إن هدف الغزو الفكري هو إذابة الشعوب الإسلامية وسلخها عن عقيدتها وهويتها وحضارتها؛ لتصبح مسخا مشوها تابعا ذليلا لغيرها؛ لأن الكفرة من النصارى الصليبيين واليهود الفجرة يعلمون أن العقيدة الصحيحة القائمة على الولاء والبراء هي أقوى سلاح ضدهم، فسعوا جاهدين لطمسها وكسر هذا الحاجز المنيع بينهم وبين المسلمين، واستخدموا في ذلك كل الوسائل الممكنة، وسخروا أولياءهم من المنافقين في بلدان المسلمين في تنفيذ ذلك.

إثارة الشبهات حول أصول الإسلام وأحكامه

التهوين من عقيدة الولاء والبراء، وتشويهها وتسليط معاول الهدم عليها.

تقوم عقيدة الولاء والبراء على الولاء لله بتوحيده في العبادة لا شريك له، والولاء لرسوله بتوحيده من الاتباع والتشريع، ومحبته ونصرته، والولاء للمؤمنين بالنصرة والمحبة، كما تقوم على ما يقتضي هذا الولاء من البراءة من الشرك والمشركين والكفر والكافرين، والنفاق والمنافقين، وبغضهم ومفارقتهم، وهذا هو حقيقة كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، وهذا هو حقيقة دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- وفي مقدمتهم خليلا الرحمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم إمام الحنفاء -عليه الصلاة والسلام-، والذي أمرنا الله بالاقتداء به في قوله سبحانه: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ …) [الممتحنة: 4].

ولقد علم أعداء هذا الدين أن هذه العقيدة هي أصل دين الإسلام والحاجز المنيع الذي يحول بين الكفر وأهله، وبين اختراقهم لمجتمعات المسلمين، فما فتأوا يسلطون عليها معاول الهدم والشكوك والشبهات على طول تاريخ المسلمين، ولكنها والحمد لله باءت بالفشل بفضل تمسك المسلمين بهذه العقيدة حتى عصرنا الحاضر، فاشتد هجوم الكفار وغزوهم الفكري لبلاد المسلمين بشتى الوسائل، ولاسيما ما يشهده عصرنا من ثورة إعلامية هائلة سخروها لبث الشبهات ولبس الحق بالباطل، وبدأت تظهر آثار ذلك في مجتمعات المسلمين، وساعدهم في ذلك أناس من أبناء جلدتنا، إما عن جهل، أو خبث، وكره للإسلام وأهله، ومن طروحات هذا الغزو في هدم عقيدة الولاء والبراء ما يلي:

أطروحات الغزو الفكري لهدم عقيدة الولاء والبراء

 1- الإنكار على من يتبنی روح الكراهية والبغضاء للكفار

بدعوى أن هذا يتناقض مع روح التسامح الديني والتعايش السلمي الذي هو سمة العصر الحاضر عصر السلام والإخاء بين الناس !! زعموا. بل ذهب أصحاب هذه الدعوات إلى أن ينسى مصطلح الكفر والكافرين، وأن يحذف من قاموس التعامل بين المسلمين وغيرهم، ويستبدل بمصطلح (غير المسلمين) أو (الآخر) لأنها مصطلحات حضارية، بينما مصطلح الكفار وبغضهم والبراءة منهم إنما هي علم على المتطرفين الأصوليين من المسلمين!!

2- استخدام معول (الوطنية والقومية) لهدم عقيدة الولاء والبراء

القائمة على أساس التوحيد وعبادة الله وحده. وجعلهم الوطن الواحد والجنس الواحد هو أساس الحب والنصرة، وإن اختلف أهل هذا البلد في العقيدة، حيث تحل رابطة الوطن والقوم محل عقيدة التوحيد المستلزمة؛ لأن يكون عقد الولاء والبراء على أساسها بين أبناء المجتمع المسلم، بينما هم يريدون أن يجعلوا الانتماء إلى الوطن الواحد هو معيار الولاء والمحبة والنصرة لكل من يعيش تحت مظلة الوطن الواحد، ولو كان مشركا وثنيا، أو منافقا زنديقا أو رافضيا باطنيا، وجعله المكرم المقدم على من ليس من أبناء الوطن، ولو كان مسلما صالحا تقيا.

وقد استخدم الغزاة وسائل مختلفة لتشويه عقيدة الولاء والبراء بمفهوم الوطنية والقومية، واستخدموا أولياءهم من المنافقين في كل بلد؛ لتكريس هذه الأفكار، ولاسيما من بأيديهم وسائل التوجيه في التعليم والإعلام، بل إن بعض السذج من المسلمين قد ساهم بلسانه أو قلمه في تكريس هذا الانحراف، فكثرت الكتابة عن المواطنة في الإسلام، والمواطنة عند رسول الله ، وأن المواطنة مبدأ إسلامي أصيل، وحتى يظهر لنا الخطر الكامن في مفهوم الوطنية وأثرها في عقيدة الولاء والبراء، أنقل بعض ما كتبه د. أحمد محمود السيد عن (فقه المواطنة وأصولها الغربية في الجاهلية المعاصرة) حيث يقول: (يعرف قاموس المصطلحات السياسية «المواطنة» بأنها: مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين شخص طبيعي، وبين مجتمع سیاسي (الدولة)، ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الشخص والدولة بالمساواة أمام القانون الوضعي في ظل هيمنة الدولة القومية .

مرتكزات المواطنة

والمواطنة كمفردة من مفردات النظام السياسي الغربي الذي انتشر في أوربا، ومنها إلى أمريكا ثم بقية أنحاء العالم بعد ذلك ترتكز على مجموعة عناصر أساسية أهمها:

1- إحلال عبادة الوطن وتقديمها على عبادة الله وحده .

2- إعلاء وتقديم الولاء للدولة على أي ولاء آخر حتى ولو كان الدين.

3- إحلال الرابطة القومية محل الرابطة الدينية كأساس لتجانس الجماعة السياسية.

4 – تحويل الفرد من مقولة دينية إلى مقولة سياسية .

5- فصل العلاقة السياسية عن العلاقة الدينية.

6- صبغ الوجود الديني بطابع النسبية والذاتية .

7- رفض تدخل رجال الدين في كل ما له صلة بالسلطة الزمنية.

8- إطلاق التسامح الديني، وحرية الاعتقاد طالما أنه لن يتدخل في شؤون الحكم.

9- الحرية هي القيمة العليا التي تعلو على سائر القيم بما فيه حرية الارتداد عن الدين..)1(1) نقلا عن موقع (أنا مسلم) باختصار وتصرف يسير..

 3- الدعوة إلى (الإنسانية)

والدعوة إلى الإنسانية دعوة خبيثة غرضها هدم عقيدة الولاء والبراء على أساس التوحيد، وذلك بأن يكون الإخاء والمحبة هي السائدة بين بني البشرية والإنسانية بغض النظر عن معتقداتهم ونحلهم. يصف الأستاذ محمد قطب – حفظه الله تعالی – هذه النحلة بقوله:

(الإنسانية أو العالمية كما يدعونها أحيانا – دعوی براقة، تظهر بين الحين والحين، ثم تختفي لتعود من جديد! يا أخي! كن إنساني النزعة.. وجه قلبك ومشاعرك للإنسانية جمعاء.. دع الدين جانبا فهو أمر شخصي.. علاقة خاصة بين العبد والرب محلها القلب .. لكن لا تجعلها تشكل مشاعرك وسلوكك نحو الأخرين الذين يخالفونك في الدين.. فإنه لا ينبغي للدين أن يفرق بين البشر .. بين الإخوة في الإنسانية! تعال نصنع الخير لكل البشرية غير ناظرين إلى جنس أو لون أو وطن أو دين ! دعوی براقة كما ترى.. يخيل إليك حين تستمع إليها أنها تدعوك للارتفاع فوق كل الحواجز التي تفرق بين البشر على وجه الأرض. تدعوك لترفرف في عالم النور.. تدعوك لتكون كبير القلب، واسع الأفق، کریم المشاعر.. تنظر بعين إنسانية – وتفکر بفکر عالمي، وتعطي من نفسك الرحبة لكل البشر على السواء، بدافع الحب الإنساني الكبير!

إن أناس قد يخدعون بدعوى الإنسانية لما فيها من بريق، فيؤمنون بها أو يدعون إليها غافلين عن الحقيقة التي تنطوي عليها. وقد لا يصدقون أصلا أنها دعوى إلى التحلل من الدين يبثها الشياطين في الأرض لأمر يراد..)2(2) «مذاهب فكرية معاصرة» (ص 510) ..

أهداف الدعوة إلى الإنسانية

معرفة بعض أهداف هذه الدعوة الخبيثة؛ ليتضح لنا خطرها على عقيدة التوحيد وأهلها.

ومن هذه الأهداف والأخطار ما يلي:

1- الخطر على عقيدة التوحيد التي صلبها الولاء لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين والبراءة والبغض للشرك والمشركين، ونتيجة هذا الخطر التهوين من الكفر وأهله والكف عن ذكرهم بسوء في عقيدتهم وأفكارهم، والمساواة بين المسلم الموحد والكافر الملحد.

2- إعادة النظر في مناهج التعليم والإعلام في بلدان المسلمين، وحذف كل ما يشير إلى عداوة الكافر و مجاهدته في سبيل الله عز وجل، وقد بدأ هذا بالفعل في كثير من بلدان المسلمين.

3- المطالبة بفتح الكنائس والمعابد الوثنية في بلدان المسلمين، ولاسيما في جزيرة العرب.

4 – هذه الدعوة طريق يمهد إلى تطبيع العلاقات مع اليهود والاعتراف بدولتهم على تراب فلسطين.

5- فتح المجال للتنصير في بلدان المسلمين أسوة بالمراكز الإسلامية في ديار الكفار.

6- حرية التدين وتغيير الدين وحرية الرأي والتفكير ولو كان بالإلحاد وسب الدين، وهذا مما يفرح به الزنادقة من الليبراليين والعلمانيين، ويغتنموه في مزيد من الإفساد وبث الشبهات والشهوات.

7- محاصرة التوجه السلفي المستعصي على هذه الأطروحات المضللة، والتمسك بأصول السلف وعقيدتهم في التوحيد والموالاة والمعاداة عليها، ورميه بشتى التهم والسعي لاحتوائه بالترغيب أو الترهيب، وإن لم يجد ذلك فبالتصفية والزج بأهله في غياهب السجون.

8- إلغاء شعيرة الجهاد لأنها تذكي الكراهية والعداوة بين بني الإنسان.

4 – الدعوة إلى حوار الأديان وتقاربها ووحدتها

وهذه الدعوة من ضمن المعاول التي يسعى إليها الكفرة والمنافقون وبعض جهلة المسلمين في هدم عقيدة الولاء والبراء القائمة على توحيد الله عز وجل وعبادته وحده لا شريك له. وإن هذه الدعوة اليوم تطرح بقوة وكثافة أكثر من أي وقت مضى، حيث تعقد لها الندوات والمؤتمرات ويتولى الإعلام الماكر بشتی وسائله الدعوة إليها، وتزيينها للناس بشبهات باطلة من زخرف القول، تكاد أن تنطلي بتلبيسها على كثير من جهلة المسلمين، فيا لها من غربة ما أشدها على الدين وأهله، وذلك حين تصبح أصول الدين وشعائره عرضة للجهلة وإفساد المفسدين وشبهات الملبسين وتشكيك المشككين، إذ كيف تطرح هذه الدعوة الباطلة: دعوة التقارب بين ملة التوحيد التي هي ملة الرسل جميعا، وبين ملة الشرك من الأوثان والأنداد. إنهما لا يلتقيان ولا يتحدان ولا يتقاربان أبدا، قال الله عز وجل: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ  * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) [الكافرون:1-6]، وقال سبحانه: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ) [يونس: 32]، وقال سبحانه: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر:29].

أهداف الدعوة إلى حوار الأديان

وللكفرة في طرحهم هذه الدعوة الماكرة أهداف خطيرة، يشاركهم فيها المنافقون من بني جلدتنا، وقد يجهلها كثير من ببغاوات المسلمين، ومن هذه الأهداف:

1- باعث الصد عن سبيل الله وبخاصة دين الإسلام الذي رأى الغرب أبناءه يدخلون في الإسلام زرافات ووحدانا، فأرادوا التلبيس على شعوبهم بأن الفروق بين الأديان فروق شكلية، كلها تؤدي إلى عبادة رب واحد فلا حاجة للتغيير.

2- باعث هدم أصول الدين الإسلامي وثوابته، وبخاصة أصل الولاء والبراء الذي يقتضي تكفير الكافر وبغضه والبراءة منه ومن كفره، وهذا غاية ما يسعون إليه في هذه الدعوات الماكرة، وبخاصة في هذه الأزمنة المتأخرة التي استيقظ فيها المسلمون، ورأوا صورة صارخة من عداء الكفار وعدوانهم وحقدهم على الإسلام وأهله

3- باعث التنصير حيث طرح مجلس الكنائس العالمي أن الحوار وسيلة مفيدة للتنصير؛ لأنه وسيلة لكشف معتقدات وحاجيات الآخر، وهي نقطة البداية الشرعية للتنصير.

4- إسقاط جوهر الإسلام واستعلاؤه وظهوره وتميزه بجعل دین الإسلام المحكم المحفوظ من التحريف والتبديل في مرتبة متساوية مع غيره من كل دين محرف ممسوخ، بل مع العقائد الوثنية الأخرى.

5- الاعتراف بأديانهم واحترام عقائدهم، وتجنب البحث في المسائل العقدية الفاصلة للحفاظ على استمرار الحوار.

6- الدعوة إلى نسيان الماضي التاريخي والتخلص من آثاره، كالذي حصل من الصليبيين في حروبهم الصليبية، وما قاموا به من ظلم وتقتيل وتشريد للمسلمين. والدعوة إلى فتح صفحة جديدة بين الأديان يسودها السلام والعدل والتسامح بزعمهم. ولا يخفى على اللبيب خبث هذه الدعوة وما وراءها، ولكنها لا تنطلي على المسلم الواعي لعقيدته الواعي لتاريخه الواعي لواقعة المعاصر الذي يمارس فيه هؤلاء الكفار الذين يدعوننا إلى الحوار شتی صور القتل والتعذيب والتشريد في بلدان المسلمين..

 5- الدعوة إلى التسامح الديني ونبذ التعصب

وهذه من حججهم الباطلة التي ينادي بها أهل المكر من الكفرة والمنافقين؛ ليمرروا دعوتهم إلى الإنسانية وتقارب الأديان، وهدم عقيدة الولاء والبراء. إن الذين يحاولون تمييع المفاصلة بين المسلمين والكفار بحجة التسامح الديني يخطئون في فهم دين الله الحق، وفهم الأديان المخالفة. كما يخطئون في فهم المعنى الصحيح للتسامح في الإسلام، فهم يفهمونه بفهم الغرب الكافر وأتباعهم من المنافقين، حيث يريد الأعداء الكفرة أن يتسامح المسلمون بتركهم عداوة وبغض الكافر، وأن يتقبلوا العدوان عليهم؟؟ واحتلال ديارهم، وأن يستسلموا للأعداء، أما العدو الكافر فلا حسيب على عدوانه وحقده وكرهه للمسلمين؛ لأنه جاء -بزعمه -لنشر الحرية والعدل والديمقراطية والسلام !!! ومع ذلك نرى من بني جلدتنا من يردد مثل هذه الادعاءات، ولا ندري هل هذا جهل منهم أو خبث وسوء طوية؟

 6- محاربة التوجه السلفي ومحاولة استبداله بمناهج وأفكار أخرى مناوئة له كالصوفية.

يجلي الأستاذ أحمد فهمي خطط هذا الاستبدال بقوله:

(يقوم مفهوم الاستبدال على قيام جهات الضغط الغربية – بطرق غير مباشرة غالبا – بتحفيز وتشجيع تيارات ومناهج أخرى؛ لكي تقوم كبديل للمنهج السلفي في الدول الإسلامية، وتتركز فكرة الاستبدال على وجود رغبة عامة وعارمة لدى الجماهير في التدين.

وانبعاث هذه الفكرة – التبديل بين أنماط التدين – في العقلية الغربية وتناميها لدرجة القناعة، يدل على تطور خطير في نظرتهم وتفسيرهم للسلوك الديني للمسلمين، وقد كانت الفكرة القديمة تنحصر في تجفيف منابع التدين واستبدال الدين بأفكار علمانية براقة، ولكن مع فشل هذه الفكرة، بدأ الكثيرون ينتقلون إلى مرحلة لاحقة، وهي: فلندع المسلمين يتدينون کما یریدون، لكن فلنقدم لهم نحن (التوليفة) المناسبة للتدين.

وتكمن خطورة السلفيين بالنسبة لخصومهم في أنهم يقودون الناس في قطار سریع يصلهم مباشرة بين الواقع ومصادر التشريع، أما غيرهم من التيارات فيأخذون الناس في جولة سياحية تطول وتقصر بحسب المنهج، وأحيانا تتحول الرحلة بمجردها إلى هدف منشود.

والعناصر الرئيسة المتضمنة ل (توليفة) التدين الأمريكية:

1- رموز ودعاة مستقلون يقدمون نمطا متطرفا في تسامحه واعتداله؛ ليبرز النمط السلفي للتدين على أنه متطرف في فهمه وتمسکه بتعاليم الإسلام.

2- غطاء وحاجز سياسي توفره التيارات السياسية التي تنظر للتيارات السلفية على أنها معوق لتقدمها السياسي كما أنها على استعداد لتقديم تنازلات دينية في سبيل تحقيق مكاسب سياسية .

3- الربط الوثيق بين السلفية العلمية والدعوية وبين السلفية الجهادية، بحيث يصبح الجميع منهجا واحدا متعدد المراحل أو المستويات.

4- إفساح المجال في عدد من البلدان الإسلامية لدعاة التصوف، وخاصة الذين طوروا خطابهم في مرحلة ما بعد (11سبتمبر)، والذي يقفزون فيه على كل ما يثير الغرب في الإسلام، ويقدمون صياغة جديدة قابلة للتسويق في الثقافة الغربية.

 ونقدم تفصيلا أكثر لعنصري دعاة الاعتدال والمتصوفة الجدد:

الأول: دعاة الاعتدال

وقد بدأ نجمهم في البزوغ في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد (11 سبتمبر)، وأهم صفتين تمثلان جواز المرور لهذه الفئة من الدعاة أنهم يتجاوزون نقاط الاختلاف الساخنة مع الغرب، ويقفزون على قضايا الولاء والبراء والقضايا العقدية إجمالا، كما أنهم لا يرتبطون غالبا بأي انتماءات لجماعات إسلامية عليها علامات استفهام غربية.

الثاني: المتصوفة الجدد

ونحتاج إلى بعض التفصيل لهذا العنصر نظرا لأهميته وخطورته على الدين الحق، وهناك دلائل كثيرة تشير إلى أن السياسة الأمريكية باتت تنظر إلى الصوفية «المعدلة» على أنها يمكن أن تمثل بديلا مناسبا للتدين لدى عامة المسلمين، ونذكر فيما يلي بعض هذه الدلائل:

في عام (2003م) عقد مرکز نیکسون للدراسات في واشنطن مؤتمرا عنوانه «فهم الصوفية والدور الذي ستلعبه السياسة الأمريكية»، وكان من أبرز الحضور الدكتور برنارد لويس، وهو من أبرز الناقمين على الإسلام، والدكتور کورکوت أوزال شقيق الرئيس التركي الأسبق تورجوت أوزال، ومحمد هشام قباني رئيس المجلس الإسلامي الأمريكي.

ووزع في المؤتمر دراسة بيانية توضح الجماعات والمذاهب الإسلامية والمنتمين إليها، وجاء فيها أن مجموعة السلفية هم الذين ينتمون إلى مدرسة ابن تيمية، وأطلقوا عليها (مجموعة الإسلام السياسي)، ووضعوها داخل دائرة حمراء، واعتبروا من بينها: الوهابية – الجماعات الفلسطينية الإسلامية – الجماعات الإسلامية السلفية، جماعة التبليغ، حزب التحریر.

يعد المجلس الإسلامي الأمريكي الصوفي الذي أسسه هشام قباني مصدر مهم للمعلومات لدى الإدارة الأمريكية عن الإسلام والمسلمين، وكان بول وولفويتز مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق يعقد لقاءات دورية مع أعضاء المجلس للتشاور معهم حول قضايا الإرهاب الإسلامي)3(3) موقع المختصر باختصار..

الهوامش

(1) نقلا عن موقع (أنا مسلم) باختصار وتصرف يسير.

(2) «مذاهب فكرية معاصرة» (ص 510) .

(3) موقع المختصر باختصار.

اقرأ أيضا

أنواع الغزو الذي يتعرض له المسلمون اليوم

الغزو الفكريّ .. حقيقته وركائزه ووسائله

المشروع الأمريكي في حرب أهل السنة .. الحرب الفكرية

 

التعليقات غير متاحة