاب للأسباب التالية

1- حسم دخول تونس في محور مصر والأمارات… ولذا كانت مساعدة اللقاحات التي أتت من فرنسا ومساعدات مصر وغيرها … كانت من باب التحضير لتعطي انطباعا على انفراج الأزمة مباشرة بعد الإنقلاب.

۲- حصار واستهداف ليبيا وعرقلة إعادة إعمارها.

3- الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة والخوفمن تطور الإرادة الشعبية إلى كنس للمنطومة برمتها من جذورها.. فكان التضحية بالحكومة وتحميلها أسباب الفشل.

4 – تأثيث بيت الطاعة من أجل المصالحة التاريخية مع الكيان الصهيوني.

5- تسهيل عمل الشركات الفرنسية الكبرى والتي تتخوف من الإسلام السياسي.

سيطرة الدولة العميقة رغم اختيار الشعب للتيار الإسلامي

وبينما هم في زهو التمكن؛ إذ بالشعب التونسي المسلم يلطمهم أشد لطمة باختياره تیارا إسلاما يتمثل بحزب النهضة التونسي الذي حصل على نسب تقارب 85 % في الانتخابات التونسية..

لكن الذي يبدو أن تيار النهضة لم يكن على مستوى تطلعات الشعب التونسي لأسباب لسنا بصدد البحث عنها هنا، ولعل أبرزها ما يطلق عليه سيطرة الدولة العميقة أو الثورة المضادة؛ يعني بقاء الفاسدين والمجرمين في مناصبهم، وبقاء نفوذهم وتحكمهم في مفاصل الدولة -رغم نجاح الثورة في تنحية الرأس -…

والمؤاخذات الشرعية على حزب النهضة كثيرة في فهمه وتطبيقه للإسلام وقضايا العقيدة، ومع ذلك فمحاربة قيس سعيد وعموم العلمانيين وأسيادهم لهذا الحزب هي محاربة الإسلام.

والشعوب الإسلامية -ولله الحمد – وإن كانت قد غیبت دهورا فإنها تحن لدينها وشريعة ربها عز وجل، ونكاد نجزم أن اختيار الشعب التونسي لحزب النهضة إنما هو لهويته الإسلامية المعلنة؛ فالشعوب

-في الأغلب الأعم- عندما تخرج للاقتراع إنما تخرج من باب نصرة التوجه العام لهذا الحزب أو ذاك، لا من باب التفاصيل التي قد تخفي حتى على كثير من المطلعين على الشأن العام…

ويقال مثل ذلك في انتخاب قیس سعيد كما تقدم .

إن دول المال والإعلام والقوة المسلحة والمليشيات الخارجة عن النظام وأمثالهم لا يتوقفون عن الفساد والإفساد في الأرض والاصطياد في الماء العكر، والمستفيد من وراء هؤلاء هم العملاء والمنتفعون الذين تنتفخ بطونهم وجيوبهم بالأموال القذرة – التي هي في الأصل أموال الشعوب المسلمة -؛ قال الله تعالى : (إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ لِیَصُدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ فَسَیُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَیۡهِمۡ حَسۡرةً ثُمَّ یُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ یُحۡشَرُونَ(36) لِیَمِیزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِ وَیَجۡعَلَ ٱلۡخَبِیثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٍ فَیَرۡكُمَهُۥ جَمِیعاً فَیَجۡعَلَهُۥ فِی جَهَنَّمَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ) [الأنفال 36، ۳۷].

مازلنا ننتظر رد الشعب التونسي الرائع على انقلاب الرئيس قيس سعيد ومن وراءه من الدول التي تنصر العلمانية وتكره الإسلام، ولو أقيمت انتخابات نزيهة جديدة نتوقع صفعة قوية بإسقاط الرئيس التونسي، واختيار الأقرب للإسلام..

الذين كفروا بعضهم أولياء بعض

من يريد أن يعرف حقيقة الأحداث في تونس فلينظر إلى من يقيم الأفراح بإسقاط المؤسسات التونسية – مما يدل على أنهم ذوو ملة واحدة -؛ فمن طواغيت العرب وأجهزة إعلامهم إلى نصارى الغرب المتربصين بالإسلام ..

كل هؤلاء ومعهم شياطين كثر ؛ لم يمنعهم اختلاف توجهاتهم ومشاريعهم من التوحد حنقا وغيظا ضد الإسلام وأهله وفرحا بتمكن الطواغيت المتجبرين..

وفرح أولئك الكفار يشير صراحة إلى أن الديمقراطية عندهم للأغلبية التي تريد الكفر، أما الأغلبية التي تريد الإسلام فيجب سحقها وتدميرها..

على الإسلاميين في تونس – وغيرها- أن يعوا فشل المشروع المتماهي مع الديمقراطية ويستشعروا ثقل الأمانة الملقاة على عاتقهم من قبل شعوبهم والثقة العظيمة بهم، وذلك يدعوهم قبل كل شيء لضبط مناهجهم بالرجوع للعلماء الثقات، ثم للمزيد من الجد والعمل لتطبيق التعاليم الربانية لنيل سعادة الدنيا والآخرة، والأعداء لا يهادنون ولا يلينون ولا يتنازلون دافعهم مجرد دنیا فانية – فلماذا يضعف الإسلاميون وهم الأقوى دوما بدينهم، قال تعالى : (وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ(139) إِن یَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٌ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحٌ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِیَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَاۤءَۗ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِینَ)

[آل عمران/ ۱۳۹-140]

نصر الله عباده المؤمنين في تونس وفي كل مكان وزمان..

الهوامش:

  1. رواه ابن ماجه (4019) وحسنه الألباني.

اقرأ أيضاً:

 

 

التعليقات غير متاحة