من أعلام الأمة الذين واجهوا الانحرافات والعقائد الهدامة، وكتب ما يشهد له أنه ما رضي باغتصاب فلسطين والقدس، ولا رضي بدبيب العقائد الملحدة بين المسلمين .. الشيخ حسنين مخلوف.

مقدمة

فضيلة الشيخ حسنين مخلوف من بقايا السلف الصالح في علمه ومواقفه، عاش مئة عام حافلة بجلائل الأعمال، ملأها علماً، وعبادة، ودعوة إلى الله على بصيرة، وتصدياً لأصحاب الأهواء والمذاهب الهدامة، ولأدعياء العلم والفتوى، وللسائرين في ركاب الطغيان، ولم يأبه لما أصابه، ولِما قد يصيبه جراء مواقفه الجريئة الصادعة بالحق، وكان بذلك كالإمام أحمد في تصديه للمبتدعة، وللسائرين في ركاب ذوي الأهواء من أدعياء العلم..

وهكذا كان شيخنا الجليل في عصرنا الذي اضطربت فيه العقائد، وزلزلت النفوس، وطأطأت الهامات للجبارين، فبقي شامخاً معبراً عن الإسلام الحق، الإسلام المصفى من كل ألوان البدع الفكرية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.

المولد والنشأة

هو الشيخ حسنين ابن الشيخ محمَّد حسنين مخلوف العدوي، وُلِدَ يوم (السبت 16 من رمضان 1307هـ= 6 مايو سنة 1890م) بباب الفتوح بالقاهرة، تعهَّده والده الشيخ محمَّد حسنين مخلوف ـ الذي كان مديرًا للجامع الأزهر ـ بالرعاية والعناية؛ فحفظ القرآن الكريم بصحن الأزهر حتى أتمَّه وهو في العاشرة من عمره، كما جوَّد قراءته على شيخ القرَّاء «محمَّد علي خلف الحسيني»، ثم التحق بالأزهر طالبًا وهو في الحادية عشرة من عمره، وتلقَّى دروسه في مختلف العلوم على كبار الشيوخ، وكان منهم والده الشيخ «محمَّد حسنين مخلوف العدوي»، والشيخ «محمد الطوخي»، والشيخ «يوسف الدجوي»، والشيخ «محمد بخيت المطيعي»، والشيخ «عبد الله دراز» وغيرهم.

ولمـَّا فَتحت مدرسة القضاء الشرعي أبوابها لطلاب الأزهر تقدَّم للالتحاق بها، وكانت تصطفي النابغين من المتقدِّمين بعد امتحانٍ عسيرٍ لا يجتازه إلَّا الأكْفَاء المتقنون، ثم حصل على شهادة العَالِميَّة لمدرسة القضاء سنة (1332هـ)، في يونيو سنة (1914م) وهو في الرابعة والعشرين من عمره، وكان من أعضاء لجنة امتحانه الشيخ “سليم البشري” شيخ الجامع الأزهر، والشيخ بكري الصدفي مفتي الديار المصريَّة.

مناصب الشيخ

وبعد تخرُّجه أخذ يُلقي دروسه في الأزهر متبرِّعًا لمدَّة عامين إلى أن عُيِّن قاضيًا بالمحاكم الشرعيَّة في قنا سنة (1334هـ=1916م)، ثم تنقَّل بين عدَّة محاكم في «ديروط» و«القاهرة» و«طنطا»، حتى عُيِّن رئيسًا لمحكمة الإسكندريَّة الكلِّيَّة الشرعيَّة سنة (1360هـ=1941م) ثم رُقِّي رئيسًا للتفتيش الشرعي بوزارة العدل سنة (1360هـ=1942م).

وفي أثناء تولِّيه هذه الوظيفة المرموقة أسهم في المشروعات الإصلاحيَّة، مثل إصلاح قانون المحاكم الشرعيَّة، وقانون المجالس الحسبيَّة، ومحاكم الطوائف المحلِّيَّة، كما انتُدب للتدريس في قسم التخصُّص بمدرسة القضاء الشرعي لمدَّة ثلاث سنوات، ثم عُيِّن نائبًا للمحكمة العليا الشرعيَّة سنة (1363هـ=1944م)، ثم تولَّى منصب الإفتاء فعمل مفتيًا للديار المصرية في الفترة من (26 صفر سنة 1365هـ= 30 من يناير سنة 1946م- 20 من رجب سنة 1369هـ= 7 من مايو سنة 1950م)، وعُيِّن عضوًا بجماعة كبار العلماء بالأزهر سنة (1367هـ=1948م).

ومنذ انتهت خدمته القانونيَّة لم يركن إلى الدَّعة والراحة، بل أخذ يُلقي دروسه بالمشهد الحسيني يوميًّا، ويُصدِر الفتاوى والبحوث المهمَّة، إلى أن أُعيد مُفتيًا للديار مرَّةً ثانيةً في (غُرَّة جمادى الآخرة من عام 1371هـ= 26 فبراير سنة 1952م)، وظلَّ في الإفتاء حتى (صفر من عام 1374هـ= أكتوبر سنة 1954م)، وقد أصدر خلالها حوالي (8588) فتوى مسجَّلة بسجلَّات دار الإفتاء.

بعدها عمل الشيخ رئيسًا للجنة الفتوى بالأزهر الشريف مدَّةً طويلة، كما اختير عضوًا لمجمع البحوث الإسلاميَّة بالأزهر، وتولَّى رئاسة جمعيَّة البحوث الإسلاميَّة بالأزهر، وتولَّى رئاسة جمعيَّة النهوض بالدعوة الإسلاميَّة، وكان عضوًا مؤسِّسًا لرابطة العالم الإسلامي بالمملكة العربيَّة السعوديَّة، وشارك في تأسيس الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة، واختير في مجلس القضاء الأعلى بالسعوديَّة.

موقفه من القضية الفلسطينية

كانت له مواقف عديدة منها:

المشاركة في صدور (نداء علماء الأزهر سنة 1947 بوجوب الجهاد لإنقاذ فلسطين وحماية المسجد الأقصى):

“إن الخطب جلل، وإن هذا اليوم الفصل وما هو بالهزل، فليبذل كل عربي وكل مسلم في أقصى الأرض وأدناها من ذات نفسه وماله ما يرد عن الحمى كيد الكائدين وعدوان المعتدين.

سدوا عليهم السبل، واقعدوا لهم كل مرصد، وقاطعوهم في تجارتهم ومعاملاتهم، وأعدوا فيما بينكم كتائب الجهاد، وقوموا بفرض الله عليكم، واعلموا أن الجهاد الآن قد أصبح فرض عين على كل قادر بنفسه أو بماله، وأن من يتخلف عن هذا الواجب فقد باء بغضب من الله وإثم عظيم.

﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (التوبة:111).

ولتتجاوب الأصداء في كل مشرق ومغرب بالكلمة المحببة إلى المؤمنين:

الجهاد، الجهاد، الجهاد، والله معكم”.

ثم تكرر قيامه بالواجب تجاه القضية

ففي يناير سنة (1956م) أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف برئاسة الشيخ “حسنين مخلوف” فتواها بشأن الموقف الإسلامي من إنشاء ما يُسمى، دولة إسرائيل ومن الدولة الاستعمارية التي تساندها ومن الصلح معها ، وكان الجواب التالي:

“فلا يجوز للمسلمين أن يصالحوا هؤلاء اليهود الذين اغتصبوا أرض فلسطين واعتدوا فيها على أهلها وعلى أموالهم على أي وجه يمكن اليهود من البقاء كدولة في أرض هذه البلاد الإسلامية المقدسة، بل يجب عليهم أن يتعاونوا جميعًا على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأجناسهم لرد هذه البلاد إلى أهلها، وصيانة المسجد الأقصى مهبط الوحي ومصلى الأنبياء الذي بارك الله حوله، وصيانة الآثار والمشاهد الإسلامية من أيدي هؤلاء الغاصبين وأن يعينوا المجاهدين بالسلاح وسائر القوى على الجهاد في هذا السبيل وأن يبذلوا فيه كل ما يستطيعون حتى تطهر البلاد من آثار هؤلاء الطغاة المعتدين..

ومن قصّر في ذلك أو فرط فيه أو خذل المسلمين عنه أو دعا إلى ما من شأنه تفريق الكلمة وتشتيت الشمل والتمكين لدول الاستعمار والصهيونية من تنفيذ خططهم ضد العرب والإسلام وضد هذا القطر العربي والإسلامي؛ فهو في حكم الإسلام مفارق للجماعة المسلمة ومقترف أعز الآثام..

ولا ريب أن مظاهرة الأعداء وموادتهم يستوي فيها إمدادهم بما يقوي جانبهم ويثبت أقدامهم بالرأي والفكرة وبالسلاح والقوة ـ سرًّا وعلانية ـ مباشرة وغير مباشرة، وكل ذلك مما يحرم على المسلم مهما تخيل من أعذار ومبررات.

ومن ذلك يعلم أن هذه الأحلاف التي تدعو إليها الدول الاستعمارية وتعمل جاهدة لعقدها بين الدول الإسلامية ابتغاء الفتنة وتفريق الكلمة والتمكين لها في البلاد الإسلامية والمضي في تنفيذ سياساتها حيال شعوبها لا يجوز لأي دولة إسلامية أن تستجيب لها وتشترك معها لِما في ذلك من الخطر العظيم على البلاد الإسلامية وبخاصة فلسطين الشهيدة التي سلمتها هذه الدول الاستعمارية إلى الصهيونية الباغية نكاية في الإسلام وأهله وسعيًا لإيجاد دولة لها وسط البلاد الإسلامية لتكون تكأة لها في تنفيذ مآربها الاستعمارية الضارة بالمسلمين في أنفسهم وأموالهم وديارهم، وهي في الوقت نفسه من أقوى مظاهر الموالاة المنهي عنها شرعًا والتي قال الله تعالى فيها: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ (المائدة:51).

موقفه من الشيوعية والاشتراكية

يعلن رحمه الله أن:

الإسلام الحنيف والشيوعية الحاقدة الضالة لا يمكن أن يجتمعا في تراب واحد..

فحين اتسع الحديث عن الشيوعية عقب قيام الثورة، وكتب المغالون في تمجيدها، وكأنها معجزة الإنقاذ مما يتهدد العالم من أهوال، وتحرشوا في صحفهم المأجورة بكل من يبدي رأياً معارضًا، بل إن أحد المنتسبين للعلم قد جاهر بأن الشيوعية من صميم مبادئ الإسلام..

حين انتشر هذا اللغط، وُوجه الشيخ مخلوف بسؤال عن حقيقة الشيوعية، ومدى صلتها بالإسلام، لم يتوان لحظة عن أداء واجبه الديني، وأعلن فتواه في الأهرام صريحة مجلجلة ومما جاء فيها..

“مما لا خفاء فيه أن الشرائع السماوية ضرورية للبشر في الحياة العلمية والعملية، الفردية والاجتماعية، فهي التي تعلم وتهذب، وترشد وتوجه، وتقيم في النفوس الوازع الأقوى من الانقياد للأهواء والشهوات، واقتراف المآثم والسيئات، وتغرس فيها الرغبة في الخير والعمل الصالح، والعزوف عن الشر والعمل الفاسد؛ طمعا في المثوبة وفرَقا من العقوبة اللتين وعد وتوعد بهما رب العباد، وقال: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ  وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾.

وهذه الشرائع الإلهية هي الدستور الإلهي الحكيم الذي إذا انتهجه الناس في الحياة سادهم الأمن والسلام، وانتظمت شؤونهم المعاشية، وقامت بينهم العلاقات على المحبة والإخاء والتعاطف، والتراحم والتعاون والتناصر، والخير والبر، واحترام الحقوق والواجبات، كما يشير إليه قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وفي ظل هذه الأخوة تتحقق كل السعادة للمؤمن.

ولهذا، وبهذا؛ بعث الله سبحانه الرسل إلى الأمم، وأنزل الكتب والشرائع نصرة وهداية وتقويما وإصلاحا للفرد والجماعة، وقطعا للمعاذير، وحجة على العالمين: ﴿رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾، ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾  .

فأين مِن هذا الدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده دينا، وشرعه لهم منهجا قويما، تلك البدعة الشيوعية والضلالة العمياء، والجهالة الجهلاء التي ذرَّ بها قرن الشيطان في هذه الأزمان، فجحدت الإله والألوهية والكتب السماوية والرسالات والنبوات، وازدرت بالأديان كلها، وتنكرت لما جاءت به من عقائد وأحكام وعلوم، وحاربت كل ما يرتبط بها من معاهد ومعابد، ونكّلت بالمتدينين، وخاصة دين الإسلام وأمته وكتابه ومساجده ومعاهده وتراثه العقائدي والعلمي إلى حد الإبادة والاستئصال، كما وقع في المناطق التي منيت بالشيوعية كالتركستان الغربية التي كانت تضم نحو أربعين مليونا من المسلمين، فأبادتهم جميعا..؟!

إن الإسلام الحنيف والشيوعية الحاقدة الضالة لا يمكن أن يجتمعا في تراب واحد.

إن ذلك الاجتماع محال: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. ولْيعلم كل مسلم أنه لا نجاة للمسلمين من شرور هذه الشيوعية الباغية الضالة وأخطارها إلا باعتصام المسلمين عامة بكتاب ربهم وهدي نبيهم، في كل شؤونهم العلمية والعملية والفردية والاجتماعية، والاستضاءة بهما في كل سبيل، ففيهما الهدى والنور والوقاية من كل الشرور، والسعادة والنجاة في الحياة وبعد الممات، والله تعالى يقول: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾، ويقول: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾، ويقول: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، ويقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾. ويقول: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾. ويقول: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾…”.

الإسلام والمرأة

كان مما كتب في شأنها:

“عنى الإسلام أتم عناية بإعداد المرأة الصالحة للمساهمة مع الرجل في بناء المجتمع على أساس من الدين والفضيلة والخلق القويم .

وفي حدود الخصائص الطبيعية لكل من الجنسين، فرفع شأنها وكون شخصيتها وقرر حريتها وفرض عليها كالرجل طلب العلم والمعرفة، ثم ناط بها من شئون الحياة ما تهيؤها لها طبيعة الأنوثة وما تحسنه حتى إذا نهضت بأعبائها كانت زوجة صالحة وأما مربية وربة منزل مدبرة، وكانت دعامة قوية في بناء الأسرة والمجتمع..

وكان من رعاية الإسلام لها حق الرعاية أن أحاط عزتها وكرامتها بسياج منيع من تعاليمه الحكيمة، وحمى أنوثتها الطاهرة من العبث والعدوان، وباعد بينها وبين مظان الريب وبواعث الافتتان؛ فحرَّم على الرجل الأجنبي الخلوة بها والنظرة العارمة إليها، وحرَّم عليها أن تبدى زينتها إلا ما ظهر منها، وأن تخالط الرجال في مجامعهم، وأن تتشبه بهم فيما هو من خواص شئونهم، وأعفاها من وجوب صلاة الجمعة والعيدين مع ما عرف عن الشارع من شديد الحرص على اجتماع المسلمين وتواصلهم وأعفاها في الحج من التجرد للإحرام، ومنعها الإسلام من الأذان العام وإمامة الرجال للصلاة، والإمامة العامة للمسلمين، وولاية القضاء بين الناس، وأثَّم من يوليها بل حكم ببطلان قضائها على ما ذهب إليه جمهور الأئمة، ومنع المرأة من ولاية الحروب وقيادة الجيوش، ولم يُبح لها من معونة الجيش إلا ما يتفق وحرمة أنوثتها .

كل ذلك لخيرها وصونها وسد ذرائع الفتنة عنها والافتتان بها حذرا من أن يحيق المجتمع ما يفضى إلى انحلاله وانهيار بنائه. والله أعلم بما للطبائع البشرية من سلطان ودوافع وبما للنفوس من ميول ونوازع والناس يعلمون والحوادث تصدق” .

مؤلفات الشيخ وتحقيقاته

شغل عمل الشيخ في القضاء والإفتاء عن التفرغ للتأليف والتصنيف، واستأثرت فتاواه بجل وقته، ووعي ثروة فقهية عظيمة احتاج إصدارها إلى مراجعة لكتب الفقه والحديث وترجيح بين الآراء المتعارضة حتى يصل إلى الجواب الشافي الذي يطمئن إليه فيفتي به السائل، وقد جُمِعت فتاواه التي أصدرها في مجلدين كبيرين.

ونبهه عمله بالفتوى والقضاء إلى ما ينفع الناس من الكتب، ويسد حاجاتهم، فاتجه إلى التأليف الوجيز الذي يعالج قضية أو يحل مشكلة سائرة؛ فحين رأى كثرة السائلين في حلقات درسه عن بعض معاني القرآن، وجد أنه من الضروري أن يضع كتابين، يختص أحدهما ببيان معاني الكلمات القرآنية وأطلق عليه “كلمات القرآن تفسير وبيان” وقد رزق الكتاب شهرة واسعة فأقبل عليه الناس وتعددت طبعاته، أما الآخر فهو أكثر اتساعًا من الأول في بيان معاني القرآن وسماه “صفوة البيان لمعاني القرآن”. أما مؤلفاته الأخرى، فمنها:

  • آداب تلاوة القرآن وسماعه.
  • أسماء الله الحسنى والآيات القرآنية الواردة فيها.
  • أضواء من القرآن في فضل الطاعات وثمراتها وخطر المعاصي وعقوباتها.
  • شرح البيقونية في مصطلح الحديث.

وفاة الشيخ

طالت الحياة بالشيخ حتى تجاوز المائة عام، قضاها في خدمة دينه داخل مصر وخارجها، حيث امتدَّت رحلاته إلى كثيرٍ من البلاد العربيَّة ليُؤدِّي رسالة العلم، ويُلقي دروسه، أو يُفتي في مسائل دقيقة تُعرض عليه، أو يُناقش بعض الأطروحات العلميَّة في الجامعات، وظلَّ على هذا النحو حتى لقي ربَّه في (19 من رمضان 1410هـ= 15 من أبريل 1990م).

………………………………..

 المصادر:

  • أحمد عمر هاشم: المحدثون في مصر والأزهر، مكتبة غريب، القاهرة، 1993م.
  • محمد رجب البيومي: النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين، دار القلم، دمشق، (1420هـ= 1999م).
  • محمد خير رمضان يوسف: تتمة الأعلام للزركلي، 1/ 140، 141، دار ابن حزم، بيروت، (1418هـ=1998م).
  • محمد حسام الدين: فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف ـ مجلة الأزهر ـ السنة الثالثة والستون، الجزء الخامس، (1411هـ=1990م).
  • الأزهر الشريف: فتاوي خطيرة لشيخ الأزهر وكبار العلماء في وجوب الجهاد الديني، ص 3 ـ 6.
  • مجلة الأزهر: المجلد السابع والعشرون، سنة 1955، 1956، ص 682 ـ 686.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة