هذا النص يعبر عن رؤية عميقة لجوهر الدعوة الإسلامية وثمن التمكين لها، مستندًا إلى سنة الله في ابتلاء المؤمنين وضرورة الصبر على طريق الأنبياء. إنه يربط بشكل قوي بين اتباع منهج السلف الصالح (كأهل بدر) وبين حتمية مواجهة العداوات والتحديات.
طريق التمكين: بين منهج البدريين وعداوة العالم
اتباع الإسلام الذي كان عليه البدريون والسعي للتمكين له يجلب العداوات من كل حدب وصوب .
وطن نفسك على تحمل تبعات قيامك مقام الأنبياء. فهذه سنة لا تقبل التغيير إلا إذا غيرت مفاهيم الإسلام حتى تتفق مع أصول الجاهلية.
قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142].
{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2-3].
كلمة ورقة: نبوءة صدق عن حتمية الصد والمواجهة
في فجر الدعوة حين نزل الوحي على المصطفى صلى الله عليه وسلم لأول مرة، انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ابن عمها وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، أي نزول الوحي عليه فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو مخرجي هم؟!»، قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي)1(1) صحيح البخاري (1/ 7)..
فكل صادق في اتباعه صلى الله عليه وسلم مترسم لمنهاجه فلا بد أن يناله الأذى. (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة)2(2) صحيح على لين فيه..
الهوامش
(1) صحيح البخاري (1/ 7).
(2) صحيح على لين فيه.
المصدر
صفحة الدكتور سليم سرار، على منصة ميتا.