في شأن سوريا، العربية المسلمة؛ يجتمع الروس والأمريكان والصهاينة ليقضوا فيها أمرهم ويقطعون لحمها ويمزقونها على أهوائهم، وأصحاب الشأن لا يُستأذنون ولا يحضرون..!

الخبر

“في مشهد أطّر الانطلاقة المتجددة للحلف الثلاثي بالشرق الأوسط، والذي يجمع إسرائيل وأميركا وروسيا، افتتحت الثلاثاء (25/6/2019) بالقدس المحتلة أعمال القمة الأمنية للدول الثلاث، والتي بدأت بموقف توافقي حول المستقبل السياسي بسوريا في ظل بقاء نظام بشار الأسد، وقد تباينت المواقف حول دور إيران بسوريا والمنطقة.

وعكست القمة الأمنية الثلاثية ـ التي ترأسها رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، وجمعت مستشار الأمن القومي الإسرائيلي “مائير بن شبات” ومستشار الأمن القومي الأميركي “جون بولتون” ونظيره الروسي “نيكولاي باتروشيف” عمق التعاون والتنسيق الإستراتيجي بين هذه الدول، والسعي لإعادة تعزيز الحلف بينها والإجماع على مكانة ودور إسرائيل بالشرق الأوسط.

وبحثت القمة العديد من المواضيع والقضايا الإقليمية، ولكن بالدرجة الأولى تمت مناقشة ما يدور بسوريا وإيران، وفي الوقت الذي توافقت الدول الثلاث مبدئيا على بقاء نظام بشار الأسد بأي تسوية سياسية مستقبلية، تباينت المواقف بشأن إيران.

– الاجتماع يشكل تطورا نوعيا غير مسبوق، كونه يعيد روسيا إلى المنطقة، كما أن إسرائيل أصبحت تساهم في رسم الخرائط بموافقة دولية، بعد أن أصبحت لها السيادة في ظل واقع عربي سيئ للغاية. والاجتماع “خطير للغاية” لأن المناطق التي تختلف بشأنها لا تشكل جزءا من أراضيها.

– يؤكد الروس أن الموقف الروسي يقوم على الدفاع عن إيران سياسيا، وأنه من الصعب بمكان على روسيا إيقاف التدخل الإيراني في سوريا، لأن طهران تعتبرها بلدا مهما للحفاظ على أمنها، وعلى هذا الأساس تكتفي روسيا بتقديم طلبات لينة ومعتدلة للابتعاد عن مناطق الحدود مع إسرائيل.

– إسرائيل المستفيد الأول من الاجتماع لأنها تمتن علاقاتها مع الطرفين، فضلا عن كونها أصبحت طرفا في تقسيم الأدوار والوضع الجيوسياسي القابل للتغير في المنطقة.

– روسيا مهتمة بأمن إسرائيل، وسوريا قد تُحسم لروسيا، إلا أن العقبة أمامها هي التواجد الإيراني.

– إسرائيل تريد أمنا مضاعفا من أميركا وروسيا. (1الجزيرة، 25/6/2019، على الرابط:
توافق إسرائيلي أميركي روسي حول سوريا وتباين بشأن إيران
الجزيرة، 25/6/2019، على الرابط:
وسط غياب عربي .. أميركا وروسيا وإسرائيل تتقاسم كعكة المنطقة
)

التعليق

عندما يقع الأمر على النحو المذكور في الخبر فهنا يجب أن تتعرى تلك الأنظمة الجاثمة على قلب الأمة، والتي تحشد السلاح ومئات الآلاف من الجنود، وتنفق الميارات على التسليح وهو موجه الى شعوبها..! وتستأسد على “الأمة” بينما هي مستبعَدة عن قرارات الأمة نفسها، وعن قرارات بلادها، بل لا يؤخذ رأيها في منطقتها؛ إنما تُفرض عليها الأمور فرضا؛ فغيرهم يرسم الخرائط ويحدد ما يبقى من الأنظمة وما يرحل منها، وما يضمن أمن الصهاينة حيث يضعه الصهاينة بأنفسهم على الطاولة ويحددون ما يرغبونه وأماكن قوات الرافضة والعلويين وكيف يتآمرون على الأمة من السُنة الكرام.

هنا تسقط المزاعم و”السمو” الملكي والأميري و”فخامة” الرؤساء وغيرهم؛ كما يسقط “شرف” الجيوش، التي يزعم لها أنها “حافظت على البلاد وأنقذتها”..! بينما هي لا تملك من أمرها شيئا. وقد صدق القائل قديما فيما يشبه أوضاعهم اليوم:

مما يزهدني في أرض أندلس    …   أسماء معتضد فيها ومعتمد

ألقاب مملكة في غير موضعها  … كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

لم ينقذوا أحدا ولم يحققوا للأمة أملا ولا خيرا. بل هم عبيد تُقضى أمورهم في غيابهم ولا يُستأذنون وهم شهود، كما قال القائل قديما:

ويُقضى الأمر حين تغيب “تيم” .. ولا يُستأمرون وهم شهود

يقول البعض أنه لو رأى ما نحن فيه اليوم لعدّل شعره ليصبح:

           وَيُقْضى في “شأن” تيم حينَ تَغيبُ تَيْمٌ       وَلا يُسْتَأمَرُونَ “بشأنهم” وَهُمْ شُهُودُ

إنها أنظمة منتفشة بلا قوة حقيقية، إنما لها وظيفة تؤديها؛ حيث حضر العدو وغابت الأمة وانتفشت الشياطين.

إنهم يستطيعون سجن العلماء والدعاة، وقتل المؤمنين تحت التعذيب، وتهديد الناس والتسمّع لكلماتهم وأخبارهم ليحفظوا الأنظمة ومصالح العدو الصهيويني والصليبي الغربي؛ لكنهم أعجز وأذل من أن يكون لهم كلمة فضلا عن دور شريف.

كما ينبغي معرفة أنه لحضور الأمة وأخذها لدورها فإنها لا بد أن تواجه العدو الحقيقي، المتمثل في تلك القوى الثلاث التي تتعاون وتتبادل الأدوار ـ وإن اختلفت في تقسيم الكعكة.

ولن تحدث تلك المواجهة الحقيقية إلا عندما تتساقط تلك الأوضاع المخزية اليوم، وعندها تكون المواجهة الحقيقية والجادة للحضور والعودة.

وهنا نؤكد ما ذكرناه في مقالات سابقة ـ وا لعلم عند الله ـ من أن دولة اليهود لن تسقط قبل أن تسقط الأنظمة الطاغوتية التي تحميها وتعترف بها؛ ولله الأمر من قبل ومن بعد.

ثمة ثمن لا بد أن تدفعه الأمة، لكن أن تدفعه بشرف ـ كما اعتادت طوال تاريخها ـ خير بكثير من أن تدفعه تحت مطارق الخزي والتبعية.

لقد اعتادت هذه الأمة على شرف الجهاد والمواجهة واسترداد عزتها، وهي لا تُعدم أبناءها من الشرفاء والمجاهدين ولم تعدم دعم الأمة بأطيافها كلها.. عندما يزول هؤلاء الشياطين والعملاء.

لكن فقط أن توضع على الطريق فتتفجر فيها ينابيع الخير.

…………………………………………………

هوامش:

  1. الجزيرة، 25/6/2019، على الرابط:
     توافق إسرائيلي أميركي روسي حول سوريا وتباين بشأن إيران 
    الجزيرة، 25/6/2019، على الرابط:
    وسط غياب عربي .. أميركا وروسيا وإسرائيل تتقاسم كعكة المنطقة

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة