يبتغي الأزواج حالة السعادة الزوجية بما يوفر للنفس ما حلمت به بالزواج. والأمر بسيط؛ فهو موفور في مأخذ رسول الله، وهو تعبد وسعادة، تؤكده دراسات وإحصائيات حديثة.
مقدمة
هل أغمضت عينيك يوما، ووضعت كفيك خلف رأسك، وسرحت في عالم الخيال، وقلت لنفسك هل هذا ممكن..؟
هل قلتها وأنت تحلم بأقصى درجات السعادة الزوجية، ووجدت نفسك تستبعد تحقيق الحلم، فاكتفيت به وعشته بديلا عن واقع اعتبرته مفروضا عليك..؟
إذا كنت غارقا في دنيا الخيال الزوجي السعيد فإن الخبير الأسري الاجتماعي، ورئيس تحرير مجلة النور الكويتية قدم ملحقا أسريا بعنوان: «مؤمنة» يرشدك إلى واقع أحلى، وأيسر، وأكثر أجرا، فيقول:
السعادة الزوجية تتأتى من خلال أمور بسيطة، وهي ليست مقتصرة على الرجال، بل النساء أيضا مع اختلافات بسيطة بعضها تطبيقه سهل والبعض الآخر صعب، ويحتاج لجهد ومثابرة، واحتمال طويل.
ولكي تصبح هذه النصائح طبعا وخُلقا، بعضها أكثر أهمية؛ وهذه الأهمية تختلف من شخص لآخر.
وهذه النصائح إنما أتت من سيد المرسلين، فلماذا لا ندور حول النبي صلى الله عليه وسلم زوجا، كما يدور التربويون والعسكريون حول النبي صلى الله عليه وسلم قائدا، ومعلما؟
فهو الأول في كل شيء؛ يظهر ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم مع زوجاته مارسها وطبَّقها، وكانت له خُلقا.
والآن في الأبحاث العالمية يصلون إلى ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم منذ ألف وأربعمائة عام. وهذه الذهبيات هي بمثابة نصائح للرجال.
ذهبيات للسعادة
أسمعها كلمة طيبة
أسمِعْها كلمة طيبة؛ فالكلمة الطيبة تكفي دون باقي الذهبيات؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». (1البخاري 6078، ومسلم 1689)
إحدى المؤسسات الأمريكية في نيويورك قامت بإجراء دراسة استفتائية واستطلاع للرأي لعدد (14000) زوج وزوجة لمن مضى عليهم خمس سنوات، وسنُّهم من (25 – 45) سن النضج فطرحت عليهم سؤالا: اذكر ثلاثة أسباب تراها ضرورية للسعادة الزوجية؟
فكانت غالبية الإجابات هي أهمية التعبير عن الحب والعاطفة والمشاركة الوجدانية بين الحين والآخر.
والإسلام أباح الكذب في المشاعر والعواطف لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ قَالَتْ: «وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا» (2مسلم 4717)
فلم يرخص “الكذب” إلا في ثلاث؛ منها: الرجل يحدث امرأته، والمرأة تحدث زوجها.
ويضيف: لي تجربة شخصية استطلعت فيها رأي نساء متزوجات عن رأيهن في أزواجهن عندما يكون الزوج في يوم إجازته، ويطلب منها فنجان شاي أو قهوة وهي تقوم بكل شيء، ولا يفكر في أن يساعدها في أي شيء، فمنهن من وصفته بالأناني، ومنهن من قالت أنا لست امرأة فوق العادة “سوبر”.
استمع لزوجتك ولشكواها
واهتم بها ولا تنصرف عنها، وخصص نصف ساعة لتحدثك فيها زوجتك، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة: «إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ». (3البخاري 4827، ومسلم 4469)
و«بَلَغَ صَفِيَّةَ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ بِنْتُ يَهُودِيٍّ، فَبَكَتْ؛ فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ فَقَالَتْ: قَالَتْ لِي حَفْصَةُ إِنِّي بِنْتُ يَهُودِيٍّ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكِ لَابْنَةُ نَبِيٍّ وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ؛ فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ..؟ ثُمَّ قَالَ” اتَّقِي اللَّهَ يَا حَفْصَةُ». (4الترمذي 3829 وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، وأحمد 11943)
فلا تستهِن في الاستماع إلى زوجتك، وقلِل من المقاطعة لزوجتك أثناء الاستماع إليها.
احترم خصوصيتها
فإذا وجدتها تريد وقتا لحالها فساعدها على ذلك، ولا تتابعْها، فحالتها النفسية تختلف من يوم لآخر.
لا تتردد في الاعتذار إليها
ولا تقُل هذا ينقص من مهابتي، فإذا أخطأت لا بأس من الاعتذار. والمشكلة الإصرار على القسوة والكلمة الجارحة، فكلمة الاعتذار تغلق الباب أمام إبليس اللعين، والله سبحانه يقول: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت:34).
كن مغلوبا لزوجتك
وتبسم لها، وأدخل شيئا من المرح في حوارك معها.
احرص على الحلال
فالحلال له شأن كبير، فإن العبد ليرى أثر الذنب في تعثر دابته وزوجته.
كن تاجرا
فكل ما تنفقه عليها، وعلى أولادك هو تجارة مع الله، وأعظم أجرا من النفقة على الأرملة والمسكين وفي سبيل الله، و«في بُضْع أحدكم صدقة»؛ فكم من أجر وثواب وحسنات تتأتَّى من وراء ذلك. فانتبه!
لقد اكتشفوا في الغرب أن (70 %) من حالات الطلاق تتم أيام حيض الزوجة في الستة أيام الأولى، فتهيأ لأيام دورة زوجتك، واستعد لحالة غير طبيعية منها، واصبر عليها، فلقد عافاها الله من الصلاة أيام الدورة، فعافها أنت من طلباتك وجدالاتك، وتذكر نهيه صلى الله عليه وسلم عن الطلاق في أيام الحيض.
قلِل من اللوم
قال أنس بن مالك: «خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا» (5مسلم 4269، والدارمي 63)؛ فزوجتك أولى من الخادم في تقليل اللوم لها.
تغافل وتغاضى
(مَا اِسْتَقْصَى كَرِيم قَطّ) (6رواه ابن مردويه من كلام علي رضي الله عنه – كنز العمال 4677 بلفظ: (ما استقصى كريم قط، إن الله تعالى يقول: ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾)). فلا تحاول أن تعرف كل شيء؛ يقول الحسن البصري: (مازال التغافل من فعل الكرام).
ولا تَكره زوجتك
﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ (النساء:19) ونزلت الآية في الزوجات.
وأخيراً.. لا تنس أن تدعو لزوجتك لينشرح صدرها.
خاتمة
تحت قول رب العالمين ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: 21) حقائق كبيرة؛ فقد رضيه تعالى أسوة مطلقة بدون محاشاة موضع؛ فهو أسوة مطلقة فيما دق وجل، فمأخذه في الحياة بتنوعاتها مرضي عند رب العالمين بل أمر تعالى باقتفاء أثره.
وعليه؛ فهذا معين لا ينضب ومأخذ ميسور المنال مريء العاقبة خيّر الأثر؛ لا يُحرم منه إلا محروم.
………………………………
الهوامش:
- البخاري 6078، ومسلم 1689.
- عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ قَالَتْ: «وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا» مسلم 4717.
- البخاري 4827، ومسلم 4469.
- الترمذي 3829 وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، وأحمد 11943.
- مسلم 4269، والدارمي 63.
- رواه ابن مردويه من كلام علي رضي الله عنه – كنز العمال 4677 بلفظ: (ما استقصى كريم قط، إن الله تعالى يقول: ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾).
المصدر:
- “رفقاً بالقوارير – نصائح للأزواج”، أمة الله بنت عبد المطلب، ص129-136.