العقائد كالمياه بل أشد بكثير. يمكن للناس أن يتغلبوا على صعوبات الحياة إذا كانت عقائدهم سليمة وقيمهم مستقرة تحقق لهم التماسك؛ لكنهم يتمزقون شَعاعا ويتساقطون إذا سقطت عقيدتهم وقيمهم ولو كانت تجري الثروات من تحت أرجلهم.
مقدمة
مصر نموذج لباقي الدول العربية الإسلامية في المنطقة، يسير على طريقها الكثير.. خاصة اليوم طريق الانتكاسة العجيب الذي يتتابع فيه المسلمون، والعرب خصوصا، في تهافت عجيب ومحزن.
وبإلقاء نظرة عامة على اتجاه البلاد ترى اتجاها واحدا تسير فيه مصر وتسير فيه المملكة في بلاد الحرمين، وتسير فيه بقية الأقطار من العراق الى سوريا الى السودان..
وبإجمالٍ؛ فالقاسم المشترك هو “انهيار الدنيا مع انهيار الدين متزامنين“. إذ لم يُبق الطغاة للناس دنيا صالحة بعدما أفسدوا الدين، كما أنهم لن ينهبوا الدنيا ويهتبلوها مع وجود الدين كاملا صحيحا كما أنزله الله قوي الجناب منيعا يحرك الأمة ويرتب أوضاعها ويربي أبناءها. بل لا بد لهم من انهيار الدين ليسهل لهم سرقة الدنيا..! وقد قال ربك تعالى ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم: 41).
أمن المياه وخلل الدنيا
في المثال المصري.. تترافق محاولة حقيقية وجادة من جانب إثيوبيا النصرانية الصليبية بدعم غربي صليبي ودعم صهيوني مستميت في الفوز بهذه الجولة لـ “التحكم” في مياه النيل. مع موقف خائب وضعيف في المفاوضات من الجانب الذي تمثله سلطة العسكر الخائن العلماني في مصر. ومنطق العسكر الذي يعتمدونه هو القوة والإرهاب مع الشعب المسلم في مصر، والضعف والاستخذاء أمام العدو الخارجي؛ يرون القتل والاستئصال والعنف مع “عدوهم..!” الداخلي، والمفاوضات والتقارب والاسترضاء للعدو الخارجي. يصوبّون سلاحهم لصدور العزل من الرجال والنساء حتى أصبح الجندي المصري “قناص النساء..!” في الميادين وسيناء، ويعتمدون لغة الحوار والموائد المستديرة وإشراك أطراف خارجية “تدفع” للحوار و”تليّن” مواقف العدو الخارجي و”تضغط” عليه..! حتى تمادى العدو الخارجي فأخذ ثروات البلاد من طاقة وأراضٍ وقوة سياسية، وفوق ذلك كله “المياه” ـ مياه النيل ـ شريان الحياة الوحيد في البلاد؛ حتى تصبح مصر أسيرة للخارج في بقائها..!!
وبغض النظر عن وقت قرار العدو بتجفيف البلاد فقد وقعت في مصر ـ أو أوقعها العسكر عن قصد وسوء طوية ـ في حالة “ارتهان” و”ابتزاز” للخارج، لتهوي في هوة سحيقة لا يدري الناس منتهاها إذ فاز العدو بامتلاك جولة كبيرة وأهم قرار، بأنه امتلك قرار امتلاك منابع المياه وحق إقامة السدود؛ ثم تكون المفاوضات على فروع تافهة ووقت ضائع ـ حول سنوات ملء السد، أو حق إدراة السد ..الخ ـ تضيع معه البلاد ودنيا الناس.
خلل العقائد وانهيار الدين
في جانب آخر يترافق مع هذا الانهيار حملات منظمة يقوم فيها الملاحدة بالقفز من قناة تليفزيزنية الى أخرى، كل يوم، وبترتيب مقصود؛ تسمع ملايين الأسر المسلمة في مصر الطعن في القرآن والطعن في السنة، وفي أئمة الحديث. والتشكيك في قيمة الصحابة، والحط من مرتبتهم، والطعن المباشر في الدين والغيب، وفي قيمة رسول الله صلى الله عليه سلم ومكانته ومكانة الأسوة منه.. في حملات لاتنتهي؛ وواضح وجلي أن وراءهم أجهزة ومراكز.
وقد كشف على اليوتيوب مركز كنائسي فرنسي يقف وراء أزهريين لتبديل الدين. (1للإطلاع على الرابط: مفاجأة: مركز تابع للفاتيكان وراء ظهور الشيخ ميزو في الإعلام .. وفرنسا تؤسس شبكة للمشايخ في مصر
وكذلك على الرابط: مفاجأة صادمة : مصطفى راشد وميزو يصليان الصلاة المسيحية داخل كنيسة)
وثمة أشخاص أخرى لم يظهر مَن خلفهم، ولكن من الواضح أن الدولة نفسها وأجهزتها هي التي تدير المشهد، فلا يظهر أحد في الفضائيات إلا بتصريح أمني، وهؤلاء يصرح لهم بالظهور في محاورات فاشلة، مع اختيار الأطراف التي تقابلهم لاستكمال الديكور من أجْل بيع الدين والحط من منزلته. ومهما كانت الردود فالمراد هو وجود المشهد نفسه، ووجود من يطعن، وأن يطرقوا مسامع الناس بإهانة الدين؛ لايلتفت الناس الى الردود خاصة إذا كانت ضعيفة أو مضطربة أو من قلوب ووجوه مسودة مظلمة سبق لها المشاركة في معاداة الإسلام في أظهر معاركه في السنوات الأخيرة وتأييد الانقلاب العلماني العسكري ضد الإسلام هويةً وشريعةً.
يصرخ عموم المسلمين في مصر، ويحاولون إخفاء هذه البرامج عن أبنائهم؛ يقولون لا نريد لأبنائنا أن يسمعوا هذا الطعن خوفا أن يتسرب الى عقولهم وقلوبهم شيء من هذا ـ ولا يتلفتون الى أن هناك ردودا؛ إذ يرون أنها بلا قيمة.
إن المسلمين يدركون أن المراد هو “إسماع” الناس للطعن المباشر في الدين بلا وجل ولا حياء، وبلا خوف ولا حواجز، وبلا عقوبة رادعة ولا منع حاسم.
والذي يطمع المجرمون أن يفوزوا به هو ـ على الأقل ـ أن يصبح الإلحاد حرية، والطعن في الدين وجهة نظر، وخلخلة الثوابت تطور طبيعي.
في المقابل لا يستطيع أحد هذه الكلاب العاوية أن يقترب من صورة قسيس أو راهب بالطعن، ولا للديانة المسيحية المحرفة بالطعن أو التشكيك، أو لقساوستهم بالذم في سيرهم الشخصية وشذوذهم الجنسي، وجرائم الاعتداء على الأطفال في كنائس الفاتيكان، ولا تآمر الأقليات في مصر على البلاد، واسقوائهم بالخارج ومحاربتهم للدين واصطفافهم الطائفي.
فقط الإسلام هو محل الهجوم المنظم، والمقزز؛ مما يشي بوضوح أن وراءهم عقائد مغايرة للإسلام بين نصارى وملحدين وصهاينة؛ إذ تشم فيهم رائحة عفن هذه العقائد، وترى وتلمس بوضوح حرارة الكراهية للإسلام؛ تنبع من نفس النبع العفن للكافرين الأصليين.
[للمزيد: خبر وتعليق .. الفاتيكان أكبر مجتمعات الشذوذ..!]
خاتمة
كما أن “المياه” محورا لإقامة الحياة الدنيا؛ فالعقائد محور لإقامة المجتمع واستقراره وتماسكه.
إن خيانة الأنظمة والمجتمع لله تعالى ولدينه؛ لها عقوبتها، وفي الآخرة لها أيضا عقوبتها. لكن أيضا بالمنظور السياسي والإجتماعي فثبات العقائد ونظومة القيم الأخلاقية تعني ثبات المجتمع واستقراره. والتلاعب بالعقائد يعني انهيار منظومة القيم السائدة، ويعني حتما انهيار التماسك الإجتماعي وانفلات عَقْد الأسرة وانتفاء الترابط بين أفراد المجتمع.
إن العقائد كالمياه بل أشد بكثير؛ إذ يمكن للناس أن يتغلبوا على صعوبات الحياة إذا كانت لهم عقائد سليمة ومستقرة وقيم رابطة بينهم؛ لكنهم يتمزقون شَعاعا ويتساقطون إذا سقطت عقيدتهم وقيمهم ولو كانت تجري الثروات تحت أرجلهم. هذه حقيقة تسمعها وتراها من كتاب ربك، وتراها وتسمعها من أهل العراق بثرواته، ومن بلاد الحرمين بما فيها من خير، ومن مصر بعقولها وثرواتها، ومن السودان وإمكانياتها، ومن المغرب بإمكانياتها..
لا أمان بدون عقائد وإقامة الدين.. سنة الله في الدنيا، وفي الآخرة.
فليرعوِ المجرمون، ولْيضربْ العقلاء على أيديهم؛ وإلا كانت الخسارة مدوية ومدمرة لا يحول دونها بعد الله أحد، ويعجز العقلاء حينها عما كانوا قادرين عليه اليوم.
……………………………
هوامش:
- للإطلاع على الرابط: مفاجأة: مركز تابع للفاتيكان وراء ظهور الشيخ ميزو في الإعلام .. وفرنسا تؤسس شبكة للمشايخ في مصر.
وكذلك على الرابط: مفاجأة صادمة : مصطفى راشد وميزو يصليان الصلاة المسيحية داخل كنيسة.