عيد الحب من الأعياد الوثنية النصرانية فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته.
عيد الحب مفاسد ومخالفات كثيرة
بالتزامن مع احتفال النصارى بعيد الحب في يوم 14 فبراير/شباط، اختارت شركة مغربية متخصصة في إنتاج البسكويت -اسمها: شركة “ميرندينا”، التابعة لشركة “بيمو”- إضافة كلمات عاطفية إلى أغلفتها، مع وضع صور رجال ونساء في وضعيات تناسب تلك العبارات..
فأصدرت تلك الشركة ستة أغلفة يضم كل واحد منها عبارة مختلفة باللغة المغربية الدارجة، وكلها لا تخرج عن مضمار علاقة الجنسين؛ مثل:
“توحشتك”، وتعني: “اشتقت إليك”.
“كنبغيك”، وتعني: “أحبك”.
“منقدرش ننساك”، وتعني: “لا أستطيع نسيانك”.
“أنا وياك واحد”، وتعني: “أنا وأنت واحد”.
“أنت أحسن ما عندي”، وتعني: “أنت أحسن ما أملك”.
“راك ديما في قلبي”. وتعني: “إنك دائمًا في قلبي”.
وقد أشعلت هذه الأغلفة غضب وتعليقات كثيرين على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، إذ تعتبر عندهم -وعند كل مسلم- عبارات خادشة للحياء إذا قيلت لغير الزوجة الشرعية، خاصة وأن أكثر مستهلكي هذا المنتج هم من الأطفال، وأطلق هؤلاء الغاضبون حملة لمقاطعة هذه المنتجات ومن يبيعها من أرباب محالات البقالة..
وفي المقابل وجد فريق آخر في هذه الأغلفة إشاعة لما أسموه ثقافة الحب والتعبير عنه، مُستحسنين الفكرة وداعين إلى دعمها.
بينما حاول فريق ثالث تهوين الأمر بأنه مجرد دعاية تسويقية من طرف الشركة تعتمد على خلق الجدل لانتشار أسرع وأقل تكلفة.
لماذا لا يحتفل المسلمون بعيد الحب
1- تكلمنا وتكلم كثير من أهل العلم والفضل على ما يسمى: عيد الحب، وهو عيد نصراني ينسبونه لقديس -واحد أو أكثر- اسمه فلانتين، وأن تحريمه من وجوه متعددة؛ منها:
– أن فيه تشبه بالكفار..
– وأنه يؤسس لعلاقات غير مشروعة في الإسلام؛ الذي تقتصر فيه العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية على الزواج الشرعي فقط..
– وأن العيد في الإسلام هو ما ثبت بطريق الشرع، وهما عيدان -الفطر والأضحى- فحسب؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنـه قال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ»11- [أخرجه أبو داود (1136) وغيره، وصححه الألباني]..
ومعلوم أن البدل والمبدل منه لا يجتمعان.
تزايد الإقبال على التدين في المغرب
2- الرجوع إلى الله عزَّ وجلَّ في المغرب والصحوة المغربية أثبتت جدارة وثباتًا رغم ما يحيط بأهل المغرب من فتن متكاثرة، حيث يشهد المجتمع المغربي تزايدًا دائمًا في عمارة المساجد، وبروزًا للقراء وطلبة العلم والعلماء من المجتمع المغربي؛ شهد بذلك المبغضون قبل المصلحون.. انظر -مثلًا- ما كتبه مصطفى شاكري في جريدة هسبريس الإلكترونية تحت عنوان: خطاب ديني وسلوك لا أخلاقي.. “سكيزوفرينية” تصيب المجتمع المغربي.. وكان مما قاله:
يشهد المجتمع تزايدًا دائمًا في تشييد المساجد، ويعكف الشباب على أداء الصلوات بشكل مناسباتي في الكثير من الأحيان… ثم تسائل عن ما أسماه:
دوافع “التغوّل الديني” في المجتمع المغربي…
ولتجميل صورة نقاشه الحاقد أخذ يحلل ويناقش مع ضيف له ما أطلق عليه: عدم تصريف تلك القيم الكونية في المعاش اليومي… يريد أن يخفف من قوله: التغول الديني بأن الإقبال على الالتزام ظاهري فقط وليس حقيقيًّا؛ فيظن الظان أنه يريد التزامًا حقيقيًّا…
والمقصود أنه يثبت اندفاع المسلمين إلى التمسك بدينهم، وفي ذلك تحطيم لجهود إجرامية هائلة تبذل لصرف الناس عن دينهم وعقيدتهم..
ومن أدلة تزايد الإقبال على التدين -أيضًا-:
تصدر هاشتاق “مقاطعة ميرندينا” هاشتاقات تويتر في المغرب؛ لإجبار الشركة على التخلي عن الأغلفة الجديدة..
استغلال العلمانيون للحدث
3- العلمانيون لم يغيبوا عن الحدث؛ فقد استغلوه وبسطوا حقدهم وغيظهم على الإسلام والمسلمين..
منهم: -ما يطلق عليه الناشط الحقوقي الأمازيغي المعروف- أحمد عصيد؛ فقد انتقد على صفحته على فيسبوك الحملة ضد الشركة قائلًا: إن الزوبعة المقامة بسبب عبارات الحب في منتوج تجاري تدل على مرض اجتماعي، وعلى تخلف الوعي الإنساني والجمالي للفئات المؤطرة في نزعة لا نقول محافظة، بل منافقة، وهي نزعة تقوم بالتنفير من كل ما هو جميل على أنه “رذيلة”…
وتأمل قوله: مؤطرة. التي تعني السير في إطار رسم للملتزمين بدينهم. ونقول: نعم نحن مؤطرون حقًّا، ولكن بديننا وتعاليم ربنا عزَّ وجلَّ القائل: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾. [سورة البقرة:138].
عن قتادة: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ قال: دينَ الله22- [أخرجه الطبري (2115) بسند صحيح. وهو ثابت عن جمع من المفسرين]..
وعن قتادة -أيضًا- في قوله: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ قال: إنَّ اليهود تصبغ أبناءها يهودَ، والنصارى تَصبغ أبناءَها نصارَى، وإن صبغة الله: الإسلامُ، فلا صبغة أحسنُ من الإسلام، ولا أطهر، وهو دين الله بعث به نُوحًا والأنبياء بعده33- [أخرجه الطبري (2113) بسند حسن]..
الإسلام صبغة تصطبغ بها الحياة
وقال العلامة السعدي: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ أي: الزموا صبغة الله، وهو دينه، وقوموا به قيامًا تامًّا، بجميع أعماله الظاهرة والباطنة، وجميع عقائده في جميع الأوقات، حتى يكون لكم صبغة، وصفة من صفاتكم، فإذا كان صفة من صفاتكم، أوجب ذلك لكم الانقياد لأوامره، طوعًا واختيارًا ومحبة، وصار الدين طبيعة لكم بمنزلة الصبغ التام للثوب الذي صار له صفة، فحصلت لكم السعادة الدنيوية والأخروية، لحث الدين على مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ومعالي الأمور، فلهذا قال -على سبيل التعجب المتقرر للعقول الزكية-: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ أي: لا أحسن صبغة من صبغته.
وإذا أردت أن تعرف نموذجًا يبين لك الفرق بين صبغة الله وبين غيرها من الصبغ، فقس الشيء بضده، فكيف ترى في عبد آمن بربه إيمانًا صحيحًا، أثر معه خضوع القلب وانقياد الجوارح، فلم يزل يتحلى بكل وصف حسن، وفعل جميل، وخلق كامل، ونعت جليل، ويتخلى من كل وصف قبيح، ورذيلة وعيب، فوصفه: الصدق في قوله وفعله، والصبر والحلم، والعفة، والشجاعة، والإحسان القولي والفعلي، ومحبة الله وخشيته، وخوفه، ورجاؤه، فحاله الإخلاص للمعبود، والإحسان لعبيده، فقسه بعبد كفر بربه، وشرد عنه، وأقبل على غيره من المخلوقين فاتصف بالصفات القبيحة، من الكفر، والشرك، والكذب، والخيانة، والمكر، والخداع، وعدم العفة، والإساءة إلى الخلق، في أقواله، وأفعاله، فلا إخلاص للمعبود، ولا إحسان إلى عبيده.
فإنه يظهر لك الفرق العظيم بينهما، ويتبين لك أنه لا أحسن صبغة من صبغة الله، وفي ضمنه أنه لا أقبح صبغة ممن انصبغ بغير دينه…44- [تيسير الكريم الرحمن صـ(68)]. اهـ
4- الغريب أن عيد الحب أو عيد العشاق أو يوم القديس فالنتين (بالإنجليزية: Valentine’s Day) له موعدان:
الأول: حسب الكنيسة الغربية يتم الاحتفال به يوم 14 فبراير من كل عام.
والثاني: حسب الكنيسة الشرقية يتم الاحتفال به يوم 6 يوليو من كل عام.
ورغم عراقة تاريخ هذا العيد عند النصارى، ورغم اختلافهم في تحديد موعده نجد من يرخص فيه ممن ينتسب للإسلام والعلم!!!
من شعــائــرهم في هـذا العيـــد
5- يعبر المحبون في هذا اليوم عن حبهم لبعضهم بعضًا عن طريق إرسال بطاقة معايدة أو إهداء الزهور وغيرها لأحبائهم، وبالطبع لا حدود للحب عندهم؛ فمن الممكن أن يحب الواحد منهم أي امرأة -أو أي رجل- دون أية قيود، مما يفيد ابتعاد من يسير بسيرهم عن دين الإسلام وأخلاقه السامية النقية.
6- لم يصدر عن الشركة المنتجة -حتى الآن- أي اعتذار أو بيان رسمي تعليقًا على رفض المجتمع أغلفتها الجديدة، ولعل ذلك رغبة منها في تجاوز الأزمة بنسيان الموضوع بعد مرور عيد الحب..
الواجب على المسلمين وخاصة أهل المغرب
ونقول: إن على المعترضين على تلك العبارات الاستمرار في التصعيد -بالمقاطعة على الأقل-؛ حتى لا يكون تراخيهم داعيًا للكثير من المخذولين من أصحاب الشركات والأعمال لإنتاج مثل ذلك في المستقبل، فهم سيعتقدون أن الاحتجاجات ستكون وقتية وتنتهي الزوبعة كسابقتها..
7- ندعو عموم المسلمين إلى التفاعل الإيجابي لإنكار أي ظاهرة مخالفة للدين تنشأ في المجتمعات، فالمتآمرون ومن يسير بسيرهم من الغافلين لا يرتدعون بمجرد أصوات فردية خافتة، بل يستدلون بذلك على خلو الطريق من العقبات لنوم وغفلة المسلمين..
أعزَّ الله تعالى دينه وعباده المؤمنين..
الهوامش
1- [أخرجه أبو داود (1136) وغيره، وصححه الألباني].
2- [أخرجه الطبري (2115) بسند صحيح. وهو ثابت عن جمع من المفسرين].
3- [أخرجه الطبري (2113) بسند حسن].
4- [تيسير الكريم الرحمن صـ(68)].
اقرأ أيضا
تحريم التشبه بالكفار وموالاتهم
أعياد الكفار وموقف المسلم منها
الولاء والبراء وأصحاب العقل المعيشي