خشي الغرب أن تنفرد بلدٌ بفريسة “ليبيا” ـ حفظها الله ـ دون بلد آخر، فاجتمعت الذئاب لتوزع لحمها وثرواتها، وتحت الطاولة تجري دماء وتُحرق بلاد ويدوّي قصف.

الخبر

انعقد الأحد 24 جمادى الآخرة، 19 يناير 2020، لمناقشة الأوضاع في ليبيا. وتشارك في مؤتمر برلين، كل من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات والجزائر والكونغو. (1وكالات الأنباء والقنوات الفضائية.. وانظر:
موقع  (BBC) عربي، 19/1/2020، على الرابط:
مؤتمر برلين: إغلاق أنابيب تصدير النفط مع انطلاق المؤتمر
والرابط:
مؤتمر برلين: إغلاق أنابيب تصدير النفط مع انطلاق المؤتمر
)

التعليق

عندما يغيب وجود الأمة الإسلامية تعجز عن حل قضاياها، ومع التشرذم والتفرق الناتج من التبعية إذ بقضايانا وبلادنا الموجودة في قلب الأمة جغرافيا؛ يقوم بالإشرف على قضاياها مباشرة ورسميا الصليبيون في الغرب بمختلف فئاتهم وأنيابهم.

لا يوجد ما يتوارد لذهن السامع والمتابع ما يسمى بـ “المجتمع الدولي” فيتصور البعض مجتمعا عالميا بينه قيم مشتركة يقرر ـ بأخلاق وبقيم عادلة ـ ما يجب أن يكون..! هذا هراء وتوهمات وأغانٍ طفولية؛ فمع عالم فيه خمسة “كبار” ومليارات تمثلها دول “صغار”، ومع أصبع واحد يُرفع فتسقط حقوق وواجبات..

ومع احتكار دول معينة للسلاح، ولتصنيعه بأنواعه، وللسلاح النووي، ويحرمونه على غيرهم لتكون لهم اليد الطولى.. وبيدهم ضبط بيع السلاح عالميا بما يضمن تشغيل مصانعهم وجنْيهم لأموال العالم وقتل المسلمين وعدم استخدامه ضدهم أو ضد حلفائهم الصهاينة ومع ضمان هزيمة من بيده هذا السلاح من الشعوب المتخلفة..!

ومع قلْب الحقائق، وجعل الحق باطلا والباطل حقا؛ فيجعل الصهاينةَ أصحابَ حقوق، والمسلمَ في فلسطين الذي يرفض تسليم أرضه وعرضه إرهابيا..!

ومع حرب دين الله وتشويهه وتمجيد الإلحاد والفخر بالتمرغ في أوحال الشهوات والإباحية والشذوذ..

ومع احتكار الدول الكبار للمال ودوراته واحتكار “صندوق النقد” و”البنك الدولي” والإشراف على سياسات الإقراض والإغراق من أجل تفليس الدول والقرصنة لمؤسساتها ومواردها وكنوزها..

ومع تجريم المرجعية الإسلامية عبر العالم وتمجيد المرجعية المخرفة للصهاينة والصليبيين وتمجيد أحلام القساوسة، وتبعا لهم رافضة الصفويين..

ومع استحلال قتل الملايين من المسلمين في العراق ثم سوريا واليمن وليبيا ومصر وفلسطين وأفغانستان والشيشان وكشمير والفلبين وبورما.. وغيرها من أجل الحقد الديني الصهيوصليبي، ومن أجل قرصنة ـ والاستيلاء على ـ الثروات والمقدرات “البترول والغاز الطبيعي والمعادن النفيسة”، وإلقاء الفتات لحفنة من الخونة ما بين عسكر ورؤساء وملوك وأمراء..

مع كل هذا لك أن تتصور كيف ينظرون الى أمتنا المسلمة في ليبيا. إنهم ينظرون اليها كفريسة يجب ألا تضيع من بين أنيابهم، وكتُرس في عجلة التبعية يجب ألا يخرج عنها حتى لا ينفرط عقد التبعية للغرب.

إن الذئاب عندما تجتمع تعلن نعومة السياسة وتخفي شراسة النهب، وتمنع القتل ظاهرا وتأمر به باطنا. فالدول “المتأففة” عن القتل والدمار ـ مثل فرنسا وروسيا، واليونان، ومصر والإمارات ـ هي من يدعم “حفتر” الذي يقوم بالقتل والدمار، بل وتسهل له بالرصد والطيران والمعلومات والقوات الخاصة ليقوم بدوره المشبوه وينفذ المهام القذرة ضد شعبه؛ منفذا لرغبة لصوص وفساق الداخل، ومجرمي وصهاينة الخارج.

[للمزيد: في ليبيا .. النفاق الغربي يدير الصراع]

لقد اجتمع من أجل ليبيا من أقصى الأرض الصين ومن ساحل الخليج الإمارات ودول النهب الأوروبية، وروسيا وأمريكا، أما القريب على الحدود ـ مصر ـ فكانت وكيلا للنهب ومندوبا للثورات المضادة وساعية من أجل وجود مستبدٍ عسكري علماني جديد يزامل الزمرة الطاغية المستبدة في مصر؛ يُعمل في بلاده الحديد والنار استكمالا للحكم المفضل على المسلمين لدى الغرب..!

لم يُستدع ممثلا طرفي الصراع “حفتر” و”السراج” ـ مع أن من الخطأ التسوية بينهما ـ إمعانا في الدلالة على أنهما ليسا بشيء، وليس لهما قيمة؛ فكل منهما مندوب عن قوى، ووجودهما على الأرض تعبير عن تقدم بعض القوى الدولية دون أخرى، وأنهما سيتلقيان الأوامر من القوى الداعمة، لا من الشعب المسلم في ليبيا ـ وإن كان طرف السراج وطرابلس أقرب كثيرا الى الأمة المسلمة وتطلعات أهلنا المسلمين الكرام في ليبيا.

ولك أن ترصد الوجود الصهيوني داعما لحفتر “نباش القبور“، وانظر الى هذا الخبر:

” كشفت مصادر مصرية وليبية عن اتصالات رفيعة المستوى أجريت مؤخرا بين اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ومسؤولين أمنيين إسرائيليين، بهدف إجراء تعاون أمني بين الجانبين.

وقالت المصادر إن اللقاءات التي أجريت مع مسؤولي استخبارات إسرائيليين، أسفرت عن تعاون أمني بين مليشيات حفتر وإسرائيل، عبر تدريب عناصر من المليشيات التابعة لحفتر على حرب الشوارع، مشيرة إلى أن التدريب تم في ليبيا على أيدي ضباط إسرائيليين وصلوا إلى الأراضي الليبية عبر تنسيق مع مصر في الفترة ما بين آب/ أغسطس، وأيلول/ سبتمبر الماضيين”.  (2موقع عربي 21، على الرابط:
الكشف عن تدريبات إسرائيلية لقوات حفتر أجريت في ليبيا
)

[للمزيد: الوجود الروسي في ليبيا .. تبادل رايات صليبية]

خشي الغرب أن تنفرد بلدٌ ما بفريسة ليبيا دون بلدٍ آخر، فاجتمعت الذئاب لتوزع لحمها وثرواتها، وتحت الطاولة تجري دماء وتحرق بلاد ويدوي قصف.

وانتهى المؤتمر ولم يحسم المجتمعون المسألة الليبية؛ بل تخذوا خطوات محسوبة وتركوها لتنضج طبختهم حتى يتفقوا هم فيما بينهم ثم يرسلون مقرراتهم على الأرض..! بل حذّر الأمين العام للأمم المتحدة من نشوب حرب أهلية واسعة في ليبيا. ويبدو أنه سناريو مطروح تحت الطاولة لحين اتفاق أطراف اللعبة على تمزيق البلاد واقتسام الثروات. (3انظر: موقع الجزيرة:
في كلمته بمؤتمر برلين.. غوتيريش يحذر من حرب أهلية واسعة بليبيا
)

خاتمة

لا يأمل المسلمون خيرا من هذا المؤتمر ولا من نواتجه. لكن ترسل الأحداث إنذارا للمسلمين أنهم إن لم يجتمعوا ويعودوا ويمتلكوا أمرهم فمصير بلادهم أن تبقى رهينة بيد المجرمين، وأموالهم وثرواتهم ومقدراتهم بيد لصوص العالم، ودينهم ـ الذي هو فوق كل شيء ـ محل هجوم الأراذل وسيدفعون ثمن وصول هذه الثروات الى اللصوص الدوليين والإقليميين من دمائهم وأمنهم، ودينهم.

رسائل ليبيا هي نفس رسائل كل بقعة تئن من بقاع المسلمين.

وعسى أن تكون مثل هذه النوازل والمكر الكُبّار من أعداء الله حافزا ومحرّكا لأهل الحل والعقد من علماء ودعاة أهل السنة في جمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم ليخرجوا بمشروع سُني ربّاني يواجهون به مشاريع الكفر والردة والنفاق التي حكم الله عز وجل عليها بأنها زَبَد وأن مآلها الى الزهوق والذهاب، وأما الحق الذي ينفع الناس فيمكث في الارض ويبقى. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.

…………………………….

هوامش:

  1. وكالات الأنباء والقنوات الفضائية.. وانظر:
    موقع (BBC) عربي، 19/1/2020، على الرابط:
    مؤتمر برلين: إغلاق أنابيب تصدير النفط مع انطلاق المؤتمر
    والرابط:
    مؤتمر برلين: إغلاق أنابيب تصدير النفط مع انطلاق المؤتمر
  1. موقع عربي 21، على الرابط:
    الكشف عن تدريبات إسرائيلية لقوات حفتر أجريت في ليبيا
  2. انظر موقع “الجزيرة”
    في كلمته بمؤتمر برلين.. غوتيريش يحذر من حرب أهلية واسعة بليبيا

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة