ما فعله نتنياهو، إضافة لجرائمه في غزة، أنه أدخل الكيان في أزمة غير مسبوقة، وأوْهنَ الجيش، وبثَّ الشقاق في كل مكان، ومكَّن المتطرفين من مراكز القرار، وسمح بتسليح ٤٠٠ ألف مستوطن يمكن أن يشكلوا نواة حرب أهلية.

“غوانتنامو إسرائيلي”.

تقرير في “هآرتس” عن متابعتها لما يحدث في معتقل سدي تيمان منذ 10 أشهر.. لكن القضية باتت أكبر بعد وقائع الأمس.

مما قالته:

“رويدا رويدا بدأت الصورة تتضح، ومعها أبعاد الأفعال الفظيعة. تبيّن أن سدي تيمان منشأة تعذيب بشكل واضح، تحدث فيها أمور فظيعة جدا. الشهادات التي بدأت تصل من أشخاص يخدمون في هذه المنشأة أو من الذين تحرّروا منها، كانت شهادات فظيعة. ظروف اعتقال غير إنسانية، تنكيل حقيقي بما في ذلك التحرّش الجنسي ومنع النوم وإسماع موسيقى صاخبة لفترة طويلة وعنف جسدي قاس. ليس عبثا أن سدي تيمان حصلت على لقب (غوانتنامو  إسرائيلي)”.

ما الذي يجري داخل معتقل سدي تيمان الإسرائيلي؟..

اقتحم مئات المتطرفين الإسرائيليين من تيار أقصى اليمين معسكر الاعتقال في قاعدة سدي تيمان العسكرية بصحراء النقب، حيث يحتجز الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية أسرى من قطاع غزة منذ بداية الحرب، وذلك بعد أن أوقفت الشرطة العسكرية 9 من جنود الاحتياط، للتحقيق معهم بشبهة الاعتداء جنسيا والتعذيب والتنكيل بعديد من الأسرى.

ومكث المقتحمون داخل القاعدة لبعض الوقت، حيث ساندهم في الاقتحام والاحتجاج عشرات من جنود الاحتياط، ملثمين ومسلحين، وحمل بعضهم شعار “القوة 100” على زيهم العسكري.

ووقعت صدامات بين ضباط الشرطة العسكرية من جهة وجنود الاحتياط وناشطي أقصى اليمين من جهة أخرى، حيث حاولوا منع احتجاز الجنود الذين يشتبه بأنهم اعتدوا جنسيا على أحد أسرى غزة، وقد نقل إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع وهو يعاني جروحا خطيرة.

وتمكنت الشرطة العسكرية في نهاية المطاف من نقل الجنود الموقوفين إلى قاعدة بيت ليد العسكرية شمال تل أبيب لاستكمال التحقيقات، لكن أنصار اليمين ما لبثوا أن توجهوا إلى تلك القاعدة أيضا وتمكنوا من اقتحامها.

وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن الجيش يستعد للدفع بكتيبتين من لواء ناحل لتأمين قاعدة بيت ليد.

ما الجماعات التي اقتحمت المعتقل؟ ومن يساندهم سياسيا؟

نشطاء من معسكر اليمين يتقدمهم أعضاء في الكنيست من الائتلاف الحاكم، خاصة حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو و”الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش ومن حزب “عظمة يهودية” برئاسة إيتمار بن غفير، اقتحموا سدي تيمان، وذلك في محاولة لإطلاق سراح الجنود الموقوفين من قبل الشرطة العسكرية بشبهة التنكيل والتعذيب الجنسي لمعتقل فلسطيني من غزة.

وتوجه المئات من المتظاهرين إلى مدخل المعتقل العسكري احتجاجا على توقيف الجنود، واقتحم المتظاهرون البوابة ودخلوا القاعدة، وبرفقتهم عضو الكنيست تسفي سوكوت من الصهيونية الدينية، وعضو الكنيست نيسيم فاتوري من الليكود، والوزير عميحاي إلياهو، الذي تم تصويره وهو يصرخ مع المتظاهرين: “الموت للإرهابيين”، وحضر أيضا عضو الكنيست ألموغ كوهين من حزب “عظمة يهودية” الذي دعا إلى التقدم واقتحام الأقفاص الحديدية التي يحتجز بها المعتقلون، لكن الجنود أوقفوهم.

العنوان الرئيسي في كيان العدو هو..إسرائيل تنهار

ما تشاهده الآن في بيت ليد هو ذروة تفكك المجتمع الصهيوني، هذه المشاهد كان من المستحيل رؤيتها قبل عشرين عام حين كانت (إسرائيل قوية وكانت دولة)، الآن نحن نتحدث عن مجتمع مليشيات تتصارع مع بعضها البعض وفي لحظة ما سنصل لحالة من الصراع الداخلي الدموي..

أن تقرر قيادة الجيش تأجيل اجتماع متعلق بالأمن القومي والرد على لبنان بسبب صراع داخلي فهذا يعني أن الانهيار بلغ ذروته..

أن يقرر بن غفير عدم إرسال عناصر الشرطة لوقف اقتحام المحكمة العسكرية في بيت ليد، واضطرار الجيش لاستدعاء قوات من غزة والضفة للتعامل مع هذه التطورات فهذا يعني أن الكيان يتآكل ويظهر عجز غير مسبوق..

هذا الحدث في تقديري مفصلي، وسيكون له ما بعده حتى لو نجحت قيادات العدو في تجاوز هذه الأزمة لحظياً..

المهم.. الجميع يسأل أين نتنياهو ؟!

“رمز لانهيارنا”!

اسمع هذه الصرخة من أهم محللي صحيفة “معاريف”.

“إسرائيل ليست على حافّة الفوضى، بل في حالة فوضى. الفيديوهات التي تُظهر عشرات أو مئات المواطنين يحاولون اقتحام بوابات القواعد العسكرية، بينما يقف على الجانب الآخر الجنود النظاميون، محرجين، ويحاولون منعهم، هي رمز لانهيارنا.

الشخص الذي أثار كل هذا (نتنياهو) أصدر يوم أمس بيان إدانة ضعيف، لم يتجاوز السطر ونصف السطر. ملاك الخراب على بُعد خطوة من إنهاء مهمَّته: التدمير النهائي والكامل للحلم الصهيوني”. (انتهى).

تتوحّد الأمم في حالات التهديد الوجودي، لكن هؤلاء يُمعنون في النزاع والشرذمة.

ما يجري في إسرائيل بداية .. والقادم حرب أهلية

ما نشاهده في “بيت ليد” ليس صراعاً بين جنود ومتطرفين متشددين، بل أشد وأقسى، وارتداد لأزمة أعمق، إنه حربٌ حول الهُوية والدولة والسيطرة والنفوذ، حربٌ وجودية، من يربحها يُهيمن، ومن يخسرها يخرجُ مذموماً منبوذاً.

إسرائيل دولة اشتقاق من المنظومة الغربية، ترضعُ من ثديها، وتمرضُ معها، وقد بلغت حدَّاً لم يعد بمقدورها تجاوز الانشقاقات، وحل النزاعات، وباتت الدولة بمؤسساتها أسيرة نفوذِ حفنةٍ صاخبةٍ من المتطرفين، يروِّجون للحرب، ويتبنَّون القمع، ويمزقون المجتمع، وينشرون الفوضى فيه.

ما فعله نتنياهو، إضافة لجرائمه في غزة، أنه أدخل الكيان في أزمة غير مسبوقة، وأوْهنَ الجيش، وبثَّ الشقاق في كل مكان، ومكَّن المتطرفين من مراكز القرار، وسمح بتسليح ٤٠٠ ألف مستوطن يمكن أن يشكلوا نواة حرب أهلية.

قلتً قبل فترة إن نتنياهو لن يغادر قبل أن يفتِّت إسرائيل من الداخل، ويدفع مجتمعه المحلي لحربٍ أهلية، ويبدو أنه يفعل ذلك بتفانٍ وإخلاص.

غزة أحد أهم المستفيدين من تطور هذا الصراع، فالجنود سيعانون من تردٍّ في المعنويات، وبعضهم سينكفئ للداخل، والثقة بالمستوى السياسي تتآكل، والصراع بين المكونات يشتد.

إسرائيل تتآكل .. والحروب لم تعد فرصة للهروب من أزمات الداخل ..

هذه المرة نجح نتنياهو في التدمير الذاتي..

المصادر

ما الذي يجري داخل معتقل سدي تيمان الإسرائيلي؟.. 5 نقاط تشرح الحدث، الجزيرة نت.

صفحة الأستاذ أدهم أبو سلمية على منصة x.

صفحة الأستاذ ياسر الزعاترة على منصة x.

صفحة الدكتور أحمد رمضان على منصة x.

اقرأ أيضا

اليهود وقسوة قلوبهم

معالم في تاريخ اليهود

التطبيع مع اليهود والاحتلال الناعم

التعليقات غير متاحة