ما بين حماية إسرائيل، ومنْع “زوالها”..! وضياع أموال المسلمين، وأملٍ رغم المحنة الشديدة.. تتوالى علينا الأخبار والتصريحات لتوضح حقائق ما يعيشه المسلمون وما تسعى اليه الأنظمة الواقعة في التبعية للعدو الغربي الصليبي، والصهيوني.
وتعلن الأخبار إنذارا شديدا بسبب غياب “دور الأمة” وعدم قيامها بالتصحيح الواقع، وتوضح خطورة أثر قمعها وقهرها ووأد حريتها.
الخبر
1) “دافع ترامب عن موقفه المتمسك بعلاقة وثيقة مع السعودية، بالرغم من جريمة اغتيال خاشقجي، فقال إنه “لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة كبيرة”.
وقال “الحقيقة هي أن السعودية مفيدة جدا لنا في الشرق الأوسط، لو لم يكن لدينا السعودية لما كانت لدينا قاعدة ضخمة، وإذا نظرت إلى إسرائيل بدون السعودية فستكون في ورطة كبيرة. ماذا يعني هذا؟ هل على إسرائيل أن ترحل؟ هل تريدون رحيل إسرائيل؟”
وشدد الرئيس الأميركي على أن “السعودية حليف مهم، وإذا اتبعنا معايير معينة فلن يتبقى لدينا حلفاء من أي دولة تقريبا”.
وأشار إلى ما يراها مكاسب من الصفقات المبرمة من السعودية، فقال “لدينا مئات الآلاف من الوظائف، فهل يريدون حقا مني التخلي عن مئات الآلاف من الوظائف”.
وفي تصريحات لاحقة، قال ترامب إن السعودية تنفق أموالا طائلة لمكافحة الإرهاب بعد أن كانوا جزءا كبيرا من الإرهاب، حسب تعبيره”. (1)
2) نشرت “واشنطن بوست” مقالا للصحافية “كريستين فيليبس”:
“وتذكر الكاتبة أن ترامب يثمن تحالفه مع السعودية؛ للدور الذي تؤديه في قتال إيران، ولصياغة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولهزيمة “الإرهاب الإسلامي”، وللنمو الاقتصادي الذي تعد به هذه الشراكة” (2)، (3)
دلالة الخبر
تتبدى دلالة الحدث في عدم الانخداع بما تبديه هذه الأنظمة من حماية الأمة؛ إذ لا ضياع أكثر من إخضاعها وتماهيها مع المشروع الصهيوني.
وأن ما تخفيه هذه الأنظمة التابعة للغرب قد يبديه الغرب نفسه حين يحتاج الى ذلك، ولو لاحتياج داخلي عندهم.
وأن ادعاء “حماية الإسلام” ونشر دعوته يتهاوى مع وضوح حربهم للإسلام تحت شعار ومصطلح اخترعه الغرب ليحارب تحته الإسلام، وقد قتل الغرب ملايين المسلمين من قبل وفي العقدين الأخيرين، ولم يكن “إرهابيا” حسب مصطلحه؛ إذ هو واضع المصطلح والمتلاعِب به..!
وأن صياح الشعوب ضد إسرائيل ووعْظ علماء المنابر وقصائد الشعراء..! لن يعيد القدس، وإنما يعيدها عمل الشعوب نحو امتلاك حريتها وقرارها، وإقامة دينها وفرض رؤيتها.
وأن استسلام الشعوب يعني أنه قد يبيع شخصٌ واحد مقدرات “أمة” حتى تفلس، ليحصل على رضا “السيد الغربي” ليكون حاكما أو أميرا أو ملكا.. وفي طريق سُعار شهوته يقزّم في سبيلها مقدسات المسلمين ومقدراتهم ومستقبلهم، وعقيدتهم ودينهم، فقد يكون “القدس” وقضية المسلمين في فلسطين أحد الأثمان التي يدفعها شخص مندفع خلف سُعار شهوة الملك ليصل الى مبتغاه.
فتصوره لهذه المقدسات يختلف تماما عن هذه الأمة وعن أهل الإيمان فيها.
وعندئذ سيبقى التساؤل؛ أين دور الأمة لتقصرهم على الحق قصرا..؟
بشارة
وفي التصريحات نفسها، برغم ما تحتويه من اتجاهات مغضِبة للمسلمين ومخجلة للأنظمة المتورطة؛ لكن لا نغفل هذه الكلمة لـ “ترامب” وهو يقول:
“ماذا يعني هذا؟ هل على إسرائيل أن ترحل؟ هل تريدون رحيل إسرائيل..؟”
وهذه الكلمة لها دلالتها على ضعف وخواء ما يزعمونه بـ “دولة إسرائيل”، وتُلقي بالحقيقة في بساطة أن هذا “الكيان” أو هذه “الدولة المزعومة” لم تزل، ولن تزال؛ ضعيفة مهيضة جوفاء.. وأن الحديث عنها ليس عن “مدى تمكّنها” بل عن فرص بقائها..! والحمد لله.
إن للباطل طبيعة لا يستطيع تجاوزها وهي أنه “خفيف” تصحبه فقاعات؛ لكنه “وبيء” ضار، وهو “غثاء” سريع الزوال.
وللحق طبيعة أنه “ثقيل” وئيد الحركة لكنه “ثابت” الخطْو، “مريء” العاقبة له الظفر في النهاية.
في ليل الأمة الحالي، ومع تتابع الخيانات وتواطؤ الخونة؛ لكنّ النور يشق طريقه، وهو يعرفه تماما، والحمد لله تعالى.
تبقى هذه الحقائق رغم نظرنا للأحداث:
﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: الآية 32-33).
وقال تعالى ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ (الرعد: الآية 17).
والأمة على موعد مع موعود الله تعالى، والله لا يخلف وعده.
……………………………………….
هوامش:
- المصدر: الجزيرة ـ 22/11/2018 بعنوان: “ترامب: لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة كبيرة“، وبالمقال المذكور رابط الفيديو والتصريحات.
- العربي 21 بعنوان: “واشنطن بوست: هكذا يواجه ترامب تصرفات المستبدين الدموية“، الجمعة، 23 نوفمبر 2018 07:15 م
- رابط المقال الأصلي في الواشنطن بوست:
Confronted with the bloody behavior of autocrats, Trump, instead, blames the world